هايتي : أيام خمسة من التمرّد الملهم ضد ارتفاع الأسعار الذى فرضته الإمبرياليّة ... و الحاجة الملحّة للثورة

شادى الشماوي
sonson2121@gmail.com

2018 / 8 / 3

هايتي : أيام خمسة من التمرّد الملهم ضد ارتفاع الأسعار الذى فرضته الإمبرياليّة ... و الحاجة الملحّة للثورة
جريدة " الثورة " عدد 554 ، 30 جويلية 2018
http://revcom.us/a/554/haiti-inspiring-rebellion-against-imperialist-imposed-price-hikes-en.html
Revolution Newspaper | revcom.us

في بدايات شهر جويلية ، زلزلت أيّام خمسة من التمرّد هايتي – أعتى تمرّد منذ عقود – ضد الكمّاشة الخانقة و القاتلة للإمبرياليّة الداعمة لحكومة هايتي الفاسدة و العميلة للإمبريالية ؛ و قد جعلا حياة الغالبيّة العظمى من العشر ملايين في هايتى غير محتملة .
لقد كان قادح التمرّد قرار حكومة الرئيس جوناتال موبيس وضع إملاءات صندوق النقد الدولي موضع تنفيذ بسحب دعم الحكومة لأسعار الوقود ما كان سيرفع دراماتيكيّا أسعار هذه السلعة . ( صندوق النقد الدولي مؤسّسة ماليّة / سياسيّة تهيمن عليها الولايات المتحدة وهي تنهض بدور مفتاح في" إدارة " إقتصاديّات البلدان الفقيرة خدمة للقوى الإمبريالية العظمى ). و قد هدّد صندوق النقد الدولي بإقتطاع 96 مليون دولار من القروض و المنح الموعودة إذا لم يتمّ سحب دعم الحكومة لتلك المادة . و عندما إرتفعت أسعار الغاز و الديزال و الكيروزان بخمسين بالمائة ، إرتفعت أسعار الغاز فصار الغالون ب4.75 دولار ، و في الوقت نفسه رفعت الحكومة من تكلفة النقل العمومي بنسبة مشابهة .
و قد كان شعب هايتي بعدُ في وضع بائس نتيجة أكثر من 500 سنة من النهب و الإستغلال و التدخّل و الغزو المستمرّين على يد القوى الأوروبيّة ، و خلال المائة سنة الماضية ، ، على يد الولايات المتّحدة . في هايتي ، الأجر الأدنى يساوى 5 دولارات في اليوم – أو سعر غالون غاز – و الغالبيّة تعيش ب 3 دولارات في اليوم أو أقلّ من ذلك . و نسبة البطالة الرسميّة في هايتي تبلغ 14 بالمائة ، و بطالة الشباب تبلغ على الأقلّ 36 بالمائة . و يشكو الملايين الجوع و سوء التغذية و هم يقاتلون الآن لأجل البقاء على قيد الحياة . و في هذا الإطار مثّل ارتفاع أسعار الوقود النكتة التي أفاضت الكأس . و بتبجّ؛ حاولت الحكومة تجاوزالأمر بإصدار الأمر يوم الجمعة 6 جويلية و كان حينها فريق البرازيل لكرة القدم يخوض مباراة في إطار مسابقة كأس العالم لكرة القدم –و إشترت الحكومة 3 آلاف شاشة كبرى بثمن ملايين الدولارات ) و أنشأت مراكز مشاهدة يحدوها أمل أن يلهى ذلك الشعب .
و لم تفلح الحكومة في مسعاها ذلك أنّ مراكز مشاهدة المباريات أضحت مواقع غضب في غليان ونزل الآلاف إلى الشوارع في الحياء القريبة من العاصمة و في المدن و الضواحى و القى عبر هايتي . في بتيون فيل و جريمي و بتى –غوان و كاب يسيان و جكمال و غونايفاس و في سهل أرتبو نيت الفلاحي ، أقيمن متاريس مشتعلة على الطرقات مغلقة الطرقات المؤدّية إلى المطارات و الأحياء الراقية . و تعرّضت رموز الثراء و السلطة إلى الهجوم – النزل الفخمة و وكالات بيع السيّارات و مكاتب الأداءات – بينما لم تتعرّض التجارة الصغيرة إلى أيّ أذى . في غونايفاس و في منطقة كارور الزاخرة بالطبقةالعاملة الضخمة بالعاصمة ، جرى حرق مركزي شرطة حرقا تاما . و كان العديد من المحتجّين مسلّحين بنوع من المديات [ ماتشتاس] ؛ و في بعض المدن ، إستُمع إلى إطلاق النار .
و مع إنفجار بركان الغضب هذا ، سعت الحكومة إلى التراجع معلنة إلغاء القرار – تراجع مؤقّت في نسب ارتفاع الأسعار فقط بعد 14 ساعة من إعلانها . و لم يأت ذلك بأكله كما أرادت الحكومة فالمظاهرات تواصلت يوم السبت و باتت تنادى برحيل الحكومة . وألغت الخطوط الجوّية للولايات المتّحدة كافة رحلاتها نحو هايتي و أصدرت سفارة الولايات المتحدة للموظّفين " غير ألساسيين " أمر مغادرة هايتي و حرّكت الحكومة الرجعيّة لجمهوريّة الدومينيك المجاورة لهايتى – و التي تقطن بها نسبة عالية من الهايتيين و من الهايتيين – الدومينيكيين الذين مضوا إلى هناك لقطع القصب السكّري – حرّكت 5000 جندي من فرقها العسكريّة بإتّجاه الحدود خشية إنتشار العدوى .
يوم الأحد ، نادت النقابات و المنظّمات الشعبيّة بإضراب عام و يوما الإثنين و الثلاثاء أغلقت المحلاّت بالعاصمة و بالكثير من مدن البلاد الباقية . و فقط يوم الأربعاء – عقب أيّام خمسة من التمرّد – تراجعت افحتجاجات في حين ظلّ التوتّر و الغضب على أشدّهما . و يوم السبت 14 جويلية ، إضطرّ الوزير الأوّل غى لانتون إلى الإستقالة في مسعى لمص زللال الأزمة و لإنقاذ حكومة موريس ككلّ . و مع ذلك ، وهو أمر مذهل ، يواصل صندوق النقد الدولي إلحاحه على الحكومة بالمضيّ قدما في رفع الأسعار غير انّه عليها فعل ذلك بطرق تدريجيّة أكثر ، و مزج ذلك بقسائم نقل للفقراء على أمل الحيلولة دون مزيد التمرّد .
و نظرا لتاريخ هايتي في المقاومة و التمرّد ، من المحتمل أن تصبح كبرميل بارود و لقربها من سواحل الولايات المتّحدة، سعت هذه الأخيرة بالتنسيق مع المؤسسات الدوليّة كصندوق النقد الدولي ، إلى ضمان قدر من الاستقرار في هايتي في إطار عام من التبعيّة للولايات المتحدة و الإمبريالية . و أحيانا عني ذلك غزوات عسكريّة و دعما لدكتاتوريّات وحشيّة و أحيانا أخرى ، تقديم قروض و تنازلات إستعجاليّة . و هذه المصالح و الحاجيات الجغرافيّة الإستراتيجيّة الكبرى تؤثر عامة في ردّ فعلها عامة تجاه ما يجرى في هايتي .
" نموذج " صندوق النقد الدولي للنموّ
بنظر صندوق النقد الدولي ، يجب على هايتي أن تنفّذ رفع الأسعار لتبيّن أنّها " شريك يعوّل عليه " لرأس المال العالمي ، " مسؤول عن الجباية " و ينوى و له قدر على المعالجة السليمة وتوفير الدفعات عن القروض والإستثمارات التي تبقيه طافحا على السطح .
إلاّ أنّ صندوق النقد الدولي هو الذى لعب دور المسيطر لعقود في تشكيل إقتصاد هايتي المرتهن تماما لرأس المال العالمي وهو مدمن على القروض كي تتمكّن الحكومة و يتمكّن الاقتصاد من تسيير أمورهما . ( الكوارث الطبيعيّة الكبرى كزلزال 2010 و إعصارات 2016 و 2017 ، ساهمت هي الأخرى في هذا ).
في سبعينات القرن العشرين ، على فقرها ، كانت هايتي تنتج 80 بالمائة من غذائها الخاص و كانت مزارع مختصّة في المواد الغذائية الأساسيّة كالأرز و الذرة و الحنطة . و كان هذا الإكتفاء الذاتي ممكنا بفضل الضرائب العالية المفروضة على المواد الغذائيّة المورّدة إذ كانت الديوانة تضع رسوما و تعريفات جمركية تحمى من المنافسة الأجنبيّة . بيد أنّه في 199 ، في ظلّ الضغط الهائل ، طبّقت هايتي " برنامج الإصلاح الهيكلي " المملى من قل صندوق النقد الدولي الذى ألغى التعريفات الجمركيّة . و في الوقت ذاته ، أغرقت الولايات المتحدة أسواق هايتي بالأرز المزروع في الولايات المتحدة و الذى أمكن بيعه بأسعار أرخص من أرز هايتي لأنّه منتوج مدعوم من حكومة الولايات المتحدة .
و جاء التبرير بأنّ " السوق العالميّة ستوفّر أرزا بخس الثمن لشعب هايتي "، و كان هذا صحيحا على المدى القصير . لكن النتيجة العامة كانت تدمير إقتصاد هايتي الفلاحي الذى كان حينها يشغّل معظم سكّان البلاد . و لم يستطع ارز هايتي أن ينافس المواد المستوردة الرخيصة الثمن فأفلس عدد كبير من الفلاحين و فقدوا أراضيهم و نزحوا إلى المدن باحثين عن شغل . و إرتفعت مسبة البطالة و تعمّق الفقر و هايتي اليوم تورّد 80 بالمائة من غذائها ما يعنى أنّه عليها أن توفّر عملة صعبة أجنبيّة لأجل أن يحصل شعبها على الغذاء .
كانت أمواج النازحين من الفلاحين إلى المدن وقودا ل " حلّ " آخر لصندوق النقد الدولي / الولايات المتحدة – إقامة مصانع ملابس و مصانع أخرى كانت فروعا لشركات كبرى و كانت تتغذّى من سلسلة الإنتاج العالمية . و ما جنته هايتي من مثل هذا الإستثمار هو الفقر و اليأس لعمّالها الذين كانوا يشتغلون كالعبيد مقابل بضعة دولارات في اليوم بهاعليهم أن يعيلوا ليس أنفسهم فحسب بل أقرباء لهم آخرين في حالة بطالة . لكن لعقود عارضت الولايات المتحدة أي رفع في الأجر الأدنى مهما كان محاججة بأنّه إن دُفع أجر أعلى للعمّال ، مثلا ستّة دولارات في اليوم ، سيغلق أصحاب المصانع مصانعهم و يهرعون إلى أماكن أخرى . لذا بينما من جهة ، تنتج هذه المصانع سلعا لتباع خارج البلاد ليستفيد أصحابها ، أهمّ ما " ينتجونه " لهايتى هو ... المزيد من الفقر !
و مع ذك بالنسبة إلى الإمبرياليين و لصندوق النقد الدولي ، الطريق إلى الأمام يتمثّل في المزيد من الإستثمارات الأجنبيّة في الصناعة و في الفلاحة و في السياحة .
لكن لكي تنمو هايتي على هذا النحو ، أن " تستضيف " الإستثمار و " الإستثمار الجيّد " ، عليهاالقيام بجملة من الأشياء – عليها بناء موانى و طرقات كما عليها بناء الأحياء المفاتيح و المحافظات التجاريّة لتوفير وسائل راحة " العالم الأوّل " للأجانب و لنخب هايتي الذين يديرون كلّ هذا ، و عليها أيضا توفير كهرباء و ماء يمكن التعويل عليهما فيما يجب الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي و السياسي .
و بدورها تتطلّب هذه الأشياء قدرا كبيرا من إستثمار رأس المال الذى يتعيّن تغطيته بواسطة القروض – قروض لتشييد بنية تحتيّة و قروض للحاظ على الشرطة و الجيش و قمهما للشعب ؛ قروض لدفع أجر العاملين بالمعاهد و الخدمات الإجماعية الأخرى للتدريب و الصيانة و تأمين سلم قوّة العمل . و للحصول على هذه القروض ، ينبغي على الحكومة أن تثبت للذين يقدّمونهم لها – البنوك العالميّة و المستثمرون و الحكومات الإمبرياليذة و المنظّمات " المانحة " على غرار البنك العالمي ، أنّها ستقوم بكلّ ما يقتضيه الأمر مهما كان لخلاص الديون ، لا يهمّ مدى العذاب الذى يمكن أن يسفر عنه ذلك ، و أنّها قادرة على " معالجة " ردّة الفعل السياسيّة .
ويعود بنا هذا إلى ارتفاع أسعار الوقود فصندوق النقد الدولي خنق سكّان هايتي لأجل تحسين الاستقرار المالى للحكومة كيما تمكّن من الحصول على المزيد من القروض و تراكم المزيد من الديون و مزيد خنق الشعب .و مثلما وضع ذلك وزير ماليّة هيتى عقب إندلاع التمرّد ن " من العسير عليك أن تسأل شركاءك العالميين أن يقدّموا لك مساعدة او دعما للميزانيّة و في الوقت نفسه لا تمسك بعائداتك ".
نموذج آخر
لا مخرج من هذا في ظلّ الرأسماليّة و الإمبرياليّة . ومثلما وضع ذلك فليب ألستون ، موظّف في ألمم المتّحدة متعاطف نوعا ما مع عذاب الجماهير المفقّرة : " ما ليس خيارا حقيقيّا بالنسبة إلى بلد ضعيف نسبيّا هو قول " ليذهب صندوق النقد الدولي على الجحيم ". فهذا الصندوق يظلّ اللاعب الوحيد و الأقوى في جميع هذه المفاوضات . إنّه يرسل الإشارات إلى كافة الآخرين في المجتمع الدولي " بكلمات أخرى ، إن لم يلبّى بلد مضطهَد مطالب صندوق النقد الدولي ، لن يحصل على قروض و منح و إستثمارات ... و لا سبيل لأن يسير الاقتصاد الرأسمالي . لهذا الثورة – و على وجه الخصوص الثورة بقيادة شيوعية ( تعنى في عالم اليوم الثورة المعتمدة على الخلاصة الجديدة للشيوعيّة التي طوّرها بوب أفاكيان ). إنّها الطريق الوحيد للخروج من الجحيم الذى خلقه الإمبرياليّون في هايتي محدثين قطيعة مع عراقيل الإمبريالية لهايتى و فاتحين أمامها إمكانيّة إنشاء مجتمع مختلف راديكاليّا و نظاما يهدف إلى إيجاد عالم خالى من كلّ إستغلال و إضطهاد و من كلّ الفظائع الأخرى التي لا حاجة إليها والتي يتسبّب فيها النظام الرأسمالي – الإمبريالي .
في 2011 ، أصدر بوب أفاكيان بيانا بشأن الإنتفاضة الجماهيريّة في مصر[ بيان متوفّر بالعربيّة ترجمة شادي الشماوي ، ضمن كتاب " نصوص عن الإنتفاضات في بلدان عربية من منظور الخلاصة الجديدة للشيوعية " ، بمكتبة الحوار المتمدّن ] التي أطاحت بدكتاتوريّة مبارك البغيض هناك. و في هذا البيان ، عبّر أفاكيان عن " المساندة و التشجيع الصريحين من أعماق القلب للملايين المنتفضة " و عرض إستنتاجات من التجربة التاريخيّة الحيويّة للثورة الروسيّة – أوّل ثورة شيوعيّة جدّت سنة 1917 و أرست سلطة تحريريّة دامت لما يناهز الأربعة عقود . و أشار إلى ما مثّل الجديد و التاريخي – العالمي في تلك الثورة :
"الإختلاف الحيوي يكمن فى أنّه كان للإنتفاضات فى روسيا لبّ قيادة ، قيادة شيوعية، كانت تملك فهما واضحا وراسخا علميّا لطبيعة ليس فحسب هذا أو ذاك من الطغاة الوحشيين بل لطبيعة النظام الإضطهادي برمّته و للحاجة لمواصلة النضال الثوري لا من أجل الإطاحة بحاكم معيّن فقط و إنّما للقضاء على النظام بأسره و إستبداله بنظام يجسّد و يكرّس حقّا الحرّية و مصالح الشعب الأكثر جوهرية ، فى سياق سعيه للقضاء على كافة أشكال الإضطهاد و الإستغلال ."
كما أشار إلى أنّه بالرغم من الإنقلاب عليها في النهاية و كون روسيا اليوم قوّة رأسماليّة و إمبرياليّة ، هناك درس حيويّ لا يزال صالحا :
" عندما تكسر ملايين الجماهير الشعبية فى الأخير القيود التي حالت دون تمرّدها ضد مضطهِدِيها و مصادر عذابها، عندئذ ترتهن نتيجة أن يؤدّى أو لا يؤّدى نضالها و تضحياتها فعلا إلى تغيير جوهري ، و أن تمضي أم لا نحو القضاء على كافة أشكال الإستغلال و الإضطهاد ، ترتهن بوجود أو عدم وجود قيادة ، قيادة شيوعية تمتلك الفهم العلمي الضروري و على ذلك الأساس تستطيع أن تطوّر المقاربة الإستراتيجية و التأثير المطلوبين و أن تنظّم العلاقات ضمن الأعداد المتزايدة من الجماهير الشعبية المنتفضة من أجل قيادة الإنتفاضة الشعبية عبر المنعرجات و الإلتواءات، بإتجاه هدف التغيير الثوري الحقيقي للمجتمع بما يتوافق مع المصالح الجوهرية للشعب ."
و إعتبارا لما سلف ، شدّد بوب أفاكيان على أنّه :
" عندما تقطع الجماهير الشعبية مع " رتابة العادة " و تكسر القيود الشديدة التي كانت تكبّلها ، قيود العلاقات الإضطهادية التي ترزح تحت نيرها عادة ، عندما تحطّم ذلك و تنتفض بالملايين ، تكون تلك اللحظة الحيوية للتنظيم الشيوعي لمزيد تطوير علاقاته مع هذه الجماهير ، و تعزيز صفوفه و قدره على القيادة. و فى حال عدم وجود تنظيم شيوعي من هذا القبيل ، أو وجوده فقط كمجموعات متناثرة معزولة، تكون تلك اللحظة حيوية لإنشاء تنظيم شيوعي و تطويره ليأخذ على عاتقه مواجهة تحدّى دراسة النظرية الشيوعية و تطبيقها بطريقة خلاّقة ، فى خضمّ الوضع المتفجّر ، و النضال بإستمرار لتطوير علاقته بالأعداد المتزايدة من الجماهير المنتفضة و التأثير فيها و فى النهاية قيادتها نحو الثورة التي تمثّل مصالحها الجوهرية و الأسمى ، الثورة الشيوعية ."
و مضى ليقول بشكل حاسم :
" فى كتاباتى و خطاباتى المنشورة ضمن " الشيوعية : بداية مرحلة جديدة " و " بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " و فى وثائق أساسية أخرى لحزبنا ، سعينا جهدنا إلى أن نرسم بأعمق و أشمل ما أمكن الدروس الحيوية المستخلصة من التجربة التاريخية للثورة الشيوعية و البلدان الإشتراكية التي قامت بفضلها و المكاسب الحقيقية و العظيمة فعلا ، و الأخطاء و الإنتكاسات الجدّية والتعلّم من أوسع تجارب المجتمع الإنساني و تطوّره التاريخي، من أجل المساهمة بأقصى جهدنا فى التقدّم بالنضال الثوري و تحرير المضطهَدين عبر العالم . و مثلما يؤكّد القانون الأساسي لحزبنا :
" أخذ الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية على عاتقه مسؤولية قيادة الثورة فى الولايات المتحدة، قلب الوحش الإمبريالي ، مساهمة رئيسية منه فى الثورة العالمية و هدفها النهائي ، الشيوعية..."
" تحرير الإنسانية قاطبة : هذا و لا شيء أقلّ منه هو هدفنا . و ما من قضيّة أعظم أو هدف أسمى من هذا له نكرّس حياتنا. "

كان تمرّد جويلية بهايتى تمرّدا جسورا و مصمّما و قد حقّق إنتصارا له دلالته إلاّ أنّ أهمّيته الأعظم هي أنّه بيّن كلاّ من إمكانيّة و ضرورة أن تظهر قوّة ثوريّة شديدة البأس و في النهاية تغيّر هايتي ... إذا و متى تظهر القيادة الشيوعّة الضروريّة لترسم السيرورة الثوريّة و تقودها . إنّ تشكيل القيادة هو أكثر المهام جوهريّة للذين يتطلّعون إلى و يحلمون بوضع نهاية للإضطهاد السالب لحياة شعب هايتي و الشعوب عبر العالم .
" الإمبريالية تعنى إحتكارات و مؤسسات ماليّة ضخمة تتحكّم فى الإقتصادات و الأنظمة السياسية – و حياة الناس – و ليس فى بلد فقط بل عبر العالم قاطبة . الإمبريالية تعنى إضطهاد المستغِلّين الطفيليين لمئات الملايين من الناس و إجبارهم على العيش فى بؤس لا يوصف. و يمكن أن يتسبّب أصحاب رأس المال المالي فى جوع الملايين فقط بالضغط على زرّ حاسوب و بالتالي تحويل كمّيات هائلة من الثروة من مكان إلى آخر. و الإمبريالية تعنى الحرب – الحرب لإخضاع مقاومة المضطهَدين و تمرّدهم و الحرب بين الدول الإمبريالية المتنافسة – إنّها تعنى قدرة قادة هذه الدول على أن يملوا على الإنسانيّة دمارا لا يصدّق و ربّما دمارا شاملا ، بالضغط على زرّ .
الإمبريالية هي الرأسمالية فى مرحلة حيث تناقضاتها الأساسيّة قد بلغت مستويات تفجّر هائلة . لكن الإمبريالية تعنى أيضا أنّه ستوجد ثورة – نهوض المضطَهَدين للإطاحة بالمستغِلين و الجلاّدين – و أنّ هذه الثورة ستكون صراعا عالميّا لكنس الوحش العالمي ، الإمبريالية . "
( " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " 1:6 – و هذا الكتاب متوفّر بمكتبة الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي ).



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن