دروس من سوتشي

منصور الاتاسي
mm-atassi@hotmail.com

2018 / 2 / 1


و أخيرا انتهت الضجة حول سوتشي ( و عقد المؤتمر ) فهل استطاع المؤتمر أن يحقق شيئا بالعمعنى السلبي أو الإيجابي و هل فعلا استطاع الروس أن يفتتحوا حوارا و طنيا في هذا المؤتمر و من شارك في المؤتمر و ماذا بعد المؤتمر ؟؟؟
هذه الأسئلة لا بد من الاجابة عليها حتى نستطيع أن نقيم المؤتمر تقييما علميا مدروسا نستطيع من خلاله أن نستقرء المستقبل …..
أولا يجب التأكيد أنه لم يتم أي حوار وطني داخل هذا المؤتمر بسبب أن المعارضة رفضت المشاركة فيه و أن النظام لم يحضره كممثلين عن الحكومة أو الحزب الحاكم … فالنظام أرسل أشخاص لا علاقة لهم لا بالسلطة ولا بالحزب الحاكم و على رأسهم صفوان قدسي الذي لا يستطيع أن يتحكم أو يعكس أي قرار بهدف عدم الالتزام والتهرب من اي قرار قد يصدر عن المؤتمر…. لذلك هذا الحشد الواسع من الناس لا يعكس لا تمثيل الحكومة بمعنى الحكومة ولا تمثيل للمعارضة بمعنى المعارضة و هذا جمع أراد النظام فيه أن يتحدى من خلاله مشاعر السوريين عندما أرسل بعض القتلة للمشاركة كممثلين عن الشعب السوري منهم مثلا السفاح معراج اورال التركي الجنسية و صاحب مجزرة البيضة .
وقدري جميل لا يعتبر من وفد المعارضة فهو باأساس صاحب منصة موسكو أي المعبر عن السياسية الروسية في سورية هذه السياسة التي تصافحت علنا مع معراج أورال و أمام الجميع .
لذلك ففي غياب الجهتين المتصارعتين أي ممثلي النظام و ممثلي الثورة ضاع الحوار الوطني (بعراضات و هتافات شبيهة بما يجري في سورية لا قيمة لها ولا معنى لذلك لم يستطع الروس إدارة حد أنى من الحوار و بهذا المعنى معنى الحوار الوطني فقد فشل الروس بإدارة أي حوار وطني فشلا ذريعا .
ثانيا حاول الروس أن يفرضوا منطقهم على الأمم المتحدة و على عدد من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن و بعض الدول العربية ليعلنوا أن الحل بيدهم ، لكن تبين أنهم لم يستطيعوا فرض هذا المنطق على المؤسسة الدولية، و لا على الدول ذات التأثير على الحل في سورية و حتى اختلفوا مع الأتراك و السبب هو اصرارهم على فرض حلهم على السوريين و على الأمم المتحدة و بعض الدول الأخرى …و هكذا انعزلوا عن الجميع و اختلفوا مع ( حلفائهم الأتراك ) و ظهرت أن سياستهم معزولة تماما أو مرفوضة تماما من قبل السوريين و الدول المختلفة و بهذا الشكل فقد ازدادت عزلتمهم و سيزداد تطرفهم ..
ثالثا حاول بوتين بأن يجعل هذا المؤتمر إحدى دعايته الانتخابية مستعرضا فيها قوته الدولية…. و حسب المراقبين فقد انعكس فشل المؤتمر سلبا على الهدف الانتخابي الذي أراده بوتين و ها سيؤثر سلبا على نسبة الداعمين له في روسيا بغض النظر عن نزاهة الانتخابات .
رابعا : لا بد أن نسجل أنه لأول مرة استطاعت المعارضة السورية من إيجاد هوية خاصة بعد رفضها لهذا المؤتمر و رفض الضغوط المختلفة التي مورست عليها ..بسبب وتأثير الرأي العام الذي توحد أيضا بشكل واسع و لأول مرة حول شعار رفض المشاركة بسوتشي ، إن التفاعل بين قوى الثورة و بين امتدادها الشعبي هو قادر على فرض إرادة السوريين بعكس ما كان يدعيه الائتلاف و ما تلهث ورائه هيئة التفاوض من تأمين موقف دولي داعم متجاهلة موقف الشعب السوري هذه السياسية التي عزلتها عن الشعب و أضعفتها و جعلتها خاضعة لإرادة و مصالح القوى الدولية .
لا بد أن نقول في النهاية أن هناك العديد من المهام و الاحتمالات التي يجب أن نتوقعها و نجد الأشكال الأفضل للتعامل معها منها :-
1- احتمال رد الفعل القاسي من قبل الروس و النظام عن طريق تجاوز قرارات خفض التوتر و ارتكاب مجازر خصوصا في الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي و مناطق إدلب و السماح للنظام بالتقدم خصوصا في إدلب.
2- تفشيل أي محاولة دولية لإيجادحل ينسجم مع القرارات الأممية و يرضي السوريين أي قرارات جنيف و مجلس الأمن ذات الصلة
3- لقد أدى دفع المبادرة الروسية للأمام إلى وجود مبادرات أخرى منها اللاورقة الأميركية ، ثم مبادرة الدول الخمسة يعني أمريكا و فرنسا و انكلترا و المانيا و السعودية ، و التي تنسجم مع قرار مجلس الامن 2254 و بعد فشل المبادرة الروسية فإن المبادرات الأخرى ستتقدم إذا تفاعلت ..
4- تأكد للجميع أنه لا حل سياسي بدون المعارضة و بدون الالتزام بالقرارات الدولية بما يلبي مطالب السوريين بالحرية و بالعدالة الاجتماعية
5- لا بد من تحويل حالة الاستنكار الوطني العام التي عمت الشعب السوري بمجالسه السياسية و أحزابه الديمقراطية و حراكه الثوري من حالة رافضة لمؤتمر سوتشي إلى حالة و طنية فاعلة و هذا يتطلب كما ذكرنا مرارا الدعوة لمؤتمر وطني للمعارضة تحضر له لجنة تحضيرية ذات مصداقية ويتمثل فيه جميع السوريين بتياراتهم السياسية و مكوناتهم الاجتماعية يتفق على برنامج سياسي للثورة و يتفق على قيادة و على مجلس يراقب عمل القيادة و هذا أصبح ممكنا من خلال الموقف الوطني الذي ظهر مؤخرا .
فهل نستطيع ان نستفيد من الدروس و أن نعزز التحالف بين الحركة الشعبية بقواها السياسية و المجتمعية، و أن ننتج قيادة قادرة على تجاوز الضغوط الخارجية و على الاستفادة من الحراك الشعبي لصالح الثورة … هكذا تقول التجربة التاريخية للسوريين



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن