وظائف عليا للفاسدين

كفاح محمد الذهبي
m_kifah@hotmail.com

2018 / 5 / 13

وظائف عليا للفاسدين

(من يؤمن بأن المال يفعل كل شيء، سيفعل أي شيء من أجل المال)
بنجامين فرانكلين


انتهت الحملة الانتخابية في العراق، والتي استخدمت فيها القوى السياسية كل الوسائل الغير مشروعة للحصول على عدد اكبر من كراسي البرلمان، كالتأجيج الطائفي والعرقي والتهديد والترهيب، وكالتسقيط السياسي والأخلاقي وإستخدام المال السياسي لشراء الذمم وغير ذلك من الوسائل الهابطة واللاخلاقية، مما زاد من إحباط الناخبين من البرلمان القادم إذا ما قورن بسابقيه. فالبرلمان الحالي الذي لم يكن مثالا، إمتنع 72% من اعضائه البالغ عددهم 328عن كشف ذممهم المالية، مما يعطي دليلا على جدية الشكوك العميقة بعدم نزاهة هؤلاء وعلى المكاسب غير المشروعة والامتيازات الباذخة التي حصلوا عليها في وقت يبحث الكثير من العراقيين عن زاد يومهم وسط الازبال.!مؤكدين ما قاله افقر رئيس دولة في العالم خوسيه موخيكا (السلطة لا تغير الاشخاص، هي تكشفهم على حقيقتهم)!
وبعد الحرب الانتخابية وبأنتظار صدور النتائج تبدأ حرب أخرى حول الحقائب الوزارية والوظائف العليا، حرب تتكسر فيها النصال على النصال. فالذئاب كلها جائعة الان وتنتظر الانقضاض على فرائسها، مستخدمة كل الوسائل الغير مشروعة ايضا للحصول على أي قطعة من كعكة السلطة، وسيكون رؤساء الكتل سماسرة لتوزيع هذه القطع، ربما لمن يدفع اكثر او للاقارب والاصدقاء او للترضيات، في وقت ينتظر المواطن العراقي تغييرا شاملا ونقلة جديدة تخلصه من أزماته المتعددة؟. ورغم كثرة الحديث عن الكفاءات واختيار الشخص المناسب للمكان المناسب ، فإن التساؤل يبدو مشروعاً حول المدى الذي سيسمح فيه الجو النفعي السائد من تحقيق ذلك مشيراً الى أن الحال ربما سيتواصل على ما هو عليه!
يقال (طالب الولاية لا يولى)، فبدلا من أن يتم أختيار الوزراء الاكفاء وحسب الاختصاص، سيقوم البعض بتقديم طلباتهم وسيمارسون كل الوسائل للوصول الى اهدافهم، كما أن البعض الاخر قد حصل على وعود قبل الانتخابات من رؤساء الكتل وهؤلاء (وزراء بتاع كلو) يصلحون لكل الوزارات ويملكون كل الكفاءات ومتمكنون من كل الاختصاصات ولنا في باقرالزبيدي مثالا.
كثير من هؤلاء الساعين وراء السلطة حصلوا على أموالهم من خداع الاهل والاصدقاء أو من سرقة المال العام، فيما قام منهم من عجز على الحصول عن شهادة البكالوريا الى شرائها بالمال بل وواصل حتى بلغ درجة كتب فيها أمام إسمه حرف الدال الشهير من خلال المال او الموقع. البعض منهم ممن لا يعرف كان وأخواتها صار يدبج (مقالات مدفوعة الثمن) الى الصحف والمجلات. ومنهم من كان يركض خلف الكاميرات التلفزيونية لكي يظهر فيها ، صار اليوم كالقرد يحاول الظهور في كل سيرك تلفزيوني. هؤلاء أداواتهم الكذب والخديعة وخيانة الاقربين والتملق حتى التمكن وشراء الذمم وانعدام المبادئ. كل شيء لديهم مسموح ما دام يصب في المصلحة الخاصة وتكون المصلحة العامة لديهم كذبة لتمرير مصالحهم الانانية. هؤلاء يعتقدون بأنهم أذكياء والبقية اغبياء، هم شجعان والبقية جبناء لا يقدروا على التصدي لهم. هؤلاء فاسدون سياسيا وماليا واخلاقيا ولا يستحقون الا النبذ.
يقول جورج برنارد شو(السلطة لا تفسد الرجال، إنما الأغبياء، إن وضعوا في السلطة، فإنهم يفسدونها)، لذا فأن وصول مثل هؤلاء هو مفسدة وجريمة ستؤدي الى استمرار معاناة العراقيين لسنوات اخرى والسكوت مهما كانت مبرراته هو مشاركة في هذه المفسدة لأن ( الساكت عن الحق شيطان أخرس).
ويبقى التساؤل مشروعاً، كم من هؤلاء سيتصدى للوظائف العاليا خلال الاربعة سنوات القادمة؟ وهل تعرف شخصيا مرشحا بمثل هذه المواصفات يسعى او موعود بالحصول على وظيفة عليا؟
إذا أجبت بنعم، قل لي ماذا ستفعل، هل تسكت؟!!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن