من أجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا: الجزء الثالث.....1

محمد الحنفي
sihanafi@gmail.com

2006 / 3 / 11

هل يمكن أن تكون للمرأة إرادة ؟

إذا كان احترام إرادة الشعوب في البلدان ذات الأنظمة التابعة، أو ذات الأنظمة الإقطاعية، أو البورجوازية، أو البورجوازية الصغرى، أو المؤدلجة للدين الإسلامي، غير وارد بسبب غياب ممارسة الديمقراطية الحقيقية، من الشعب، و إلى الشعب، بمضمونها الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي، و بسبب سيادة الأنظمة الاستبدادية، فما بالنا باحترام إرادة المرأة.

و إذا كانت إرادة الرجل، مسلوبة، من قبل الأنظمة الاستبدادية القائمة، التي قد يلجأ بعضها إلى ممارسة ما يمكن تسميته بديمقراطية الواجهة، فإن إرادة المرأة مسلوبة من قبل المرأة، و من قبل الرجل، في نفس الوقت، الذي لا يعتبر المرأة إلا متاعا أو سلعة، أو عورة، ليدوسها بذلك، و يسحق كرامتها، حتى و إن كانت إقطاعية، أو بورجوازية. فما لديها من ثروات هو مناسبة لممارسة الانتهازية البشعة، في حقها، من أجل التصرف فيما تملكه عن طريق الزواج بها.

و لذلك فنحن عندما نطرح السؤال :

هل يمكن أن تكون للمرأة إرادة ؟

فإن علينا أن نطرح قبله سؤالا آخر هو:

هل يمكن أن تكون للشعوب إرادة ؟

و ما هي العوائق التي تحول دون احترام إرادة الشعوب ؟

و ما هي الوسائل التي يمكن اعتمادها لفرض احترام الشعوب ؟

و ما هي الشروط الموضوعية التي يجب أن تتوفر لتفعيل تلك الوسائل؟

إن إرادة الشعوب، و احترام هذه الإرادة، تقتضي قيام دستور ديمقراطي، تكون فيه السيادة لكل شعب، في كل بلد على حدة، و تلك السيادة، تقتضي إجراء انتخابات حرة، و نزيهة، لإفراز مؤسسات محلية، و وطنية، و تكوين حكومة من أغلبية البرلمان، تنهج سياسية ديمقراطية، و شعبية، يتم في إطارها تمتيع جميع أفراد الشعب بحقوقهم الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، و تعمل على ملاءمة جميع القوانين المحلية، مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، فلا أمية، و لا عطالة، و لا سكن غير لائق، و لا حرمان من الحماية الاجتماعية، و الصحية. لأن الغاية من احترام إرادة الشعب ليست هدفا في حد ذاتها، بقدر ما هي وسيلة لضمان تحقيق الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية.

و لتكريس احترام إرادة الشعوب، لا بد من إزالة العوائق المختلفة، التي تحول دون ذلك، و يأتي على رأس هذه العوائق النظم الاستبدادية القائمة في البلدان ذات الأنظمة التابعة، و غياب الديمقراطية، التي يمكن تسميتها بديمقراطية الواجهة، الموجهة للاستهلاك الخارجي، و عدم وجود دساتير ديمقراطية، أو وجود دساتير مكرسة للاستبداد، و نهج سياسة لاديمقراطية، و لا شعبية، و فرض اختيارات اقتصادية، رأسمالية تبعية، أو متخلفة، تعود بنا إلى الزمن الماضي، الذي لم يعد واردا رجوعه، و فرض إيديولوجيات متخلفة، لتضليل الكادحين، حتى يقبلوا بما يمارس عليهم من استغلال همجي. لأن الهمجية، هي الإمكانية القائمة، في ظل الرأسمالية التابعة، أو في ظل الاقتصاد المختلف.

و لتجاوز هذه العوائق، لابد من وجود حركة مناضلة، تسعى إلى وضع برنامج للنضال الديمقراطي، الذي يهدف إلى تحسين الأوضاع المادية، و المعنوية لسائر الكادحين، و إلى تحقيق الديمقراطية، من الشعب، و إلى الشعب، و إلى احترام حقوق الإنسان المختلفة، و إلى بناء اقتصاد وطني متحرر، و العمل على قيام أنظمة ديمقراطية، من اختيار الشعوب، في جميع البلدان ذات الأنظمة التابعة، اللاشعبية و اللاديمقراطية، و بناء مؤسسات تمثيلية حقيقية، تحترم فيها إرادة الشعوب، وقيام حكومات تعكس تلك الإرادة، و تعمل على نهج سياسة ديمقراطية و شعبية ... الخ. و هذه الوسائل صارت ضرورية لتحقيق غايتين أساسيتين :

الغاية الأولى : وضع حد للتبعية الناتجة عن الخضوع للإملاءات الخارجية، التي يقف وراءها صندوق النقد الدولي، و البنك الدولي، و المؤسسات المالية الدولية، و الشركات العابرة للقارات، و الدول الرأسمالية الكبرى.

و الغاية الثانية : هي فسح المجال أمام إبداعات الشعوب، و إحداث نقلة نوعية في الاقتصاد، و الاجتماع، و الثقافة، انطلاقا من الإمكانيات الذاتية، البسيطة، في تفاعلها مع الإمكانيات الإقليمية، و القومية، و العالمية، على أساس المساواة فيما بينها. و إبداع الشعوب لابد أن يكون في مستوى طموحات الشعوب، نفسها، في الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية.

و لتفعيل الوسائل التي أشرنا إليها لابد من :

1) تكوين حكومة إنقاذ وطني، في كل بلد من البلدان التابعة، من أجل وضع برنامج مستعجل، للقضاء على المظاهر المسيئة إلى كرامة الشعوب، كالبطالة، و الأمية، و التخلف الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي.

2) العمل على تمتيع جميع الناس، بجميع الحقوق الواردة في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، و ملاءمة القوانين المحلية مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، و العمل على مراقبة احترام تطبيق تلك القوانين.

3) إخضاع السياسة القائمة، إلى التقويم المستمر، و النقد الهادف، بواسطة المؤسسات التمثيلية الحقيقية، التي تعكس إرادة الشعوب، و نهج سياسة إعلامية هادفة، تجعل كل ما يجري على المستوى الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي، واضحا، أمام الشعوب، التي يهمها أن تساهم في تقرير مصيرها بنفسها.

و في ظل احترام إرادة الشعوب المقهورة، و المستغلة، يمكن أن نتحدث عن احترام إرادة المرأة، باعتبار تلك الإرادة جزءا من إرادة الشعوب، و مكونا من مكوناتها. إلا أن خصوصية المرأة،و خصوصية ما يمارس عليها من قهر مزدوج، اقتصادي، و اجتماعي، و ثقافي، و مدني، و سياسي، من قبل الطبقة المستفيدة من الاستغلال، و من قبل الرجل على السواء، يمكن أن نسجل ضرورة الاهتمام بالمرأة، كخصوصية، من أجل تمكينها من حقها، في جميع مجالات الحياة، التي تعبر عن قدرتها على المساهمة في البناء الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي. و مساهمتها، تلك، هي التي تفرض القيام بالدور اللازم، في أفق احترام إرادتها القائمة على وعيها الطبقي من جهة، و على وعيها بذاتها كامرأة من جهة أخرى، أي أن احترام إرادة المرأة يتحقق من خلال :

1) تحقيق احترام إرادة الشعوب على جميع المستويات.


2) تمكين المرأة من امتلاك وعيها الطبقي الحقيقي، الذي يهم الرجال و النساء على السواء.

3) تمكينها من امتلاك وعيها بنفسها كامرأة، و كخصوصية، و كدور لا يتم الاعتراف به على جميع المستويات الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و السياسية.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن