ترامب “يحلب” الكل

محمود شومان
abdalroufe657@gmail.com

2018 / 7 / 15

نجحت تهديدات الرئيس الامريكي دونالد ترامب ضد حلفائه الاوروبيين فى حلف شمال الاطلسي “الناتو” بالانسحاب من الحلف ان تجبر الدول الاعضاء علي الموافقة على زيادة نفقاتها الدفاعية وإنفاق أكثر من 2 في المئة من إجمالي الناتج القومي سنويا على ميزانية الدفاع بشكل متعجل عن اتفاق 2014 الذي نص على أن تخصص الدول الأعضاء في الحلف 2% من إجمالي ناتجها الداخلي لنفقات الدفاع في الحلف بحلول عام 2024.
ترامب على رغم ما وجده من مماطلة لدول الحلف فى زيادة الانفاق الدفاعي خاصة من جانب ألمانيا وبلجيكا وأسبانيا بات طامعا الى ما هو اكثر من ذلك بكثير جداً عندما حث دول الحلف على تخصيص 4 في المئة على الأقل من ناتجهم السنوي للانفاق على الدفاع وهو الامر الذي يرى حلفاء واشنطن انه سيكون مكلفا جدا لهم وهو ما اكده الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عندما اشار فى نهاية القمة التي عقدت في بروكسل الى انه مرتاب من الحديث عن تلك النسبة.
ويبدو ان سياسة ترامب فى حلب اموال الدول وان لم تكن الى صالح واشنطن مباشرة مستمرة ولن تقف اطلاقا وسيدافع عنها بقوة بالغة خاصة مع تهديداته الى بات يوجهها الى اقرب حلفاؤها فى اوروبا وهو امر كان قليل الحدوث فى كافة الادارات الامريكية السابقة فى اعتى الخلافات.
كما ان سياسة ترامب وادارته اصبحت تحظى بمفارقة شديدة الغرابة بين استخدام اللهجة القاسية ولغة الوعيد والتهديد مع الحلفاء فى الخليج وكان هذا واضحا فى تصريحات له قائلا ما نصه إن بعض الدول في الشرق الأوسط “لن تصمد أسبوعا دون الحماية الأميركية” وكذلك مع الحلفاء الاوروبيين واللجوء الى استخدام صيغة الخطاب الرحيم المتودد مع خصوم واشنطن فى كوريا الشمالية وروسيا.
ترامب الذي حمل سياسة امريكا اولا الى السعودية فى اول زيارة خارجية يجريها بعد اداء اليمين جنى أكثر من أربعمئة مليار دولار من تلك الزيارة فى شكل صفقات عسكرية واتفاقيات اقتصادية بين واشنطن والرياض عاد الى البيت الابيض عازما على الاستمرار فى هذا النحو مع كافة الاطراف الدولية حتى انه لم يكتفي بما جناه من امراء الرياض ليخرج مرة اخرى قائلا ان”السعودية دولة ثرية جدا وستمنح بلادنا بعضا من هذه الثروة كما نأمل في شكل وظائف وصفقات معدات عسكرية”.
بعد ذلك اتجه ترامب الى الجانب الاوروبي باولى خطوات الحلب ليفرض رسوما جمركية بنسبة 25 % على واردات الصلب وبنسبة 10 % على واردات الألمنيوم من الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك ما دفعه الى الدخول فى خلاف ندي جدا مع دول الاتحاد الاوروبي التى ردت هي الاخري بفرض رسوم اضافية على منتجات امريكية متنوعة ضمن قانونا بفرض رسوم على منتجات أمريكية قيمتها 2.8 مليار يورو (3.2 مليار دولار)، من بينها منتجات الصلب والألومنيوم، ومنتجات زراعية.
كما ردت كندا والمكسيك ايضا بشكل منفرد بفرض رسوما على عدة منتجات أمريكية بينها الفولاذ والألمنيوم والويسكي.
وعلى نفس المنوال، دخل ترامب فى حرب تجارية طاحنة مع الصين عندما بدء في تطبيق رسوم جمركية بنسبة 25% على سلع صينية تستوردها بقيمة 34 مليار دولار سنويا وردت الصين في اليوم ذاته بفرض رسوم جمركية على واردات أميركية بقيمة 34 مليار دولار سنويا أيضا لتفي بتعهداتها بالرد بالمثل على أي إجراء أميركي من هذا النوع.
كما واصل مطالبته للمكسيك بدفع تكاليف جدار حدودي يعتزم بناءه على حدود البلدين بحوالي عشرين مليار دولار.
وبالتوازي انسحب من اكثر من هيئة دولية واتفاقية من بينها: اتفاقية باريس للمناخ، والاتفاق النووي مع إيران، واليونسكو، ووكالة الأونروا، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
اخيرا، ان سياسة ترامب لحلب الاموال من دول العالم تحت غطاء “امريكا اولاً” بات يشكل خطراً على الولايات المتحدة اكثر من تلك الدول خاصة تلك التى تملك قدرة على الرد على تلك السياسات.
صحافي مصري



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن