السينما العراقية بين الغياب والتغييب

ستار الجودة
sataraljouda@yahoo.com

2018 / 12 / 31

ستار الجودة
السينما صناعة الحياة والبوتقة التي تتجسد فيها كل الفنون, وهي الصناعة والفن الجامع لكل الثقافات والمرآة العاكسة لحضارة البلدة وتحضره ,في العراق وعلى مدى أكثر من قرن مر على نشوء السينما منذ تاريخ عرض اول فلم سينمائي ( سينماتوغراف)" أُقيم في 26 تموز/ يوليو 1909 ,أنتجت خلالها ما يقار ب 100 فلم ,هذا التاريخ الطويل لم يكن حافل بالمنجز السينمائي ومر بطريق وعر ومتعثر تعكزت فيه السينما على القطاع الخاص, منذ بدء الإنتاج، في اربعينيات القرن الماضي، وتحديدا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، و بدأت صناعة الفيلم في العراق، من قبل عدد من التجار من القطاع الخاص بتكوين شركات سينمائية، " وفي عام 1960، أُنشئت أول مؤسّسة رسمية تعنى بالسينما، وبدأ نشاطها بإنتاج أفلامٍ وثائقية. و بدأت المؤسّسة إنتاج أفلام روائية, وبعد عام 1968، صدر قانون دمجها بـالمؤسّسة العامة للإذاعة والتلفزيون"، وفي عام 1972 صدر قانون فصل المؤسسة عن الإذاعة، وتحويلها إلى مؤسسة تُعنى بشؤون السينما والمسرح. وصدر قانون "المؤسّسة العامة للسينما والمسرح"، عام 1975، واستطاع خلال هذه الفترة الفيلم العراقي الوثائقي ان يتنفس الصعداء،ويشارك في مهرجانات سينمائية دولية، وقدم مُنتَج وصل إلى 40 فيلمًا، تناولت موضوعات ,علمية وتربوية وتأهيلية وثقافية.
وأنتج القطاع الخاص، خلال المسيرة الفنية للسينما العراقية، أكثر من 50 فيلمًا، و"دائرة السينما والمسرح" 41 فيلمًا. وهناك أفلام أخرى أنتجها التلفزيون العراقي، لا علاقة للقطاعين العام والخاص بها,. هذه المسيرة المتخبطة والغير منتجه و الإخفاق كانت جزء من مخرجات الانكسارات التي مرّ بها البلد خلال الحروب المتتالية والسياسات الخاطئة التي انتهجتها الأنظمة التي توالت على حكم العراق ، بالإضافة إلى أن الحكومات والطبقات المنتِجة ساهمت في تردّي الإنتاج السينمائي، بشكل عام: وكانت "أكثر الأفلام المنافسة في المهرجانات الدولية إنتاج خاص, وظلت السينما العراقية تدور في رحى الإخفاق حتى مرت بفترة ظلامية تحولت خلالها كل دور العرض السينمائي في بغداد والمحافظات الى مخازن بسبب للمواد التجارية ,بسبب تسيد الخطاب السياسي الديني المتزمت ,وبقيت فترة ركود لم تستطيع(السينما العراقية) بناء نفسها و مواكبة التطور العالمي ,هذا التاريخ الذي يُفترض به أن يكون زاخر بالعديد من الأفلام و قادرة على عبور المحلية, اخفق القائمون والمشتغلون عليه كثيرا وتتقاسموا هذا الخلل المجموعات العاملة في قطاع السينما التي ارتضت لنفسها ان تنطوي تحت مجال الوظيفة تماشي الوضع بدون نقد او ضغط او الشروع بعمل بعيدا عن العقلية الاشتراكية , مثل ما تفعل الكثير من منظمات المجتمع المدني الفاعلة في الساحة , وتتحمل" وزارة الثقافة والسياحة والآثار، ومن يمثلها في هذا القطاع الجزء الأخر من الإخفاق، ومن اجل ان نكون منصفين هناك العديد من الأفلام الجيدة من إنتاج القطاع الخاص". ومن الشباب قدمت عروض كبيرة في مهرجانات عربية وعالمية وحصدت العديد من الجوائز في ظل غياب دور الحكومة وعلى مدى أكثر من خمسة عشر عام , بحجة ان الميزانية غير كافية وان البلد مر بحالة من التقشف,((وهذا ما أشار اليه في حينها مدير السينما بوزارة الثقافة العراقية، فارس طعمه التميمي، (في حوار مع "العربي الجديد) و"المصدر من الانترنيت" إنّ هناك مهرجانات كثيرة في العراق، من البصرة إلى دهوك، تُنظّمها مؤسّسات المجتمع المدني، التي تنظّم، في الوقت نفسه، مهرجانات عربية، تشارك فيها دول من أنحاء العالم، وهي اكتسبت خبرة واسعة في هذا المجال، وباتت مؤثّرة: "بالتوازي مع إقامة المهرجانات، هناك صناع أفلام عراقيون حقيقيون، نالوا جوائز دولية كثيرة"، كـ"الدبّ الذهبي" في مهرجان برلين، التي نالها المخرج العراقي سلام سلمان، عن فيلمٍ له تناول فترة حكم داعش؛ وملاك عبد علي، الحاصل على جائزة في مهرجان دبي، ولؤي فاضل الذي فاز بجائزة في مهرجان برلين أيضًا، وغيرهم.
وأشار فارس طعمه التميمي إلى أن "السينما تحتاج إلى أموال كبيرة، لكن العراق يمر بمرحلة تقشف قاسية. بالتالي، فإن مهمة المخرج العراقي صعبة جدًا في هذه الفترة، لا سيما أن المرحلة التي تُطرح فيها مواضيع الحرب على تنظيم "داعش"، تحتاج إلى أموال كبيرة ودعم دولي. مع هذا، أعتقد أن المستقبل السينمائي العراقي سيكون أبهى وأنضج، وأقدر على الفوز بجوائز دولية )) , بعد غياب طويل بادرت دائرة السينما والمسرح -قسم الانتاج السينمائي والتلفزيوني وعلى خشبة المسرح الوطني في بغداد, في 25-كانون الاول -2018. في اقامة مهرجان " ايام السينما العراقية "وعرض مجموعة من الافلام القصيرة وتكريم مخرجيها وتكريم نخبة من نجوم السينما أبرزهم الفنانة سعدية الزيدي والفنان بهجت الجبوري والفنان سامي قفطان والفنان نعيم الصافي , نتمنى ان تتجدد مثل هذه المهرجانات وتقديم سينما واعدة تعكس وجه العراق وتاريخه الزاخر بالمنجزات, بعيدا عن لغة العنف ورائحة الدم والافلام التي تولد الكراهية وتمزيق المجتمع, وتعيد الق السينما العراقية وبما يتناسب مع تاريخها الطويل.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن