أكاذيب النظام

حنان محمد السعيد
hanan.hikal13@gmail.com

2018 / 2 / 26

لا يكتفي النظام المصري بانتهاك حقوقك والتنكيل بك والضرب بالقانون والدستور عرض الحائط، ولكن لا تكتمل مهمته إلا بعد أن يجند أبواقه للتشهير بك والإساءة إلى سمعتك حتى يفقدك تعاطف الناس من حولك وينصرف كل شخص لحياته وهو راضي الضمير مرتاح البال، على أساس أنك تستحق كل ما يطالك من انتهاكات.

بمجرد أن تعترض طريق هؤلاء بكلمة أو فعل أو إشارة ستبدأ ماكينة التنكيل والإذلال في العمل عليك إلى ما لا نهاية وفي المقابل ستبدأ ماكينة نشر الشائعات في التشهير بك مهما كان تاريخك نظيفا ومهما كنت شريفا وتقيا، فيمكنهم استخدام أبسط وأنظف أفعالك استخدام لم يكن يخطر على بالك، ويمكنهم أن يآولوا أحاديثك تأويلات ما أنزل الله بها من سلطان.

هنا وفي وسط معاناتك مما نالك من تنكيل وظلم وإجرام ستتضاعف هذه المعاناة بما نال سمعتك من تشهير وبعدها لن يجرؤ أحد على توظيفك وسينصرف عنك أقرب الناس إليك وسيقنعون أنفسهم بأنك تستحق بعض أو كل ما نالك وأنه ليس عليهم لو تركوك في محنتك تصارع قوة فاقدة لكل مبادئ الشرف والنخوة والعقل.

ولأن النظام يشعر أن أسلوبه في التشهير والتنكيل بالناس داخليا حقق له النجاح وأنه عبر هذا الإسلوب تمكن من تفريق الناس واستضعف طوائف منهم يلحق بهم أشد درجات الأذى، ثم ينتقل إلى أخرين ليعيد الكرّة أمنا من المحاسبة، اعتقد النظام أن هذا الإسلوب يمكنه أن يطبّق بفاعلية أيضا على المؤسسات الإعلامية والمنظمات الحقوقية والدولية التي تتمتع بمصداقية عالية مثل نيويورك تايمز وبي بي سي ومنظمة الشفافية ومنظمة العفو الدولية فأوعز إلى أبواقه الإعلامية للنباح عليها ليلا ونهارا واتهامها بكافة صنوف الإتهامات، هو لا يجرؤ على تفنيد حجتهم بالمنطق والأدلة كما هو حاله مع أي شخص يتجرأ على قول الحقيقة في الداخل، فيكتفي بالتنكيل به والتشهير به والكيد له حتى يحيل حياته جحيما مقيما.

إن حجم ما اثاره تقرير بي بي سي الذي لم أجد فيه جديدا من اضطراب لدى هذا النظام يبين مدى هشاشته وكيف أنه قائم على الكذب والتعتيم وليس لديه من ردود يدفع بها كلمة الحق سوى الصراخ والعويل والقاء الإتهامات الجزافية واضافة المزيد من الأكاذيب لأكاذيبه السابقة.

فهذا التقرير البسيط سيذهب بكل الجهد الذي تبذله شركات الدعاية والإعلان التي يؤجرها النظام في أمريكا لتجميل صورته ويدفع في سبيل ذلك ملايين الدولارات من اقتصاد البلاد المنهك، ويجعل ما تفعله هذه الشركات بلا أي قيمة.

وإن كان النظام حوّل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح إلى ارهابي لمجرد قوله الحقيقة في حوار تلفزيوني ومن قبله المستشار هشام جنينة الذي تم التنكيل به واسرته أيما تنكيل وفعل المثل وأكثر في عشرات الألاف من أبناء هذا الشعب المعروف منهم والمجهول دون أن يوقفه أحد عند حد، فهو يقف عاجزا أمام المؤسسات الإعلامية الخارجية والمؤسسات الدولية النزيهة فلا يملك لهم غير الصراخ والسب والعويل.

ولا أفهم حقا كيف أن أسلوبهم العقيم مازال يمر على الكثير من ابناء هذا الشعب من البسطاء، فهؤلاء غافلون عن مسألة منطقية في غاية البساطة وهي أن كل عقوبة خارجة على القانون هي جريمة يستحق مقترفها العقاب، وأن التنكيل بالناس خارج إطار القانون وارتكاب الجرائم في حقهم لا يمكن تبريره بأنهم أشخاص سيئون أو مجرمون أو خطر على المجتمع.

هذه القضية المنطقية البسيطة لن يعيها الكثير من الناس إلا إذا وجدوا أنفسهم واقعين ضحية لأحد أفراد هذا النظام حيث لن يكتفي هذا بالتنكيل بهم وانتهاك حقهم ولكن سيفعل ذلك وسط غيمة من الأكاذيب التي تنال من سمعتك ومصداقيتك دون أن تملك القدرة أو تتاح لك الفرصة للدفاع عن نفسك.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن