ديديموس الكفيف البصير

لطيف شاكر
lampra333@yahoo.com

2018 / 10 / 18


وُلِدَ بمدينة الإسكندرية عام 313م وفي السنة الرابعة من عمره أُصيب بمرض في عينيه أفقده بصره لذلك سُمي ديديموس الضرير.
لم يتعلم القراءة في مدرسة بسبب فقره وفقدانه بصره ولكن محبته الشديدة للعلم والمعرفة ذلَّلت أمامه كل العقبات فتعلم الأبجدية بحروف منحوتة في لوح من خشب وتعلم أن يقرأها بطريقة اللمس وبذلك سبق برايل بخمسة عشر قرناً في استخدام الحروف البارزة لفاقدي البصر.
وبهذه الطريقة تعلم قواعد اللغة والبلاغة والفلسفة والمنطق واللاهوت والحساب والموسيقى وتعمق فيها، وكان يستطيع أن يناقش كل من درس هذه العلوم من الكتب العادية، حتى أصبح مضرب الأمثال في العلم والنبوغ، وذاع صيت علمه في كل مكان.
وفي سنة 346م أسند إليه البابا أثناسيوس الرسولي إدارة مدرسة الإسكندرية اللاهوتية وأصبحت في عهده تُضارع أعظم المدارس العلمية واللاهوتية في الشرق والغرب، وتتلمذ له كثيرون من العلماء العظام مثل چيروم وروفينوس.
يقول عنه چيروم أنه يحمل صفات الإنسان الرسولي، له فكر مستنير في كلمات بسيطة. ويسميه روفينوس النبي والرجل الرسولي.
ويخبرنا سوزمين المؤرخ أن تأثير ديديموس في إقناع الشعب بصحة تعاليم مجمع نيقية ضد الأريوسيين كان لا يُضارَع.
كان ديديموس عند الناس يُمثل حصناً متيناً وسنداً قوياً للديانة المسيحية وهو يُعَد خصماً عنيداً كسر شوكة أتباع أريوس وأفحمهم في مناظراته معهم.
كان ناسكاً تقياً، وكان يصلي من أجل المسيحيين الواقعين تحت اضطهاد يوليانوس الجاحد فرأى رؤيا أن يوليانوس قُتل في الحرب وتحققت الرؤيا باليوم والساعة.
زاره الأنبا أنطونيوس في قلايته وصليا معاً وجلسا يتحدثان في الكتب المقدسة ولما رآه حزيناً على فقد بصره قال له أب الرهبان: كيف تحزن على فقد ما تشترك فيه معك أقل الحيوانات ولا تفرح أن الله وهبك بصيرة روحية لا يهبها إلا لمحبيه، وأعطاك عينين كأعين الملائكة تبصر بهما الروحيات، بل وتدرك بهما أسرار الله نفسه، فتعزى ديديموس بهذا الكلام جداً.
كتب القديس ديديموس كتباً كثيرة مُلْهِمة في اللاهوت والعقيدة وتفسير الكتاب المقدس بعهديه، حتى أسموه الضرير البصير.
وبعد أن أكمل جهاده الحسن تنيَّح بسلام سنة 398م وله من العمر 85 عاماً قضى منها 52 عاماً مديراً لمدرسة الإسكندرية اللاهوتية.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن