ليوناردو دافنشى , رؤية نفسية

مصطفى فتحى اسماعيل
caballero_sky1@yahoo.com

2018 / 2 / 24

" أن تتذوق طعم الطيران ستسير دوما على الأرض فيما عيناك معلقتان في السماء حيث أنك كنت هناك والى هناك ستتوق الى العودة دوما", ليوناردو دافنشى

ليوناردو دافينشى من اكثر الشخصيات غموضا عبر التاريخ وهو يظل من اكبر الالغاز , وهو من بين اقلية نادرة من العباقرة متعددى المواهب.
سوف نلقى بعض الضوء على حياة دافنشى الشخصية الخفية وبعض التفسيرات وسنتتطرق قليلا لنظرية فرويد عنه التى ربما قد تكون غير صحيحة بالمرة ولكنها مهمة !
طفولته
ولد دافنشى عام 1452 فى بلدة فينشى كان والده سير بيرو دافنشى ينتمى الى المسجلين والفلاحين
المعروف ان دافنشى كان ابن غير شرعى لأمراة تدعى كاترينا ربما كانت احدى الجوارى العرب وبرغم انه ابن غير شرعى الا انه لم ينظر له نظرة سوداء, ابية تركة مع امة حتى سن حتى سن الخامسة , ثم انقطعت علاقتة مع امة من حينها , و ذهب للمكوث مع ابيه وزوجتة العاقر
يقول فرويد , بدأ دافنشى كبته الجنسى الشديد ,الذى تحول الى نهم هائل للمعرفة , وينتقد المحللون لماذا تحولت هذة الرغبة الجنسية المكبوتة الى مجرد نهم للمعرفة لماذا لم تتحول فى الا شعور الى شىء اخر؟
يستمر فرويد فى تحليل دافنشى بقوله, ان حياة دافنشى كانت خالية من اى اتصال جنسى عقلى او جسدى مع اى أمرأة , ولحبه للجمال ولرغد العيش احاط نفسة دائما بالجمال من صغار الصبية ,ويتضح كبته الجنسى الشديد فى بعض كتاباته ورسوماتة واحتقارة للعملية الجنسية.
ويظهر ان الكبت الجنسى التام للفرد لا يهيئ الفرد لأحسن الفرص لأظهار مواهبة المتسامية , وقد ظهر ذلك على ليوناردو , عندما اصبح عاجزا عن اتخاذ قراراته الفنية والتأخير فى انهاء اعماله "كالعشاء الاخير"
افترض فرويد ان انتزاع ليوناردو من امه كان له اثر بالغ السوء على حياة ليوناردو, وجعلة يعتقد ان والده قد اهملة فى طفولتة ولم يرعاه الرعاية الصحيحة بحرمانه من امه .
وكما يحدث دائما , تقمص ليوناردو شخصية والده فى وقت متأخر, وسلكت صورته الاتجاه نفسه الذى سلكه والده ناحية ابنائه, فأذا هو لا يعتنى بها ويعجز عن مواصله الاهتمام بها ولا يعنى بأتمامها الى ان يسعد برؤيتها فى صورتها التامه.
ويمكن رؤيه هذا الاثر فى الحرمان الابوى على ليوناردو, فى تصديه دائما لفكرة الابوية ونبذ السلطة, والاعتراض على اراء القدماء كما كان معروفا عنه, واصبح ليوناردو هو اول عالم طبيعة ثار على الكنيسة المسيحية وخصوصا لفكرة الاب الالهى , ويرمز لهذا التصدى الشديد للسلطة الى نبذ لوالده وبالتالى اعتراضة على المسيحية
اعمال دافنشى
لا يوجد شك ان دافنشى كان رجلا معقدا ومحيرا للغاية, وعندما نتأمل اعماله نحتار فى بحر من المتناقضات و الجدل , الذى اراده هو بأخفائة الرموز والالغاز بداخل رسوماته التى لم يكشف النقاب عن تلك الاسرار الا حديثا , هو اعظم رسام ظهر يوما, اما فى النحت لا يضاهيه الا مايكل انجلو العظيم.
افترض فرويد ان ليوناردو قد مر فى سن الخمسين بمرحلة تتميز بنشاط متقدم فى شحنتة الجنسية, وان محتويات عقله الاشعورى اصبحت فى حالة يقظة ونشاط دائم, وقد التقى بالموناليزا "جيوكندا" فى تلك الفترة"
ولوحة الموناليزا تعتبر من اكثر اللوحات اثارة للجدل فى الفن وهناك بعض التفسيرات اما اغربها ترى لوحة الموناليزا صورة ذاتية للفنان دافنشى نفسه , ووجد تطابقا عجيبا فى سمات الوجه وادى هذا الاعتقاد بأن الموناليزا ماهى الا صورة لدافنشى نفسه رسمها من المرأة , والسؤال لماذا اراد دافنشى ان يرسم نفسه امرأة والاجابة يقترحها د.دجبى من مستشفى لندن اذ يقول ان هناك بعضا من الادلة بأن دافنشى كان يعانى من الشذوذ الجنسى او ربما كان ذلك
يرى فرويد ابتسامة الموناليزا هى ابتسامة محافظة مع الميل للاغواء فى الوقت نفسه
ويذكر فرويد ان وجه الصورة يعبر عن التناقض بين التحفظ والشهوة وبين الرقة والجنسية. ويرمز لنا هذا التناقض الى مالاقاه ليوناردو من والدته, حتى اصبح لهذة الابتسامة الابدية على وجه الموناليزا التى اثارت ذكريات والدته وطفولته كقوة مسيطرة عليه, حتى اننا نجدها فى معظم اعماله بعد ذلك
ويسترسل فرويد فى تفسير صورة " المادونا والمسيح والطفل القديسة حنه" على انها عمل رمزى لحياة ليوناردو الخاصة فلقد اعتنت به امه فى طفولته ثم احتضنته بعد ذلك زوجة ابية لعاقر , وتعبر الصورة عن طفل فى عناية والدتين من نفس العمر وعليهما نفس الابتسامة المميزة, الا ان هذا التفسير ايضا جوبه بالتشكيك
اما لوحة الجماع الجنسى يرى المحللون ومنهم سير كنيث كلارك ان لوحة الجماع الجنسى لدافنشى تعبر عن الهدوء والطمأنينة وليست شعور بالاشمئزاز من العملية الجنسية كما يصفها فرويد
ويذكر فرويد فى محاولة تفسير اهتمام ليوناردو بالطيران ان الطيران فى الاحلام ماهو الا تعبير عن رغبة لا شعورية فى العملية الجنسية, اما نقد المحللون لنظرية فرويد فى رغبة دافنشى فى الطيران هو لماذا تحول رغبة دافنشى فى الطيران الى مجرد رغبة لا شعورية فى العملية الجنسية والجماع؟
اما لوحة العشاء الاخير
حملت العديد من المفاجأت والأسرار التى تبين إنها هناك قدسين يقفون بجوار المسيح من ناحية اليمين، فمنهم القديس توماس والأخر هو ليونادرو ا دافينشى الذى وضع نفسه فى اللوحة!

اما لوحة السيد المسيح
اللوحة تمثل المسيح فى وضعية سالفادور مندى وهى الوضعية التى تظهر يسوع المسيح وهو رافع يده اليمنى وفي يده اليسرى كرة زجاجية يعلوها صليب , وتوجد تكهنات كثيرة عن رموز واسرار كثيرة تحملها اللوحة.

حياته
لقد كان دافنشى محط اعجاب وحسد عظام معاصرية وكان فى الماضى كما هو اليوم لغز بالغ التعقيد ومعنى عميق للتناقض , اسهم دافنشى فى الرسم والفن والنحت والعمارة , واخترع العديد من الاختراعات, كما ساهم فى العلوم والتشريح , وسطع كشمس فى عصره انار كفنان فريد يسعى للكمال بجنون , وهو اكثر من مجرد اسطورة وبالرغم من انه ترك وراءه اعمال نادرة من الصور فمازال الكثير من اكتشافاته العلمية فى طى الكتمان.
كان بطء ليوناردو مضرب الامثال, فقد رسم لوحة العشاء الاخير فى صومعة سانتا ماريا ديل جراتزى بميلانو بعد ابحاث ودراسات استمرت ثلاث سنوات !
ويقول ماتيو بانديللى الكاتب القصصى المعاصر لدافنشى ان ليوناردوا كان يتسلق الصقالات فى الصباح الباكر يزاول عمله دون ان يضع فرشاتة جانبا ودون تفكير فى طعام او شراب حتى الغسق, وكثيرا ماكان يتأمل الصورة بالساعات دون مللل , واستمر فى رسم لوحة الموناليزا لمدة اربع سنوات
دافنشى كان شخصية غارقة فى الهدوء متجنبا الجدل والنزاعات , ذو نظرة عميقة صامته, كان كريما فى خلقة مع الجميع, حتى لقد امتنع عن اكل اللحوم ايمانا منه بقسوة قتل الحيوانات بغرض اكلها, وكان يجد لذة كبيرة فى اطلاق سراح الطيور كما هاجم وادان الحرب ووصف الانسان بأنه ليس ملك المملكة الحيوانية بل اسوأ من الوحوش
ولم تمنعه رقتة من اختراع اشد انواع الاسلحة فتكا ودخولة خدمة سيزار بورجيا بوصفة مهندسه الحربى, لقد شارك مع سيزار فى حملته الحربية التى جعلت روما ملكا لألد اعدائها , ولم يسطر ليوناردوا فى مذكراته مايدل على ندمه على هذة التصرفات .
اما حياته الجنسية كان الصراع شديدا فى هذا الصدد بين الشهوانية المطلقة والزهد الكئيب. ولم يتوقع احد من فنان يصور جمال المرأة ان ينبذ الجنس كما فعل دافنشى
وقد استشهد سولمى كدليل على بروده الجنسى بقول ليوناردو" ان عملية الانجاب وكل متعلقاتها تثير الاشمئزاز , ولولا وجود الوجه الحسن والطبائع الشهوانية وهى عادة قديمة للتداول لهلكت البشرية"!
فشل دافنشى فى نقل صورة صحيحة لعملية التكاثر مع اهماله رسم الاعضاء الانثوية بصورة دقيقة وصحيحة.
وقد كثر الجدل حول الروايات التى تتحدث من ان دافنشى لم يستمتع خلال حياته بمعانقة او علاقة مع اى امرأة, بينما اثيرت الشكوك والشبهات حولة فى علاقات جنسية مثلية مع استاذة فيروكيبو اضطرتة الى ترك عملة , او استخدامه صبيا ذا سمعه سيئه كنموذج موديل ادى الى ان تثير حوله الشبهات والظنون, وقد احاط دافنشى نفسه بعدد من الغلمان والتلاميذ الحسان ليتتلمذوا على يده , وقد اصطحب معه اخرهم فرنشسكو ميلزى الى فرنسا حيث مكث معه حتى وفاته , اما موضوع شذوذه الجنسى من عدمة لم يبت فى صحتها بشكل مؤكد نظرا لضعف ميوله الجنسية طبقا لما عرف عنه.
ويبدوا ان رغبة ليوناردوا دافنشى الجامحة لمعرفة كل شىء واستقصائه اعماق الكمال بروح من التعالى , كل ذلك ادى الى عدم وجود رغبه جنسية اصيله فيه
وقد ظهرت بعض النظريات على ان دافنشى وضع عواطفة ومشاعرة جميعها تحت السيطرة, وذهب بعيدا فى الانغماس فى الفن
, ويفسر المحللون ان شخصية ليوناردو الغامضة الانطوائية الاكتئابية هى التى ادت الدور الرئيسى فى حياته

لقد بدأ دافنشى ابحاثه فى خدمة الفن والعمارة والنحت ثم الى التشريح والعلوم والاختراعات وامتدت ابحاثه الى جميع فروع العلوم الطبيعية
ويبدوا ان محور طبيعه ليوناردو دافنشى وسرها يتمركزان فى نجاحه فى التسامى بطاقته الجنسية الى الظمأ نحو المعرفة
توفى فى 23 أبريل عام 1519

دافنشى هو اقصى صور الجنون فى البحث عن المجد و الكمال

المصادر: افاق فى الابداع الفنى رؤية نفسية , د.احمد عكاشة
لتحليل النفسى والفن , فرويد










https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن