خيانة الإعلام العربي وتشويه الحقائق

عايد سعيد السراج
alseragsham@yahoo.com

2018 / 6 / 24

خيانة الإعلام العربي وتشويه الحقائق

الإعلام العربي وثقافة الكره -3-

* عايد سعيد السِّراج

ونعود إلى الإعلام في العالم العربي , يحار المرء كيف يكون الإعلام رديئاً وتافهاً وغير أخلاقي إلى هذا الدرك من السفالة ؟ لماذا هذه الوضاعة في التعامل ؟ ولماذا الاستخفاف بعقول الناس ؟ وخاصة هؤلاء الذين يصدقون أن الذي تقوله الإذاعات , شيئاً صحيحاً المتتبع للإعلام في العالم العربي يعرف أن ّ الذي يجري مناقض تماماً , للمصالح الجوهرية للشعوب وأصحاب هذه الصحف وتلك الفضائيات ، يعتقدون أن زرع الخرافات من سحر وشعوذة وأكاذيب ، , و المحطات التلفزيونية التي وظفها أصحابها لصالح طوائفهم , وحشوها من المرضى والمعقدين الذين لم يحلموا يوماً بصورة – بالأسود + الأبيض، وإذا بهم الآن يوزعون عقدهم ووجوههم المـُقـَطـَّبـَة على – TV – ويصبحون من ذوي الياقات القرمزية , والبعض منهم يشعرك بالجلادين في غرف التعذيب الضيقة , وهو يطرح الأسئلة المتخلفة والمرتبكة والمربكة ،على هذا الأرنب المذعور الذي عمل معه لقاءاً تلفزيونياً على الهواء , فهو يقاطعه ويتكلم عنه , وقبل أن يكمل الإجابة على السؤال - يفاجؤه بسؤال آخر – بنبرة ِ خبراء التعذيب – وهكذا ينتهي البرنامج دون أن يفهم المُحَاوِر ( الغبي المضحوك عليه ) ما هي القصة , ولماذا ورَّط نفسه في هكذا خزعبلات , فانتشار الخرافة والجهل , وتعميمها هما صفتان تلازمان الكاتب , والمفكر والأديب , ورجل الدين , وضد هذه المسائل صحيح تماماً – لأن الكاتب والمفكر , يستطيع أن ينهض بالوطن والمواطنة , ويعلم الناس العلم والمعرفة – والثقافة والديمقراطية ، مثلما يعلمهم الجهل والخرافة , فالسير باتجاه الوعي – والرقي هما صفتان للكاتب والإعلامي بامتياز – إذا كان هذا يؤمن برسالة الحرية وتهمّه الوطنية التي لا يصنعها الطغاة على مقاساتهم, وبالتالي يذهبون بالوطن والوطنية إلى الجحيم , بل لا يتركون الأوطان إلا خراباً ونهباً ليس للغزاة فقط , بل أيضاً للمجرمين الذين توالدوا كالفئران في أزمانهم
الثقافة الإعلامية في العالم العربي , ثقافة متخلفة بامتياز , وقد لعبت دوراً سلبياً في تجهيل الناس , ومن حيث تدري أولا تدري , أعادت الناس القهقرى إلى الخلف , كونها لا تملك برنامجاً واضحاً ولا رؤية واضحة , وكون جميع المشاريع لأحزابها التي كانت تدعي التقدمية ، أو الوطنية ، أو الحرية ، أفلست تماماً في مشاريعها الوهمية , وكذلك الأحزاب ذات الطابع الديني ، حيث كونها تواجه ثقافات وحضارات القرنين الأخيرين , مما جعلها في ورطة , خينة شعوبها وتوريطهم بالمحرقة / لأنها تقف ضد مشروع حضاري غيـّر وجه البشرية , ويستمر التغير إلى الأبد , أما مشاريع العالم العربي , فلم تتجاوز مشاريع السيد ، والسلطان ، و الطاغية ، فإذا كان السيد أو السلطان – أبن القرية – تحول البلد إلى ثقافة القرية , وإذا كان السيد السلطان ابن عشيرة تحول البلد إلى عشيرة كبيرة , ولكن مفككة ومتناقضة , أما إذ كان السيد أو السلطان أبن طائفة فالمصيبة أكبر , وهكذا هو شأن ثقافة العالم العربي , الذي عزل نفسه عن العالم – متستِّراً بأوهام كاذبة , أو ديماغوجيات فارغة – أو شعارات أكبر من السلطان , والأوطان ضاقت أخيراً كخرم إبرة , وبذلك يكون السلطان أيضاً ضاق ذرعاً ، بهؤلاء الرعاع الذين يحيطون به , فلا بأس من فتنة هنا أو هناك , أو حرب هنا أو هناك , للخلاص من هؤلاء الذين يثقلون عليه حياته , لأنه يعرف أن الاستقرار قادم , فالفتن والدجل وزرع الأوهام – هي الحقيقة الباقية لسلامة الرأس وسلامة السلطة ومن هنا نرى مدى الجرائم والخراب الذي يقوم به الإعلاميون في العالم العربي , فالأدباء والكتاب والمفكرون الشرفاء – يعانون ما يعانون , وهم في الزوايا المركونة من هذا العالم المشرقي التعيس , إذ أنهم ولدوا في غفلة من الزمن , في هكذا ظرف , فلا مجال لغير المنافقين والدجالين , والذين يساهمون في تخريب ضمائر الناس وعقولهم , ولا مجال لظهور كاتب مبدع في هكذا بلدان , حتى لو كان أعظم من المتنبي – وشكسبير – ودستيوفسكي –وابن خلدون – إلخ ، طالما هو يعيش في هكذا بلدان غير نمّام ولا مدّاح – ولا رضّاء ٍ للذوق الفاسد , من جماعة قرع الطبول والزمور – وندابي موتى القبور , فكيف لشعوب , لا ترتدي إلا جلباب أبيها تستطيع أن تخلق قيماً حضارية , وتتعايش مع شعوب الكون بسلام ؟ كيف لأمم تطاردها عقد الخوف , وتخاف من الآخر المختلف كعدو دائم ومستمر وتؤمن برعاية مجاميع متخلفي أخر زمن أن تصنع حضارة ؟ لا توجد إلا في أوهامهم– وخرافاتهم التي تتقاطر الدماء منها على سيوفهم – سيوف الجهل ، والحقد ، والكراهية ، وساسة الدجل جهابذة الانتهازية والمصالح المغموسة بدماء الشعوب ، وإعادة زمن الإنسان الذي لا يستطيع العيش بدون القتل ، (كيف ؟ ) والسؤال الأبقى هو متى تستطيع شعوب العالم العربي أن تحقق إنسانيتها في دول ! فمشاريع الدول التي ظهرت في العالم العربي , كانت خبط عشواء , نشأت على مجاميع من العوامل غير الموضوعية , مثل الظروف الدولية الصراعات والتحالفات ، لم تظهر دول في عالمنا العربي ، بالمفهوم المدني لهذه الكلمة , ولا حتى بالمفهوم القانوني , مما جعل الدولة العربية تُحكم من قبل مجموعة من الأفراد , أو العائلات , أو الأحزاب التي يتحكم بها مجموعة أفراد وغالباً فرداً واحداً – هو الملهم الأعلى – فهل يأتي زمن – تستطيع الشعوب في العالم العربي من تحقيق سيادتها على أوطانها , أي سيادة القانون – وإنشاء الدولة المدنية – ذات النهج الديمقراطي , الذي يخلص الناس من حكم الطائفة أو العشيرة – أو الجماعة – وبالتالي يصبح الإنتماء للوطن هو الأساس ,– ، وبذا يتحقق المشروع الوطني – في الدولة الوطنية التي ينتمي إليها جميع المواطنين – تحت ظل القانون الذي يحاسب من يجاهر بطائفته أو حزبه على الآخرين ، ربما ! متى يستيقظ ضمير الإعلاميين , والمثقفين في العالم العربي ؟ ليعرفوا أن مهنتهم هي نقل الحقيقة , وليس الأكاذيب والدجل باسم السيد , وهل يستطيعون أن يلعبوا دوراً حضارياً وإنسانياً في مجالاتهم التي أصبحت الآن عملاً هاماً وخطيراً ؟ على – وفي - توجهات شعوبهم ، أم أنهم أو البعض منهم فقد الضمير , وشرف المهنة , وأصبحوا كالحيوانات المفترسة , لا يرتوون من لعق المال , ورؤية دماء شعوبهم تـُمتــَهـَن ُ على مذابح الجهل والأحقاد , بزعامة أرباب الهمجية, إذ أن معدي، البرامج غالباُ يلتقون , مع دعاة يدعون انهم يمثلون الإسلام وهم ليسوا لهم علاقة بسماحة الإسلام العظيمة , ( وما أرسلناك الا رحمة للعالمين ) قرآن كريم : أو بعض مدعي الثقافة من المتخلفين والجهلة , والأكثر بؤساً أن هذه المفاهيم المتخلفة , تلقى رواجاً عند بسطاء الناس , وتُصدَّرُ كبضاعة رديئة إلى الجمهور الواسع الذي مع الأسف , لا يعي المأساة التي يضعونه فيها , إذ يتخذونه كوعاء , يحشون فيه كل مفاهيمهم وقيم الجهل لديهم , والغريب في هذه المسألة إبعاد كبار العلماء , والمفكرين , من كافة الاتجاهات , بما في ذلك أصحاب الدين , أو الأديان الأخرى ، وبذلك يحاولون إبعاد الناس عن قيم الفهم , إذ هم يضعون أنفسهم على أنهم مطرودون من أي عالم مضاء , لذا يذهبون إلى الظلام وطيور الظلام , هؤلاء هم / فقهاء الجهل / ومتخلفي الزمان , يا ترى هل يأتي زمان ؟ تبدأ تضاء فيه فوانيس الحرية ؟ أنا على يقين ٍ من ذلك –



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن