الانتخابات العراقية والتخبط الكوردي

سامي عبدالقادر ريكاني

2018 / 5 / 14

غياب استراتيجية كوردية موحدة في الاقليم لما بعد الانتخابات العراقية ولد فوضى في الشعارات الانتخابية لدى المرشحين الكورد، وهي حالة غير صحية واشارة الى تخبط وضبابية في الرؤية السياسية الحزبية حول العلاقة المستقبلية بين الاقليم وبغداد وحول انعكاسات ذلك على الوضع الاقتصادي وعلى مستقبل العملية السياسية في الاقليم وعلى الانتخابات البرلمانية الكوردية المقبلة، ويبدو ان ولادة هاجس الخوف وانعدام الثقة والشعور بالتيه لدى الشارع الكوردي عموما بعد فقدانها الامل في القضاء ولو جزئيا على الفساد، قد سبق باشواط ما حصل من فقدان البوصلة لاتجاهها لدى النخب والطبقات السياسية الكوردية المرفهة !!.
فهل تسائلتم انفسكم على ماذا ستصوتون غدا ومالذي تنوون كسبه من هذه الانتخابات بالضبط ؟. وهل حددتم ما الذي تريدون تحقيقه في بغداد، وهل تعرفون ما الذي ينوي احزابكم فعله في بغداد، وهل سئلتم ناخبيكم ما الذي سيفعلونه هم في بغداد في حال فوزهم ؟ وهل وصلتم معهم الى نقاط مشتركة حول ماذا تريدون وماذا يريدون هم ؟ وهل الزمتم تلك الاحزاب ومرشحيهم باهدافكم وهل اشترطتم عليهم مقابل انتخابكم لهم؟
لا اعتقد بان اكثر الذين سيذهبون الى بغداد يعرفون مالذي يريدونه او يريده الكورد من بغداد ولا اعتقد بانه يوجد أي صورة او اطار موحد ومعلوم لدى الناخبين حول الاستراتيجية الكوردية التي سيتبنوها في المرحلة المقبلة ولا اعتقد بان اكثرهم يعلم او يفهم مالذي ينتظرهم في بغداد وماذا سيعد لهم المركز من تحديات.
كما لا اعتقد ايضا بانه يوجد لدى الشارع الكوردي رؤية واضحة وموحدة حول الاهداف التي يريدون من ناخبيهم تحقيقه لهم او العمل عليه في بغداد.
اضافة الى ذلك فحتى الاحزاب السياسة الكوردية مع غياب تام للتوافق حول أي استراتيجية كوردية موحدة مقبلة بينهم في بغداد، فانهم بتبنون استراتيجيات منفردة ومتعارضة وعدائية يستهدفون من خلالها الاستقواء ببغداد ضد بعضهم البعض، هذا عدى بحث تلك الاحزاب مستميتين من اجل الحصول على ظهير ومؤيد من قوة خارجية اقليمية ودولية ولنفس الهدف، حتى وصل الحال ببعضهم بانهم يبحثون عن تكتلات عابرة للقومية والوطنية والاثنية بل وحتى الجامعة بين الاضداد، عبر ثنائية او ثلاثية التحالف او حتى رباعية ومع أي كان فقط للمحافظة او للابقاء على مواقعهم او لغلبة طرف كوردي اخر وابعاده عن العملية السياسية وعلى حساب الاقليم.
وفي خضم المعركة الانتخابية الحالية، هل تسائلتم انفسكم عن كيفية الخروج من التخبط الذي نحن فيه وكيف سنختار اهدافنا ومواقفنا على اقل تقدير حول عدة امور تعتبر مصيرية وجامعة لعدة امور اخرى ومنها على سبيل المثال لا الحصر الحصول على الاجابة على الاسئلة الجوهرية التالية.
اولا : السؤال عن مستقبل الازمة السياسية للاقليم:
- هل سنذهب الى بغداد من اجل الاستقواء على بعضنا البعض فندخل بغداد في كل صغيرة وكبيرة من مشاكلنا التي استعصت على الحل بيننا بعد فشل تجربة 27 عام من ادارة شبه مستقلة للاقليم ، ام سنذهب الى بغداد من اجل تعزيز الاستقلالية عبر كتلة كوردية موحدة تضم جميع الاحزاب الكوردية تحمل مشروعا مشتركا للمرحلة المقبلة؟
- هل سنذهب الى بغداد من اجل العمل على تثبيت الفدرالية والمحافظة عليها من ان تهبط الى مستوى ادنى منها؟ وبمعنى اخر هل سيكون حربنا مع بغداد حول بنود الدستور الفدرالي والذي بموجبه ايضا يقع على كاهلنا المحافظة عليها دون تغيير بنودها حتى لا تنعكس سلبا على موقعنا السيادي كما يقع على كاهلنا ايضا العمل على تغير البنود التي تقع عائقا امام طموحنا نحو نيل الاستقلالية السيادية للاقليم ؟
ثانيا: السؤال عن مستقبل الازمة الاقتصادية في الاقليم:
هل سنذهب الى بغداد لتسليم الاقليم مقابل ان تقوم هي بحل ازمتنا الاقتصادية ، ام سنذهب اليها للحصول على السيادة الاقتصادية حتى نقوم نحن بحل مشاكلنا الاقتصادية بانفسنا، وبمعنى اخر هل سنذهب لتسليم كافة الصلاحيات السيادية حول موارد كوردستان الى حكومة بغداد وتسليمها ادارة مواردنا كما تشترطها علينا مقابل ارسال مستحقات الاقليم من الميزانية المركزية، ام سنحاول ارغامها لناخذ منها حقنا في حرية التصرف بمواردنا الاقتصادية ومنها حرية الاتجار بها مع الدول المجاورة والتي بموجبها سيكون علينا تحمل تبعات ازمتنا الاقتصادية منفرذين دون بغداد؟
ثالثا: السؤال عن تحديد الخيار القيمي: ما الذي سيكون على راس اولوياتنا البعد القيمي القومي او البعد المصلحي والخدمي والازمة المالية؟
ولكن حتى مع وجود اجوبة مختلفة على هذه الاسئلة فيجب ان نفهم بان اي منها لن تكون مضمونة النتائج لان حسم الخيار وزمام امورها ليس في ايدينا في نهاية المطاف، ومن جانب اخر فيجب ان نفهم بان هناك معطيات وعوامل اخرى ستعترض طريق البرلمانيين قبل الوصول والمباشرة في العمل حول ما يجب عليهم القيام به على مستوى البرلمان
اولها: صراع التكتلات ونحن نعرف ان التكتل الاكبر هو الذي سيشكل وليس الفائز الاكبر،وهذا الجانب يمكن ان يتمخض عنه تفرق كوردي وتوزيعهم على تكتلات عابرة للقومية والطنية والدينية.
ثانيا: الصراع الاقليمي والدولي وتدخلاتهم في رسم الواقع السياسي والاقتصادي للاقليم سيعيد الاسطوانة المشروخة لسمفونية واقعنا المزري لتدور في حلقة مفرغة ولن تنتهي بسهولة.
ثالثا: البحث عن الطريق او الاختيار المتاح الذي يجب ان يجتمع عليه الكورد والذي يفتقده الكورد بسبب تعارض المصلحة الحزبية مع المصلحة القومية ومصلحة الاقليم.
رابعا: السؤال حول هل بالامكان ان نكون مع تكتلات اخرى وفي نفس الوقت نكون قوميين وكوردستانيين وماذا سيبقى عندها من قيمة للشعارات القومية وتقرير المصير الخ
خامسا: السؤال عن مصير الاقليم وحاجتها الملحة الى اعادة هيكلة جوانبها المؤسساتية حتى تتلائم مع المستجدات في بغداد، والسؤال عن العملية السياسية في الاقليم وكيفية اعادتها الى مسارها الصحيح، خاصة وان الصعوبة هذه المرة تكمن في ان الانتخابات العراقية كانت دائما تاتي بعد الانتخابات البرلمانية الكوردستانية ماعدى هذه المرة ، وسيكون لتبعات تغير هذه المعادلة تاثيراتها الكبيرة على الواقع الكوردي .
فهذ ه الامور كلها توحي باننا مقبلون على خوض اصعب مرحلة في عمر الاقليم وفي علاقتها مع بغداد. فهل الاستقواء ببغداد وعبرها بدول الجوار الاقليمي ومن ورائهم الدول العظمى والدخول في لعبة التكتلات من اجل البقاء والاستمرار في اللعبة سواء على مستوى العراق او على مستوى الاقليم ستكون هي الصفة البارزة لاسامح الله للوضع الكوردي القادم، خاصة ونحن نعيش في عالم يرتكز الية وفلسفة الربح فيها على ابقاء صورة الصراعات ضبابية وفوضوية غير مستقرة سيولية الاهداف والانتماءات والاتجاهات تتغير وتتبدل باستمرار غيرمنتمية ولامنتهية لاعند نقطة مكانية ولاعند اي حدود زمانية.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن