الحزبان الكوردستانيان الديمقراطي والاتحاد والمادة 140 من الدستور العراقي

احمد موكرياني
amukiriani@yahoo.com

2018 / 8 / 24

حكى لي والدي رحمة الله عليه ورضوانه الحكاية التالية:
شاخ رجل وترك إدارة المنزل ومزرعته الى أولاده.
• فبعد ان تولوا الاولاد إدارة ممتلكات العائلة، جاءوا الأولاد يوما الى والدهم وأخبروه بأنه سُرق لهم دجاجة، فطلب منهم والدهم ان يذهبوا للبحث عن الدجاجة، فردوا عليه، لدينا الكثير من الدجاج فلماذا نشقى للبحث عن دجاجة واحدة، فلم يفعلوا.
• وبعد فترة أخرى جاءوا الى والدهم وأخبروه بأنه سُرق لهم فرس، فطلب منهم والدهم ان يذهبوا للبحث عن الدجاجة، ولم يفعلوا.
• وبعد فترة أخرى جاءوا الى والدهم وأخبروه بأنه خُطفت اختهم، فطلب منهم والدهم ان يذهبوا للبحث عن الدجاجة، فردوا عليه هل خَرفت يا ابانا، نقول لك خُطفت اختنا (عرضنا) وان تطلب منا البحث عن الدجاجة، فرد عليهم والدهم " فلوا بحثتم عن الدجاجة ولم تسمحوا بسرقتها واعدتموها الى المزرعة، لما سُرقت الفرس ولا خُطفت اختكم (عرضكم)".

اتخذت من هذه الحكاية مبدأ ان لا اسمح بصغار الأمور ان تمر، وإن كان الامر تافها جدا بنظر الآخرين، دون معالجتي لها بما يناسبها فحاولت ان أطبق الحكمة من رواية والدي رحمة الله عليه ورضوانه في حياتي العملية قدر امكاني وامكانياتي، فسلمت من مطبات كثيرة ومن أخطاء كبيرة.

ان الحكاية أعلاه تنطبق على الحزبين الديمقراطي والاتحاد الكوردستانيين اللذين توليا السلطة في إقليم كوردستان وفقا للدستور العراقي الاتحادي الذي يشمل المادة 140 لاستعادة الأراضي المستقطعة من كوردستان، فمن فرح القيادات الحزبية من الحزبين من كثرة مغانهم المالية والوجاهية (رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية والهيمنة على محافظات الإقليم والسيطرة على المنافذ الحدودية مع تركيا وإيران)، فلم تتأخذ هذه القيادات مواقف جادة ضد تأخير تنفيذ المادة 140 وخاصة بعد تعطيلها من قبل محمود المشهداني رئيس مجلس النواب المقال متعمدا مع سبق الإصرار ومتفاخرا بقراره في تعطيل تنفيذ المادة 140، الى ان أوقفت الحكومة الاتحادية دفع حصة إقليم كوردستان من الموازنة الاتحادية وخفضوا النسبة من حصتها من الميزانية الاتحادية من 17 بالمئة الى 12 بالمئة وأخرها احتلال كركرك (قدس كوردستان) وخانقين الكورديتان، فهل يمكن للقيادة الكوردستانية الحالية استعادة كركوك وخانقين، فلا اعتقد ذلك وان كانا يناديان بإعادتهما إعلاميا، فالحزب الديمقراطي مرتبط اقتصاديا مع اردوغان فلن تجرأ قيادة الحزب الديمقراطي على مخالفة اردوغان ولا يمكن لقيادة حزب الاتحاد وقيادات الأحزاب الأخرى في السليمانية الخروج عن بيت الطاعة لقاسم سليماني الذي امر رئيس دولة العراق السابق وامين العام السابق لحزب الاتحاد الوطني جلال الطالباني رحمة الله عليه بعدم المصادقة على طلب مجلس النواب لإزاحة نوري المالكي من رئاسة الحكومة وفقا لاعتراف السيد الطالباني بنفسه.
والغريب ان قيادة إقليم كوردستان كافأت محمود المشهداني على موقفه العدائي لكوردستان بمنحه مسكنا في كوردستان ووفرت له كل ما يحتاجه ويمتاز به كقائد سياسي.

ان الحكاية أعلاه ليست محصورة كمثال لبيان فشل قيادات الحزبين الكوردستانيين في إدارة الإقليم واستعادة الأراضي المستقطعة من كوردستان، فهي تنطبق على سنة العراق ايضاً، فقد فشلت القيادات السنية في العراق بالوقوف بوجه التسلط الإيراني في حكم العراق بعد ان حصلوا على المغانم والوجاهة: رئاسة البرلمان ومنصب نائب رئيس الجمهورية ومكاسب مالية وشاركوا في عملية الفساد ونهب موارد العراق، فبدل من مواجهة إيران رأينا الاخوان النجيفي حاولا إثارة سكان محافظة نينوى ضد الكورد لكسب الانتخابات ولم يستطيعا حماية مدينة موصل من بضع مئات من داعش، والأنباريون يستقبلون قائد مليشيات بدر هادي العامري الذي يعمل تحت إمرة قاسم سليماني بالمئات الذبائح طمعا لكسب دعمه عند قاسم سليماني للفوز في الانتخابات والمناصب.

السؤال. هل الحكومة القادمة ومن نفس العينات التي تولت الحكم منذ 2003 وتحت اية توصيفات كانت تستطيع:
• ان تعوض الشعب العراقي عن الأرواح البريئة التي اغتيلت وخطفت وقتلت من قبل المليشيات والقوى المسلحة، بكل مسمياتها، وتبعاتها.
• ان تعيد بناء الوطن والمواطن.
• ان تحاكم الفاسدين وفي مقدمتهم رؤساء الحكومات والمحافظين والوزراء وإعادة الأموال المسروقة والمهدورة من قبل القيادات الاحزاب وازلامهم وإعادة الممتلكات العامة والخاصة التي استولت عليها القيادات الحزبية واحزابها الى الدولة والى اصحابها.
• إعادة جري المياه الى الدجلة والفرات.

كلمة أخيرة:
• ان اعلان عن أمر سحب مليشيات الحشد الشعبي من المحافظات المحررة ومن داخل المدن من قبل أبو مهدي المهندس وليس من قبل القائد العام للقوات المسلحة (حيدر العبادي) ولا من قبل رئيس هيئة الحشد الشعبي (فالح الفياض) يُفسر الأمر بتكتيك لجمع وحشد المليشيات الحشد الشعبي لتتمركز في محافظتي بغداد والنجف لمواجهة اية محاولة لنزع سلاحها إذا نجح تحالف سائرون والنصر (التكتل العراقي) في تكوين التكتل الأكبر، فانتبه فريق اركان العسكري في مكتب العبادي لهذا التكتيك فألغى المكتب أمر أبو مهدي المهندس.
• لا يمكن إعادة الماضي ولكن يمكن رسم وبناء مستقبل العراق بعدم السماح للرموز العمالة والفساد بتولي السلطة لولاية أخرى، فأن نجحت الزمرة العميلة والفاسدة بتولي السلطة لفترة أخرى فالعيب في الشعب العراقي وليس فيهم، فلا تكفي المظاهرات والاعتصامات في بعض المحافظات دون غيرها، بل لابد ان تكون صيحة واحدة في وجه العمالة والفساد في كل ركن من شوارع العراق، فما أصاب الشعب العراقي خلال سنوات التخلف والعجاف منذ 2003 قد يحي الموتى من هولها لينادوا "بأي ذنب قُتلنا".
• أخشى ما اخشاه ان ينتقل الحكم من معتمري العمائم الى المعكلين اي الى شيوخ العشائر بعد ان استبدلت أمريكا لابسي الزيتوني (لباس البعثي الصدامي) بمعتمري العمائم.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن