العراق الرأسمالي: من الحرب الى الديمقراطية الجزء/١

مظهر محمد صالح
mudher.kasim@yahoo.com

2018 / 7 / 13

العراق الرأسمالي: من الحرب الى الديمقراطية الجزء/١

الدكتور مظهر محمد صالح

لست اديباً كي اعتنق الحكمة المطلقة القائلة (ان عظمة الغزاة تقاس بمناعة الحصون التي يفتحونها) ولست سياسياً محترفاً كي اعتمد فكرة (ان الحروب هي استمرار للسياسة بوسائل عنيفة) كما قالها الفيلسوف الالماني كلاوزه فيتز في القرن التاسع عشر.
ولكن كوني اقتصادي لابد من ان اؤمن بأن طابع الحرب يتوقف على الشروط التاريخية الاقتصادية التي انبثقت الحرب منها.
فتقييم منظومة الحرب واطراف النزاع فيها والتي غيرت مجرى التاريخ في العراق في نيسان 2003 كانت حقاً صراعاً تناحرياً بين نمطين انتاجيين مختلفين في مراحلهما التاريخية.
فالنمط الاول كان تعبيرا عن الصفة الاسيوية للانتاج او مايسمى بالنمط الاسيوي للانتاج وهو الذي لايغفل في اطاره الموضوعي الطابع الشرقي للاستبداد والقائم على عناصره الثلاث هي الجباية (النهب الداخلي) واشعال الحروب (النهب الخارجي) وتوفير الاشغال العامة من بنية تحتية لادامة حياة السلطة المركزية ذات النمط الشرقي الذي يعتاش على نهب الفائض.
اذ حل النفط وعائداته الريعية محل العائد الزراعي مما اظهر تطورا جديدا على النمط الاسيوي للانتاج الذي ساهم في اخماد الهياكل الاجتماعية للبلاد وقوى الاستبداد من حيث السرعة والقدرة على اشعال الحروب داخل منظومة البلدان المجاورة الريعية المنتجة للنفط، وهي الحروب التي اطلق عليها بسلسلة حروب الخليج.
وبهذا كانت تلك الحروب ذات قدرات تدميرية عالية لا تتناسب ومبتغاها في الاستحواذ على فائض القيمة الريعية للاخرين في صراعات تناحرية عبثية طويلة الاجل انتهت بالهزيمة والفشل بل شكلت استنفاداً للقيمة الداخلية وفائضها بعد ضياع عقدين ونيف من الزمن من عقود التنمية في حروب الاستبداد الشرقي الخاسرة.
وهي الحروب التي املتها الطبيعة المركزية للنمط الانتاجي الريعي الاسيوي وحولت العراق الى ركود اقتصادي واجتماعي لم يستطع التخلص منه الا بالتصادم مع منظومة الحرب المتقدمة الرأسمالية الغربية المركزية.
وهكذا اكتملت الشروط التاريخية لتطور الرأسمالية المالية وبناء الاقتصاد العالمي الجديد القائم على تعظيم الربح الحدي لراس المال من خلال خصخصة صناعة الامن القومي وتحريكه في حروب تصب في مصلحة السوق الحر والتي صار العراق ضحيتها كساحة حرب في تصادم نمطين اقتصاديين مختلفين.
فكان لابد من ان تنتصر شروط التطور الموضوعي التاريخية للراسمالية الجديدة على ذلك النمط الريعي الاسيوي المتخلف ذي الطابع الشرقي للاستبداد ولمصلحة الانماط الاقوى تاريخيا في تطورها التكنولوجي، بكونها قوى انتاج اممية مكتملة في شروطها المادية التاريخية وعدها اعلى مرحلة من مراحل الراسمالية على الصعيد العالمي، واعني بها راس المال المالي الاممي في ظل سيادة وانتشار مذهب الليبرالية الجديدة الذي اطلق شرارته اتباع مدرسة شيكاغو في الاقتصاد ليشكل في مرحلة تطوره التاريخية النمط الثاني من انمط الانتاج الذي حل محل نمط الانتاج الاسيوي الريعي السائد في العراق وصيرورته منظومة الاستبداد الشرقي عن طريق الصراع و الحرب



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن