كارل ماركس استدلَّ على البيان تحت اجنحة الإوزّة

كاظم الحناوي
sawakks@yahoo.com

2018 / 10 / 27

في التاريخ الحديث جسدت شخصية كارل ماركس رمزية عن طبيعة العلاقات الاجتماعية في المجتمع الغربي في القرن التاسع عشر.. وصارت طروحاتها رمزا يستخدمه دعاة الاشتراكية .
ولأن تلك الشخصية أبرز عناوين تلك المرحلة على مدى أجيال لذلك لايبدو هينا، أن تتجاوز ذاكرة شخص ما، صورة المكان الذي عاش فيه. بالأخص إذا كان هذا المكان قد كتب فيه بيانه الشيوعي. لتصبح علاقة البيان بالمكان علاقة بالتاريخ العالمي للبيان الاممي. لان فيه تشكلت تفاصيل واجزاء من فكر جديد. لذلك لايمكن للذاكرة أن تتخطى هذه المرحلة، وآثارها، وارتباطها مع الذكرى المئوية للثورة البلشفية.
بروكسل لم تتغير كثيرا معالمها، رغم التحولات التي طرأت على بنية المجتمع، وانعكاسها في شخصية المدينة. واستنادا لبيان ماركس، حدثت تحولات كثيرة في العالم كان لها الأثر في القيم الانسانية.
الشعور بالمكان سيكون حاضرا أيضا، عندما تتساءل عن الاشخاص الذي كانت تربط ماركس بهم صداقات وعلاقات إنسانية، المقهى الذي كتب به أول مرة اجزاء من بيانه عندما تولى رئاسة فرع الرابطة الشيوعية في بروكسل سنة 1847، وعمل بِمعية صديقه فريدريك إنجلز على صياغة بيان الحزب الشيوعي.فيها ايضا شرح مفهوم الاغتراب الاقتصادي، الذي يؤدي بدوره إلى اغتراب اجتماعي وسياسي للإنسان.
فترة الثلاث سنوات التي قضاها لاجئا في بروكسل كانت الأكثر إنتاجية في حياته. فقد تشكلت فيها أفكاره المادية الجدلية . عاش ماركس في أماكن مختلفة من بروكسل وحولها. كان زائرا متكررا ل(مقهى الإوزّة) و كتب فيها البيان الشيوعي مع انجلز ،المخطوطة التي جعلت منه رمزا تاريخيا.
فقد وضح ماركس أن الفئتين في المجتمع البرجوازية والبروليتاريا ستبقيان إلى الأبد عالقتين في فئتيهما بسبب طبيعة الرأسمالية ذاتها. فالبرجوازية الغنية بامتلاك رأس المال لا تملك المصانع فحسب، بل تسيطر على الإعلام والجامعات والحكومة والبيروقراطية، وبالتالي فإن قبضتها على وضع اجتماعي مرتفع لا يمكن تغييرها. وعلى النقيض من ذلك، يفتقر الفقراء أو الطبقة العاملة أو البروليتاريا إلى أي وسيلة فعالة للحصول على تعويض عن عملهم الشاق. وكان علاج هذه المشكلة، في رأي كارل ماركس، هو أن تمرد البروليتاريا لكي تنشئ نظاما اجتماعيا جديدا حيث لن يكون هناك تمييز بين القطاعات أو المجتمع و تكون الملكية جماعية ومن شأن ذلك أن يضمن توزيع عادل للثروة حسب نظرية ماركس .
وهو على العكس من عالم الاقتصاد الإسكتلندي آدم سميث الذي ادعى أن النظام الاقتصادي الأكثر مثالية هو الرأسمالية.
تم بناء مقهى الإوزّة في الساحة الكبرى أو (غراند بلاس) بالفرنسية في بروكسل في 1698 في عهد لويس الرابع عشر. اعتبارا من عام 1720 أصبح هذا البيت مقر لنقابة الجزارين. جنبا إلى جنب مع المقهى الذي كتب فيه كارل ماركس وفريدريك إنجلز (بيان الحزب الشيوعي) في عام 1847 ,وأن حزب العمال البلجيكي تأسس في عام 1885فيه ايضا...
العلاقة بين الإنسان والمكان ما زالت تحمل الكثير من الغموض، في كيفية خلق منظور سياسي مهيمن نتيجة المكان الجديد.ففكرة ملاحظة التحول الذي يطرأ على اعادة تشكيل الافكار بتفاصيل المدينة، قد تكون مهمشة بفعل هيمنة الحدث السياسي وتداعياته لذلك لايمكن اعطاء بعد ادق للانجاز دون اعطاء دور للمكان.
بقي ان تعرف عزيزي القاريء انه على مقربة من مقهى الوزة هناك مقهى الحمامة حيث المكان المفضل للروائي والكاتب المسرحي والشاعر الفرنسي فيكتور هوجو عاش فيه عندما نفي من فرنسا عام 1851 في أعقاب الإنقلاب العسكري الذي وضع حدا للجمهورية الثانية. أحب هوجو هذا المكان، ووصفه بأجمل ساحات العالم.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن