بيبي رئيسا

حنان محمد السعيد
hanan.hikal13@gmail.com

2018 / 2 / 21

بالرغم من أنني لم أعترف يوما بدولة إسرائيل وأعتبرها كيانا مغتصبا، ومشروع إستعماري يستنسخ التجربة الأمريكية على الأراضي الفلسطينية، ويستخدم كل صنوف التضليل والكذب وشراء الذمم والبلطجة لتحقيق غاياته، ولا يمتثل للقرارات الدولية والقانون الدولي.


إلا أنني أيضا لم أخفي يوما إعجابي الشديد بالقائمين على هذا الكيان، ومدى إخلاصهم للدولة اليهودية والمشروع الصهيوني، وكيف أنهم لا يألون جهدا في سبيل تحقيق غاياتهم، وكيف أنهم يعملون ويخططون وينفذون مخططاتهم على مدار الساعة ولسنوات عديدة سابقة وقادمة، وكيف أنهم يسهرون على حماية أبناء جلدتهم وعلى تحقيق الرفعة والرفاهية لهم.


وعلى الجانب الأخر، أبتليت المنطقة العربية بزعماء لا يعنيهم غير مصالحهم الخاصة ومصالح أسرهم، ولا ينظرون إلا تحت أقدامهم، ولا يعنيهم حجم ما يحدثونه من دمار لا يمكن إصلاحه في عقود.


زعماء – إن جاز لنا أن نسميهم كذلك – تنازلوا عن كل ما له قيمة ويمعنون في إذلال شعوبهم والتنكيل بكل من يحمل في نفسه بذرة ضمير وشرف ويبقي على هذه الأوطان التي تتقلص وتضيع أمام أعيننا ولا نملك شيئا لحمايتها والدفاع عنها.


زعماء يدعمون الفساد ويكافئون الفاسدين، بعكس الزعماء في إسرائيل الذين يتم التحقيق معهم والتظاهر ضدهم إذا ما حامت حولهم شبهات التكسب من المنصب، أو قاموا بعمل يمكنه أن يمس أمن ورفاهية المواطن الإسرائيلي.


وبينما يعمل الزعماء في إسرائيل على زيادة رقعة الأرض يبيع الزعماء العرب أراضي بلادهم ويتركونها نهبا للتقسيم ومنهم من يقصف مناطق سكنية ويهجر سكانها تحت دعاوي مختلفة، ومنهم من يبيع ثروات بلاده – مثل الغاز – برخص التراب ليعود ويستوردها بأعلى الأثمان من الكيان الصهيوني ليوفر لأبناء إسرائيل – بحسب قول نتنياهو – تعليم ورعاية صحية وحياة أفضل!

لا أعلم حقا أين تكمن المشكلة؟ هل هي في الزعماء العرب أم في الشعوب العربية الصامتة التي لديها مرض تأليه الحاكم ورفعه فوق مستوى المسائلة؟


هل المشكلة في مساندة الدول الإستعمارية للحثالة والفاسدين ما يجعلهم يحتلون أعلى المناصب ناشري فسادهم واستبدادهم في الطبقات الأسفل منهم، حتى ينتهي بنا الأمر مع طبقات وطبقات متصلة من الفاسدين يتحكمون في كل كبيرة وصغيرة في حياتنا، فلا يتركوا في النهاية لنا إلا دول فقيرة مفككة وشعوب مغيبة مضللة لا تعرف حقا ولا تهتدي سبيلا؟


لماذا لم يظهر لدينا بعد طبقة من العقول المنظمة الواعية التي تخطط من أجل رفعة وحماية بلداننا كما يفعل زعماء إسرائيل منذ عقود وعقود؟


لماذا نحن دائما في الجانب الضعيف المعتدى عليه، والذي لا يملك إلا الإستنكار والصبر والبكاء والإستغاثة بمن في السماء والأرض؟


نحن لدينا نخبة حاكمة وصلت إلى درجة من الهمجية تجعلهم يتخلون عن المصدر الرئيسي للحياة على أرض بلادنا وهو ماء النيل، ويفرطون في آثارنا الفريدة البديعة التي عز نظيرها، وحتى أن تحفة لا يمكن تقديرها بقيمة مادية مثل آثار الملك توت عنخ أمون يريدون إخراجها من مصر بالمخالفة للقانون والمنطق والعقل وبعقد لا نعلم عنه شيئا لتصبح في دائرة الفقد مثل عشرات الألاف من القطع الأخرى التي فقدت وبيعت تحت سمع وبصر الحكومة!


أحاول أن أفهم كيف لمصري أن يقبل بما وصل به الحال في مصر من تراجع وتفكك وتحلل وانهيار وفوق ذلك يعمل بالكذب والتضليل على عكس الحقائق وإقناع الناس أن هذا هو طريق البناء والتقدم وفوق ذلك يخوّن وينكل بكل من يبين الحقيقة التي يعرفها ويراها كل ذي عين.

ولماذا يبقى شعبنا دونا عن كل شعوب الدنيا صامتا على كل ما يفعل به وكأنه شعب من الموتى الأحياء الذين لا يفكرون ولا يشعرون؟


ماذا تبقى منكِ يا مصر؟ ولماذا كل هذا الإصرار على فترة حكم ثانية فلم يبقى في مصر شيئا لم يضيع ولم يباع حتى النيل وآثار الأجداد؟



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن