المشهد السياسي العراقي بعد الإنتخابات ونتائجها الحلقة (4)

صبحي مبارك مال الله
subhimubarak@yahoo.com

2018 / 6 / 13

المشهد السياسي العراقي بعد الإنتخابات ونتائجها الحلقة (4)
في إنتظار قرار المحكمة الإتحادية
نتيجة التعقيدات التي حصلت بعد إعلان النتائج الإنتخابية من قبل المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات، و بعد خسارة العديد من الوجوه السياسية المعروفة،فضلاً عن تغير عدد المقاعد لبعض الكتل في مجلس النواب الجديد، جرى إصطفاف من قبل المحتجين والمعترضين على النتائج ، مستثمرين العديد من حالات التزوير في المدن والمناطق الغربية، وفي مناطق الإقليم ، ومناطق النازحين والحركة السكانية وبعض المراكز الإنتخابية في الخارج ، حيث ترأس الدكتور سليم الجبوري رئيس مجلس النواب هذه الحملة ، وعمل على عقد جلسة مفتوحة وإستثنائية لغرض إلغاء النتائج وسحب الثقة من المفوضية ، والتشكيك بالعملية الإنتخابية وتشريع قانون التعديل الثالث لقانون إنتخابات مجلس النواب المرقم 45لسنة 2013 . التعقيدات التي حصلت ، أفرزت مناخ سياسي لايخلو من صراع وضغوطات خارجية لها مصالح مع بقاء الطبقة السياسية التي أزيحت ،والتي لاتقبل بأي مشروع يدعو إلى التغيير والإصلاح .
كما ظهر في المشهد السياسي مواقف متزمتة تؤشر على عدم القبول بالتداول السلمي للسلطة حسب الدستور ، بل الكتل المتنفذة أخذت تحشد بإتجاه إستخدام العنف السياسي ، وتوزيع الأموال لأجل توتير الأجواء وتسخيرالإعلام للتسقيط السياسي، فآولئك المعترضين لايؤمنون بالديمقراطية ولايريدون خيراً للشعب بعد أن أصبحت مكاسب المقعد البرلماني كبيرة، ومنها النفوذ والمال وعقد الصفقات التجارية وغيرها ، فهم لايملكون برنامج سياسي يعالج الأزمات المتراكمة أو يفتح آفاق المستقبل. النقطة الأخرى هو التدخل العلني وغير المسبوق لدول الجوار في شؤون العراق التي تقاسمت الكتل السياسية فيما بينها ، حيث يتسابقون لأجل تجنيد أكبر عدد من العاملين لصالحها ، والدليل على ذلك التدخل الإيراني ، الذي بات مؤثراً على المشهد السياسي ، من خلال توجيه السياسة العراقية حسب خططه وزيادة نفوذه إنطلاقاً من وحدة المذهب ، بالمقابل التدخل التركي والسعودي ودول الخليج ، ايضاً لإيجاد مناطق نفوذ ومكاسب إقتصادية والوقوف بجانب المذهب الآخر، وفوق كل هذا الموقف الأمريكي الذي يلعب دوراً أساسياً في توجيه العملية السياسية للحفاظ على المصالح الأمريكية . وجميع هذه الأطراف تضخ الأموال والفتن والمخدرات والتفريق بين أبناء الشعب حسب سياسة فرق تسد .
فالقوى الأجنبية أصبحت جزء كبير من الأزمات العراقية بل تعمل على تعقيدها وما مشكلة المياه وشحتها في العراق إلا مثال على ذلك فمن خلال سياسة هاتين الدولتين، ايران وتركيا اللتان تشتركان في هذه المشكلة وكلاهما يعملان على قطع المياه أو التصرف بها خلافاً للقوانين الدولية التي تخص بناء السدود وموارد المياه.
كما يوشر الموقف الدولي الإقليمي ، بأن هناك صراع حاد بين إيران والسعودية ودول الخليج والتوجه نحو تصفية الحسابات على الأراضي العراقية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية فضلاً عن التدخل العسكري التركي ، فبيئة العراق صالحة لهذا الصراع بوجود الصراع السياسي الطائفي العراقي وتفشي الفساد وضعف في موقف الحكومة
، وفي مواقف السياسيين العراقيين المتنفذين المتمثل برؤساء الكتل تحت مظلة غياب الوحدة الوطنية والموقف الوطني وتفضيل المصالح السياسية الحزبية الضيقة والعشائرية على الموقف السياسي الوطني المدافع عن المصالح العراقية . لقد أصبح العراق مع الأسف غنيمة سائغة بيد القوى الأجنبية ، وأعوانها المتخلين عن وطنيتهم. فالفساد ، ونهب الأموال وإيقاف حركة النمو والتراجع في الخدمات إلى نقطة الصفر أو إلى المربع الأول ، وإحتمالات عودة الإرهاب كل هذا يجري بتوجيه واحد هو إفراغ العراق من ثرواته ومياهه ونفطه وإشغاله في حروب أهلية . فالحقد كبير على العراق وشعبه . فهاهو رئيس إئتلاف دولة القانون ، السيد المالكي نائب رئيس الجمهورية يصرح بأن كل عملية إنتخابات تُحدث حرب أهلية ، فإثارة الفوضى والصراع الدموي بتشجيع من التدخل الإيراني ، هو المنفذ الوحيد للخروج من حالة الكآبة والإندحار والتحرر من نتائج الإنتخابات.
فالقرارات التي إتخذها مجلس النواب الذي ستنتهي دورته في 1/07/2018 وتشريع قانون التعديل الثالث المعدل في قانون الإنتخابات والذي سينفذ بأثر رجعي ، واعادة نظام العد والفرز اليدوي بدلاً من العد والفرز الإلكتروني مع ظهور تحركات تؤشر لخلق بيئة عنف وإقتتال على حساب مصلحة الشعب ومن هذه الأساليب المدانة ، حرق صناديق الإقتراع في مخازن المفوضية بجانب الرصافة بتأريخ 10/06/2018 ، هذا العمل مخطط له ودلل على ضعف الحكومة واجهزة الأمن في القدرة على حماية الصناديق، وهذا العمل يؤكد على تنسيق واضح بين القوى المعادية لإرادة شعبنا في التغيير ويثير الريبة والشك وربما القادم أعظم . فيما يخص نتائج الجلسة الإستثنائية وتشريع قانون التعديل الثالث، كان له تداعيات مؤثرة في العملية الإنتخابية والسياسية ، بين معترض و مؤيد ، ولكن المسودة السابقة للقرار والتي أصبحت مشروع قانون كانت تؤكد إختيار نسبة معينة من الصناديق بين 5-10% ويجري الفرز والعد اليدوي لها ومطابقتها مع نتائج العد والفرز الإلكتروني، ولكن جرى تغيير الصيغة إلى مايشبه بإلغاء النتائج والإنتخابات ومحاولة إعادة الإنتخابات من جديد مع إنتخابات مجالس المحافظات والأقضية في نهاية العام الحالي . وفي هذه الحالة سيدخل العراق في الفراغ الدستوري ، لعدم وجود برلمان ، والحمومة تصبح حكومة تصريف أعمال كما ستتأثر العملية الإنتخابية الديمقراطية وتداعياتها على العملية السياسية ، في وقت يزداد نشاط القوى المعادية للعملية السياسية وأحد أطرافها بقايا النظام الدكتاتوري السابق، والسؤال المطروح من الذي خطط لتخريب العملية الإنتخابية من الذي أشترى بعض المراكز الإنتخابية من الذي إجتاح المراكز الإنتخابية وخرب المواد الإنتخابية ، ولماذا أنحصر التخريب في المناطق الغربية والمحسوبة على الكيانات السياسية السنية . والأكثر سوءً هو تفسير الأمور من قبل جهات لاتمتلك صلاحيات، وأصبحت بديلاً عن المحكمة الإتحادية . فقرارات مجلس النواب التي أثارت خلافات بين السلطات الثلاث التفيذية والتشريعية والقضائية ، رئيس الجمهورية يعترض ، مجلس الوزراء يؤلف لجنة أكثر قراراتها معتمدة على تدخلات إيرانية مخابراتية لغرض إعادة توحيد الموقف الشيعي وإحياء الإئتلاف الشيعي الوطني بين جناحي حزب الدعوة المالكي (دولة القانون ) وحيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء لغرض إفشال تكوين تحالف الكتلة الأكبر. من المفارقات ، بأن مجلس النواب هو من إنتخب مجلس المفوضية وحسب المحاصصة السياسية والطائفية ، ومجلس النواب هو من قرر إعتماد العد والفرز الإلكتروني ، وعندما لم تظهر النتائج التي ترضي الطبقة السياسية الفاسدة والتي لفضها الشعب ، انقلبت على المفوضية ولكن ذلك لايعني بأن الإنتخابات لم يحدث فيها تزوير بسبب ضعف كفاءة المفوضية ، وفي وقت رفضوا اقتراح بأن تكون المفوضية من قضاة متخصصين.ولكن الإنتخابات في الدورات السابقة جرى فيها تزوير كبير وحرمت كيانات سياسية كبيرة من الدخول إلى البرلمان في حين يعتبر التزوير الحالي لم يكن افضل من السابق .
وجاء قانون تعديل قانون التعديل الثالث بسبعة مواد :المادة 1 :تعديل المادة (38) من قانون إنتخابات مجلس النواب المعدل رقم (45) لسنة 2013 وتقرأ كالآتي :-
تلتزم المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات بإعادة العد والفرز اليدوي لكل المراكز الإنتخابية في عموم العراق ......ويلغى العمل بجهاز تسريع النتائج الإلكترونية وتعتمد النتائج على أساس العد والفرز اليدوي، يلاحظ من هذه المادة العودة إلى العد والفرز اليدوي الذي فيه مجال واسع للتزوير وضياع وهدر الأموال الكبيرة والتي صرفت على شراء الأجهزة والتدريب وكذلك العملية الإنتخابية برمتها وهذا يدل على عدم الشعور بالمسؤولية . كما تشير المادة (4) من القانون :ينتدب مجلس القضاء الأعلى تسعة قضاة لإدارة مجلس المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات وتتولى صلاحية مجلس المفوضين بدلاً من مجلس المفوضين الحالي وقاضياً لكل مكتب من مكاتب المفوضية العليا في المحافظات بدلاً من المدراء الحاليين . تنتهي مهام القضاة المنتدبين عند مصادقة المحكمة الإتحادية العليا على نتائج الإنتخابات ويوقف أعضاء مجلس المفوضية الحاليين ومدراء المكاتب في المحافظات عن العمل لحين الإنتهاء من التحقيق في جرائم التزوير التي اشار لها قرار مجلس الوزراء . المادة 3 :بإستثناء أصوت الأقليات المشمولة بنظام الكوتا تلغى نتائج الإنتخابات في الخارج وإنتخابات التصويت المشروط في مخيمات النازحين والحركة السكانية لمحافظات الأنبار ، صلاح الدين ، نينوى ، ديالى وأصوات نزلاء السجون وإنتخابات التصويت الخاص في إقليم كوردستان ....... نلاحظ القانون لم يلغِ نتائج أصوات الإقليات في حين تعرضت الكوتا المخصصة للإقليات إلى تزوير كبير والإستيلاء على مقاعدها من قبل الكتل المتنفذة الكبيرة فالأصوات معظمها ليس أصوات المسيحيين أو المندائيين أو الإزيديين أو الشبك ، والفوضية أعلم بذلك .
إن إعادة الفرز والعد لعموم العراق قد تستغرق أشهر وحسب ما تتوقع الطبقة السياسية الخاسرة بأن النسبة ستكون 40% لصالحها وتعود من جديد، كما إن الإنتخابات الإلكترونية حالة متقدمة وحضارية ولاتقبل الخطأ وتعطي النتائج أول بأول ولا تستغرق أشهر كما جرى في الماضي لغرض ترتيب الأسماء وضمان وجود الطبقة السياسية الفاسدة .
إن تنفيذ هذا القانون سيكون بعد إصدار قرار المحكمة الإتحادية حيثُ تم الطعن بهذا القانون



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن