ملكيةٌ خاصة

محمد صالح أبو طعيمه
mohdtaima@hotmail.com

2018 / 8 / 29

مُلكيةٌ خاصة
قصةٌ قصيرة
لا أدري ما هو، ولكنه ذاتُ الشعورِ الذي كان ينتابُني عندما كنت صغيرا، إذ كنت أنتقل مع أبي بين المدن الثلاث، حيث كانت دقات قلبِه تزيد ونفسُه يتغيرُ كلما مررنا بمستوطنةٍ لليهود، وهمهمتُه تزيدْ.. كأنها لفهدٍ رابضٍ قُبَيل الهجوم على الفريسة؛ وذلك عند مرورنا (بمخسوم) للجيش، دافعًا إيايَ قليلًا عن صدره ليُخرجَ بطاقةَ الهوية، وكانوا أغلب الأحيان لا يتفحصوها فبمجرد رؤيتهم الغلافَ الأحمر الذي يحوي البطاقة، يقول (بوينا) فهي فقط بمثابة العلامة، طبعًا بعد ساعات من الانتظار.
-دعك من هذا الماضي السيء لا رده الله، أخبرني عن سبب الشعور الذي تتحدث عنه.
-لا لم يعد ماضيًا أبدًا، طالما نحياه كل يوم.
-كيف ذاك؟! خرج اليهود وانتهى الاستيطان هنا.
-خرج اليهود وحلت محلَهُم البهاليل.
ما أجمل النسيم البحري الليلي، الذي كان يغدو ويروح، ونحن جالسون أعلى التلال الصفراءِ البهية، على امتداد الشارع الجديد، لقد كنا محرومين منه زمنًا طويلًا أيام اليهود، المدينةُ تبدو واحةً غنّاء من أعلى هذه التلة، كُل الناس يجيئون إليها، لقد كنتَ تراهم من بعيد كأنهم الغيومُ في اليوم المطير.
-جميلة جدا بلادنا، إن اردت ذهبت لبحرٍ وإن اردت ذهبت لتلال الكثبانِ الذهبية.
-كان ذلك قبل أن يبيعوا رملها ويقسِّموا مساحاتها فيما بينَهُم.
لقد امتلأت بالزوايا والأوتاد التي تشبه خيوط الخريطة بعد سايكس بيكو وسان ريمو، قسّموا وطننا الذي لنا فيما بينهم.
ما عاد لنا نفعٌ فيه، وما عاد لأبنائنا ملكٌ فيه.
هذا الإقطاع الجديد، والاستيطان القديم.
-أتذكرُ تلك الليلةَ ما ألذ نسيمها!
-نعم أذكره، لا تبأس هيا نذهب لذلك المكان فلم يُقسّم بعد.
جهروا بغنائهم في الطريق، وعدوا وركضوا وهرولوا حتى وصلوا، واصطدموا بلافتةٍ كبيرةٍ لما وصلوا. كُتِبَ عليها "ملكية خاصة"
محمد صالح أبو طعيمه



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن