فاجعة الابتزاز الشرفي

ميثاق بيات الضيفي
mba1111111@gmail.com

2018 / 11 / 6

فاجعة الابتزاز الشرفي
بقلم/ الدكتور ميثاق بيات ألضيفي

الابتزاز هو أحد أشكال الجرائم التي تحدث حينما يطالب شخص أو جهة ما شخص أو مؤسسة مقابلاً مادياً أو خدمياً عن طريق تهديده له بإلحاق الضرر أو بسمعته أو بممتلكاته, ويعد الابتزاز الشرفي النوع الأكثر تطرفاً لأنطوائه على تهديد نفسي وروحي ومجتمعي ومادي ليحول عبره حياة الضحية لجحيم، وتعد النساء والأطفال والمراهقين الفئات الأكثر استهدافاً وتضرراً من تلك الجرائم النكراء.
شاعت جرائم الابتزاز الشرفي بكثرة حول العالم نتيجة الفراغ الاجتماعي والتفكك الأسري وضعف الرقابة الأسرية على الأبناء والفقر الاقتصادي والفكري وضعف الوازع الديني والعقد النفسية والاضطرابات لدى البعض وشعور البعض بالاستفزاز مما ينشره الآخرون من أمور إيجابية، وهي كذلك تنتشر لسهولة إخفاء هوية المعتد وصعوبة ملاحقته قانونياً أو توقيفه وخوف الضحايا من الفضيحة وتفضيلهم الصمت والانصياع للمجرم. ويتألف ذلك النوع من مجموعة من الجرائم التي يندى لها الجبين يقترفها مرضى النفوس والذين انعدمت لديهم الإنسانية, لا هم لهم الا اشباع نزواتهم ورغباتهم الملوثة.
ولادراك القضية أكثر فأن جريمة الابتزاز تعرف بأنها أسلوب من أساليب الضغط الذي يمارسه المبتز على الضحية وهي بالعادة المرأة لكن قد يقع ضحيتها ايضا الرجل من بعد دبلجة وفبركة اشرطة فيديو مسجلة أو صور غير أخلاقية فاضحة مستخدماً فيها المبتز عدة طرق منها أسلوب التهديد والتشهير وتشويه السمعة على أوسع نطاق أو إبلاغ ذوي الفتاة أو المرأة أو الشاب أو الرجل أو الزوج أو الأب أو الأخ أو الأم أو نشرها عبر برامج التواصل الاجتماعية المختلفة، الأمر الذي يجعل الضحية تقع تحت وطأة ضغوط المبتز ليجبرها أو يجبره على مجاراته وتحقيق رغباته ومطالبه. ومع إن معدلات جرائم الابتزاز الشرفي ترتفع في العالم العربي غير انه إحصائيا لا يمكن تقديم إعداد دقيقة عن المعدلات الحقيقية عنها لتفضيل الغالبية العظمى من الضحايا للصمت تجنباً للفضيحة.
تتعدد أنواع الابتزازات الشرفية التي تهدد حياة المجتمع منقسمة إلى ابتزاز مادي بطلب مبالغ مالية من الضحية مقابل عدم فضحه وإفشاء أسراره وابتزاز جنسي بإجبار الضحية على تقديم خدمات ملوثة أو ارتكاب أفعال ملوثة وابتزاز منفعة بإرغام الضحية على القيام بخدمات أخرى غير مشروعة أو مشروعة مقابل عدم بث صور أو بيانات خاصة، وخاصة للأشخاص ذوي المناصب الحساسة وصانعي القرار. وقد لا يقتصر الابتزاز على تهديد المعارف فقد لا يكون هناك علاقة سابقة بين الشخص المبتز والضحية وقد يكون التهديد حقيقيا بحصول الجاني على بيانات وصور شديدة الخصوصية للضحية، أو يكون هذا الشخص قد صنع وحور صوراً مسيئة أو بيانات غير حقيقية ويهدد ضحيته بتشويه صورته لابتزازه ماديا بشكل متواصل.
يؤدي الابتزاز الشرفي إلى العديد من الأضرار الجسيمة على حياة الأفراد كالميل إلى العزلة وعدم الرغبة في التعامل مع الآخرين وتقويض الثقة بالنفس وعدم الشعور بالأمان والإصابة بالاضطرابات النفسية كالقلق والتوتر والخوف وجنون الشك والاضطهاد, كما قد ينجر تعويضيا بعض ضحاياه نحو السلوك الانحرافي وعدم المبالاة بالقيم المجتمعية والأخلاقية والدينية انتقاماً من أنفسهم والمجتمع ككل وصولا إلى النتيجة الأخطر عبر محاولة الانتحار بسبب الضغط النفسي الشديد والخوف من الفضيحة والتهديد الذي تقع الضحية فريسة له، لذا نصر على أن تضاعف معدلات انتحار خلال السنوات القليلة الماضية تقف خلفه عمليات الابتزاز الشرفي بدرجة كبيرة.
وان تسألنا هل يعاقب القانون على جريمة الابتزاز الشرفي؟ فبكل تأكيد إن أغلب القوانين العربية و العالمية تعاقب عليها كونها من الجرائم الخطرة التي تلحق بالضحية الكثير من الضرر سواء في عمله او سمعته أو تدمر نفسيته و حياته الخاصة لذلك فأن الكثير من القوانين تنظر لها كجريمة خطرة فتناولتها معظم القوانين وعالجتها بفرض عقوبات قاسية على المجرم تصل إلى الحبس لسنوات و غرامات مالية عالية, غير إن ذلك كله لم يردع المبتزين ويوقع الضحية رهينة للمبتز وتنفيذ مطالبه وتقديم مزيد من التنازلات أو المدفوعات. لذلك نرى وجوب معالجة ومعاملة هذه الجرائم الشرفية بكل سرية و بكل دقة و حرفية على أيدي خبراء لان الصعوبة تكمن في كيفية إثبات الجرائم و كيفية الوصول إلى المجرم في وضع التلبس و هي مسألة صعبة و بحاجة إلى مراعاة عدم التشهير بالنساء الضحايا لذا تتطلب من المعالجين للمشكلة خبرة كبيرة ومعقدة وواسعة في المجال, ويبدو إن العوالم الشرقية والإسلامية والعربية هي بحاجة لمزيد من القوانين الرادعة التي تُجرم وتنهي الابتزاز الشرفي والى المزيد من الوعي والإدراك والاحتواء والمعالجة الدينية والسيكولوجية والتكنولوجية.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن