العاطفة والزخم الشعوري في القصيدة السردية التعبيرية

كريم عبدالله
psykareem@yahoo.com

2018 / 7 / 26

السرد لا بقصد السرد ، السرد الممانع للسرد ، السرد لا بقصد الحكاية و القصّ ، السرد بقصد الايحاء و الرمز و نقل الاحساس و العاطفة . اللغة التعبيرية هي التحدّث بألم عميق ، عن العاطفة ، عن الواقع المرير ، أنّه الكفّ عن التغنّي بالخارج و وصفه و محاكاته ، أنّها الإبحار الى أعماق الشعور و إعلان الجوهر النقي للشعور و الرؤية الصادقة . نورد هذه المقدمة لكي لا يتوهّم البعض ويفهم انّ ما نقصده بالسرد الحكاية والقص , وكذلك التعبيرية لكي لا يتوهّم ايضا بانها تعني التعبير والانشاء , فالتعبيرية مأخوذة من المدرسة التعبيرية .
العاطفة من العناصر المهمة في الشعر السردي التعبيري , فالشاعر يجب ان يمتلك عاطفة تتفجر من خلالها صورا شعرية تثير المتلقي وتكشف عن مكنونات القصيدة حتى يستطيع كشف جميع الاشياء ومدى تأثره بها وتأثيرها على الاخرين . ويجب ان تكون عاطفته صادقة نابعة من اعماق وجدانه حتى تكون اشعاره خالدة وباقية , وان صدقها ( العاطفة ) هو سرّ خلود الشعر وتناقله عبر الازمان , فالشعر الخالد هو الذي يحمل ويحكي عن احاسيس ومشاعر وعواطف صاحبه ويثير عواطف المتلقي ويجعله يتفاعل ايجابيا معه . والشاعر المبدع هو الذي يستطيع اثارة عواطفنا واعجابنا حينما تكون عواطفه داخل النصّ صحيحة وقويّة ومستمرة وخصبة وان تكون خالية من المبالغة وان تصدر من قلب مفعم بالعاطفة الجيّاشة والمرهفة لتدخل الى قلب المتلقي كالينبوع العذب حين يغمر الارض بعد طول جفاف وتصحّر . كلما كانت العاطفة قويّة كلما حرّكت الاحاسيس والمشاعر , وهي تعتمد على طبيعة الشاعر وقوة مشاعره التي من خلالها نتذوق الشعر ونتفاعل معه , وكلما ضعفت عاطفته جاءنا النصّ باهتا لا يثير عواطفنا . والعواطف تتنوع وتتنوع قوتها فمنها ما يستلهم المشاعر الطبيعية والحقائق وبعضها يكون مصدر قوته الحواس الظاهرية وبعضها قوة الشخصية وغيرها . كثيرا ما نجد في النصوص فكرة رائعة لكنها تفتقد الى العاطفة الحقيقية والقوية , البعض يستطيع ان يكتب ويؤدي افكاره واضحة دقيقة بسبب حسن تفكيره وسلامة لغته , لكنه لا يستطيع تصوير عاطفته القوية داخل النصّ لضعف اللغة لديه وسوء في فن التعبير , فتكون هذه النصوص ناقصة الجمال والروعة والدهشة . يجب ان تكون العاطفة مستمرة داخل النصّ وثابتة اي انها لا تخدع المتلقي , فيحسّ بانها مشتعلة ثم سرعان ما تخمد وتتلاشى ويضيع أثرها وتأثيرها . يجب ان تبقى العاطفة مستمرة في نفس الشاعر مادام يعيش اجواء النصّ كي يبثّ عواطفه الصادقة ومشاعرة من خلال المفردات والالفاظ فنجدها مشحونة بالانفعالات , وكلما كانت المشاعر صادقة وعذبة وبدون تفخيم و خصبة ومتنوعة تمكنت من اثارة العواطف والمشاعر لدى المتلقي كانت أقدر على انجاز مهمتها ولامست شغاف الروح وتأخذنا الى فضاءات اخرى , وكلما توالت العواطف والمشاعر في زخم قويّ ومنوّع ستشعل فينا جذوة تستعر لا تنطفىء بسهولة , اما اذا جاءت تتراوح ما بين القوة والضعف فان هذه الجذوة ستنطفىء وتذبل شرارتها وتموت القصيدة . ومن الضروري ان يتميّز الشاعر بقاموس مفرداته الحسيّة والشعورية وان تظل تتدفق حيوية حميمية مشرقة من البداية الى نهاية النصّ .


محاولة أستيقاظ / سهام الدغاري_ليبيا

بالكاد أتنفس من قنينة الصباح،حشرجة في حنجرة البوح تزعجني،أرقب السماء عبر نافذة الأنتظار،أداعب خيوط الشمس في خُصلي،أتحسس ثغري الفاتن ف لاأجده ،أقد كبد الشفاه بعضة،تفر أبتسامة شقية،أعصر من لوعتي خمرآ،أحتسيه،علني أنسى مرارة وحدتي،أرتدي رداء الحرف،أهز جذع القلم ليستفيق،فيتساقط دمآ،أخالف القواعد،أقلب وجه الإعراب،أخط ثرثرات لم يأتي بها بيان،كيف للشعور أن يشيخ،أن يتساقط ك جدار متهالك على صفحات العمر .

انها محاولة ذكية في استيقاظ مشاعرنا وبثّها في النفس منذ مطلع القصيدة حتى اخر مفردة فيها , انها عواطف مستعرة في نفس الشاعرة حاولت من خلال مفرداتها القاموسية ان تجعلنا نعيش ونتفاعل معها وتنقل الينا عواطفها ومشاعرها . / حشرجة في حنجرة البوح تزعجني أعصر من لوعتي خمرآ،أحتسيه علني أنسى مرارة وحدتي . في ازياح لغوي جميل تصور لنا الشاعرة هنا انزعاجها وحزنها والالامها النفسية تدعونا للتفاعل معها وتبعث فينا شعورا لذيذا ونحن نسترسل معها . / أهز جذع القلم ليستفيق،فيتساقط دمآ كيف للشعور أن يشيخ،أن يتساقط ك جدار متهالك على صفحات العمر يتساقط ك جدار متهالك على صفحات العمر . ان ما تكابده الشاعرة وتعانيه عبّرة عنه باللغة وأثارة فينا تعاطفا وجمالا وتأملا عضّده خيالها الخصب .



سكب من ياشواظ الشمس / بقلم: أيوب عمرو قاسم


ببصيرة قلبه الحاني أصاخ لشدوها الحزين، شهر سيف الوجد في وجه المستحيل، ولملم باقات أحلامها العطرة. أرسل غمامات أيامه المحملة بتباشير الغيث تهزها عواصف الشوق المخبئ، بين قلبه وكبرياءها رجفة موجعة، حرفه العاشق سبته قصيدة (إراتو)*ربة شعر الحب والغزل فارتضى التبثل في محرابها، يرتجي إقتراباً يصير بلسماً يلامس جراح روح عاشقة متمردة، ويفك شفرتها العصيه ليسكب فيها رحيق ذاته عسى يبريها، يكابد ليذيب فواصل الأنا، ونقاط الأنت يلغيها، ولكن كل يكابر وكل يحترق في أتون قصيدة مثقلة بالجراح، صماء..يناديها: إقتربي: هيا لننثر اللافندر وكل ورود الربيع ليزهر الحب وتمحي تضاريس العمر فينهض النيروز بهي الخطى فينا، هيا لنبحر وترسو على ضفاف حرفه اشرعة الحلم مترعة الصبا، ولنطأ بأقدام الرجاء برزخ الوصل، لنبدء معا ومن غير وجل كتابة سطر القصيدة، ولكن لماذا نكابر وكل ينتظر الأخر وضع قدميه على الناصية الملتهبة،
ايتها الأنثى من تراب القمر اما تدرين أن عنفوان رجولته من شواظ الشمس قدت، ينتظر أنثى خرافية العشق لينسكب في لجتها كنور اسطوري، ويدون في سفر التكوين قصيدته العصماء، ترتجف لها (إراتو) رجفة تنفتح أمام عينيها باقي القصيدة ويزهر البوح المخبئ.. فتستقر .

نجد هنا زخم شعوري قوي يكاد لا يخلو مقطع من مقاطع القصيدة الا واستخدم فيه الشاعر مفردة توحي بالعاطفة والمشاعر العنيفة , ابتدأت القصيدة (ببصيرة قلبه الحاني أصاخ لشدوها الحزين ..) موحيا الينا بمعاناته والامه وحزنه المنبعث من اعماق قلبه الموجوع , وفي مقطع اخر ..( بتباشير الغيث تهزها عواصف الشوق المخبئ، بين قلبه وكبرياءها رجفة موجعة ..) يحرّك مشاعرنا بلغة سردية تعبيرية جميلة ومشاعر صادقة يأخذنا الى عالمه الخاص بهدف ان نعيش داخل القصيدة نتحسس اوجاعه من خلال اختياره للمفردة وشدّتها وزخمها العاطفي , (يحترق في أتون قصيدة مثقلة بالجراح ..) الالم العميق والواقع المرير والابحار في اعماق الشعور ما يميّز لغة الشاعر السردي التعبيري وكأن مقاطع القصيدة هذه مشاهد سينمائية مثيرة للوجدان وتدعو للتفاعل معها والسفر في خيالها وانزياحاتها الممتعة , (ينتظر أنثى خرافية العشق لينسكب في لجتها كنور اسطوري، ويدون في سفر التكوين قصيدته العصماء ..) الانتظار والرجاء بحضور الذات الاخرى هو يختتم به الشاعر قصيدته هذه جسّدها عن طريق لغته الرمزية الجميلة .





ذات شتات بقلم : حنان وليد

لم يعدْ لسانُ الماءِ يتغلغلُ بين تجاويفِ رحى القمحِ ، ذاتَ مساءٍ، بترتْهُ مصيدةُ التفاحةِ الملحميّةِ ، أحتزتهُ بلؤمِ الشياطين الضاحكةِ بدهاءِ خمارِ المساءِ الممزّقِ ،في ليلةٍ كان القمرُ قد تأخّرَ عن جزِّ لحيتِهِ بوترِ البكاءِ ، يناظرُ ثقوبَ المنافي على ثيابِ بلّورةِ المتخشّبِ فوق شرايينِ الوادي،تبرقُ شواهدُ الراحلين، أبتلعوا شحيحَ عكرِ النواعيرِ الرابطةِ بين مطاطِ دواليبِ مراكبِهم وسعفاتُ الذهولِ المتشبثةِ بعينِ أصنامِ الترابِ السائرةِ بنا على حافةِ الهاويةِ تطوقُهُم سكراتُ الموتِ الأنتقائيِّ، لا جديدَ سوى ذارفه لدمع مقضومة النوح تنسج على اشتياقِ خارطةِ اليتمِ المفزعِ ، ستجدُ حتماً باقةَ وردٍ تشتّتَ عن شريطِ وثاقِها وغدا لونَ حمرتِها سواداً يفزعُ آثار َالقادمين الجددِ ،ولسانُ أرواحِهم يشيرُ بسبابةٍ بأيّ ذنبٍ سُفكت تلك الدماءُ ،عند بيوتِ الألهةِ الأرضيةِ نارٌ مستعرّةٌ بحطبِ القرابينِ رغمَ عسرِ مخاصِ الوحلِ المتعطّشِ لرذاذِ مزنةٍ منهكةٍ من خرابِ أرضِك العشبيةِ ،شاردةً من غيضِ شرائعِ الاربابِ المستجدّةِ بحدِّ متاهاتِ التأويلِ ونخاسةِ الجواري والعبيدِ ، كم مضى على اخرَ نحيبِ لرئةٍ الكهفِ الممتدِّ على عويل الطريقِ المتلاشي ،كانت مرارةُ الكرزِ تتسرّبُ بفمِ المحاولات فأفسدتْ بهجةَ العصافيرِ بسياطِ عدّتْ لحربٍ جديدةٍ تلهبُ الشمسُ ظهورَ الكادحين رغمَ ضجيجِ أصواتِ أرواحِهم تأنُّ إلّا أنّ ابواقَ النداءاتِ عصتْ على الفهمِ يا لبشاعةِ عبثِكم بنا تحترقُ البيادقُ بدمعِ الولاءِ ومازالتْ حصونُ النمرودِ قائمةًتنتظرُ عاصفةَ الإتي .

من ثنايا هذه القصيدة ينبعث الالم والصراخ والموت والخيانة والدموع والفجيعة , العواطف هنا مشتركة لمجموعة من البشر يشتركون في نفس المحنة والفزع , لهذا نجد القصيدة ترتفع عن الذاتية الى العمومية لتثير فينا كلّ هذا الجزع , عن طريق اللغة وانزياحاتها تجلّت صور المشاعر والعواطف (أحتزتهُ بلؤمِ الشياطين الضاحكةِ بدهاءِ خمارِ المساءِ الممزّقِ في ليلةٍ كان القمرُ قد تأخّرَ عن جزِّ لحيتِهِ بوترِ البكاءِ لا جديدَ سوى ذارفه لدمع مقضومة النوح تنسج على اشتياقِ خارطةِ اليتمِ المفزعِ كانت مرارةُ الكرزِ تتسرّبُ بفمِ المحاولات فأفسدتْ بهجةَ العصافيرِ بسياطِ عدّتْ لحربٍ جديدةٍ تلهبُ الشمسُ ظهورَ الكادحين ..) . مثل هذا الادب سيبقى يعيش معنا مادام هذا الالم يتغشّانا لانه كان صادقا منبعثا من القلب ومن خلال مفرداته استشعرنا به وحقق مبتغاه فصرّح عمّا عجزه غيره من التصريح به وشدّنا خيال الشاعرة الى التفكّر والتأمّل والبحث عن رسالته التي ارادت من خلاله الشاعرة ان تقوله .


فتنة القلب بقلم : رحمة عناب

أتقلَّدُك حباً لازوردياً كل صباح يُبْحِر في مدن فان كوخ العائمة بطيش الألوان يُزْهرُ أنغاماً ماسيةً في حنجرة الفيروز يَسكبُها فيضَ ضياء يسافرُ في جزر الروح يصحو فوق جفوني لأتلاشى في لهيب حلمي كفراشةٍ هاجَتْها أطيافك توهجاً تَنسَرِبُ حناناً يُدْمِنُه أُفق عيوني و ها أنا أجلس على دَكّةِ الشوقِ أُجاري أشواط الغياب والحنين يقضُم شِباك الصبر. يا فتنة القلب !كيف تُجيدُ تكويرَ أنوثتي تنفخ في عجينها زيتوناً و رماناً ناضحةً بعطرك الناضج عنفواناً يتنامى يهتَزُّ يتهادى خدَراً يُطيحُه فجرك المرصع بالنجوم...!

( فتنة / القلب ) هكذا استفزتنا الشاعرة بعنوان قصيدتها وهو ينبعث من اعماق القلب ليستقر المعنى في قلب المتلقي ويستقر فيه . نجد هنا لغة مهذّبة خالية من الحشو والنفايات وبتواصل جملي بديع / أتقلَّدُك حباً لازوردياً = مقطع مكثّف يوحي الى معاني كثيرة وعواطف مستترة خلف المفردات نتلنس حرارتها وطغيانها كلما تقدّمنا في قراءة القصيدة / يُزْهرُ أنغاماً ماسيةً في حنجرة الفيروز = استعارة مدهشة وموسيقى تتراقص على لهيب اللهفة والانتظار / يسافرُ في جزر الروح = التوغل في اعماق النفس المتعطّشة / لأتلاشى في لهيب حلمي كفراشةٍ هاجَتْها أطيافك = حنين عميق وتشبيه تتأجج من ثناياه عاطفة نقيّة / على دَكّةِ الشوقِ أُجاري أشواط الغياب والحنين يقضُم شِباك الصبر = عواطف قوية تستيقظ مستمرة تلهب المتلقي / عنفواناً يتنامى يهتَزُّ يتهادى = هكذا تتهادى العواطف والمشاعر برّاقة تعمل على تهذيب وترقية المشاعر الانسانية .







مازلت احفر قبري بين الركام .. / بقلم : عمرفهد حيدر – سوريا


يبحث عن قبره في مقابر المدن والقرى المتسعة ، يزهو بترنيمة صباحاته ، مسافر إليك يادمشق ،حتى القمر يسافر في الضباب ،يتلو علينا سؤال الحياة ، ليأتي الجواب ،يخامرنا هذا الشك معلقا" في سماءاتنا كامرأة لاتنام ، كم أحببت هذا الموت يريحني من عذاب ، كمناهج ايامنا وأرض تنتظر اللقاء ،لقد خامرتني الحنايا ، فكان الثناء وجه الحقيقة.
مازلت أحفر قبري بيدي بين الركام ،لحاضر بري ، لقامة الجبال ،لهامات أم شهيد افترشت المقابر تحاكي مرقد ابنها ، تتلو بأن الشهيد لايموت ، يسمع صوت الحقيقة .
ايتها الروح ..أجيبي ﻷجلي ، ارسمي صمتي بخافقات القلب. نامي بورد الصباح ، هو ذا قاسيون يمد عيناه بكل الجمال ، وانت ياشآم لك السلام ، لقد عدت لتوي خارجا" من خافقيك ، وطنا" تمادينا معه كنا الحياة ، وبدت دمشق أجمل مافي الحياة ،...آه يابردى خجلى هي الروح ، يوم مررت على ضفتيك لم تنحني الذاكرة وكنت اﻷمل ..
صار اﻷمل صراعا" ، ومازلت لااعيش غير اﻷمل حياة .


ان مفردات الشاعر في القصيدة واختياراته انما تدلّ على الحالة النفسية التي مرّ بها اثناء كتابته , وهي عملية اسقاطات يستخدمها الشاعر ليسكب معاناته يلوّن بها الروق ويزيّن فقراته ان كانت افراحا جاءت القصيدة تتغني وتطرب وان كانت احزانا جاءات مكفهرة غبراء شعثاء تئنّ وتصرخ وتعاني . لقد تكررت مفرد / القبر / اكثر من مرّة وكذلك تكررت اكثر من مرّة مفردة / الحياة / وبالرجوع الى القصيدة نجد هناك تعادلا في ذكر المفردتين وهذا هو سرّ الوجود / الصراع الازليّ ما بين الموت والحياة / هذا يعني رغم قسوة الموت وانتشاره في بلاد الشاعر الا ان سرّ البقاء والحياة باقي ومستمر وفي صراع دائم لطرد شبح الموت من هذه الارض . الشاعر ابتدأ بـ / الموت / عن طريق عنوان القصيدة , وانتهى بـ / الحياة / في اخر كلمة اختتم به هذا الصراع / مازلت احفر قبري بين الركام .. / صار اﻷمل صراعا" ، ومازلت لااعيش غير اﻷمل حياة . . بينما توزعت مأساته وحبه للوطن والحياة في داخل القصيدة .. / يبحث عن قبره في مقابر المدن والقرى المتسعة .. / يتلو علينا سؤال الحياة كم أحببت هذا الموت يريحني من مازلت أحفر قبري بيدي بين الركام وبدت دمشق أجمل مافي الحياة . لكن لو دققنا النظر جيدا وأعدنا قراءة القصيدة مرّة اخرى سنجد انتصار الحياة وانتصار المدينة المنكوبة / دمشق / واصرار شديد على طرّ الشرّ وجنود الظلام من هذه المدينة كي تكون اجمل مدينة عند الشاعر . قصيدة فيها من الزخم الشعوري الشيء الكثير ومن الجمال اكثر .








وجاءوا العِراقَ عِشاءً يبكون/ بقلم: ميثاق الحلفي


عندما تَستِرُ المرايا جسدها بالدُّخانِ ولهيب النار. وتنصهرُ كلياً بازرارِ معطفها،الذي لَمْ تُسدِدْ بَعدُ دفعته الأخيرة. مَسَحَتِ الطبيعةُ على رأسها بحزامٍ ناسفٍ.مُستحمةً بطهور العِفة.
ثمةَ شوكة في افواهِ المسافاتِ. كما الجوعُ المنسي. ما الفرقُ أنْ تَنبِضَ بين ذراعيكَ وردةً تحملها في الصباحِ الى المقبرةِ او السندانة. وفِكرنا يُجَرُ بالوحلِ ونوافير الدم. ،نقضِمُ اطرافَ عقولنا كديدان شريطيّةٍ.ونكتفي بمدِ رؤوسنا من النوافذِ لنأخذَ تذكاراً مع لحمٍ مُتطايرٍ كأجنحةِ السنونوات. مللنا البُكاءَ بمرارةٍ حتى أبيضَّتْ عينُ المساء.. لكنَّ الأدهى أنهم جاءوا العِراقَ عِشاءً يبكون.
ألم يستشري في مقاطع هذه القصيدة وذات متشظّية احزانها وانفعالات تطفو فوق السطح تمسّ الواقع الموبوء بالغربة والخراب / وجاءوا / العراق / عشاء / يبكون ..هكذا كان العنوان لهذه الاغنية العراقية الحزينة في محاولة ذكية من الشاعر ان يثير مشاعرنا ويجعلنا نتفاعل مع قصيدته حيث الوطن الجريح والعويل المستمر في ليل حالك الظلمة . / ثمةَ شوكة في افواهِ المسافاتِ ما الفرقُ أنْ تَنبِضَ بين ذراعيكَ وردةً تحملها في الصباحِ الى المقبرةِ او السندانة وفِكرنا يُجَرُ بالوحلِ ونوافير الدم مللنا البُكاءَ بمرارةٍ حتى أبيضَّتْ عينُ المساء . بهذه الاستعارات اللغوية المدهشة نجد انفسنا نستشعر ونسمع ونتلمس هذا الانين الطووووويل المنبعث من اعماق الذات وبايقاع درامي مبتكر متناسق يبثّ الشاعر عواطفه الفيّاضة في نفوسنا ويطبع في ذاكرتنا عاطفة نتشارك فيها ونتفاعل معها لانها تتحدث عن وطن وشعب يعاني من ألم نفسي مشترك ويعيش في بيئة محددة .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن