مناقشة كتاب في جريدة لمجموعة

رائد الحواري
read_111@hotmail.com

2018 / 9 / 3

مناقشة كتاب في جريدة لمجموعة
من الشعراء الفلسطينيين المقيمين في تشيلي
ضمن الجلسة نصف الشهرية التي تعقدها اللجنة الثقافية في دار الفاروق تم مناقشة "كتاب" شعراء فلسطينيون في تشيلي" الصادر عن وزارة الثقافة الفلسطينية، وقد افتتح الجلسة الروائي "محمد عبد الله البيتاوي" قائلا: نحن أماما مجموعة من الشعراء الفلسطينيين الذين يعيشون في تشيلي، ثمانية شعراء: "محفوظ مصيص، سلفادور جينيني، أندلاس سابيلا، أولغا لولاس، فريد نصار، ماتياس رفيدي، فريد متوازي، تيودور السقا" هؤلاء الشعراء الذين يعودون لاصول فلسطينية ويقيمون في تشيلي هم امتداد لشعراء المهجر من بلاد الشام، فهؤلاء يؤكدون على أن ابناء بلاد الشام كافة يبقون مبدعين ومتألقين أينما وجدوا ، ويؤكد عمق انتمائهم ما جاء في قصائدهم من حنين لوطنهم الأم.
ثم فتح باب النقاش فتحدث الشاعر "جميل دويكات" قائلا: المغتربون في المهجرأبقوا الوطن في قلوبهم وفي وجدانهم، لهذا نجدهم يعبرون عن حنينهم لوطنهم الأم في كل ما يقولون، ويبقى الشاعر منهم يتلوا آيات الحنين للوطن، وهذا ليس جديد على الأدباء العرب، فهذا الأمر انطبق على الشعراء العرب في اسبانيا/الأندلس، والشعر المهجري لا يخضع لمستوى واحد من الأبداع، أو الأفكار أو الاسلوب، فهناك تباين عند الشعراء في أكثر من مسألة، وهذا أمر طبيعي، وضروري، وما يحسب لهؤلاء الشعراء الفلسطينيين، أنهم يقدمون ويمثلون فلسطين، قبل أن يمثلوا ويقدموا أنفسهم، فنحن وفلسطين نكبر بهم ومعهم، خاصة أنهم يكتبون بلغة الوطن الجديد، اللغة الاسبانية، وهذا ما يجعل صوت فلسطين يصل إلى الآخرين.
أما الأستاذ "نضال دروزة" فقال: مهجرون جدد يذكروننا بمن هاجروا من بلاد الشام قبلهم وبعدهم، كما هو الحال عند إليا أبو ماضي، وجبران خليل جبران الذين كتبوا بالعربية، وأثبتوا جدارتهم في الساحة الأدبية العربية، وكما أثبتوها في الساحة الأميركية، وما يجعلنا نحترم شعراؤنا في تشيلي، أننا نجد واحدا منهم مثلا يبدل اسمه من "أنطونيو" إلى "محفوظ" كتأكيد على فلسطينيته وعروبته، وهذا كاف لنقول أن الوطن ما زال حاضرا في وجدانهم، أما على صعيد الأسلوب الذي وجدناه عند هؤلاء الشعراء فقد جاء خليطا ما بين السريالية والرمزية والواقعية، مما أعطى لهم مساحة أوسع للتعبير عن وجهات نظرهم, لكن يبدو أن الترجمة افقدتنا الحكم عليهم بشكل موضوعي وكل شاعر منهم على حدة، فالترجمة ـخاصة في الشعر ـ تفقده العديد من المزايا ولا تقدمه كما يجب أن يقدم، ونجد عند "سلفادور جينيني" ميل وحنين للأم بطريقة استثنائية، وهذا ما يجعلنا نقول أن هناك ميل وحنين عند هؤلاء الشعراء للوطن، لفلسطين.
وتحدثت الاستاذة "فاطمة عبد الله" فقالت: هذه المجموعة من الشعراء تحدث فينا دهشة ثقافية، فنحن أمام حالة استثنائية، فالعاطفة التي نجدها عندهم كافية لإقناعنا بأن فلسطين تبقى حاضرة ومؤثرة في الفلسطيني، رغم الغربة المكانية والزمنية، فهؤلاء الشعراء يمثلون الجيل الثالث من المهجرين، بمعنى أن الزمن الفاصل بينهم وبين آبائهم يمتد لأكثر من خمسة وسبعين عاما، ورغم هذا نجد فلسطين فيهم.
ثم تحدث الشاعر "عمار خليل" فقال ان

والأدب هو اللغة العالمية والإنسانية التي لا تنضب ، هنا شعراء عاشوا في مهجرهم ليصبحوا شعراء بطعم جديد . يقول العنوان هنا : شعراء فلسطينيون من تشيلي ، وأنا أقول : شعراء فلسطينيون في تشيلي ، هنا حرف الجر في اعتقادي هو الحبل السري لكل مهاجر الذي بربطه بوطنه . لقد أضاف هذا الكتاب لي معلومات جديدة على ذاكرتي والعتيقة والمتجذرة في تاريخ الأدب الفلسطيني . شعراء فلسطينيون في تشيلي ، هذا العنوان بحد ذاته مفخرة واعتزاز ، فانا مؤمن بالمطلق أن الإنسان العربي يحمل في جذوره العطاء حيثما حل وأقام ، ولكن إذا توفرت له الظروف و العوامل الطبيعية والموضوعية لذلك . الشعراء هنا كثر ، وقد ووحدتهم المشاعر الجياشة ، والإنسانية العذبة ، والظروف الاجتماعية والمعيشية ، والبحث عن الذات ، وتذوقهم العميق للأدب الغربي ودخولهم في أتون الرمزية والحلم و الحنين إلى أرض خلقوا من ترابها . فهذا قناص الشعر التشيلي : محفوظ مصيص : يعتز بعروبته ، ليغير اسمه من انطونيو إلى محفوظ ، فيقول أنا محفوظ مصيص أريج فلسطين في القارة الأمريكية مواطن من العالم الثالث من العين الثالثة لهذا القمر الفارغ أطلق صوتي مثل مهرة إزاء الظلمة الصلدة . ويرثي الشاعر سلفادور جينيني والدته ، فيقول عاطفة بثوب شعر : " رحلت يا أمي كصفير ليلي كحلم خفيف بأجنحة من ورق العصافير هربت فجأة مع زقزقتها وفي روحي انطفأت أنوار سمائك " ويقف الشاعر أندرس سابيلا : على أبواب المناجم و الغبار : فيقول في مرثية لأحذية المناجم : " يوما ما ببطء هربت الأحذية وحيدة وكأن الحنين سيجتذبها " . أما الشاعرة أولغا لولاس : ترسم الأمل ،فتقول : " أجعل صوتي يرن وضربة من الضوء تستحضر حشوداً من صمت الذين سيأتون ليحصدوا الموت وزارعته لوعد يزهو ." أما المتمرد الشاعر فريد نصار ،فهو ينتصر للإنسان وحقه في العيش بكرامة : فيقول : في توقيع له :" ليس شهيداً من يصل إلى حتفه , دون أن يكون قد تعارك في الطريق ". وهنا يدق الشاعر ماتياس رفيدي الجرس ، ليبحث عن ذاته في مهجره : فيقول : " مشاهد عائلية تتجاوز الذاكرة نفس الاسم يزاوج إيماءات قديمة لا اعرف ان كان جدي صاحب الكواكب السيارة أو عابر سبيل جديد ووحيد " . ولشاعر الطبيعة والحنين ، الشاعر فريد متوازي : حيث يقول : " تغني في خضرتك الشفافية للغياب يغني الأطفال والعصافير من بيوتاتك تطل الفراشات من سرخسيات وصبايا ينتظرن .. برج مراقبة للصمت زنزانة قلوب مشاعية . " ويختم الشاعر تيودور السقا ، بأحلام خيالية وفلسفية حين قال : " مر الرجال مرت المراكب ، الجبال كل شيء كان يرتفع أعلى من درجات الموت يتاخم اللاوقت في رقاص الساعة عندي الجيوب مليئة بالأحلام بماسات علي أن أهذبها . " هكذا هي توليفة شعراء عاشوا وامتزجوا في مهجرهم ولكنهم ظلوا من مكونات ترباهم الأصيل .
"
وعلقت الأستاذة فاطمة قائلة إن الشاعر "محفوظ مصيص" نجده يذكر العديد من الحيوانات وبكثافة، وهذا يعبر عن اطلاعه على الملاحم والاساطير التي يستخدمها في شعره، ليخدم القضية الوطنية الفلسطينية، ونجده يحلق في الفضاء مبتعدا عن الأرض، وكأنه يريد التحرر من الأرض، من المكان، ليكون في السماء، وهذا ما يجعلنا نقول أن هناك حالة غير مستقرة عند الشعراء، فهم يعانون من حالة غير سوية. " في حين نجد الواقعية في شعر "سلفادور جينيني" على النقيض من شعر "أولغا لولاس" التي قدمت لنا صورة شعرية من خلال حديثها عن الأم، أما الشاعر "تيودور السقا" فنجده يقترب من الشعر الياباني "الهيكو" وهذا التنوع والتعدد عند الشعراء يشير إلى تعدد الثقافة التي يستقون منها.
وقد حضر الجلسة كلا من الاساتذة "سامي مروح، خلود نزال، رائد الحواري" وقد ابدوا بعض الملاحظات على هامش النقاش لم يكن فيها أي نوع من المعارضة لما قاله المناقشون .
هذا وقد تقرر أن تكون الجلسة القادمة يوم السبت الموافق 15/9/2018، لمناقشة كتاب في جريدة ايضا ،وهو " الشعر العربي في ربع قرن"



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن