عن الأزمات والضرائب!

فهد المضحكي
fahadalmudahki@hotmail.co.uk

2018 / 1 / 27

عديدة هي الآثار السلبية لتدني اسعار النفط، ويتبين ذلك على البلدان التي تعاني من عدم تعدد مصادر الدخل، وهو ما ينعكس سلباً على الاقتصاد وحياة الناس الاقتصادية والمعيشية، وتحديداً على ذوي الدخل المحدود والمتوسط، ونعني ثمة أزمات اقتصادية ومالية تلحق الضرر بمصالح البلاد والعباد.

ولمكافحة هذه الأزمات تلجأ الحكومات إلى الاقتراض، وفرض الرسوم، والضرائب، ورفع الدعم عن السلع والخدمات، لتمويل عجز الميزانية العامة، وتسديد الفوائد المرتفعة على القروض، والانفاق على الاحتياجات الاجتماعية، والبنية التحتية.

ومن جملة هذه الآثار الأسعار المرتفعة للسلع، التضخم، ارتفاع معدل البطالة، والفقر وانخفاض القيمة الشرائية للعملة، وتجميد مستوى الدخول والاجور، واستشراء الفساد.. الخ.

رغم كل المحاولات التي تسهم في دعم النمو الاقتصادي، فان الاوضاع المالية التي تعيشها البلاد تنذر بمخاطر كبيرة في ظل عجز الميزانية وارتفاع الدين العام.

وعند التفكير في حل أزماتنا الداخلية علينا أن نعيد النظر في السياسات المالية التي تستوجب الرقابة الفاعلة على المال العام الذي غالباً ما يتعرض للهدر، ويستوجب خفض الانفاق وخصوصاً ان هناك من يتقاضى المكافآت الكبيرة والرواتب الضخمة في بعض القطاعات الحكومية في حين عجز الموازنة يسدد من جيوب المواطنين!

وبصريح العبارة ان الازمات لم تأتِ من فراغ، وهي ليست قدرًا كما يردد البعض، بل هي نتاج استراتيجيات اقتصادية وسياسية متعثرة يدفع المواطن ثمنها.

اليوم في ظل هكذا ظروف معيشية صعبة وأجور الغالبية من المواطنين منخفضة لم تتغير منذ امد بعيد ولا تضاهي مثيلاتها في دول مجلس التعاون التي تشهد ارتفاعاً كبيراً فضلاً عن الديون، من الطبيعي ان تكون ردود الفعل الشعبية مغتضبة، مستنكرة، احتجاجاً على ارتفاع الاسعار وكل هذه الضرائب المباشرة وغير المباشرة، من بينها ارتفاع اسعار البنزين الذي سبب في رفع باقي المنتجات الأخرى التي تعتمد على النقل، وهو ما اضاف عبئاً كبيراً على الشرائح الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة، كل ذلك جرى استناداً لإجراءات علق عليها بعض المحامين بأنها غير قانونية.

عند الحديث عن الضرائب نتفق تماماً مع ما أشار اليه رئيس اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس الشورى خالد المسقطي ان الضريبة هي الوسيلة الوحيدة لسد عجز الموازنة كلام خاطئ، وانها قد تكون جزءًا من عدة أجزاء لتنوع مصادر الدخل، ولكنها ليست الحل الوحيد، يجب ان تكون هناك عدة مصادر أخرى. (اخبار الخليج ديسمبر 2017).

ولكن المعروف وبحسب التجارب العصرية ان النظام الضريبي ليس الهدف منه سد عجز موازنة الدولة، بل حماية للطبقات الفقيرة والمتوسطة من خلال توزيع مكتسبات التنمية بعدالة، أي ان النظام الضريبي العادل يستخدم لتحسين عيشة المواطن.

لماذا كل هذه الضرائب ؟ ولماذا هذا العجز ؟ ولماذا تفاقم الدين العام ؟ ومن يتحمل المسؤولية ؟

اسئلة جوهرية يجب التفكير فيها بجدية بعيداً عن الانشغال بأمور قد تكون مفتعلة تهدف إلى صرف النظر عن كل ما له علاقة بالقضايا الاساسية.

ولطالما حديثنا عن الضرائب، فان الضريبة كما يراها البعض هي أداة لخلق شعور المواطنة والانتماء من خلال تحقيق العدالة الضريبية وايصال شعور للمواطن بأنه يتم تقديم خدمات له مقابل ما يدفعه من ضرائب.

والشيء الآخر والمهم اننا نتحدث عن أهمية الضرائب كمورد من إيرادات الدولة، كالقيمة الانتقائية والمضافة، وضريبة البنية التحتية والبنزين، ولكننا لا نشير لا من بعيد ولا من قريب إلى الضريبة التصاعدية على الشركات والمؤسسات الكبيرة وعلى ذوي الدخل المرتفع!!

الضريبة التصاعدية من وجهة نظر الاقتصادين، ومن بينهم ريمي محمود، وسيلة للتخفيف من العلل الاجتماعية المرتبطة بعدم المساواة تبعاً لاختلاف مستوى الدخل بين الافراد، حيث ان الهيكل الضريبي يقلل من عدم المساواة.

بالطبع الضريبة التصاعدية ليست بديلاً عن أهمية توزيع الثروة بشكل عادل وهو يضمن الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

وإذا كان للضرائب أهمية للخزينة العامة للدول من أجل الانفاق على المشاريع الحكومية الاجتماعية والصحية والتعليمية.. الخ، فان الضريبة التصاعدية ذات أهمية كبيرة في هذا الشأن، ونعني بذلك ان يتحمل اصحاب الثروات الضخمة والمداخيل المرتفعة مسئوليتهم تجاه الدولة والوطن
.
يرى خبراء الاقتصاد ان مواجهة الازمات كانخفاض اسعار النفط على سبيل المثال من دون خطط مدروسة يقود إلى قرارات عشوائية مستعجلة تداعياتها كثيرة، وبالتالي فالحلول المناسبة تكمن في تنوع مصادر الدخل والحد من المصاريف الحكومية والهدر الكبير في اوجه الصرف والرقابة والمحاسبة لا في ارتفاع الاسعار وفرض الضرائب والرسوم.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن