التوتر النفسي والانتاجية!

فهد المضحكي
fahadalmudahki@hotmail.co.uk

2018 / 5 / 26

يناقش المهندس هاشم المجالي مدى تأثير التوتر النفسي على الانتاجية وفي هذا الصدد يبين ان الانسان يشعر بصعوبات في التركيز وتشتت في الذهن وكثرة التفكير اثناء العمل لمجرد وجود ضغوطات نفسية بسبب المشاكل الاسرية أو صعوبة الاوضاع الاقتصادية والمعيشية أو تراكم الديون وعدم القدرة على السداد وهكذا، وهذا كله من الطبيعي ان يؤثر على انتاجية الموظف في عمله وسلوكياته مع الموظفين والمراجعين وغيرهم، وتراكم هذه الضغوطات تؤثر على الصحة ايضًا ونجد في سلوكياتهم سواءً في الحوار والنقاش والتفاهم وعدم القدرة على مواجهة اي تساؤلات مهما كانت بسيطة، وعدم القدرة في الابداع في العمل بسبب المؤثرات السلبية على طاقة الانسان ونشاطه اليومي وعلاقته بالعمل والانتاج.

يتعرض الموظفون في بيئات العمل الحديثة لضغوطات نفسية عديدة قد تؤدي إلى عواقب خطيرة على صحتهم، ونقلًا عن (BBC) يرى جيفيري فيفير مؤلف كتاب «الموت من اجل ضمان لقمة العيش» ان الممارسات السلبية في بيئات العمل ليست في مصلحة الشركات، ويحذر من نذر أزمة صحية جديدة تغض الحكومات الطرف عنها.

افاد تقرير للوكالة الاوروبية للسلامة والصحة في بيئة العمل بان ما يزيد على نصف الأيام التي يتغيبها الموظفون عن العمل دون عذر مقبول، والبالغ عددها 550 مليون يوم عمل سنويًا لها علاقة بالضغوطات النفسية في بيئة العمل.

ويذكر فيفير انه في عام 2015، خلص تحليل لنحو 300 دراسة إلى ان الممارسات الضارة في بيئة العمل لا تقل خطورة على الصحة من التدخين السلبي، الذي يعرف بانه احد العوامل المسببة للسرطان، سواء من حيث زيادة احتمالات الوفاة ام الاصابة بالأمراض التي يشخصها الاطباء.

وتتضمن الممارسات الضارة بالصحة في بيئة العمل، ساعات العمل الطويلة والتعارض بين العمل والحياة العائلية، وغياب الأمان الاقتصادي الناتج عن فقدان الموظفين لوظائفهم او التنبؤ بها، والعجز عن السيطرة على سير العمل، وهناك سبب اضافي في الولايات المتحدة وهو غياب التأمين الصحي.

ان بيئة العمل تصيب الموظفين بالأمراض، وقد تدفعهم للانتحار، وهذه مشكلة تستدعي الاهتمام والحذر.

اذ اصبحت بيئة العمل احدى المشكلات الصحية الكبرى التي يواجهها الناس، في ضوء ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية في العالم.

ذكر المنتدى الاقتصادي العالمي (منتدى دافوس) ان الامراض المزمنة والأمراض غير المعدية تستهلك نحو ثلاثة أرباع حجم الانفاق على الرعاية الصحية، وتتسبب في 63 في المئة من اجمالي الوفيات في العالم.

ويشير المعهد الامريكي لابحاث الضغط النفسي إلى ان الاجهاد والتوتر في بيئة العمل يكلفان الاقتصاد الامريكي نحو 300 مليار دولار سنويًا.

وفي هذا المجال ثمة بحث توصل إلى ان الممارسات الادارية الضارة تزيد اعداد الوفيات في الويات المتحدة بواقع 120 ألف حالة وفاة سنويًا، وتكبد هذه الرعاية الصحية الاضافية الاقتصاد 190 مليار دولار سنويًا.

وبهذا – احدى نتائج البحث – تحتل بيئة العمل المرتبة الخامسة بين الاسباب الرئيسية المؤدية للوفاة.

وافاد تقرير للهيئة التنفيذية للصحة والسلامة بالمملكة المتحدة بأن عدد أيام العمل الضائعة كنتيجة للضغط النفسي والاكتئاب والقلق ذات صلة بالعمل بلغت 12.5 مليون يوم في الفترة ما بين عامي 2016 و2017.

يقول فيفير وهو استاذ السلوك التنظيمي بكلية إدارة الأعمال بجامعة ستانفورد اشارت دراسة على موقع «ماركت ووتش» إلى ان التسريح المؤقت او الدائم للموظفين لا يحسن اداء المؤسسة، بل على العكس يدفع افضل الموظفين لمغادرة الشركة، ناهيك عما تتكبده الشركة من تكاليف مباشرة، مثل تعويضات الفصل عن العمل، وتكاليف غير مباشرة مثل فقدان الموظفين الذين اقاموا علاقة وطيدة مع العملاء، وفي الكثير من الأحيان لا يوفر تسريح الموظفين على المؤسسة مبالغ تذكر.

وتشير الشواهد إلى ان بيئات العمل تزداد سوءًا، إذ بات تقليص الوظائف، الذي كانت الشركات فيما مضى تضطر إليه في اوقات الازمات الاقتصادية.

وإذا كان – وفق رأيه – ينبغي الا يكون المعيار الوحيد عند اختيار الوظيفة الجديدة الراتب المجزي أو فرص الترقية فإنه من المهم ان يأخذ الموظفون في الحسبان مدى تأثير هذه الوظيفة على صحتهم البدنية والنفسية.

وفي مقابل ذلك، يتعين على رؤساء الشركات ان يهتموا بمراقبة التزام الجميع في الشركة بالمعايير والممارسات التي تحافظ على صحة الموظفين نفسيًا وبدنيًا، ولا ينصب اهتمامهم على جني المال فحسب.

في حين ينبغي على الحكومات التركيز على اصلاح بيئات العمل لحل أزمة ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية التي شغلت اهتمامها مؤخرًا – في المجتمع الامريكي – لأن الاجهاد الناتج عن ضغوط العمل يؤدي إلى الإصابة بالأمراض، وكل هذا لا داعي له، فالراتب لا يستحق ان نموت من أجله.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن