أنا فهمت الآن-نحو فهم الحياة والوجود والإنسان

سامى لبيب
fairouzatef@yahoo.com

2018 / 12 / 24

- نحو فهم الحياة والوجود والإنسان (90) .

"أنا فهمت الآن" هى سلسلة جديدة من المقالات تأتى فى سياق مجموعة "نحو فهم الوجود والحياة والإنسان" هادفة سبر أغوار الألغاز والغموض الذي يحيط بفهمنا للحياة والطبيعة لتحرر الوعي من المفاهيم المغلوطة المتهورة التي لا تقدم أي شئ سوى دفن السؤال بإجابة متهافتة .
الولوج فى ألغاز وغموض الطبيعة والحياة شئ شديد الصعوبة والوعورة فأنت تبحث في الجذور والأعماق مخالفاً السابحين مع التيار , المستسهلين للحلول السريعة السهلة ولكن من قال أن أى إجابة تكون صحيحة .
صعوبة الولوج فى ألغاز الطبيعة والحياة ليس لصعوبة البحث عن المعلومات العلمية فحسب وليس لأن العلم لم يعطى إجابات كاملة لكل مظاهر الحياة والطبيعة بل من سطوة الثقافة الميتافيزقية أيضاً التي تسللت داخل المفاهيم العلمية ذاتها لتشوه وتفرض رؤية ميتافيزقية والدليل على ذلك سؤالنا من أنتج الخلق ؟ فهذا سؤال خاطئ فى كل مفرداته بداية من إفتراض وجود خلق , فالخلق شئ غير موجود وغير وارد فى مفهوم الطبيعة والحياة فلا يوجد شئ إسمه خلق , أضف لذلك حشر الإجابة فى السؤال بإستخدام كلمة "من خلق" قاصداً فرض الإجابة بفاعل عاقل .
كثير تلك المفاهيم المغلوطة التى تسللت لوعينا من قوة إرث الثقافة الميتافيزقية لذا سنتصدى لها هنا , ولن نكتفى بذلك بل سنؤسس لفهم مادي حقيقي للطبيعة بعد أن تشوه فهمنا للحياة والطبيعة بالرغم أننا نتبنى مفاهيم علمية جديدة .

الإنتخاب الطبيعي .
هناك مفهوم علمى متداول فى الأوساط العلمية من خلال الإنتخاب الطبيعى فى نظرية التطور الذى قدمها تشارلز داروين تفسيراً لتنوع وأصل الأنواع , فبالرغم أن التطور والإنتخاب الطبيعي صار حقيقة دامغة لا لبس فيها يتكأ عليها علم البيولوجيا وتؤكدها كل مظاهر الحياة إلا أن توقفى أمام لفظية مقولة "الإنتخاب الطبيعى" وما تصدره من معانى , لأرى أنها تسمح بالخطأ والإلتباس فى الفهم , ويرجع هذا إلى قوة الثقافة الميتافزيقية فى التسلل , فمقولة الإنتخاب الطبيعي تعنى أن الطبيعة تنتخب وتنتقى من الكائنات من يتواجد ويعيش ويتكاثر , وهذا فى رؤيتى مفهوم خاطئ يجعل من الطبيعة كيان واعى قادر على الإختيار والتقرير والإنتقاء بينما واقع الحال أن الطبيعة غير عاقلة ولا مريدة ولا تمارس أي دور واعي ومنظم بل يمكن القول بأن الكائنات الحية التى توافقت فى حالتها المادية مع حال الطبيعة المادي أمكن لها الإستمرار والبقاء بينما الكائنات التى تعارض وجودها وحالتها المادية مع الحالة المادية للطبيعة تعثرت وإنقرضت , فهكذا هو واقع الحال والمفهوم الصحيح للحالة المادية للطبيعة , فالطبيعة لا تَنتخب ولا تًًًًًًًَنتقى ولا تَفرز بل من يتوافق مع الحالة المادية للطبيعة سيبقى , ومن هنا نفهم معنى الصدفة والعشوائية كإنعدام الغاية والهدف والقصد فى الحياة .

التكيف .
عند إستقبالى لنظرية التطور توقفت أمام آلية حدوث التطور , فلم أستطع تمرير مقولة أن الكائنات الحية تتكيف مع الطبيعة ولم أستطع تمرير مقولة أن الكائنات تتطور لتتكيف مع الظروف المحيطة فليس من العقلانية والمنطق تصور أن الكائن الحي عزم على التطور بتغيير كينونته لينسجم ويتوائم مع الظروف المحيطة به وكأن له إرادة تقول : هيا نتطور .علاوة على عدم وجود إمكانيات ذاتية يتم إستخدامها من قبل الكائن الحي ليتطور!
شكلت هذه النقطة إشكالية فى فهمى للتطور لأجد بعد زمن أن هذه الإشكالية كانت تُحير تشارلز داروين نفسه عن آلية التطور والظروف المادية التي تدفعها لحالة تطورية , ليكشف العلم الحديث آلية التطور عن طريق الطفرات بتغير النسخ فى الحمض النووى D,N.A والطفرات الجينية .
علمنا من علم الجينات أن الجينات لا تنسخ نسخ متطابقة من نفسها وهذا قولى الفلسفى بإستحالة وجود التطابق .. الطفرات البسيطة عند النسخ تنتج كائنات ذات صفات مغايرة عن الكائن الأصلي وهذا يفسر التباين فى الشكل بين الأخوة والتشوهات الخلقية والجنينية , وهذه الصفات تمنح التنوع والتمايز وقد تكون بلا تأثير على الكائن الحي أو ذات تأثيرات إيجابية أو سلبية لتمارس فكرة الإنتخاب الطبيعى فعلها , فإذا كانت الصفات الوراثية الجديدة منسجمة متوافقة مع الحالة المادية للطبيعة بقى الكائن الحي وتكاثر ونقل صفاته الوراثية ,أما إذا كانت المستجدات الوراثية غير منسجمة مع الطبيعة قلت فرص تكاثره وبقاءه وهذا يفسر عدم شيوع مجتمعات لأصحاب التشوهات الجسدية .
من هنا نفهم آلية التطور وكيف تتشكل لنتوقف عند رصدنا لتطور الكائنات الحية .. ومن هنا نفهم أيضا أن التطور عشوائي غير هادف ولا موجه فهناك تغير عشوائي غير مقصود فى عملية نسخ الD.N.A فمن يتوائم مع الظروف الطبيعية وتمكن من الغذاء والتكاثر بقى وكل هذا نتاج حالة عشوائية في تكوين جيناته . من هنا نؤكد فكرة أن الوجود والحياة والطبيعة لم تخطو خطوات مُنظمة مُرتبة مُخططة ذات غاية وهدف بل هى محصلة تفاعلات مادية غير غائية .

الطفرات .
- لنا مشهد إستطالة رقبة الزرافة لفهم أننا من نمنح المشاهد الوجودية خاصية التصميم والنظام , فعندما نقول أن رقبة الزرافة الطويلة تمنحها القدرة على أكل أوراق الشجر العالية سيقول المؤمنون سبحان الإله الذي صمم هكذا رقبة تمكن الزرافة من إقتناص أوراق الشجر العالية .
نفهم المشهد معدولاً وليس مقلوباً من فهم التطور والإنتخاب الطبيعى , فأسلاف الزرافة لم يكن بها جين الرقبة الطويلة ليحدث طفرة جينية بظهور جين الرقبة الطويلة لتتوائم هذه الخاصية الجديدة مع الطبيعة لتمكنه من الغذاء فالتكاثر ليصدر جينه المستحدث المفيد لنسله وتبدأ الزرافات التى لم يطرأ عليها جين الرقبة الطويلة فى الأفول والإنقراض .
- لم تتطور العصافير ذات المنقار الحاد الطويل لمنقار مدبدب سميك بغية أكل الحبوب الصلدة أى لم تختار العصافير ولم تقرر أن تكون صاحبة مناقير مدبدبة ولم تجبرها الطبيعة على هذا النهج , كذا لم تتطور الفئران فى الصحراء لتصير فاتحة اللون لتجنب إصطياد البوم والصقور لها ولم تجبرها الطبيعة على هذا التغير , فالتغير تم بواسطة طفرات جينية لتنتج عصافير ذات منقار مدبدب غليظ لتتلائم هذه الصفة مع الطبيعة التى تحتوى على حبوب صلدة , كذا التغير فى الصبغة الجينية للفأر تم بشكل عشوائي لتنسجم الصفة الجينية مع البيئة الصحراوية الجديدة , فهكذا هى الصدفة والعشوائية لمن يريد أن يفهمها .
من هنا نفهم :
- أننا نتعامل مع المنتج النهائى لنسقط عليه فكرة التصميم والنظام بينما الحادث هو طفرة عشوائية بلا تخطيط ولا ترتيب نتج عنها فائدة للكائن الحى لنتصور وهماً أن هناك مُصمم منظم ذو حكمة أنتج هكذا مشهد .
- أن النظام والتصميم يأتى فى تفكيرنا وإستقراءه بعد وجود المشهد وإستقراره أى أن النظام والتصميم ليست مفاهيم مستقلة بل هى نتاج وإنطباع عن المشهد , وبالطبع فالأشياء التى تثبت إستقرارها وتوازنها ودوامها هى رؤيتنا التى نمنحها النظام والتصميم .

وظيفة الاشياء .
- يسود مفهوم خاطئ أن الأشياء لها وظيفة تؤديها وقد يرجع هذا إلى أسلوب خاطئ فى التبسيط والشرح ولكن الأمور وصلت إلى تصور وإعتقاد بأن هناك عمل ووظيفة للأشياء رسختها الأساطير والفكر الميثولوجى لتنتج لنا خرافات على شاكلة ان الأشياء سُخرت للإنسان .
- القول بأن الحمض يتحد مع القلوى من أجل تكوين ملح قول خاطئ وغير منطقي , فكأن وظيفة الحمض أن يتحد مع القلوي لأجل إنتاج الملح فهذا قول غائي خاطئ فلا توجد نية وتخطيط للحمض أو القلوى لفعل هذا الشئ بحكم أنهما مادة غير واعية , فالأمور لا تزيد عن توفر ظرف مادي بوجود حمض أمام قلوى بالصدفة , وهذا مفهومنا عن الصدفة أى اللاغائية .
- عندما يقال أن وظيفة الكلوروفيل فى النبات تصنيع النشا يكون هذا القول قولاً غائياً منح الكلورفيل فعلا إرادياً وظيفياً , بينما القول أن النشا يتكون حال وجود الكلوروفيل قول حتمي يرصد الحالة بدون إدخال فرضيات ليست فيه كقول أن الحامض يتحد بمركب قلوى من أجل تكوين ملح , فكلمة (من أجل) هذه تفتح الباب أمام الغائية , بينما الأمور بالنسبة للكلورفيل والملح غير مُوجهة بل تفاعلات طبيعية أنتجت مواد إستطعنا أن نميزها ونعطى لها معنى .
- القول أن وظيفة خلايا الدم البيضاء حماية الجسم من العدوى قول غائي خاطئ وكأن خلايا الدم البيضاء موجهة وذات فعل إرادي مُخطط لأداء هذه الوظيفة بينما يقول العلم أن وجود خلايا الدم البيضاء في تركيز معين يقلل من فرصة غزو البكتريا للأنسجة وبدء العدوى , فهكذا تفاعلات تنتج منها حالة معينة كحال مثال الملح لنمنحها نحن المعنى ولنتهور بخلق وهم الوظيفة والغاية .
- من المفاهيم المغلوطة أيضاً الفصل الميتافزيقى للوجود المادى ليكون هناك فصل بين العمليات والقوانين البيولوجية والفيزيائية , ففكرة الوظيفة نشأت في سياق تفسير العمليات البيولوجية بالأخص بدون الرجوع إلى القوانين الفيزيائية الأساسية , أي بدون رد البيولوجيا إلى الفيزياء كما نشأت أيضا في سياق فلسفة العقل الغائي الذي يهدف تجاوز المشكلات التي تقابل العقل الإنساني .
- الوظيفة والغاية فكر ومعنى إنسانى أسقطه على الحالة المادية أى هو تقييم ورؤية وإستنتاج إنساني للحالة المادية تتوسم المنفعة والإستفادة وكحالة إستنتاجية خاصة فلا يوجد مشهد مادى يتحرك أو أنتج نفسه ليفى غاية ووظيفة محددة بل هو نتاج تفاعلات كيميائية بيولوجية وتأثيرات عوامل فيزيائية أنتجت حالة ما لنضع نحن لها تقييم ومعنى .

مراجعة لمفهوم أن الطبيعة المادية تؤثر وتشكل الكائنات الحية .
- من المفاهيم السائدة وسط الماديين والعلميين بل وجدت طريقها للمثاليين أن الطبيعة تؤثر على الكائنات الحية بيولوجيا وسلوكيا , فوجود الكائن الحي فى بيئة محددة ذات مميزات وسمات خاصة ستنتج بالضرورة كائن حي محدد نتاج هذه البيئة , لأرى أن هناك بعض الخلل فى هذا الفكر بالرغم أنه مادي صرف , فما يمكن قوله أن هناك تغيرات إنتابت الكائن الحي وعلى أساسها إما توافق مع الظروف المادية المحيطة أو تصادم معها , فمثلا البيئة الصحراوية الجافة ذات درجة الحرارة العالية هى ثابتة لم تتغير لتكون الكائنات الحية ذات الصفات الجينية التى تتوائم مع تلك البيئة هى التى تنجح فى الإستمرار وليس الظروف المادية هى التى أجبرت الكائنات الحية على التأقلم .
- يمكن تلخيص الفكرة وتأكيدها بأن الحياة والطبيعة هي حالة تفاعلات فيزيائية وكيميائية غير مخططة ولا هادفة غير غائية , وأن ما تخضع لها هى حتمية متى توفرت الظروف الموضوعية للتفاعل ليقوم الإنسان بعد ذلك بإعطاء معنى وغاية ووظيفة للأشياء ليست فيها .

نحن من نخلق النظام والمعنى والغاية .
- النظام له علاقة وثيقة بالمألوف والمعتاد فعندما نعتاد مشاهد معينة كأن يكون الحاجب أعلى العين ووجود عينين وأذنين دوما فى الإنسان فهذا يعنى بالنسبة لنا نظام وتصميماً لنخلق من هذه المشاهد رؤية نظامية وحكمة بينما لو كانت لنا ثلاث عيون إثنين فى الأمام وواحدة فى الخلف فستكون الامور اكثر فائدة وسيتغنى المؤمنون لها .. الحقيقة أن الامور لا تزيد عن هكذا توصيفات وتناظرات وتماثلات أنتجتها الطبيعة .
- لى رؤية فلسفية فكرية لم يتطرق لها أحد تقوم على أن المعنى نتاج مشهد أى إنطباعنا على المشهد لننتج له معنى , أى أن النظام فكر إنساني وليس حضور لمشهد منظم مستقل بذاته عن وعينا .. دعونا نتحرر من قيد الفكر الدوغمائي وننظر إلي مثال إلقاء حروف الطباعة الملقاه علي الأرض بعشوائية ونحاول منع عقولنا فى البحث عن صفحة أو سطر أو جملة أو حتي كلمة مقروءة , فلننظر للحروف الملقاه ونحلل المعلومات بشكل مختلف فما أمامنا هو مجموعة من الحروف وكل حرف في حد ذاته هو شيء , إذن مجموعة الحروف معاً لابد أن تكون في حد ذاتها شيئ هي الأخري بالضبط مثل الكون الملقي جزافاً لابد ان يكون شيئاً هو الآخر وقد كان ومازال يكون .. نجوم وكواكب وأقمار وأنهار وبحار ومحيطات وحشرات وإنسان , فهذا الترتيب الذي نراه منطقياً منظماً إنما نابع من ذواتنا كوننا ألفنا قوانين الطبيعة الخاضعة لنفسها لأننا جزء منها وجزء من هذا المنظومة أو للدقة هذه العشوائية , كما صرنا نري قوانين الطبيعة ونفسرها ونخرج منها بمنطق نفسر به الأحداث بل ونطبقها عليها مع أنها خارجة عن منطقنا الإنساني .. والمنطق الإنسانى نتاج تأثير الوجود المادى على وعينا .
- وعينا يتمثل فى إحساسنا بالخطوط فلا يوجد وعى بدون إحساس , فمن الإحساس بالخطوط والألوان نُكون علاقات وإنطباعات , ويكون تقاربنا كبشر فى التذوق والتقييم والاحساس بحكم تقارب التكوين البيولوجى والجينى والنفسى والتجارب والخبرات البشرية , ولنلاحظ أننا يمكن أن نتقارب ولكن يستحيل أن نتطابق ليظل مفتاح وعينا هو إحساسنا وإنطباعاتنا عن الخط واللون ودرجة تفاعلنا معه , أى مدى فاعلية الإحساس وقوته ومن هنا يتكون الوعى بترميز هذا الإحساس الذي جاء من إنطباع مُختلق على خطوط عشوائية ليدخلها بصياغة شفرة فى نظام .. يجدر الإشارة أن القول بالإحساس ليس مقتصراً على التفاعلات القوية الفجة كالإحساس بالخوف والبرودة والسخونة وما شابه بل هى تلك النمنمات الكثيرة من التفاعلات الحسية الكيميائية مع الأشياء التى نتحسسها ولا نستطيع صياغتها فى مفردات لغوية كون الإحساس يسبق اللغة .
- يجدر الإشارة أن النظام الذي يقصده المؤمنون هو النظام الغائي لا الفاعلي , أي النظام الذي يفترض وجود علة غائية إضافة الى العلة الفاعلية , لذا الصدفة والعشوائية مرفوضة لديهم لإنعدام الغائية , فإطلاق كلمة الصدفة مضادة للغائية لديهم , ومن هنا مغزى سخريتهم وفهمهم الخاطئ عن الصدفة والعشوائية التى لا تتكأ على فهم مادى للوجود بقدر سخرية لإنعدام الغائية والغائي .

- لقد أتت جميع أفعال الطبيعة من نجوم وكواكب وبحار وأنهار وحشرات وإنسان بدون نظام , بالضبط كإلقاء حروف الطباعة , فالطبيعة لم تراعي مصالح أحد وهي تلقي جزافاً ببطاقاتها أو حروف طباعتها التي هي نجوم وكواكب وأقمار وأنهار وبحار ومحيطات وحشرات وإنسان , وإنما تصرفت بدون غاية وبدون قصد وتعمد وهذا ما نعنيه بالعشوائية أى الفعل اللاغائي .
- وقعت فى خطأ التوصيف والتعبير عندما قلت : أن الطبيعة لم تراعي مصالح أحد وهي تلقي جزافاً ببطاقاتها أو حروف طباعتها . فالطبيعة غير عاقلة ولا هادفة ولا راغبة لتهمل مصالح احد كما أنها لا تلقى جزافا فهذا القول فيه وعى وغائية والأمور ليست كذلك بل حالة مادية فيزيائية بيلوجية تواجدت فتفاعلت فأنتجت مشهد مادي من خضم تلك الظروف الموضوعية , ولكن ماذا نقول عن اللغة التى هى نتاج إرث ثقافى بشرى متغلغل منذ آلاف السنين .

أأمل فى هذه السلسلة من "أنا فهمت الآن" سبر أغوار الألغاز والغموض الذى يحيط بالمشهد الحياتي الوجودي لندرك أن الحياة والوجود ليس بحاجة لفكرة الإله فيمكن تفسير كل الأمور وفق ظروفها المادية الموضوعية .
"أنا فهمت الآن" لا يعنى أننى فهمت كل شئ ولدى إجابة لكل لغز وغموض فمازال هناك الكثير من الأسئلة الغامضة المحيرة التى تحلق فى رأسى مثل ماهية الجنس والتكاثر والغريزة لتشكل هذه الأشياء المحيرة مشكلة ولذة فى آن واحد , فالمشكلة هى أننى أجهل ومازال هناك غموض وحيرة تنتابنى , واللذة هى الإستمتاع بالعراك مع جهلى للخروج من شرنقة الجهل , أما تفسير جهلى وغموضى وحيرتى بأن الإله فعل ذلك فلن أقبل بهذه الإجابة المفلسة المتهافتة فهى هروب وتخدير لحيرتى أمام اللغز والغموض , أما فى حالة تفسير الطبيعة بواسطة كيان عاقل مشخصن فسأكون أول المبشرين له ولكن هل يقدر أحد على إثبات ذلك وجودياً , ففكرة الإله جاءت من جهلنا وعجزنا والرغبة فى دفن رؤوسنا فى الرمال .

دمتم بخير .
لو بطلنا نحلم نموت .. طب ليه مانحلمش .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن