طريقتان لتلافي شحة المياه في العراق

سعد السعيدي
s.alsaidy@yahoo.com

2018 / 12 / 19

منذ سنوات ونحن نسمع من الاعلام عن وجود شحة للمياه في العراق. والتبرير المستخدم لسبب الشحة هو حصول قطع للمياه من خارج الحدود. بيد ان هناك ايضا الطرق المتخلفة في ادارة المياه وما يجري بسببها من هدر ، هذا إن لم تكن التجاوزات المستمرة على القنوات المائية والتي يعتم على جل تفاصيلها نفس هذا الاعلام. لكن يجب التحسب بانه بسبب تأثير التغيرات المناخية لا ضمان من عدم حدوث ازمة للمياه قادمة وهو مما سيصيب حتى البلدان ذوات الوفرة منها. لذلك يتوجب التهيؤ من الآن لمثل هذه التأثيرات. وبقليل من التفكير يمكننا ان نوفر على انفسنا الصداع المتلازم حول كيفية تأمين المياه الكافية للشرب مثلا.

كيف يجري التعامل مع المياه حاليا ؟ يجري توفير مياه الشرب بسحبها من الانهار يوميا وباستمرار لتُجرى عليها عمليات تصفية وتعقيم في محطات الاسالة. بعدها يتم ضخها للاستخدام المنزلي. المشكلة في السحب اليومي من الانهر تكمن في غياب الضمان في دوام توفر نفس كمية المياه للاستعمال. إذ تنبع اكثر من نصف مياه انهارنا من خارج البلد. كذلك فقد صار الجميع متنبهاً الى التأثيرات المناخية على كميات المياه. فإن اثّرت هذه على دول المنبع ، فانها ستؤثر بالنتيجة على دول المصب مثل بلدنا. وهذا عدا عن التأثيرات الفنية الاخرى كإنشاء السدود. توجد طريقة تعتمدها الدول المتقدمة لتلافي مشاكل المياه هذه والتي سيزداد اعتمادها عالميا مستقبلا مع تزايد التأثيرات المناخية. هذه الطريقة هي اعادة استخدام المياه المستعملة او ما يسمى بمياه المجاري للاستخدام المنزلي. ويجري هذا باعادة معالجتها وتصفيتها قبل ضخها مرة اخرى للاستخدام اليومي.

فوائد هذه الطريقة كثيرة اولها واهمها هي اننا باعادة تصفية المياه المستعملة فاننا سنتحرر من اشكالات شحة المياه واحتمال عدم توفرها بشكل كافٍ للاستخدام اليومي. إذ ان ما سيحدث فعليا في هذه الطريقة هو الاحتفاظ بنفس كمية المياه في دورة مغلقة حيث يعاد تصفيتها. كذلك فإن اعادة استخدام هذه المياه معناه انها لن تطرح في الانهر مرة اخرى. وطرحها في النهر هو اضاعة وهدر لهذه الكمية حيث انه سيجري التعويض باعادة السحب من النهر في لحظة قد يكون فيه في حالة شحة مائية. ومن الفوائد الاخرى لاعادة تصفية هذه المياه هو انها لن تؤدي بسبب تلوثها بمخلفات الاستخدام البشري بتلوث الانهر والاراضي الزراعية بالتالي. فإن جرى مع ذلك معالجتها قبل اعادة طرحها في الانهر فيكون هذا ايضا هدرا للمال العام الذي صرف عليها. ويكون الاولى اعادتها لمحطات الاسالة لاكمال التصفية قبل اعادة ضخها للاستخدام المنزلي. هذه الطريقة لو طبقت لاسهمت في رفد الحاجة اليومية بمصدر غير منقطع من الماء الصافي وكذلك المساهمة في نظافة مياه الانهر بشكل عام لاية استخدامات لاحقة وفي الحفاظ بالتالي على البيئة المائية فيها. طبعا لغرض حصول مثل هذا التطوير يتوجب توفر البنية التحتية لها مثل ربط انابيب مياه المجاري بمحطات الاسالة وتصفية المياه. قطعا انه لم يجر التفكير باتباع هذه الطريقة البسيطة في العراق.

اود اضافة طريقة اخرى لكن معروفة حول الري الزراعي هنا بينما نتكلم عن ترشيد استخدام المياه. فقد طرق اسماعنا في الفترة الاخيرة اخبارا عن تقليص المساحات المزروعة بالحبوب ومنع زراعة انواع اخرى من المحاصيل بحجة الحفاظ على الماء.

حسب كلام وزير الموارد المائية السابق تستهلك الزراعة في العراق الكمية الاعظم من المياه بنسبة 75 بالمئة. طرق ري الاراضي الزراعية في العراق هي اثنتين إما بالسقي من النهر او بالاعتماد على الامطار. وقد استوجبت طريقة السقي منذ بداية تنظيم الزراعة في القرن الماضي حفر القنوات والجداول لايصال المياه الى الاراضي الزراعية. إلا ان التأثيرات المناخية واسباب اخرى ربما قد ادت بشكل او بآخر الى حصول شحة في المياه اثرت بالنتيجة على المساحات المزروعة. وفي الدول الحريصة على امنها الغذائي يجري اعتماد طرق للري الزراعي اهمها الرش والتنقيط. وهي طرق متقدمة هدفها الرئيسي الاقتصاد في استخدام المياه مع تأمين الحد الادنى للري. لكن فوائدها الاخرى هي عدا عن تقليلها من تأثير التجاوزات على مصادر المياه فانها توفر امكانية التوسع في الزراعة. فإن ضمنّا وصول كميات كافية من المياه للاخيرة نكون مع الامن الغذائي قد ضمنّا الى حد كبير تحييد محاولات التأثير في القرار المستقل من قبل اية جهة كانت.

ننتظر إذن التحول الى هذه الطرق من قبل الحكومة لغاية الاستخدام الامثل للماء الذي يتوقع انتقاله نحو الشحة المتزايدة مع مرور الوقت.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن