[3]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي

صبري يوسف
sabriyousef56@hotmail.com

2019 / 1 / 13

رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي

صبري يوسف،

3. طفولتك كتابة خلَّاقة من حيث تشبّعك في ألق الحرف ورعاية أسرة فيها من تجلِّيات الحرف الشَّيء الكثير، ما دور عوالم طفولتك في انبعاث حفاوة الحرف لديكِ إبداعيَّاً؟

د. أسماء غر يب،

لي طفولتان؛ طفولة عشتُها معَ خالقِي وهي الأصل، وطفولة عشتُها مع والدَيَّ وهي الصّورة. ولي ذاكرتان مُتداخلتانِ عن كلّ واحدةٍ من هاتَين الطّفولتَين، تُكمِّلُ أولاهما الثّانية وتتلاحمُ معها. فأمّا طفولتي الأولى، فأعني بها تلكَ الّتي قضيتُها في الملكوت وأنا لم أزل بعدُ روحاً حيّة بدون جسدٍ ترابيّ، وبقيَ لي منها شغفِي الفطريّ والعفويّ بالله، وبكلّ تجلّياته فوق الأرض، وهذا ما يُفَسِّرُ أيضاً حبّي للطّبيعة الغنّاءة الخضراء، وجِنانها المورقة المُزهرة، وحقولها العطرة الطّيّبة، وطيورها العجيبة، وأنغامها الفريدة.

وأمّا طفولتي مع والدَيّ، فهي نعمةُ النّعم، عشتُها مع أمٍّ هي ملاكٌ في صورة بشر، علّمتني أبجديّة الحياة وأسرارها، متوّجةً إيّاي في الختام بإكليل الصّبر والصّمت. أُمّي هيَ مُعلّمتي الأولى الّتي شربتُ من لبن حرفها الكثير، بدءاً من أمور التّدبير المنزليّ، إلى الدّراسة والجدّ والمُثابرة، إلى الصّبر على الآخرين وتفهُّم ظروف النّاس وأحوالهم. إنّها البحرُ الّذي كنتُ كلّما شربتُ منهُ ازددتُ عطشاً وطلبتُ المزيد والمزيدَ، وقد أثَّرَتْ كثيراً في مساري الأدبيّ والإبداعيّ: فكثيراً ما أراها إلى جانبي في كلّ شيء، وكثيراً ما أسمعُ كلماتها تتردّدُ في جوف قلبي، وهي تحثُّني بكلّ حنان ومحبّة على طلبِ العلم، والتَّقدّم فيه، وتُعَلّمني كيف أمشي في درب الحياة وأكونَ زوجةً صالحةً صاحبةَ ميزان عادلٍ، ينشُدُ الموازنة بين الأمور، وعدمَ الإسراف في شيء ما على حساب شيءٍ آخرَ، إلى أن أصبحتُ ما أنا عليه اليوم.

ومهما قلتُ في حقّها من كلامٍ فإنّي لن أوفيها حقّها، فاللّهم ارحمها حيثُ هيَ، واجعل الفردوسَ مثواها مع الأولياء والقدّيسين، وأبلغْها في كلّ لحظة وحين سلامي، وألحقني بها وأنا من عبادك الصّالحين الطّاهرين المُطهّرين.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن