الوجع مادة للإبداع

رائد مهدي
raedmahdiiq@gmail.com

2018 / 7 / 6

((الوجع مادّة للإبداع))
موضوع نقدي كتبته عن نص الأديبة الجزائرية حياة قرفي والذي كان بعنوان:
-ثرثرة على أديم الوجع- النص من فئة الخاطرة.

ثرثرة على أديم الوجع..
مسكونة أنا بهاجس الوقت الذي يفصلني عنك
ممتلئة بمساحات أفرغتها كل الأماكن فيّ لتسكنها ...
ثملة بأحاديثك وحكاياتك والوحدة في غيابك نديم يملأ الكأس ويفرغها على هيئة أسطورة تأبى التحقق
مذعورة أنا من فكرةِ وجود أخرى تملؤ الحيِّز حماما وغراما ، وتبعثر أنوثتها على حافة قدميك ...
موجوعة أنا وسياط غيرتي تجلدني، كلما لاح طيف أنثى على بيادر قصائدك .

في البدء أقول :
الوجع يغير الاصوات يحوّل وجهتها من ملافظ للراحة الى أنين وصراخ.

ترجمة الوجع أمر ليس بالهيّن لأن ملامح الوجع ليست واضحة كما الإرتياح، الوجع يكون مصحوب بالضجيح والعتمة ،هو العكس تماما للراحة التي يكتنفها الهدوء وتطفو للسطح لخفتها ،هي العكس من الوجع الثقيل بأثره ومتعلقاته.

للأوجاع ترجمات مختلفة منها الإمتلاء وأشد أنواع الإمتلاء ألما هو الإمتلاء بالفراغ، ذلك الذي هو بيئة تستوعب كل شيء إبتداء بالملل وانتهاء بالموت.

من الأوجاع ايضا ثمالة الرأس بالذكريات والتي ترغم صاحبها على الطواف حولها والتوحّد والإنفراد بمخيلته لتملي عليه ورغما عنه ماتشاء من افتراضات، فللثمالة سلطة على التعقّل بل تطيح بكل موازين الاستنتاج وتبيع لصاحبها حقيقة دون ان تكلف نفسها عناء وزنها وقياسها، لذا الثمالة واثقة من نفسها أشد الثقة لدرجة تخليها عن كل الموازين والمقاييس.

ومن الأوجاع أيضا حين يشعر المرء أنه جزء من الصورة وتشترك فيها معه أجزاء أخرى وتلك ترجمة مبسّطة للغيرة، والتي في حقيقتها أنها تركيز الإنسان على الجزئيات وتجاهله لكليات الصور والمشاعر.

في هذه الخاطرة تترجم الكاتبة مواجعها:
1. ترجمة صوتية /ثرثرة على أديم الوجع/
2.ترجمة زمانية /مسكونة أنا بهاجس الوقت الذي يفصلني عنك/
3.ترجمة مكانية/ممتلئة بمساحات أفرغتها كل الأماكن فيَّ لتسكنها/
4.ترجمة حسّية/ ثملة بأحاديثك وحكاياتك والوحدة في غيابك نديم يملء الكأس ويفرغها على هيئة أسطورة تأبى التحقق.
5.ترجمة نفسية/ مذعورة أنا من فكرة وجود أخرى تملأ الحيز حماما وغراما وتبعثر أنوثتها على حافة قدميك..موجوعة أنا وسياط غيرتي تجلدني كلما لاح طيف أنثى على بيادر قصائدك...

الوجع كان له دور البطولة في النص، لكن لم يكن هذا البطل ممجّدا كسائر الأبطال بل كان قاطعا لسبيل الراحة وسالبا من النفس السلام كما يفعل قطاع الطرق بالضبط.

من وجهة نظري أن كاتبة النص منتصرة على مواجعها لأنها وببراعة شديدة تحدد مكامن الوجع وبذلك تكون كل صوره وتفاصيله تحت الرؤية وضمن أمكانيات المواجهة والتي في مطلعها تحويل ذلك الوجع الذي يعد كائنا متوحشا الى نص سلس التصوّر وشيّق المتابعة.

نقد : رائد مهدي / العراق



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن