مكتبة أم سجن

محمد صالح أبو طعيمة
mohdtaima@hotmail.com

2018 / 4 / 6

تحويل المكتبة الوطنية لمقر لمصلحة السجون
"ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق"ص7

رُغم شتات المكتبات هنا وهناك، تفتقر فلسطين إلى مكتبة كبيرة، شاملة جامعة، يُحفظ فيها الإرث الوطني، لمبدعيها، وكتابها، وباحثيها، وما أنتجته الحضارة البشرية، من مصنفات، وعلوم لا غنى للإنسانية عنها،
نخص بالذكر محافظات القطاع، التي تترامى فيها المكتبات الخجولة، من محافظة لأخرى، تحت مسمى "مكتبات البلديات" وبعض المكتبات في الجامعات، ومكيتبات صغيرة في بعض المدارس والمساجد، إن جاز لنا أن نسميها مكتبات، بعد الإهمال في تطويرها منذ إنشائها، وهي أصلا مكتبات منزلية، كانت لأدباء أوصوا بها بعد موتهم أن تؤول إلى الشعب، كمكتبات عامة.
وكم نحن بحاجة إلى مكتبة، تروي ظمأ الباحث، وتشبع نهم القارئ، وتلبي حاجات الناس أجمعين، على مختلف ثقافاتهم، ومقاماتهم العلمية، ومراحلهم العمرية.
وهذا ما دأبت لأجله السلطة الفلسطينية، فقامت بوضع حجر الأساس في مدينة غزة، لإنشاء المكتبة الوطنية لفلسطين، في المبنى الذي يعرفه جل الأهالي في القطاع، إذ يقع في محيط أرض الكتيبة التي تُقام عليها الاحتفالات والمهرجانات الكبيرة.
وتم جمع الكتب وتجهيزها وحفظها، حتى يتم الانتهاء من إنشاء المبنى، الذي كان في مراحل الإنشاء الأولى، قبل أن تعصف به قنبلة الانقسام عام 2007 والتي عصفت بالقضية الفلسطينية عامة، الأمر الذي أدى إلى توقف المشروع.
وفي عام 2008 تعرض المبنى للقصف الإسرائيلي، ليصاب بضرر كبير آخر.
وظل المبنى على حاله، وظلت الفاقة والحاجة لمكتبة وطنية في فلسطين قائمة دون أن تجد من يلبيها.
حتى جاء ما لم يكن في الحسبان، إذ أن المبنى سيخضع لعملية ترميم، واستكمال في هذه الوقت الذي تُكتب فيه هذ السطور، من شهر نيسان للعام 2018 أي بعد أحد عشر عاما، من توقف المشروع، وللأسف لم يكن هذا الترميم لإنشاء المكتبة الوطنية!
بل عُلقت لوحة تعريفية، تدل على أن المبنى سيكون مقرا للمديرية العامة للإصلاح والتأهيل.
التابعة بكل تأكيد لوزارة الداخلية والأمن الوطني، وفي ظل فوضى المصالحة التي نعيش في هذه الأوقات العصيبة، لا ندري تابعية هذه الوزارة لمن؟
هل لغزة أم لحكومة الوحدة الوطنية؟
ومن هو المسؤول عن هذا القرار؟
أخيرًا، أيا كان المسؤول عليه إعادة النظر في قراره، وإن كان من تمويل فيجب أن يكون للمكتبة الوطنية، التي إن وظفناها واقعا في حياتنا، أعفتنا من مشاريع السجون والإصلاح والتأهيل، والتجربة الهولندية ليست ببعيدة عنا.
فمصلحة السجون الهولندية، تستورد النزلاء من الدول المجاورة، حفاظا على أرزاق العاملين فيها.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن