الحراك الشعبي في اليمن 4-7

عدلي عبد القوي العبسي
alabsi_adli@yahoo.com

2018 / 10 / 5

الاحتجاجات الشعبيه الجنوبيه الاولى اواخر التسعينات
نشوء القضيه الجنوبيه - قضيه عادله بامتياز

نشأت القضيه الجنوبيه من لحظه الاخلال باتفاقيات الوحده اليمنيه عام 0991 وتدمير الوحده السلميه بالحرب وتصفيه ركائز الدوله الوطنيه في الجنوب والقضاء على المكتسبات الوطنيه والاجتماعيه لثوره 41 اكتوبر واقصاء وتهميش عشرات الالاف من الموظفين المدنيين والعسكريين وتسريحهم من اعمالهم وافقار الشعب في الجنوب جراء سياسات النظام الاقتصاديه الظالمه ونهب ثروات الجنوب من قبل العصابات السلطويه للنظام الحاكم
لذا فان حل القضيه الجنوبيه حلا عادلا يكمن في الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب في الجنوب ، هذا الحل الذي تبناه قطاع واسع من الحراك الجنوبي السلمي والذي جاء كمحصله سياسيه واقعيه بعد فشل كل الجهود التي بذلت في اصلاح مسار الوحده وبعد تعنت النظام واصراره على تجاهل كل الاصوات التي طالبت بالتراجع عن كل الاجراءات الظالمه المترتبه على حرب صيف 49 الغاشمه .
بالتزامن مع الاحتجاجات الجنوبيه الاولى اواخر التسعينات برز تيار سياسي هو تيار ( اصلاح مسار الوحده ) داخل الحزب الاشتراكي اليمني بقياده المناضل الرفيق (محمد حيدره مسدوس ) الذي قدم مبادره سياسيه شجاعه في ذلك الوقت العصيب ، لكن للأسف الشديد قوبلت افكار وطروحات هذا التيار بالاستنكار من قبل غالبيه قيادات الحزب وقواعده على مدى يزيد عن 11 عاما !!
في اواخر التسعينات ايضا شهدت المحافظات الجنوبيه موجات من التظاهر الشعبي العارم الرافض لنتائج الحرب الظالمه على الجنوب وتشكلت لجان شعبيه لتنظيم الفعاليات المناوئه للنظام الديكتاتوري العسقبلي في صنعاءمطالبه اياه بالعدول عن كل الاجراءات التعسفيه الظالمه التي لحقت بالشعب في الجنوب منذ الحرب المشؤومه واحترام الاتفاقات الموقعه (المغدور بها) بين نظامين سياسيين كانا يمثلان دولتين مستقلتين معترف بهما دوليا.
وظهر كيان سياسي في المنفى باسم ( موج ) كاطار جامع للمعارضه السياسيه في الخارج والتي غادرت البلاد بعد الحرب الظالمه وراحت تواصل نشاطها السياسي المناوئ للسلطه العسقبليه الغاشمه والداعي لاعاده الحقوق المسلوبه للشعب في الجنوب.
جاءت هذه التحركات والاصوات في الشارع الجنوبي وايضا داخل الحزب للتذكير ببدايات الازمه ولتبيان من كان الطرف المتسبب في الازمه السياسيه والحرب وما تلاها ، وان الوحده كانت وحده سلميه ديموقراطيه نشأت في مايو 0991
على اسس النديه والتكافؤ والاخذ بافضل ما في النظامين الشطريين السابقين لكن النيه المبيته بالغدر من قبل الشريك الاخر في هذه الوحده كانت واضحه بعد ذلك من خلال سلسله الاغتيالات التي طالت العديد من كوادر الحزب وقيادييه والهجوم على مقراته ولغه التهديد والوعيد وتسليط الجماعات الدينيه المتطرفه والارهابيه (الاخوان والسلفيين الجهاديين ) لشن هجوم واسع على الحزب واعضاءه وتكفيرهم وتخوينهم وتكفير مشروع دستور دوله الوحده والمحاولات الراميه لارساء اسس ( دوله النظام والقانون ) وتشويه المطالب الشعبيه التي دافع عنها الحزب الاشتراكي وكذا ممارسه الهجوم الناعم عبر وسيله الافساد الممنهج لقيادات واعضاء الحزب وسائر القوى السياسيه الوطنيه الاخرى ومن خلال المماطله والتخريب المتعمد لكل الاجراءات والجهود لبناء الدوله الحديثه فقد جرت عمليه افساد قياداته وكوادره واغراءهم بالمال والفلل الفاخره والمناصب والسيارات الفارهه واشاعه الفساد في صفوف الجهاز الاداري في المحافظات الجنوبيه وداخل الحزب ايضا !!! وداخل كل مؤسسات المجتمع المدني والسياسي في الشمال والجنوب على حد سواء .
حدث الكثير من هذه الاعمال المدانه التي كان لها قسط وافر في اذكاء اندلاع الازمه السياسيه والتي استمرت عقب انتخابات عام 39 وانتقلت الى مستوى اعلى من الممارسه الاقصائيه التخريبيه بافشال جهود الحوار الوطني ورفض تنفيذ ( وثيقه العهد والاتفاق ) الموقعه في فبراير في العاصمه الاردنيه عمان والتي اعتبرت وثيقه الاجماع الوطني الاولى لحل الازمه الوطنيه وكانت ثمره لجهود الحوار الوطني ولتصحيح الانحراف الذي لحق بالدوله ومشروع الوحده السلميه الديموقراطيه طيله الفتره الانتقاليه سنوات 09-49 ، كل هذه الجهود والمحاولات من اجل اقناع الطرف الاخر والمتمثل بالمؤتمر الشعبي العام وبعض المكونات المتحالفه معه انتهت تماما مع اصراره على الذهاب الى منطق الحرب واستخدام القوه .
ولابد من التذكير هنا ان بدء استغلال الثروه النفطيه حديثا في الجنوب والشمال وظهور النسبه الاكبر من هذه الثروه في المناطق الجنوبيه شبوه وحضرموت والخلافات حول كيفيه استغلالها وتوزيع عائداتها الوطنيه ورغبه القوى الفاسده الرجعيه المتنفذه في الشمال بالاستئثار بنصيب غير مشروع من هذه الثروه لمصالح شخصيه وقبليه ضيقه وكذا تحريض الشركات الامبرياليه الطامعه في الحصول على نصيب اوفر على حساب المصلحه الوطنيه ورفضها لاي توجهات وطنيه في استثمار الثروه الوطنيه المكتشفه بالاضافه الى وجود اطماع ومصالح ضيقه هنا وهناك لدى الطرفين معا وتحرك شهيه مراكز القوى الرجعيه والانتهازيه في الشمال والجنوب كل هذه الامور كانت بمثابه المحفز الاهم لاندلاع الازمه السياسيه بين طرفي الحكم ومن ثم الحرب كنتيجه لاحقه لها .
وهكذا راح الطرف العسقبلي في النظام يعلن الحرب في 72 ابريل 4991 بتشجيع وتحريض من كبار المشائخ الموالين للرجعيه الخليجيه ورجال الدين المتطرفين والمخابرات الامبرياليه الاميركيه وتشجيع من بعض الانظمه العربيه العسكريه الفاشيستيه ( العراق والسودان ) وكان هدفه من اللجوء الى العنف واشعال الحرب هو الانفراد بالسلطه مستفيدا من المتغيرات الدوليه وسقوط الاتحاد السوفياتي والمعسكر الشرقي وتواطؤ المجتمع الدولي وتآمر قوى اقليميه رجعيه ارادت بالوحده شرا !!
وبالاستفاده ايضا من الواقع الجديد المتمثل في غياب الظهيرالدولي والاقليمي للحزب الذي دب فيه الوهن والضعف في كل المستويات والذي خبت كثيرا انذاك روحه الثوريه جراء تخليه عن كثير من المفاهيم والتقاليد الفكريه الثوريه والوطنيه النضاليه تحت تأثير حركه البيريسترويكا وفكر المراجعه .
وهكذا اندلعت الحرب صيف عام 49 وخسر الحزب الحرب المفروضه عليه ظلما وعدوانا ومعه سائر القوى الوطنيه المتعاطفه وكذا قطاع واسع من ابناء الشعب شمالا وجنوبا
وانهار ما تبقى من مكتسبات وطنيه واجتماعيه ولفظت ثوره 41 اكتوبر بسقوط الحزب الاشتراكي طليعه القوى الوطنيه انفاسها الاخيره وخسر الوطن سيادته واستقلاله وما تبقى من قيادته الوطنيه واستلمت العصابات العسقبليه الرجعيه العميله والفاسده السلطه بالقوه الغاشمه وذهبت بالبلاد الى الهاويه والنفق المظلم الذي ما كان ممكنا الخروج منه الا بثوره شعبيه حقيقيه .
الاحتجاجات الشعبيه ضد الجرع شمالا وجنوبا
ذكرنا اعلاه اهم ردود الافعال الشعبيه ضد هذه الحرب اللعينه هذا الحدث الجلل التآمري الذي اجهز على ما تبقى من ثوره الستينات هذه الردود قلنا تمثلت في نشوء تيار اصلاح مسار الوحده والاحتجاجات الشعبيه في اواخر التسعينات وكذا نشوء كيان سياسي في المنفى بمسمى ( موج ) وتعني المقاومه الوطنيه الجنوبيه وضمت لفيفا من الكوادر القياديه والادنى ممن غادروا الى خارج البلاد وبقي لهم صلات وارتباطات مع مناصرين في الداخل .
كان هناك رد فعل شعبي اخر لا يقل حيويه وعنفوانا وغضبا وتذمرا من السياسات المتبعه انذاك سياسات تدمير السلطه الوطنيه ودوله الجنوب والشروع في مسلسل الاجراءات الفاسده والظالمه والتخريبيه التي نفذتها العصابات السلطويه بعد الحرب على طول البلاد وعرضها
رد الفعل الشعبي هذا هو تلك الاحتجاجات الشعبيه المتكرره طيله سنوات العقد الاول من الالفيه الجديده بعد ان استفحل الفساد والافقار والنهب .
لمرات عديده شهدت الكثير من المحافظات شمالا وجنوبا احتجاجات شعبيه عارمه رافضه لمنطق الافقار والتجويع وتحميل عبء السياسات الاقتصاديه الفاشله والضاره على كاهل الشعب اليمني الكادح والبسيط اذ كان في كل مره تعلن فيها الحكومه عن عزمها تنفيذ جرعه سعريه جديده بناء على توصيات صندوق النقد الدولي الذي اجبر الحكومه الفاسده على تنفيذ روشته الاصلاح المزعومه والتي اسماها بالتكيف الهيكلي والتي توصي برفع الدعم عن سلع اساسيه او جزء منه ما ان تحدث خطوه في هذا المسار الظالم المفروض حتى يفاجأ المراقبون برده فعل الشارع الغاضبه والمفاجئه وسرعان ما تنتشر مظاهر العصيان المدني لتشمل اكثر من مدينه واكثر من محافظه وتلجأ الحكومه اما الى التراجع او الخداع او الوعود الكاذبه واحيانا كثيره التنفيذ القهري للقرارات الاقتصاديه الظالمه التي الحقت اضرارا فادحه بالمستوى المعيشي للغالبيه الشعبيه والتي اصبحت معها الزيادات الضئيله في الاجور غير ذات معنى وجدوى ولا تواكب الزياده المخيفه في الاسعار في جميع السلع عقب كل جرعه منفذه في ظل غياب فاضح لدور الحكومه الرقابي والضبطي والتنظيمي !!
تسببت هذه الجرع السعريه التي كانت تحدث وتتكرربعد مرور سنوات قليله في تزايد حده الاحتقان الاجتماعي والغضب الشعبي ! وخلقت تراكما للسخط والاحباط لا بأس به في السيكولوجيا الاجتماعيه ورفعت من مستوى الوعي الاجتماعي السياسي بخصوص فشل الحكومه الاقتصادي وفسادها وعجزها وسياساتها العدائيه ضد الفقراء الذين يمثلون غالبيه سكان البلد وادرك الشعب الكادح انها حكومه خاضعه ذليله تأتمر باوامر المنظمات الامبرياليه الدوليه كصندوق النقد الدولي وتنصاع لتوجيهاتها المجحفه بحق الشعوب ولا تكترث لامر المواطن البسيط الغلبان !! ولا تهتم حتى لفكره ايجاد حزمه من البدائل الوطنيه او حتى اجراءات حقيقيه للتخفيف من الآثار السياسيه الراسماليه المتوحشه على مستوى معيشته واستقراره .
يتبع



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن