أهداف ايران في الانتخابات العراقية !

نجاح محمد علي
najahmali@gmail.com

2018 / 5 / 10



‏معركة كسر عظم بين الولايات المتحدة وحلفائها وبين إيران، تكون فصولها الساخنة في العراق على وقع الانتخابات المقررة يوم 12 من الجاري.
‏وتخشى ايران أن تسفر نتائج الانتخابات العراقية عن تقليص نفوذها الذي واجه تحديات جدية من نافذين في العملية السياسيّة، تحالفوا مع السعودية التي تدفع باتجاه قطع النفوذ الإيراني في العراق.
‏وكانت ايران تتوقع أن يزداد نفوذها في العراق خصوصاً بعدما ساعد المستشارون العسكريون الإيرانيون الحكومة العراقية في القضاء على "دولة الخلافة الاسلامية" في الموصل، الأمر الذي أطلق ناقوس الخطر عندما شاهد الايرانيون رئيس الوزراء حيدر العبادي، يتجنب حتى مجرد تقديم الشكر لطهران والتباهي بأنه حقق انتصاراً هائلاً في البلاد، جعله يختار اسم "نصر" لقائمته الانتخابية،وهو يستفرد بالنصر لوحده.
‏لم ترد ايران على انتقادات العبادي المبطنة لقائد فيلق القدس قاسم سليماني، لأنها كانت مشغولة على الأرض في مد نفوذها العسكري عن طريق حلفائها العراقيين في الحشد الشعبي عبر الحدود بين العراق وإيران نحوها مشروعها التأريخي "طريق القدس يمر عبر كربلاء(العراق)، ولأنها أيضاً كانت تعمل على تثبيت وجود الحشد الشعبي كمؤسسة في مفاصل الدولة كمؤسسة عسكرية شرعية لايمكن للعبادي ولا لمن يأتي بعده من تجاوزها.
‏وبعد أن نجحت ايران في الهدفين، أرسلت مبعوثاً رفيعاً من فيلق القدس مثّل قاسم سليماني، لإجراء اتصالات مع كل الأطراف، المؤثرة في صنع رئيس الحكومة المقبلة، وتحديداً المرجعية الدينية، لقلب الطاولة على العبادي الحالم بولاية ثانية ولو على حساب تفتيت حزبه حزب الدعوة الاسلامية، والاصطفاف ولو "مكرهاً" في خانة المحور المعادي لها .
‏ويتواجد المبعوث الإيراني الرفيع في بغداد منذ شباط فبراير الماضي بعد أن انفرط عقد التحالف بين قائمة "نصر" بزعامة العبادي، وقائمة "الفتح" بزعامة هادي العامري المحسوب على إيران.
‏ومع أن إيران لم تكُن مهتمة كثيراً بتحالفات ماقبل الانتخابات بأنها تركز جهودها على مابعد إعلان النتائج، لذلك لم تكن حاضرة في التحالف الذي سرعان ما انفرط بين "نصر" و"الفتح"، وهو ما أكده أمين عام حركة عصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي.
‏بين قم والنجف
‏لكنَّ هذا الحال تغير مع إرسال المبعوث الرفيع من فيلق القدس الى العاصمة العراقية متنقلاً بينها وبين النجف حيث اللاعب القوي في رسم هوية رئيس الوزراء(ومعه بالضروره اسم رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان وفق قاعدة التوافق التي يُحكَم بها العراق منذ 2003)، ويبدو أن ايران تمكنت
‏-حتى اللحظة- من استعادة جزء من موقعها في العملية السياسية رغم دخول عامل إضافي قوي هو السعودية،والمفاتيح التي أصبحت تملكها(السعودية) لدى بعض الشيعة في النجف من خلال علاقتها مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وفِي الكاظمية عبر المرجع الديني حسين الصدر.
‏من هنا جاء بيان المرجع سيد كاظم الحائري من مقر إقامته في قم لدعم قائمة "الفتح" دون ذكرها بالاسم، ولإحراج التيار الصدري قائلاً :
‏"أوصلوا الصالح الذي جربتموه في سنين المحن والصعاب والذي عرف بشجاعته وغيرته على العرض والارض".
‏وفور صدوره، وصف أتباع التيار الصدري البيان بأنه يَصْب في مصلحة نظام ولاية الفقيه لايصال أتباعه من العراقيين الى البرلمان، وبالتالي الى رئاسة الحكومة ،بينما رفع أتباع الحائري شعار "سأنتخب الصالح المجرب"، في مقابل
‏شعار "المُجرَّب لايُجرَّب" الذي يروج له، التيار الصدري وحلفاؤه في قائمة "سائرون" ووكلاء ينسبون أنفسهم لمرجعية النجف الدينية!
‏هندسة الانتخابات
‏ومع استمرار الحديث على نطاق واسع عن إمكانية حصول تزوير في الانتخابات المقبلة إذ تتهم واشنطن طهران بمحاولة هندسة النتائج ، يبرز أنصار الجمهورية الاسلامية متحدثين عن تورط أمريكا في المقابل بهندسة الانتخابات الماضية وتوزيع المقاعد البرلمانية "بالمسطرة" على قياس نظام المحاصصة الطائفية والعرقية كما قال وزير الأمن الوطني السابق والمرشح على قائمة "دولة القانون" عبد الكريم العنزي الذي تحدث عن وجود ماسماها "ماكنة منظمة تستهدف الاحزاب الاسلامية، لأهداف مغرضة تسقيطية، لتقول للشعب والعالم أن الاسلاميين فشلوا في حكم العراق، وهذه الماكنة تقف خلفها دول، بمساعدة جهات داخلية". .
‏وفي هذا السياق تبرز إذاً ملامح وأهداف "التدخل" الإيراني وطبيعته في الانتخابات المقبلة، وتبرره طهران بأنه لتدعيم استقرار العملية السياسية، ولكي لاتؤثر النتائج سلباً على موقفها في الصراع الجاري مع واشنطن وحليفاتها في المنطقة.
‏الأهداف الإيرانية
‏تتحرك طهران كما يبدو على ننتائج الانتخابات لإيجاد تحالفات تدعم دورها المقبل في العراق غير مكترثة كثيراً بطبيعة هذه النتائج على الرغم من أن المفوضية العليا للانتخابات لم تخرج عن نظام المحاصصة ويتواجد فيها بالتأكيد أنصار أو ممثلون عن حلفاء ايران في العملية السياسية، وهي متهمة أساساً بالضلوع في تزوير الانتخابات السّابقة، وتثار حول أدائها الحالي الشكوك حتى بعد إعلانها استخدام نظام الفرز الأليكتروني وسط حالة من فوضى الدعاية الانتخابيةومايثار من تساؤلات حول مصادر تمويلها، وشكاوى مواطنين في محافظات عدة عن فقدان بطاقاتهم الانتخابية بعد تحديثها من دون معرفة مصيرها والجهة المسؤولة عن هذه العملية.
‏ولهذا تسعى طهران الى فرض رؤيتها بشأن إنتخاب رئيس وزراء يستوفي مايلي :
‏أولا : بقاء الحشد الشعبي في ضوء مخاوف من إمكانية حله بقانون بنفس الطريقة التي تم تحويله بقانون الى مؤسسة تظل عرضة للمناورات السياسية والتأثيرات الإقليمية والدولية.

‏ثانيا: الوجود العسكري الأجنبي في العراق ويشمل طبعاً حلف الناتو والقواعد الأمريكية والتركية في ظل الجدل المثار خصوصاً من حلفاء ايران بشأن بقاء هذه القوات بعد انتهاء الحرب ضد تنظيم دولة الاسلامية، خاصة أن البرلمان كان ألزم الحكومة بوضع جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية، واتهامات للعبادي بعدم تنفيذ ذلك.  
‏ثالثاً : المحاصصة بعد رفض العبادي مشروع "الأغلبية السياسية" الذي ينادي به حلفاء طهران.
‏رابعاً : البرنامج الحكومي
‏حيث يعكف حلفاء طهران على إعداد برنامج حكومي يركز على الخدمات ليكون محوراً أساسياً في تفاوض قائمة (الفتح) وقائمة (نصر) وقوائم أخرى لتشكيل الكتلة النيابية الأكبر في البرلمان المقبل.
‏والأهم من كل ذلك فإن الجنرال إيرج مسجدي كان أعلن قُبيل وصوله العام المنصرم الى بغداد سفيراً جديداً بكامل الصلاحيات لإيران، أن هدفه ينصب قبل كل شيء على إنهاء المسائل العالقة من القرار الدولي 598 الذي أوقف الحرب العراقية الإيرانية ولم ينه حالة اللاحرب واللاسلم بين البلدين، وهذا لن يتحقق إلا بالتوصل مع بغداد الى معاهدة سلام تنهي الجدل حول إمكانية أن يُدفع العراق الى حرب جديدة مع ايران.
‏فهل ستنجح طهران في قلب الطاولة على خصومها من خلال نتائج الانتخابات في العراق ؟!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن