وداعا إبن الجبل الأشم .. وداعا جوهر صديق شاوَيْس

رزكار نوري شاويس
rizgarshawais@yahoo.com

2018 / 11 / 23

فجر يوم الأثنين 19تشرين الثاني الجاري توفي في مدينة ( لايبزيغ – ألمانيا ) المناضل و السياسي الكوردستاني و العراقي البارز د. جوهر صديق ِشاويس اثر مرض عضال ، و برحيله فقدت ميادين الكفاح و الحركات الديمقراطية التقدمية في كوردستان و العراق وفي عموم المنطقة علما بارزا من اعلام النضال من اجل التحرر و بناء حياة أفضل و اسعد للجميع .
ولد الراحل د . جوهر صديق شاويس سنة 1939 في مدينة السليمانية في أسرة عرفت بثقافتها الثورية و تأريخها النضالي الطويل ضد انظمة الظلم و الطغيان العنصري و الفاشي في المنطقة ، فتربى المناضل جوهر منذ نعومة اظفاره على قيم النضال و الكفاح التحرري لصالح قضية الأنسانية و حريات الانسان ، و عايش و عانى مع اخوته و اخته الوحيدة كل ما عانته اسرته من ضغوط و حملات ترهيب و اعتقال و نفي و تشريد بسبب مواقف والده ( صديق شاويس ) و عمه ( اسماعيل شاويس ) الوطنية و النضالية ، ليبدأ في مطلع خمسينيات القرن الماضي و من مدينة كركوك الكوردستانية حياته السياسية و هو لم يزل شابا طري العود في صفوف اتحاد الشبيبة الديمقراطي الكوردستاني احدى التنظيمات الجماهيرية للحزب الديمقراطي الكوردستاني و لتظهر فيه و في سنه المبكرة تلك مواصفات القيادةالحكيمة القادرة على التأثير و التنظيم ، بعدها انظم الى صفوف الحزب الشيوعي العراقي ليواصل منها نضاله ناذرا حياته و كل سنوات عمره لسفر كفاحي طويل و مشرف دفاعا عن شعبه الكوردي و شعوب المنطقة المظلومة و عن حقوقهم في حياة حرة و كريمة و خلاصهم من كل اشكال التخلف و الأستعباد .
و بسبب مواقفه النضالية الشجاعة و الصلدة ركزت اجهزة قمع انظمة الحكم الرجعية العسكرية و الفاشية الدكتاتورية التي تعاقبت على حكم العراق انظارها عليه فتعرض للملاحقة و المطاردة الدائمة من قبل السلطات الاستبدادية و تعرض للاعتقال عدة مرات كان اخرها سنة 1962 ليسفر بعد الحكم عليه في محاكمة صورية الى سجن ( نقرة السلمان ) سيء الصيت و كان واحدا من المعتقلين الذين نقلوا الى ذلك السجن الرهيب بالقطار المشؤوم الذي اشتهر باسم ( قطار الموت ) و الذي استشهد في عرباتها الحديدية المقفلة اثناء نقلهم للمعتقل عدد كبير من السجناء بسبب اجرائات تسفيرهم الهمجية و تكديسهم في عربات سدت فيها كل منافذ الهواء للتنفس في مناخ صحراوي صيفي لاهب .
امضى الفقيد الراحل مدة محكوميته الطويلة القاسية في ذلك السجن النائي القابع في الصحراء كسراب غادر و مخادع ، و كان يتعرض يوميا لصنوف منوعة من الاذى و التعذيب على يد جلاوزة السجن المذكور ، لكنه ازداد صلابة و ايمانا بقضيته وبرزت شخصيته القيادية اكثر فأكثر بين رفاقه المعتقلين يحثهم على الصمود و يشد هممهم و ينمي فيهم روح التحدي والأصرار على النضال ، كان النموذج و القدوة شامخا دائم الأبتسامة مرحا رغم كل ما كان يعانيه من اضطهاد و تعذيب وحشي ، لكنه حظي بحب و احترام و ثقه كل المعتقلين الذين منحوه لقب ( إبن الجبل الأشم ).
بعد الأفراج عنه سنة (1967) تمكن من مغادرة العراق ليستقر بعد فترة في المانيا ( المانيا الشرقية انذاك ) و يكمل فيها الى جانب نشاطه السياسي كسكرتير جمعية الطلبة الكورد في اوربا ، دراسته و لينهي تحصيله العلمي بشهادتي دكتوراه في التأريخ و في الفلسفة .
و درس كعالم في المادتين في جامعة لايبزيغ و كان من اساتذة الجامعة البارزين و مرجعا لكل الطلاب القادمين من دول العالم الثالث و الشرق الاوسط بما فيها العراق و كوردستان العراق .
عاد الى كوردستان بعد انتفاضة عام 1991 و بعد سقوط النظام الدكتاتوري الفاشي و اعرب عن استعداده الطوعي للتدريس في الجامعات الكوردستانية و مارس التدريس كاستاذ في جامعة صلاح الدين – اربيل و حاز بروحه المرحة و تواضعه و خلقه الرفيع و اسلوب تقديم منهجه الدراسي في كسب محبة و احترام طلابه .
ان رحيل المناضل د. جوهر صديق شاويس يعد خسارة لجميع الفصائل النضالية الديمقراطية التحررية ليس في كوردستان و العراق فحسب بل في عموم المنطقة و التي كان يحتفظ مع اغلبها بعلاقات نضالية رفيعة المستوى .
ختاما ما بوسعنا غير ان نقول :
وداعا ايها العم العزيز ، وداعا ايها المناضل النزيه الشريف
وداعا جوهر شاويس يا (إبن الجبل الأشم ) وداعا .. و سيبقى ارثك النضالي نبراسا لكل من يبحث عن سعادة الانسان المفقودة و سمو الروح الأنسانية ..



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن