عنصرية البلهاء

حنان محمد السعيد
hanan.hikal13@gmail.com

2018 / 11 / 26

لم اتقبل ابدا ان تكون الفروق الفردية من لون وجنس ودين أو قناعة سياسية هي سبب كافي لاعتقاد البعض أنهم افضل من غيرهم وأنه يحق لهم ما لا يحق لغيرهم.
ولم اعتبر نفسي جزء من مجموعة اللهم الا مجموعة البشر، وحتى التفاخر بالمهن أو المستويات الاجتماعية كنت ومازلت وسأظل اعتبر انه من قبيل البلاهة والغباء.
ولا استطيع تفهم الخلافات الكبيرة بين اصحاب الديانات المختلفة أو اصحاب الطوائف المختلفة في نفس الديانة والتي قد تجعل كل منهم يعتبر أن من حقه سلب الأخر حياته وحقوقه.
وبالتأكيد لا استطيع تصنيف معايرة موجه لغة في وزارة التعليم لطفلة بلون بشرتها أو تصنيف اضطهاد مشرفات في أحد المعاهد التعليمية لطالبة بسبب لونها، الا في باب انعدام الثقافة الانسانية فلو كان من يعير الأخر بلونه أو أي فروق فردية اخرى يعلم أن الكل متماثل من تحت الجلد وأن الفرق يكمن في بعض الصبغيات التي يزيد تركيزها أو يقل في بشرة شخص مقارنة بالاخر وأن التمايز الحقيقي هو تمايز بالعمل والاجتهاد واتباع الحق ودعم الحقيقية ومساندة الضعيف والوقوف في وجه الظلم لما وصل بنا الحال لأن تنهي شابة جميلة حياتها بسبب هؤلاء الذين انعدمت انسانيتهم.
ان مثل هذه الأفعال تذكرني بقول الامام علي بن ابي طالب "مَا لِابْنِ آدَمَ وَالْفَخْرِ أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ وَآخِرُهُ جِيفَةٌ وَلَا يَرْزُقُ نَفْسَهُ وَلَا يَدْفَعُ حَتْفَهُ"
ولكم تملكتني مشاعر الغضب من معايرة العربي لأخيه في كل خبر ينشر على شبكات التواصل الاجتماعي أو في كل لقاء رياضي يفترض ان يجمع بين الاشقاء لا ان يفرق بينهم، أو ظلم العربي لأخيه بسبب اضطراره للعمل في بلده أو قصف العربي لأخيه واستحلال دمائه أو مساندة المحتل الغازي على الأشقاء.
وكلما عاير عربي اخيه بسبب احوال بلاده اكاد اشعر أنني ارى جرذين يطل كل منهما من بالوعة فيعير صاحبه ويؤكد له ان بالوعته هي انظف من بالوعة الأخر وأن تاريخ عائلته من الجرذان يعلو على تاريخ عائلة الأخر، عليك اولا ان تنظف بيتك من الفاسدين المجرمين الذين حرموك من ثروات بلادك ونزعوا منك حقوقك الأدمية واوصلوك الى ما انت عليه من جهل وعنصرية وان تساعد اخيك وتتضامن معه لا ان تتخذه مادة للسخرية وتشمت في احواله او تتفاخر عليه وحالكما لا يختلف كثيرا عن بعضكما البعض فكلنا في الهم عرب وكلنا في الذل عرب وكلنا في الظلم عرب.
ان نقص الفرص وانتشار الجهل وانعدام الأمن يجعل كل انسان يبحث عن مجموعة يتضامن معها ويجد لها من الفضائل ما يجعلها احق من غيرها بالشرف او الثروة وهو ما يؤجج من الكراهية ويزيد من العداء ويجعل الناس تصطف في مواجهة بعضها البعض وتنتهك حقوق بعضها البعض لمبررات ما كان لها أن تظهر في بلد قائم على العدل يتم فيه محاسبة الفاسد ويتساوى فيه الجميع في الفرص ولا يتمايز الا اصحاب الموهبة والمجتهدين.
اتمنى ان يعرف كل انسان ان الجمال بداخله وان كل الألوان جميلة وكل الملامح جميلة وان القشرة الخارجية لا تغني عن الجمال الداخلي وأن لا تلتفت فتاة الى اشخاص بلغ بهم الغباء حد ان يعيروها بلونها او بملامحها أو غيرها من الفروق الفردية، وان تجد في نفسها مواطن القوة لتعمل عليها لا ان تستجيب لهؤلاء الأغبياء المتنمرين وتنهي حياتها البريئة الثمينة وتتركهم يمارسون عنصريتهم وغبائهم وتنمرهم على ضحية جديدة!
ان لونك او دينك أو جنسيتك أو بعض النجوم والرتب النحاسية التي تعلو كتفيك لا تجعل لك حقا يفوق حقوق الاخرين ولا تجعلك افضل من غيرك وانما ما يجعلك افضل بحق هو ان تكون انسان يشعر بغيره ويعمل على ترك اثرا طيبا على هذه الأرض.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن