النخبة المصرية والانتخابات، ونهاية -السبع العجاف- ! السناوى، قنديل، والاسوانى، نموذجاً.

سعيد علام
saeid.allam@yahoo.com

2018 / 1 / 25

النخبة المصرية والانتخابات، ونهاية "السبع العجاف" !
السناوى، قنديل، والاسوانى، نموذجاً.




فى الذكرى السابعة لـ25 يناير، هل ما نشتمه هى روائح رياح سبتمبر؟! ..

فى مصر لاتوجد دولة عميقة، فى مصر دولة واحدة عتيقة، هى دولة سلطة يوليو الممتدة، وكل مؤسسات الدولة العسكرية والامنية والدينية والمدنية، ومسؤليها، اياً كانت هويتهم، هم تحت امرة سلطة يوليو الممتدة.

"ان انعدام البدائل يحرر العقل بصورة رائعة"، هكذا لخص هنرى كيسنجر، وزير الخارجية الامريكية الاسبق، السلوك الالزامى للمأزوم "المزنوق".

بعد ان حمل السادات "صخرة يوليو"، كان "مزنق" السادات فى كيفية التصرف فى التركة الثقيلة التى ورثها من عبد الناصر، سيناء المحتلة، وعدم امكانية تحريرها بحرب شعبية نتيجة لطبيعة سلطة يوليو ذاتها، تحرر عقل السادات بصورة "رائعة" وذهب بنفسه الى اسرائيل، العدو التاريخى للمصريين والعرب، على الاقل وقتها؛ عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد وحاجة السادات الملحة "زنقته" فى استكمال ما بدءه، وفى مواجهة معارضة واسعة وشاملة للاتفاقية، لم يكن امامه سوى الاستمرار فى الطريق الذى لا يمكن التراجع عنه، فكانت الاعتقالات الشاملة لكل موز النخبة السياسية المدنية والدينية المعارضة للاتفاقية فى 5 سبتمبر 1981، وهو الخطأ القاتل الذى تجسد بعد شهر واحد فقط باغتياله فى 6 اكتوبر 1981 !.



السناوى: كألعادة، لا احد مسئؤل!، المسؤلية: مبنى للمجهول !

الكاتب القومى المخضرم عبدالله السناوى، تتميز رؤيته عموماً بالفهم العميق الشامل، كما يتميز بامتلاكه لاسلوب يتميز بأبتكار وحفر مصطلحات جديدة ودقيقة فى الادب السياسى، الا انه كما يقال "الحلو ما يكملش"، فعموماً تتميز اراءه المنشورة بافتقادها للوضوح التى تجعل من رسالته للمتلقى، رسالة مكتملة، فهو يكتب على طريقة "ولا تقربوا الصلاة"، ثم يصمت عن الجزء الذى يجعل النقاط تنزل فوق الحروف!، هذا التكتيك فى الكتابة قد يبرره من ناحية، حالة الجفاف السائدة فى مناخ حرية التعبير فى مصر، ومن الناحية الاخرى، قد يفسر هذا حالة عدم تعرض السناوى نفسه لآى شكل من اشكال تقييد حريته واستمراره فى الكتابة فى كل العصور، وهو فى ذلك يقتاد باستاذه هيكل.

مثلاً، فى 24/1/2018 كتب السناوى مقالاً فى "الشروق" تحت عنوان "يناير والانتخابات: كلام فى الشرعية"،(1) جاء فيه "غياب اى تنافس له صفة الجدية فى الانتخابات الرئاسية المصرية هو اكثر التطورات خطورة وسلبية منذ ثورة (25) يناير قبل سبع سنوات.
بخروج مرشح اثر آخر من السباق الرئاسى توشك الانتخابات ان تفقد روحها وصدقيتها واحترامها فى مجتمعها وامام العالم."، انتهى الاقتباس.

ولم يقل السناوى ولا كلمة واحدة عن هذا المسئول الذى غيب "اى تنافس له صفة الجدية فى الانتخابات الرئاسية المصرية"!، بالرغم من ان السناوى يرى انها " اكثر التطورات خطورة وسلبية منذ ثورة (25) يناير قبل سبع سنوات."! الا انه لم يقل كلمة، لا تصريحاً ولا تلميحاً عن كل ذلك!.




قنديل: الغائب الذى لم يغب من قبل !، لعل المانع خيراً!

بينما تواجه مصر نقطة فاصلة فى مسار مصيرها السياسى، ازمة "الانتخابات الرئاسية"، نجد الكاتب القومى والمناضل الشرس عبد الحليم قنديل يتحدث فى كل شأن عدا شأن الانتخابات المصرية!، حتى 21 يناير 2018، ففى صحيفة "القدس" التى يكتب فيها قنديل، والتى تصدر من لندن،(2) ستفاجأ باختفاء رأى قنديل فى هذا الشأن، فى هذا التوقيت بالذات شديد الاثر فى مستقبل مصر، فبينما تواجهه مصر حالياً مصادرة للحياة السياسية، يظل اختفاء قنديل فى "ظروف غامضة"، ليس كما تم معه فى وقت مبارك، ولكن "لاسباب معلومة"؛ ان قنديل الحريص كل الحرص على ان يهل علينا كل اسبوع بحد اقصى، لم يقل كلمة واحدة عن هذا الذى يجرى فى مصر على مدى كل الشهور الماضية!، انها ازمة ارتباط المثقف بالسلطة منذ هيكل وعبد الناصر!.





الاسوانى: سبع سنوات ومازالت الرؤية غير واضحة!

الاديب المبدع والمثقف المبدأى علاء الاسوانى، مثل الغالبية العظمى من المحللين السياسين مازالوا يعتقدوا ان سلطة يوليو الممتدة سلمت السلطة للاخوان المسلمين، لانهم نجحوا فى الانتخابات، التى اخرجها من الالف للياء ممثلو سلطة يوليو الممتدة!، الامر يحتاج الى قليل من الخيال لاكتشاف ان هذا هو المستحيل بعينه!.

فى 23/1/2018 كتب الاسوانى مقالاً فى "دويتش فيلا" تحت عنوان "ادعم سامى عنان من شرفة منزلك!"، جاء فيه ".. كل ما يقرب الاخوان من السلطة حلال شرعاً عند قادتهم مهما كذبوا ونقضوا العهد وتسببوا فى قتل الآخرين. لقد تحالفوا مبكراً مع المجلس العسكرى ضد الثورة ودافعوا عن المذابح التى قام بها ومقابل ذلك اوصلهم المجلس العسكرى للسلطة قبل ان ينقلب عليهم."، انتهى الاقتباس.


ليس المطلوب الخروج الآمن، وانما الاستمرار الآمن!
انتشرت فى اعقاب 25 يناير 2011، وسط عدد غير قليل من المحللين السياسيين المهمين، فكرة مؤداها ان المؤسسة العسكرية المصرية، كانت على استعداد لان تتنازل عن مكانتها المتفردة على رأس منظومة الحكم المستمرة فى مصر منذ 1952، سواء امام انتفاضة يناير، اوامام جماعة الاخوان المسلمين، حتى لو جاءت بالانتخابات، او امام غيرهما (جمال مبارك مثلاً) !، مقابل الخروج الآمن!. حتى ان البعض بنى "نظرية" "الصفقة بين الاخوان والمجلس العسكرى" على هذا الاساس الخرافى!، فى حين انه كان "ليس المطلوب الخروج الآمن، وانما الاستمرار الآمن!"، .."حد يبات عطشان والميه (السلطة) بتجري تحت ايديه .. لازم ما في عنده نظر"!، "وديع الصافى".

المؤسسة العسكرية والاخوان المسلمين، هما التنظيمان الوحيدان اللذان لديهما خبرة تنظيمية راسخة تشكلت على مدى عقود، وايدلوجية محددة خاصة بكلٍ منهما ( القوات المسلحة 1952 – الاخوان المسلمين 1928)، مع تغييب شبه تام للتنظيمات الاخرى، خاصة المدنية، سواء الاحزاب السياسية الفاعلة، او النقابات المهنية والعمالية والطلابية المستقلة، او منظمات المجتمع المدنى، بعد تحجيمها جميعاً منذ عام 1954.(4)




"اهرب من قلبى اروح على فين؟!" ..
انتهاء "السبع العجاف"، واحتملات انتخابات مبكرة (2018 – 2020) ؟!

داخلياً، اذا ما تصاعد الغضب الشعبى المكتوم العميق خلال العامين القادمين (2018 – 2020)، وهدد بأنفجار وشيك يهدد "الام"، "مجلس ادارة اتحاد ملاك مصر"، وهو الاحتمال المؤكد فى ظل تقدم السلطة فى تطبيق المعدل المتسارع لليبرالية الاقتصادية الجديدة، وفقاً لسياسات صندوق النقد الدولى، الذى ينتهى برنامج قرضه الخاص بمصر خلال نفس العامين ايضاً (2018 – 2020) حيث انه من المقرر ان تحصل مصر على الشريحة السادسة والاخيرة من قرض الصندوق بـ 2مليار دولار فى مارس 2019، بعد ان تكون مصر، الزاماً، قد نفذت كافة التزامتاتها تجاه الصندوق؛ عندها يحل موعد تطبيق "تقليد يوليو المقدس" على السيسى، لامتصاص الغضب الشعبى الخاص بالـ"عيش" (الخبز)؛ ايضاً هى نفس الفترة (2018 – 2020) الذى من المفترض ان يجرى فيها الاستعداد لانتخابات مجلس النواب، وما يصاحب الانتخابات خلال العام الذى يسبقها، على الاقل، من "اشواق" العمل السياسى.


اما خارجياً، ان التقدم الحاسم فى تحقيق الرؤية الامريكية / الاسرائيلية لـ"صفقة القرن"، والتى لم تكن صفقة "تيران وصنافير"وقرض صندوق النقد والتوقيع على اعلان مبادئ سد النهضة .. الخ، الا خطوات على الطريق؛ خاصة وان الفترة الرئاسية الاولى للرئيس الامريكى ترمب تنتهى لتبدأ بعدها الانتخابات التالية فى 8 نوفمبر 2020، اى خلال نفس العامين ايضاً (2018 – 2020)، مع ملاحظة ان العام الاخير من الرئاسة الامريكية يكون مشحوناً بالانشغال والاستعداد للانتخابات القادمة، وهو ما يعنى ان ثمار كافة الملفات التى يدعم فيها النظام المصرى وجهة نظر ترمب ستكون مهددة بان لا يحصد هذه الثمار فى هذا التوقيت، وهو ما يعنى سياسياً رفع الغطاء الامريكى، او تجميده، عن السيسى فى هذا التوقيت الحرج، خاصة مع التقلص الشديد لفرص فوز ترمب "المهتز" بولاية رئاسية امريكية ثانية.


عندها، (2018 – 2020)، قد يحل موعد تطبيق "تقليد يوليو المقدس" على السيسى، لامتصاص الغضب العام الخاص بالتقاء الغضب الشعبى المصرى الخاص بالـ"عيش" (الخبز)، مع الغضب الوطنى المصرى، والغضب القومى العربى الخاص بالاستقلال الوطنى والكرامة الوطنية والقومية العربية امام "صفقة القرن"؛ عندها قد لا يكون امام سلطة يوليو الممتدة سوى مخرج وحيد بـ"الموافقة" "تحت الضغط" على اجراء انتخابات رئاسية مبكرة.(5)




انتهاء "السبع العجاف"، و"عقد اجتماعى" جديد !

يمثل الموقف الشعبى المصرى، حال "تفعيله"، حجر الاساس فى فرض عقد اجتماعى جديد فعلى، وليس على الورق فقط، حتى لو سمى هذا الورق دستوراً، ذلك الذى لن يتحقق الا بتغيير ميزان القوى الحالى، انها مهمة النخبة الغير رسمية والغير انتهازية، هذا الموقف الشعبى المفعل هو الموقف الذى ستأخذه القوى الدولية فى الاعتبار، فى تأييد هذا الفريق او ذاك، الا ان التناقض بين ايديولوجية قوى التغيير المصرية، المدنية اليسارية، من ناحية، واليمينية (المدنية والدينية)، من ناحية اخرى، يصيب مسيرة التغيير فى مصر بالشلل، طبعاً، بالاضافة الى الانتهازية السياسية لقوى المعارضة الرسمية العتيقة، التى لا استثنى منها احد.(6)




سعيد علام
إعلامى وكاتب مستقل
saeid.allam@yahoo.com
http://www.facebook.com/saeid.allam
http://twitter.com/saeidallam


المصادر:
(1) يناير والانتخابات: كلام فى الشرعية، عبدالله السناوى.
http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=24012018&id=be745ee1-e17d-4cc7-9596-53eb051cabb4
(2) "القدس"، رأى عبد الحليم قنديل.
http://www.alquds.co.uk/?tag=ooo-ououusu-uuousu
(3) ادعم سامى عنان من شرفة منزلك!، علاء الاسوانى.
http://www.dw.com/ar/%D8%B9%D9%84%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D9%88%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D8%AF%D8%B9%D9%85-%D8%B3%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D8%B9%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%85%D9%86-
%D8%B4%D8%B1%D9%81%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D8%AA%D9%83/a-42254533
(4) خبرة يناير: بين براءة الثوار، ودهاء النظام العتيق!. سعيد علام.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=501507
(5) لماذا السقوط الثانى "المسخرة"، لـ"شفيق" و "عنان"، واقعاً ؟!. سعيد علام.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=586379
(6) مقال، "السيسى" رئيس فترة ثانية، وليست اخيرة ! http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=586789



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن