الستراتيجية الامريكية وعودة الحرب الباردة

عدنان جواد
adnan7020@yahoo.com

2018 / 3 / 6

الإستراتيجية الأمريكية وعودة الحرب الباردة
بعد تفكك المنظومة السوفيتية، وانتهاء الحرب الباردة، تفردت الولايات المتحدة الامريكية، مما أدى الى فقدان التوازن في العالم، ففي 22/اب/1990 فوضت الأمم المتحدة القطب القوي الذي أصبح وحيدا في الساحة، في حرب احتلال العراق للكويت، وهي حصلت على نصر بدون حرب نتيجة للتفوق العسكري والدعم الدولي، وتتركز الستراتيجية الأمريكية على قواعد أولها، تحقيق السلام لايمكن أن يتم بدون استعمال القوة، وثانيها، الهيمنة المبنية على المنفعة والبقاء للأصلح، فهي ترى نفسها بأنها الأجدر لقيادة العالم، بما تمتلكه من قوة عسكرية واقتصادية، فهي أنفقت 47% من إجمالي الإنفاق العسكري للعالم اجمع في عام 2004 ، والبالغ (975 ) مليار دولار، في حين إن الصين أنفقت في نفس السنة(35,7)، هذه القوة جعلت الولايات المتحدة الأمريكية حرة التصرف في صياغة وترتيب العالم حسب مصالحها، والأمم المتحدة لا تستطيع أن تتحرك بدون إشارة من الولايات المتحدة الأمريكية، ففي القضايا التي تهمها وتمس مصالحها تسعى لتحصل على تفويض من الأمم المتحدة ، كما حدث في حرب كوريا عام 1950 وحرب الخليج الثانية 1990ـــ1991) بل ذهبت ابعد من ذلك بالمطالبة بتطوير ميثاق الأمم المتحدة بما يتلائم مع حلم التفرد الأمريكي وإطلاق يدها في شؤون العالم وفق رؤيتها، وتشريع قوانين في الأمم المتحدة تسمح احتلال دول ذات سيادة، تحت مسميات حقوق الإنسان، وتهديد السلم الأهلي والعالمي، ونشر الديمقراطية، وحماية الأقليات، وأسلحة الدمار الشامل، وأخيرا القضاء على الإرهاب وحجة استعمال الكيماوي في سوريا من قبل النظام، ومن الأمثلة الأخرى على ذلك حادثة لوكربي بإسقاط الطائرة فوق ايرلندا الذي اتخذ مجلس الآمن القرار بشأنها، وأطلقت على هذا الوضع( بالنظام الدولي الجديد).
إلى جانب الأهداف والغايات التي تنشدها الولايات المتحدة الأمريكية من اجل قيادة العالم، فقد صرح بوش الأب بعد دخول العراق الى الكويت عام 1990 بان( الحرب ضرورة لنا لمعرفة مستوى قوتنا المسلحة ومتطلباتها الدفاعية المستقبلية) وفتح سوق للصناعات الحربية، ولا يأتي هذا الا بافتعال الحروب، وكما قال ديفد ميلر(في كل مرة نخوض فيها حربا ينتعش فيها اقتصادنا) فالولايات المتحدة الامريكية حققت استقلالها بالحرب، وتوحدت بالحرب ويزدهر اقتصادها أيضا بالحرب، ولقد تأكد الانفراد الأمريكي في العالم بعد أحداث 11 ايلول /2001 والتي من خلالها أجبرت مجلس الأمن اتخاذ القرارات التي منحتها الغطاء الشرعي والسياسي لعملياتها العسكرية، وبالنسبة للعراق فقد اصدر مجلس الأمن أكثر من 50 قرار ضده من عام 1990 الى عام 2003، ومشروع الشرق الأوسط الجديد، وفكرة تقسيم المقسم، والربيع العربي وإسقاط الحكومات غير المؤيدة او المترددة، بدعوى الديمقراطية وإرادة الشعوب كما حدث في ليبيا وتونس وسوريا ، وظهور القاعدة ، وبعدها داعش، وان حرب تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية هي حرب مقدسة وأي حرب تعارضها هي حرب ظالمة بغض النظر عن الجرائم المرتكبة والمدن المدمرة.
إن الجديد في المجتمع الدولي هو عودة القطب المنافس الذي يوقف الولايات المتحدة الأمريكية عند حدودها، في مجلس الأمن، في تمرير القرارات الدولية والتدخلات العسكرية، بالنقض (الفيتو)، فروسيا اليوم ليس روسيا قبل عشر سنوات، أسقطت أنظمة حليفة للاتحاد السوفيتي بعد انهياره، فاستطاعت ان تقف بوجه العشرات من القرارات ضد ما تبقى من الدول المستقلة ذات السيادة، فاليوم عادت الحرب الباردة والتوازن للعالم بعد تصدي روسيا للانفراد بالقرار الدولي ، وخاصة ضد إيران وسوريا، فوصل الامر الى استعراض القوة العسكرية من الصواريخ ، والتهديد والتلويح باستخدامها ضد العدو اذا هدد العدو مصالحي او مصالح حلفائي قالها بوتين، وعودة التوازن للمجتمع الدولي، وفي هذا الوقت سوف تنتهي الحرب بالوكالة، فترتاح الدول الصغيرة، ويعاد التوازن بعد ان فقد بسبب تصرفات الولايات المتحدة الأمريكية وحفاؤها فإسرائيل تقتل وتدمر لايوجد إدانة وشجب، والسعودية تحرق سوق بكاملة في اليمن لا احد يتحرك وفي المقابل عندما يضرب الجيش السوري مجموعة من الارهابين تدان ويصدر قرار بذلك ، يعني الذي معها بعيدا عن الحساب والعقاب والذي يقف ضدها او لاينصاع لأوامرها ونواهيها ، يعرض نفسه للمساءلة والعقوبات الدولية، وهذا الحلف أو القطب يمتلك جغرافيا غنية بالموارد، ودول كبرى كالصين وإيران وربما انضمام تركيا له ودول أمريكا اللاتينية وكوريا الشمالية، يمتلك ذلك الحلف عقيد قتالية قوية وتفكير عسكري مباغت ، فالذي انتصر على داعش في الأرض في العراق وسوريا هو خطط سليماني والسلاح الروسي، فمن الآن وصاعدا اما يحدث صدام بين الدول العظمى او القطبين وهذا يسبب كارثة في العالم، بسبب تقاطع المصالح ، او يحترم كل طرف حدود الطرف الآخر، فيسود الهدوء في العالم ، فمراكز القرار في الدول العظمى تتمعن كثيرا بالعواقب قبل القدوم على الحرب، فعودة الحرب الباردة نعمة للشعوب الضعيفة وخسارة لمصانع السلاح واصحابها.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن