قانون 103 لسنة 2012 قانون غريب ومجحف وجائر بحق الموظفين اصحاب الخبرات والكفوئين

عباس الفراتي
roozraiz15@yahoo.com

2019 / 1 / 11



قانون غريب جدا لايوجد حتى في شريعة الغاب الا في العراق ولا ينطبق على مشرعيه في البرلمان المزورين حتى لشهادة الابتدائية ويتمتون بكل الامتيازات حيث في مراحل تعلمنا الاولى من ان (العلم نور والجهل ظلام ) و (طلب العلم فريضة) و (اطلب العلم من المهد الى اللحد) وغيرها من الحوافز التي تبعث في العقل حب العلم ووجوب السعي لتحصيله. وعلى هذا النسق سارت الشعوب والدول المتقدمة وبنت حضاراتها وشجعت على طلب العلم ووفرت الفرص الملائمة لنيله ودعمت الموظفين الذين يحصلون على شهادات تنفع القطاعات التي يعملون بها . ولكننا في العراق نعاني من حكومتنا (الديمقراطية) التي تبيت الحقد والكره والعداء لكل من يطلب العلم ويريد ان يطور مهاراته ويعزز قدراته المهنية ويشارك في تحسين عمل دوائر الدولة واتخذت عدة اجراءات رادعة لمنع حصول الموظفين على شهادة اعلى من الشهادة التي تعينوا بها وعاقبت من حصل منهم عليها !!!.
وما نقوله ليس كلاما انشائيا انما هو حقيقة واقعة في مجل الوظيفة العامة فقد اصدر مجلس النواب العراقي القانون رقم (103) لسنة 2012 الذي تمت المصادقة عليه ونشر في الجريدة الرسمية واعتبر نافذا من تاريخ 31/12/2012 والذي يتناول موضوع حصول الموظفين على شهادة اعلى من التي تعينوا بها وذكر في الاسباب الموجبة لتشريعه (لغرض رفع الغبن الذي لحق بشريحة من الموظفين من ..... والحاصلين على شهادة أعلى أثناء الخدمة ... ، ورفع المستوى المعاشي لهم، شُـرع هـذا القانـون.).
ولكن واقع الحال بالتطبيق العملي جاء مخالفا لنص وروح القانون فقد فرضت السلطة التنفيذية عدة عقوبات على الموظف الذي يحصل على شهادة اعلى ، منها عقوبات مالية واخرى ادارية وذلك من خلال اصدارها تعليمات لتنفيذ القانون تضمنت ظلما كبيرا وغريبا بحق الموظفين المذكورين .
ولبيان ماذكرناه نسجل في ما يلي بعض ملاحظاتنا على نص القانون وعلى تعليمات تنفيذه وخاصة طريقة تعامل السلطة التنفيذية مع المادة (اولا : ثالثا : د ) من القانون التي نصت على (د- تسريع ترقية العنوان الوظيفي للموظف الحاصل على شهادة أعلى أثناء الخدمة في مجال اختصاصه الوظيفي الذي يمارسه في دائرته بمنحه عنوانا وظيفيا لكل سنتين اعتبارا من تاريخ تخرجه وصولا إلى درجته الحالية ) وكما يلي :
1- ان هذه الصياغة جعلت القانون عاما وخال من آليات محددة لتنفيذه مما ساعد على ان يفهم من قبل الوزارات بعدة اوجه تختلف عن بعضها وحتى الامانة العامة لمجلس الوزراء ووزارة المالية اصدرت كل منهما تعليمات تناقض ما سبقها من تعليمات وتتسم بالقصور في تناول الموضوع .
2- ورد في تعليمات تنفذ قانون (103) المعممة بكتاب وزارة المالية ذي العدد ( 65756 في 3/8/2015) ان يتم تسكين الموظفين الحاصلين على شهادة جامعية اولية في الدرجة السابعة المرتبة الاولى (7/1) بعنوان وظيفي حسب ما تستحقه الشهادة الجديدة الحاصلين عليها وكذلك تسكينهم بالراتب في نفس الدرجة (7/1) وحسب ما محدد لها في جدول سلم الرواتب الملحق بقانون رواتب الموظفين رقم (22) لسنة 2008 وهذا الامر ظلم كبير توقعه الحكومة على هذه الشريحة فبدلا من أن تمنحها حقها كاملا بما تستحقه خدمتها الوظيفية والشهادة التي حصلت عليها بان يتم ترفيعها مثلا او منحها عدة علاوات وجهت الدوائر والمؤسسات الحكومية بإرجاع رواتب الموظفين إلى الدرجة السابعة وهي الدرجة التي يستحقها من يتم تعيينه حديثا غافلين عن سنوات خدمتهم الطويلة وخبراتهم المتراكمة مما يعد عقوبة كبيرة من دون سند قانوني وإجراء إداري غير سليم ولا مبرر له وسبب للموظفين المشمولين بقانون (103) معاناة وآثارا وظيفية سلبية كبيرة في الجوانب المالية والإدارية والمعنوية.
علما انه لاتوجد في القوانين العراقية مايسمح بتنزيل راتب الموظف ولا درجته الا بعقوبة حيث ورد في في المادة ( 8 ) من قانون انضباط موظفي الدولة رقم (14) لسنة 1991 (خامساً : إنقاص الراتب .... سادساً : تنزيل الدرجة ......) وحتى هاتين العقوبتين هما ارحم في تفاصيلهما من التكريم والمكافاة (؟؟؟!!!) اللتين تقدمهما الحكومة للموظفين الحاصلين على شهادة اعلى اثناء الخدمة.
3- ومن جهة اخرى هنالك حالة ظلم كبيرة جدا لم يتم الالتفات لها ولاتسليط الضوء عليها وهي حالة وفاة الموظف الذي يتم تنزيله من درجته التي هو عليها الى الدرجة السابعة تطبيقا لقانون رقم (103) قبل ان يصل الى درجته الاصلية بعملية التسريع فان التقاعد الذي يمنح لعائلته سيكون باحتساب راتبه الاسمي على هذه الدرجة وليس استحقاق راتبه حسب خدمته ودرجته الاصلية فمثلا موظف حاصل على شهادة الدبلوم عنوانه الوظيفي معاون مدير وراتبه الاسمي (525) الف دينار كونه في الدرجة الرابعة المرتبة الثالثة ، حصل على شهادة (بكلوريوس) وشمل بقانون (103) وتم تنزيله الى الدرجة السابعة المرتبة الاولى التي راتبها حسب الجدول المذكور (296) الف دينار ثم توفي وهو في هذه الدرجة فان احتساب راتبه التقاعدي لورثته يكون باعتماد راتب الدرجة السابعة أي (296) الف أي ان عائلته خسرت الفرق بين الراتبين ومقداره (525 – 296 = 229) اف دينار وهو مبلغ كبير .
ويلاحظ بكل وضوح تناقض ماينتج عن الاجراءات المتخذة في دوائر الدولة لتنفيذ القانون المذكور مع الغاية منه التي هي (لغرض رفع الغبن الذي لحق بشريحة من الموظفين ........ ، ورفع المستوى المعاشي لهم، شُـرع هـذا القانـون.)
فهل يعقل ان يكون ماذكرناه جزاء للموظفين على حصولهم على شهادة اعلى اثناء الوظيفة ؟!
فكيف يكون ايقاع الظلم على الموظفين هو نفسه رفع الغبن عنهم ؟!
ونترك ملاحظات اخرى لانها تتطلب حوارا عميقا مع مختصين واشارة الى ارقام وتواريخ كتب عديدة صادرة عن الامانة العامة لمجلس الوزراء ووزارة المالية.
ولابد من القول ان حل هذه المشكلة ومعالجتها ليس صعبا الا انه يحتاج الى عقول تشريعية وتنفيذية راجحة مع نوايا حقيقة بمنح الموظفين المشمولين بهذه الحالات استحقاقاتهم المالية والادارية حسب ما تقتضيه شهاداتهم وخدماتهم الوظيفية وبعيدا عن المزايدات السياسية.
مع تقديرنا للنواب الذين بذلوا جهدا باتجاه تصحيح هذا الوضع وتحقيق مطالب الموظفين المتضررين من تطبيق هذا القانون سواء بالسعي لتعديله او الوعد بالتصويت لصالح هذه الشريحة او بالتواصل معها بشكل مباشر عبر لقاءات مع وفود او عبر وسائل التواصل الاجتماعي.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن