الحزب الشيوعي بعد عام 2003 : تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادة

حسين كركوش
hussein2@free.fr

2018 / 4 / 27

كان الحزب الشيوعي ، قبل يوم من زوال النظام الصدامي أشبه ب(سمكة) تجاهد للبقاء على قيد الحياة بعد أن أُبعدت ، قسرا ، عن الماء الجماهيري و ظلت على اليابسة نحو ثلث قرن ، وهي فترة زمنية طويلة جدا. وما كان هذا الوضع خاصا بالحزب الشيوعي وحده. فباستثناء التيار الصدري (هذا إذا اعتبرنا التيار حزبا) ، كانت تلك حال (جميع) القوى السياسية العراقية التي ظهرت إلى العلن أثر انهيار النظام ، دون استثناء ، سواء كانت قوى الإسلام السياسي بما في ذلك حزب الدعوة وهو الأقدم بينها ، أو قوى مدنية (الوفاق ، المؤتمر ، الحركة الدستورية). جميعها لم تكن أفضل من الحزب الشيوعي ، فيما يخص ندرة الرصيد الجماهيري.

لكن بعد زوال النظام الصدامي ، ومنذ الأيام الأولى ، تغيرت الصورة دراماتيكيا ؛ سلبا فيما يخص الحزب الشيوعي ، وإيجابا فيما يخص بقية القوى السياسية. كيف ؟
منذ تلك الأيام ظهر فرق عميق وشاسع بين الحزب الشيوعي ، من جهة ، وبين (جميع) القوى السياسية الآخرى ، الإسلامية والمدنية ، التي ظهرت معه للنشاط العلني بعد زوال النظام الصدامي.
الفرق (وكان قاتلا بالنسبة للحزب الشيوعي) هو ، أن الحزب وحده ظل على اليابسة ، بينما وجدت جميع القوى الآخرى ، ومنذ الساعات الأولى ، أمامها بحيرات وحتى محيطات بدأت تسبح فيها ، دون أن تبذل هي أي جهد ذاتي يذكر ، على الاطلاق ، في توفير تلك المياه.
قوى الإسلام السياسي ، بشقيها الشيعي والسني ، بدأت تسبح في مياه البحر الطائفي الهائج و الطافح حد الفيضان ( استخدم هنا مفردة طائفي لا بالمعنى القدحي ولا المدحي ، إنما كتوصيف حال). و القوى المدنية ( حركة الوفاق بقيادة آياد علاوي ، حزب المؤتمر بقيادة الجلبي ، و الحركة الملكية الدستورية ) ، كانت قد ولدت أصلا خارج العراق (بعمليات قيصرية) وبدون قواعد جماهيرية ، لكنها دخلت العراق بأجنحة أميركية. وبتلك الأجنحة الأميركية راحت تحلق في سماء العراق فتحول بعضها ، أو بالأحرى هكذا بدت منذ الأيام الأولى ، نسورا بعد أن اجتمع حولها عراقيون كثيرون ظنوا أن هذه الجماعات المدعومة أميركيا هي حصان الرهان الرابح ، وهي اليد الضاربة التي ستعتمد عليها الولايات المتحدة في حكم العراق ، وأنها هي التي ستقود البلاد.

الحزب الشيوعي هو الوحيد الذي وجد نفسه يواجه ، ذاتيا وموضوعيا ، في الجملة وفي التفاصيل ، أياما أشد صعوبة وتعقيدا وأكثر قسوة حتى من أيام تأسيسه في ثلاثينات القرن الماضي.
ففي سنوات تأسيس الحزب في بداية ثلاثينات القرن الماضي كانت ثورة أكتوبر الروسية في عز شبابها ، وكانت داينمو يشتغل بأقصى طاقته التحريكية ويحقق النجاح تلو الآخر ، روسيا و عالميا. كانت انجازات الثورة حديث البشرية ، ومدعاة لفخر وتباهي الشيوعيين وغير الشيوعيين ، عززتها في السنوات اللاحقة انتصارات الجيش الأحمر وهزيمة النازية ، و بعد ذلك قيام التجارب الاشتراكية في أوربا و آسيا عقب الحرب العالمية الثانية.
أما في عام 2003 فكانت ثورة أكتوبر قد أصبحت ، بعد أن هرمت وشاخت ، في ذمة التاريخ ينشغل بدراستها المؤرخون ، وكان قدوة الحزب ومثله الأعلى ، الاتحاد السوفيتي قد انهار ، هو الآخر ، ومعه الأنظمة الشيوعية في أوربا الشرقية ، قبل أكثر من عقد من السنوات. وعندما ظهر الحزب الشيوعي العراقي للنشاط العلني عام 2003 كان ما يزال يحمل على ظهره أعباء فشل تلك التجارب الاشتراكية ، أرادَ أم لم يرد.

أما داخليا فقد كان الوضع المجتمعي العراقي عام 2003 أكثر تعقيدا في صعوبته من حقبة التأسيس ، و عقود السنوات التي تلتها. وقتذاك كانت الظروف مشجعة ، أو لنقل عير معادية ، أو أقله غير نافية لظهور الحزب الشيوعي. كانت دروب وممرات كثيرة مفتوحة بإمكان الحزب الدخول منها : فئة وسطى تتشكل بأفكار تنويرية حديثة تخالف الكثير مما كان سائدا ، و أفرادها مهيئون لتقبل ونشر ما هو جديد من أفكار ؛ مجتمع مدني ، ولو في طوره الجنيني ، يضع خطواته الأولى ؛ بدايات ولو خجولة ، تريد رفع الظلم عن المرأة ؛ (أقليات) عراقية تبحث عن من يساويها ، وطنيا ، بالأكثرية في محاولات لتشكل هوية وطنية شاملة وذاكرة عراقية جامعة ؛ بدايات تململ ساخط لأبناء عشائر (فلاحين) ضد ممارسات لرؤساء عشائرهم الذين هم في نفس الوقت كبار ملاكي الأراضي الزراعية ؛ بدايات لنشاط نقابي أثر ظهور فئات عمالية نتيجة بدء نهضة صناعية وطنية ، و بداية ظهور لبورجوازية وطنية تجارية وصناعية ، و لحرفيين صغار يخافون من منافسة البضاعة الأجنبية.

أما في عام 2003 فكانت الطرق ، سياسيا ومجتمعيا وثقافيا وطبقيا ، موصدة أمام نشاط الحزب الشيوعي ، وطاردة له. كانت اتجاهات الواقع العراقي تسير بالضد مما يريده الحزب ويعمل من أجله :
* الحزب يؤكد على الهوية الوطنية العراقية الجامعة ، بينما واقع الحال يؤكد أن المجتمع تتسيده وتقوده الهويات الفرعية.
* الحزب الشيوعي يسعى لإقامة دولة مدنية ، بينما كان الواقع العراقي تلك الأيام يعتبر شعارا كهذا شتيمة ، أو نكتة.
* الحزب يرفع شعار إنصاف المرأة وضمان حقوقها ، والواقع العراقي يغطي المرأة بالسواد ، و قد وصل الأمر تلك الأيام ألى حد أن بعض سائقي الأجرة كانوا يرفضون أن تصعد داخل سيارتهم امرأة سافرة.
* الحزب يتوجه نحو النخب المثقفة ويأمل بتضامن أفرادها معه في ميادين المسرح والغناء والفنون كما كان الأمر في خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي ، بينما كان العاملون في هذه الميادين لا يعلنون عن أنفسهم خوفا من السخرية والاعتداء والبطش ، وحتى الاغتيال.
* الحزب يبحث ويتوجه نحو الطبقة الوسطى التي كانت تقليديا وتاريخيا الداينمو المحرك لنشاطه منذ سنوات تأسيسه ، في وقت كانت فيه هذه الفئة داخل غرفة الإنعاش بسبب القمع والحروب والحصار الاقتصادي طوال حكم صدام حسين.
* الحزب يرفع شعار فكر علمي / ثقافة تقدمية ، و الواقع العراقي يكتظ بالمنجمين ومروجي الخرافات والأساطير ، وتسيطر عليه العواطف المنفلتة و الغرائز البدائية بشكلها العدواني.
* الحزب يبحث عن الأقليات ( اليهود ، المسيحيون ، الصابئة) التي غالبا ما كانت تمده بقيادات وبقواعد ، لكنه لم يجدها فقد كانت تواصل هجراتها الجماعية خارج العراق حتى تكاد البلاد تخلو منها ، والأكراد ، الذين كانوا خزان الحزب البشري ، كانوا منشغلين حد النخاع بقضيتهم القومية ، والشيوعيون منهم انفصلوا وأسسوا حزبهم الشيوعي الخاص بهم.
* الحزب يرفع شعاره الوطني التوحيدي (وطن حر وشعب سعيد) ، والواقع العراقي يتحدث عن مشاريع تقسيمية ( أقاليم وفيدراليات ).
* وحتى تاريخ الحزب ، وهو تاريخ طويل وعريق ، لم يسعفه تلك الأيام ، لأن الفئات العمرية التي كانت في سن الأربعين ، مثلا ، و التي شرعت تنشط عام 2003 داخل المجتمع وتحركه ، ما كانت تعرف شيئا كثيرا عن الحزب الشيوعي ، وإذا كانت قد عرفت عنه شيئا فقد عرفته عن طريق التثقيف المضاد للحزب : يشيع الإلحاد والفجور والرذيلة ... الخ.

و بسبب ما ذكرنا أعلاه ظهر خندق عميق يفصل بين الواقع العراقي كما هو ، وبين الحزب الشيوعي ، أي ما يريده ويتطلع له. الخندق أعاق ، بل منع وصول كتل بشرية ضخمة من العراقيين ، أن يعبروا لضفة الحزب حيث يقف ، وأعاق الحزب من أن يصل لضفتهم حيث يقفون ( قارنوا ، مثلا ، بين شعبية الحزب عام 2003 وشعبيته عام 1959 ، بل حتى شعبيته بعد الانتكاسة الكبرى التي تعرض لها عام 1963 ). وظهر ذلك الخندق في انتخابات الجمعية الوطنية في كانون الثاني عام 2005 عندما لم يحصل الحزب إلا على مقعدين وبأصوات لم تصل السبعين ألف. (ولم تتغير الصورة في الانتخابات البرلمانية ولا في الانتخابات المحلية التي حدثت لاحقا).
في تلك الأيام كان الحزب أمام مقولة غرامشي الشهيرة التي عنونا بها هذا المقال : تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادة (اعتمدت على الترجمة الفرنسية ، وهي كالتالي :
Je suis pessimiste avec L’intelligence , mais optimiste par volonté
و التعبير صاغه غرامشي في رسالة لأخيه بعثها من السجن عام 1929).

ولا بد أن قيادة الحزب الشيوعي العراقي طرحت وقتذاك على نفسها السؤال التالي : ماذا بمقدور الحزب أن يفعل ، و ما هي الخيارات أمامه ؟
لم تكن خيارات كثيرة. كان هناك خياران.
الأول ، هو الذي يعتمد على تحكيم العقل ، أي يعتمد على قراءة الحزب للواقع القائم وقتذاك.
نتيجة تلك القراءة هي التشاؤم السوداوي اليائس : إما حل الحزب ، أي الانتحار الفوري ، أو الانتحار البطيء ، أي الانكفاء نحو الذات والتقوقع داخلها و الاكتفاء بالبكاء على الأطلال واجترار أمجاد الماضي و ندب الحظ العاثر والتسليم للأمر الواقع والقبول به ، انتظارا لرصاصة رحمة أو حدوث معجزة.
الخيار الثاني هو ، أن يرفض الحزب تشاؤم العقل ، ويتمسك بتفاؤل الإرادة. بمعنى أخر ، أن يتحدى قوانين المنطق السائد ، ويعمل بأيمان يفوق قدرته الواقعية ، و يرفض الرضوخ لشروط الواقع القائم وقتذاك وعدم الاستسلام لها ، والتعامل معها كشروط مؤقتة حتمتها لحظة تاريخية استثنائية غير طبيعية ، و بعد ذلك يشرع الحزب باستقراء الواقع الاحتياط ، المخفي ، المضموم ، الذي كان (يغطيه) دخان الواقع القائم ، والعمل على استيلاد نتائج كانت تبدو وقتذاك تعجيزية. كان على الحزب أن يفكر بما هو أبعد من اللحظة التاريخية التي كان يعيشها ؛ أن يراهن على ما يكتنزه ، مستقبلا ، المجتمع المدني العراقي ، وأن يتوقف عند طبيعة الأصطفافات والتحالفات السياسية القائمة آنذاك ؛ هل هي ثابتة وراسخة وجامدة ، وُلدت هكذا ولن تتغير ، أم هي ديناميكية ومؤقتة ومتحولة ومتغيرة ، تبعا لما سيحدث من حراك مجتمعي ثقافي ، حضاري ، اقتصادي ، سياسي ؟
كان على الحزب أن يفعل ذلك ، ليس بطريقة الانتظار السلبي ، و ليس بطريقة قراءة الكف و اعتمادا على الغيب ، إنما اعتمادا على التحليل وعلى قراءة ما بين سطور حركة المجتمع العراقي.
وأظن أو افترض أن قيادة الحزب طرحت على نفسها وقتذاك السؤال التالي : هل ما يمر به المجتمع العراقي حال طبيعية وهي (نهاية تاريخ) المجتمع العراقي ، أم هي حال شديدة الخصوصية ومؤقتة حتمتها لحظة تاريخية محددة ، ستتغير مع مرور الوقت ؟
هذا السؤال أجاب عليه الحزب في وثيقة التقييم التي أصدرها عقب انتخابات الجمعية الوطنية ، و ورد فيها ما يلي : إن النتائج التي تحققت لا تعبر عن الثقل السياسي والنوعي للحزب في المجتمع والحياة السياسية.
وحتى يكون بمقدور الحزب أن يّعبر عن ثقله السياسي والنوعي كان عليه أن يتسلح بإرادة متفائلة تتجاوز تشاؤم العقل / الواقع ، و أن يعمل بصبر إيجابي واع ، و بالإمكانيات المتوفرة أمامه ، على تجاوز الواقع. وهذا ما فعله الحزب منذ البداية.
وكان دخول الحزب في العملية السياسية ؛ أولا في مجلس الحكم ، ثم تواجد الحزب في البرلمان وفي السلطة التنفيذية ، خطوات صحيحة باتجاه التغلب على العزلة ، والانتقال من (هامش) إلى (متن) الحياة السياسية. بفضل تلك المشاركة بدأ أسم الحزب يتردد على ألسنة فئات عمرية من الشباب ما كانت قد سمعت به سابقا ( هذه الفئات تشكل ، ديموغرافيا ، الأكثرية داخل المجتمع العراقي ). وقد رأينا لاحقا أن البعض من هولاء الشباب أصبحوا ، رغم حداثة تجربتهم السياسية ، من نشطاء تظاهرات ساحة التحرير وفي المحافظات ، وبعض منهم أصبحوا أعضاءا في اللجنة المركزية في المؤتمر الأخير للحزب.
وبفضل الأداء المميَز للوزراء وللنواب الشيوعيين ونزاهتهم المالية والإدارية كادت النزاهة وكاد الاخلاص أن يصبحا ماركة مسجلة بأسم الحزب الشيوعي العراقي ، عند عراقيين كانوا قلة لكن بدأت أعدادهم تتكاثر. وهذا الانجاز ، وأن كان أخلاقيا مناقبيا ، ألا أنه بدأ يتحول تدريجيا إلى رصيد سياسي ، خصوصا في ظروف يتحدث فيها العراقيون عن فساد العملية (السياسية) ، ماليا وإداريا ، وبشكل غير مسبوق.

الآن ، نحن في عام 2018 ، أي بعد مرور 15 عام على زوال النظام الصدامي ، فماذا حدث ؟
ما حدث هو أن الأفكار و الشعارات التي كانت وقتذاك حكرا على الحزب الشيوعي ، وما كانت قوة سياسية تتبناها ( دولة مدنية ، رفض المحاصصة ، من بين شعارات أخرى) صارت ترفعها غالبية القوى السياسية ( عن قناعة أو مسايرة للمزاج العام ). وهذا يعني أن الحزب الشيوعي لم يتخل عن شعاراته ولم يغيرها ، وإنما المزاج والوعي العام هما اللذان تغيرا ، ودفعا الطبقة السياسية أن تغير مواقفها ، ولو نسبيا ، ولو مسايرة للمناخ العام الذي استجد.
ما حدث هو أن أكبر قوة جماهيرية منظمة في حركات الإسلام السياسي في العراق (التيار الصدري) تلتقي (أقله انتخابيا) مع الحزب الشيوعي ، في بادرة هي الأولى من نوعها في تاريخ العراق المعاصر.
ما حدث (وهذه عودة لعنوان المقال) هو ، أن القوى السياسية التي قادت العملية السياسية ، والتي كانت تسبح في بحر تفاؤل العقل وتفاؤل الإرادة وتملك قوة السلاح والمال وجبروت أجهزة ومؤسسات الدولة و كل مغرياتها ، بدأت تعترف علانية بفشلها في حكم البلاد ، وتتحدث ، بهلع أحيانا ، عن (مؤامرات) لإبعادها عن الحكم ، أي بدأت تفقد ، أو أقله تبتعد عن تفاؤلها السابق ، رغم أنها ما تزال تحتكر كل مقومات النجاح والتفاؤل التي ذكرناها.

هل هذا يعني أن الحزب الشيوعي استعاد أو سيستعيد جماهيريته التي كان يحظى بها في عقود القرن الماضي ، أو تحول إلى قوة سياسية كبرى ، أو أنه سيحصد أصواتا انتخابية ينافس فيها الأحزاب السياسية التي تحكم منذ عقد ونصف ؟
سنكون ساذجين ومغفلين إذا قلنا ، نعم.
كل ما نريد استنتاجه نطرحه بصيغة الأسئلة التالية : هل أن الحزب الشيوعي ، و هو الجهة السياسية العراقية الوحيدة الذي ظل ينشط دون دعم دولي وإقليمي ، ودون استخدام للمال السياسي ، ودون الاعتماد على العنف و التهديد بالسلاح ، ودون التعكز على عصا الدولة وإمكانياتها الأسطورية ، ودون الاحتماء داخل خندق طائفي أو أثني أو قومي أو مناطقي ، نقول : هل تراجع نشاطه أم ازداد منذ عام 2003 وحتى عام 2018 ؟ هل ظل يرواح في مكانه أم حقق تقدما ذاتيا ؟

هنا ، أتوقع أن ماركسيين و شيوعيين خارج الحزب ويقفون ضد سياسته سيعترضون ضد ما ذكرته حول مشاركة الحزب الشيوعي في مجلس الحكم الذي خلقته سلطة الاحتلال ، وفي العملية السياسية عموما ، وقبوله الدخول في قائمة انتخابية يرعاها زعيم التيار الصدري ، قائلين إن :
الحزب الشيوعي خان مبادئه الماركسية اللينينية ، والمبادئ الشيوعية عموما ، وخان مقولة مؤسسه فهد ( حزب شيوعي لا اشتراكية ديمقراطية ) عندما وافق على المشاركة في مجلس الحكم بقيادة بريمر وتحت ظل الاحتلال ، و وأيضا عندما وافق على المشاركة في الانتخابات العامة والمشاركة في السلطتين التشريعية والتنفيذية ، لأنه قبل وشرعن الاحتلال الأجنبي ، وكرس الطائفية.

الشق الأول (خيانة مبادئ الحزب والمبادئ الشيوعية) لا أتوقف عنده ولا أناقشه ، ليس لأني أزدري قائليه ، أبدا ، وإنما لسببين ، ذاتي وموضوعي.
أولهما ، لأني لا أملك حق الحديث عن قضايا كهذه. فأنا لست عضوا في الحزب الشيوعي ، ولست شيوعيا.
الثاني ، لأني أعتبر (كمراقب للأحداث وكصديق للحزب) أن انهيار جدار برلين ، و ما حدث للاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي ، بمثابة ( تسونامي) آيدولوجي نظري ، طبقي اجتماعي ، ثقافي ، سياسي ، أطاح بأنماط من قناعات وتصورات وطرق ومناهج تفكير كان يتم التعامل معها بقدسية ، وظلت سائدة طوال القرن الماضي ، بل قبله ، وأسس ، أو يُفترض هكذا ، لأخرى مغايرة تماما ، أو على الأقل متباينة تماما ، ناهيك عن التغيرات العاصفة التي عاشها ويعيشها المجتمع العراقي.
وسيكون في عداد الموميات من لا يستوعب ما أحدثته تلك البراكين والزلازل السياسية والفكرية.

أما الشق الثاني، أي انتقاد البعض للحزب بسبب مشاركته في العملية السياسية تحت سلطة الاحتلال ، و ما يقال عن تزكيته للطائفية ، و كذلك تحالفه الانتخابي مع التيار الصدري ، فتستحق أن نخصص لها مقالة خاصة قادمة.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن