عادل الهاشمي شيخ النقاد الموسيقيين العراقيين

وليد يوسف عطو

2018 / 9 / 17

احب القول اولا ان لقب (شيخ النقاد الموسيقيين )لم اطلقه انا بل اطلقه بعض وليس جميع النقاد الموسيقيين في العراق.المعلومات الاساسية الواردة في مقالتي استعرتها من ملحق جريدة المدى البغدادية الصادر يوم الخميس 13 ايلول 2018 .

رؤيتي النقدية الموسيقية ضمنتها مقالتي حول الناقدالموسيقي عادل الهاشمي وغناء القيصر سفير الاغنية العراقية كاظم الساهر .ولد عادل الهاشمي في حي الاعظمية في بغداد عام 1946 , درس الموسيقى في القاهرة ,مع انه لايعرف العزف على اية الة موسيقية , ومن لايعرف العزف لايمكن ان يتعلم ويكتب النوتة الموسيقية.

تخرج من الجامعة المستنصرية عام 1973 بعد دراسته للغة العربية . كتب كثيرا من المؤلفات منها ( فن التلاوة : اصوات وانماط )و (مسيرة اللحنية العراقية )و (اصوات والحان كردية)وغيرها.غير ان موسوعته التي صدرت في ابو ظبي عن هيئة ابو ظبي للثقافة والسياحة تظل درة انتاجه .

حضر عادل الهاشمي قبل وفاته الى القاهرة ليشترك في مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية في دار الاوبرا المصرية ,لكنه توفي قبيل افتتاح المهرجان خلال اقامته والوفود في فندق (ام كلثوم )بعد جولة قام بها فور وصوله الى القاهرة الى شقة محمد عبد الوهاب وبناية فريد الاطرش وصلى في مسجد جمال عبد الناصر وزار مرقده .الهاشمي صاحب العديد من البرامج الاذاعية والتلفزيونية التي اعتنت بالذائقة الموسيقية يعتبر الناقد الراحل عادل الهاشمي ان الموسيقى والاغنية نتاج للبيئة العراقية , والدليل كما شاهدته انا شخصيا وقرات عنه , كما يقول حسقيل قوجمان , ان اضمحلال الة السنطور والجوزة والجالغي البغدادي في اسرائيل سببه اختلاف البيئة الثقافية واقتلاعها عن جذورها في العراق .

يقول عادل الهاشمي ان اعظم من عبر عن البيئة العراقية هو الموسيقار صالح الكويتي وداود الكويتي حيث وضعا اغلب اغنيات سليمة مراد وصديقة الملاية وزكية جورج , وهما رواد الاغنية العراقية في ثلاثينات القرن الماضي .حيث كانا اول من لحن وفق مقام (البستة في كار )في اغنيات صارت لازمة للروحية العراقية وهي (قلبك صخر جلمود ) والتي لفرط جمالها غنتها السيدة ام كلثوم عند زيارتها الى بغداد عام 1932 .
كما تاثر بالالحان العراقية محمد عبد الوهاب في اغنية ( اجري ياليل )التي سجلها خصيصا لاذاعة لندن .

اشتغل الناقد عادل الهاشمي مدرسا في معهد الدراسات الموسيقية والنغمية وكلية الفنون الجميلة في بغداد وكان عضوا في لجنة فحص الاصوات الغنائية . عمل محررا ومشرفا على الصفحات الفنية في عدد من الصحف والمجلات مثل : جريدة (الثورة ) و (الجمهورية)ومجلة ( الف باء ). اشتهر بعموده الاسبوعي :
( المرفا الموسيقي )في جريدة الجمهورية البغدادية.

راى الهاشمي تردي الاغنية العراقية في مطلع تسعينات القرن الماضي بعد الحصار الاقتصادي على العراق , واصبح الغناء لايخضع للشروط الفنية من لجان لفحص الاصوات والنصوص والالحان واصبح النتاج الفني يمتاز بالركاكة . اطلق الهاشمي تسمية ( اغنية البيئات ) على الاغنية العراقية حيث تحولت اليوم الى الرثاثة.

توفي عادل الهاشمي في 11- 11- 2011 . وكان طالبا خارجيا في معهد الموسيقى العربية في القاهرة .حصل على بكالوريوس لغة عربية من الجامعة المستنصرية في بغداد . ساعده ذلك في امتلاك لغة نقدية عميقة وظفها في التحليل التعبيري .

انتقد عادل الهاشمي بعنف الفنان كاظم الساهر كثيرا حيث وصف صوت الساهر في اشهر لقاء معه اجراه كرم نعمة ب ( الصوت الذي يعاني من الجفاف العاطفي ). ورد عليه كاظم الساهر في لقاء ايضا مع كرم نعمة قائلا (ان محمد عبد الوهاب جعل مني خليفة ناظم الغزالي وعادل الهاشمي لايكتب عني بامانة ).

لقد مات عادل الهاشمي في يوم الجمعة الذي كان يحبه , وفي فندق ام كلثوم ,المصرية التي يعشق صوتها , وفي طابق يعلو عن الارض كثيرا .في مقال له كتب علي جبار عطية قائلا :
( كنت اشعر ان موقفه من كاظم الساهر يضمر فيه معارضة للسلطة وكان الهاشمي يهاجمه ويتهمه بانه بعيد عن البيئة العراقية ).في حوار مع الناقد الموسيقي عادل الهاشمي نشر في ملحق فنون من جريدة (الصباح )بتاريخ 20 – 11 – 2011 بعد وفاته يقول فيه :
(صدام حسين الجبروت والطاغية عند اجتماعه ذات مرة بمجلس الوزراء قال: ان الساهر يعادل (80 )سفيرا . ذكر لي ذلك محمد سعيد الصحاف ).

وجهة نظري النقدية :

سبق ان كتبت في مقالاتي ان التاثير اليوم ليس للمثقف بل للحواسيب والشاشة والصورة والهواتف الذكية ونجوم الفن والرياضة وللمؤسسات الاقتصادية .ان حفل واحد للفنان كاظم الساهر قام بتخفيض اجوره واستلم مبلغ مائة الف يورو عن الحفلة .وهذا المبلغ لايستطيع الشاعر والاديب ان يحصل عليه .

لقد كنت اتابع دوما المقالات النقدية للراحل عادل الهاشمي . كنت ارى في اسلوبه افراطا في النرجسية وحب الذات والانوية والرطانة الارستقراطية في كتاباته ,حيث يستخدم مصطلحات غير فنية للتعبير عن قضية فنية مثل ( البناء المعماري للاغنية العراقية), الا انه كان متعمقا في الذائقة الموسيقية .انتقد الناقد الموسيقي الراحل عبد الوهاب الشيخلي عادل الهاشمي بقوة لهجومه على القيصر كاظم الساهر وكان يكتب في مقالاته بان عادل الهاشمي لايعرف العزف على اية الة موسيقية , ومن لايعرف العزف يجهل قراءة وكتابة النوتة الموسيقية .

يبدو ان هجوم عادل الهاشمي على كاظم الساهر سببه هو الشهرة التي فاقت الحدود المسموح بها للفنان كاظم الساهر من قبل سلطة النظام الحاكم .وخصوصا من قبل عدي صدام حسين .كان الناقد عادل الهاشمي مدعوما من سلطة البعث الحاكم في العراق , لكن بعد ان فاقت شهرته الافاق تم تكليف الناقد عادل الهاشمي لتشويه سمعة الفنان كاظم الساهر .

القيصر كاظم الساهرتجاوز البيئة المحلية الى بيئة العالم العربي والى الكونية

يعيب الناقد عادل الهاشمي على الفنان كاظم الساهر بان الحانه ليست نتاج البيئة العراقية .اقول لكم ان الساهر وبذكاءومرونة عاليتين غنى بعض من اغاني التراث العراقي بعد تعديل بعض نصوصها وايقاعاتها , وغنى قالب المربع البغدادي في اغنية تتبغدد علينا ..من كلمات الشاعر المبدع كريم العراقي وغنى اغاني تراثية عراقية في سهرات روتانا وضمن كل البوم له اغنية تراثية .وغنى الكلمات والالحان الخليجية واغنية لبنانية (يضرب الحب شو بيذل ).وغنى الموشح من شعر امير الشعراء احمد شوقي ,لكنه لم يلحن او يغني على ايقاع الجورجينا العراقي الذي لايجيد عزفه الا ضابط الايقاع العراقي .والسبب ان كاظم الساهر ظهر في زمن العولمة حيث الحواسيب والهواتف الذكية والفضائيات وصور نجوم الرياضة والفن .

لذا كان مشروع الفنان كاظم الساهر مع البيئات الثقافية العربية المختلفة وصولا الى العالمية , حيث غنى عدد من الاغنيات باللغة الانكليزية .لو لم يتبع الساهر هذا الخط في زمن الحصار لماتت اغنياته لقد كان كاظم الساهر اذكى من كثير من المطربين الذين لم يطوروا اساليبهم في التحين والغناء وبقوا محاصرين في قالبهم المحلي ,بينما الساهر عمل امتزاج بين اليئات المختلفة وبكلمات شعرية بيضاءوحقق نجاحا منقطع النظير.

الكثير من العراقيين يسقطون نفسياتهم التي تعاني من ازدواج الشخصية ومن التناشز المعرفي حيث يكون الانسان حداثيا وتقدميا في المظهر وقرويا في جوهره.لقد توقف الزمن عند عادل الهاشمي عند سبعينات القرن الماضي ولم يلاحظ التغييرات البنيوية العميقة في المجتمع العراقي وتردي قيمه نحو التشرذم والعنف وعودة سلطة العشيرة .من ينتقد كاظم الساهر لانه يغني لبيئة غير عراقية يريد ان يقول لكم انه يريد ارجاع الساهر الى الريف والقرية .في عقلهم الباطني هم يكرهون المدينة حتى لو امتلكوا الجنسية الاوربية .

لقد سبق ليسوع ان قال ( لاكرامة لنبي في وطنه ). والمثل الشائع عندنا يقول (مطربة الحي لاتطرب ).
ختاما اتمنى المزيد من النجاح والتالق للقيصر وسفيرنا الفنان كاظم الساهر متنيا ان نشاهد عمله الذي سيخلده وهو ( ملحمة كلكامش ).

الملحق

يوتيوب مقابلة مع الملحن الر احل والكبير طالب القرغولي يقول فيه ان الساهر افضل من عبد الحليم حافظ

https://www.youtube.com/watch?v=uohj0eg6fTY



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن