الاستحقاق الذي يفرضه المجلس الوطني الفلسطيني

عوني المشني
a_almashnii@yahoo.com

2018 / 5 / 3


راس الحكمة مخافة الله ، وناصية الفلسفة الشك ، ومفتاح الحقيقة السؤال وعظمة القائد ليس بتميزه ولكن بقناعة من حوله بانه متميز !!!!!
قيل عن لينين انه قبيل الثورة البلشفيه كانت الأغلبية العظمى من قيادة الحزب الشيوعي ضد تفجير الثورة في الموعد الذي تفجرت فيه ، وفِي اجتماع تلك اللجنة قال : بالامس مبكّر جدا ، غدا متاخر جدا اما الان وأما لا الى الأبد ، هذه هي اللحظة المفترض الامساك بها ، ضياعها يعني ضياع الثورة ، وكان له ما أراد ، اقتنع أعضاء اللجنة المركزية بمنطق لينين وفجروا الثورة ليصبح الاتحاد السوفيتي بعدها دولة عظمى .
عقد المجلس الوطني بنصاب تستطيع ان تعتبره مقنع او العكس بدون ان يشكل هذا تناقضا ، وبداية القصيدة درس من التاريخ على طريقة المراجعة الانتقائية ، لم تأتي الحكايات في سياق يؤسس لرؤيا سياسية ، مقارنات تغفل اختلاف الزمن والمكان ، استنتاجات لا تنسجم مع سياقاتها ، والبداية تأسيس لقرارات تشرعن الواقع بأدواته ومفاهيمه ، المقاومة الشعبية السلمية اُسلوب وحيد لكفاحنا الوطني ، والسلام منهجنا ، ومفاهيم اخرى لها علاقة بإدارة المرحلة اكثر من كونها استراتيجيات وما يصلح لمرحلة ليس بالضرورة ان يتحول الى قرار مجلس وطني . سينتهي المجلس ببيان وقرارت مشتقة من الواقع لا تشكل رافعة لتغييره ، وبعد ؟؟؟؟ بعد اختيار لجنة تنفيذية لا جديد فيها سوى تماهيها مع الواقع اكثر لان كثير من أعضاءها هم نتاج مرحلة وليس نتاج مواقف تاريخية ، ومن تنتجه المرحلة فانه يحمل نفس جيناتها . واكثر من هذا فان الأسماء التي يروج لها كأعضاء في التنفيذية هم محصلة الأشخاص الذين يقودون الحالة الحالية والتي هي النموذج الأكثر وضوحا للعجز والفشل .
دورة المجلس الحالية مختلفة عن الدورات السابقة ، في دورات المجلس السابق كانت هناك اجوبة ، في الدورة الحالية تضج الأسئلة بلا اجابة . في الدورات السابقة كان هناك قائد وقيادة ، في الدورة الحالية قائد بدون قيادة ، في الدوران السابقة كانت معارضة تكبح التسارع نحو الهابط المجهول ، في الدورة الحالية لا معارضة تكبح ولا معارضه تقدم بدائل ، في الدورات السابقة كان يعرف ياسر عرفات ما يريد والاخرين يعرفون ما يريده ياسر عرفات ، في الدورة الحالية بالتأكيد ان ابو مازن يعرف ما يريد ولكن لا احد نعرفه يعرف ما يريد ابو مازن .
بهذا ينتهي المجلس الوطني ، واليوم التالي لإنزال الستار عليه سيكون كاليوم الذي سبق عقده باستثناء تعاظم عدد ونوعية من يشككون في شرعية ما أنتجه ، وعدد كبير يهللون بما حق من إنجاز . يبقى التقييم مختلفا ، من اعتقد انه نجح هم من هبطت بهم احلامهم لحد التكيف مع الواقع والتماهي معه ، من اعتقد انه فشل ما زال غير متصالح مع معطيات الواقع ومعلقا بحبل من الأمنيات ، لكن في الخلاصة نجح المجلس بإدارة العجلة دورة اخرى ، وفشل في جعل دورة العجلة بذات اتجاه الهدف ، هي دورة تفتقد البوصلة ، ما قبلها كما بعدها ببعض من رتوش لا تغير شيئا .
لكن عقد المجلس الوطني مناسبة لأكثر من موضوع ، هو مناسبة للتأكيد ان المراوحة المكانية والزمانية هي سيدة الموقف ليس لمن حضر المجلس بل لمن قاطعه ايضا ، ذات الأسطوانة المشروخة يتم تكرارها بدون تغييرات نوعية لا على صعيد قرارات المجلس ولا على صعيد الفكر المعارض . وهو مناسبة ايضا لاصحاب الفكر من أبناء شعبنا الفلسطيني لإعادة قراءة المشهد قراءة موضوعية بعيدا عن المواقف المسبقة والمفاهيم المعلبة ، قراءة نقدية ، قراءة متصالحة مع ابجديات الفكر السياسي ، قراءة تؤسس لبناء ولا تهدم ما يشكل اساس صالح ، قراءة تشب عن المحاذير المحرمة ، قراءة ليست استرجاعية لما استهلك من أفكار وأدوات .
الأهمية في عقد المجلس لا تكمن في انه يشكل محطة للتغيير ، بل في ايقاظ الأسئلة التي غابت عن الوعي الفلسطيني ، وهذا لا يتم في المجلس ، فالمجلس الوطني لا يشكل منبر تفكير بقدر ما هو لإعادة انتاج ما هو قائم عبر وسيلة التدوير لما هو مستخدم ، التفكير الحقيقي يتم على هامش المجلس وبين أواسط المثقفين الفلسطينيين ، ربما مهم ايجاد اليات لذلك ، وسيتم ذلك بحكم الحاجة والضرورة ، الشعب الفلسطيني لن يتوقف كثيرا عند حدود ، الطاقة الإبداعية لهذا الشعب الفلسطيني عصية عن التيئيس كما هي عصية على الاحتواء حتى ولو في مجلس وطني ، احتكار القضية الوطنية في سياقين عملية خطرة خاصة اذا كانت المعارضة والموافقة ينهلان من نفس المنبع السياسي ، لهذا فان وجود سياقات فكرية سياسية اخرى عملية صحية ، ليس بالضرورة احزاب او حركات سياسية ، ربما منبر فكري او سياسي ، مركز تفكير ، مراكز أبحاث ، الاهم ان يكون تفكير بصوت مسموع ، لا محرمات في التفكير ، لا تابوهات مقدسة ، المقدس الوحيد هو الوطن وما دونه خاضع للتفكير ، الأحزاب والحركات السياسية أدوات وهي دون الوطن وهي خاضعة للنقاش ، الفكر القبلي الذي يقود الأحزاب والذي جعلها اهم من الوطن هو الخطر الحقيقي ، التسلّح بالحزب في وجه الوطن هو الخطيئة الفلسطينية الأكبر والاخطر ، ان نحطم الوطن من اجل الحزب خطيئة ، ان نسخر الوطن لخدمة الحزب خطيئة ، ان يكون الانتماء للحزب اقوى من الانتماء للوطن جريمة .
الان وليس أمس ، الان وليس غدا ، الان فرصة شعبنا للمراجعة ، مراجعة هادئة ولكن جادة ، مراجعة عميقة ولكن واضحة ، مراجعة شاملة ولكن ليست تعميمية ، مراجعة نقدية ولكن ليست تحطيمية ، مراجعة نظرية ولكن تضع الأدوات العملية .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن