الحسين.. الفاصل الجامع بين الحشد والنازحين

احمد الخالصي
ahmedalazx@gmail.com

2018 / 1 / 17

أحمد الخالصي


الحسين.. الفاصل الجامع بين الحشد والنازحين


تكثر الصعاب وتمتزج بألوانٍ تجعل عيون الفرشاة مُضرجة بالدموع، لكن الباعث للابداع في فؤاد الوطن هو بقاء اللوحة مكتملة المعالم رغم الأيادي العابثة.
إعدادُ الطعام ثوابًا من أجل سيد الشهداء يبعث في النفس اطمئنانا لمسيرة أموالك، وبعد أن اُكتمل تجهيز الطعام من قبل إحدى العوائل من أبناء منطقة (جيزاني الجول) التابعة لقضاء الخالص، حيث من المقرر أرساله إلى حشدنا الشعبي المرابطين في ساحات القتال مراعاة لمبدأ الأحقية، وخلال مرافقتنا لرحلة إيصال الطعام إلى أبطالنا، قرر أحد افراد ذلك البيت أن يتم تقسيم الاكل مناصفة مع النازحين، إيمانًا برسالة الحسين الخالدة التي تملأ بكلماتها الأرجاء المعمورة كافة.

الساعة العاشرة والنصف صباحًا وصلنا إلى منطقة الزاب الأسفل التابعة لمحافظة كركوك، بعد إن قضينا ست ساعات ونصف في الطريق، مع العلم أن الانطلاقة كانت من معسكر أشرف (ديالى).

ورغم جمال الطبيعة في تلك المدينة، إلا أن مشاهد جنودنا وهم بزي الغيرة حاملين الضمير كسلاحٍ يُعلق في أكتاف قلوبهم، كان أكثر جمالًا ودهشةٍ، وبعد الجلوس مع هؤلاء الأبطال تحدثوا عن تعرضهم بين الحين والأخر لهجمات من قبل الدواعش، ولن أقول (فلول) وذلك لعدة أمور كنا شاهدين عليها، منها تواجدهم بأعداد لايستهان بها خلف تلك السلاسل الجبلية القريبة من حدود سيطرة القوات الكردية، وقد قيل لنا من بعض المتواجدين هناك، أن أغلب أماكن سيطرة البيشمركة سابقا، قد شهدت تواجد عناصر داعش الآن. وبشأن وجود تلك العناصر، كنا قد شهدنا أثناء توزيعنا الطعام على القطعات المنتشرة، تعرض أحد الارتال لنيران قناص مع أطلاق (هاونات) وتمت معالجة الموقف سريعًا.

الهدف من ذكر هذه الامور هو حث القيادات الأمنية على تنفيذ عملية نوعية لتطهير هذه الاماكن، حتى لانفقد المزيد من الجنود، مع التذكير بوعورتها التي تنقسم مابين سلاسل جبلية وسهول ذات حشائش طويلة، تحجب الرؤية ما يُصعب المهمة على أبطالنا .

انتقلنا بعدها الى صلاح الدين، وتحديدٍ في (تل كصيبة) حيث تم توزيع النصف الخاص بالنازحين، وهناك تكلمنا مع بعض الأخوة الذين حدثونا عن كيفية خروجهم، إذ تم دفع مبلع من (3 ورقات إلى 5 ورقات) عن الشخص الواحد لقاء قيام الدليل من مناطقهم بأخراجهم من تلك السجون الفسيحة التي وضعتهم بها تلك العصابات. اما المنظر هناك كان ماطرا بالوجع، أطفالٌ بثياب لاتكفي لسد رمق الشتاء، ونساء تترصدهنّ الحيرة وهنّ يفكرن بتحضير الوجبات، ورجالٍ قتلتهم الآهات على مُشاهدة عيالهم هكذا دون قدرتهم على عمل أي شيء، لكن رغم كل هذا فقد أدخلت الوجبة التي تقاسموها مع أخوتهم المقاتلين السعادة الى نفوسهم، وباتوا فرحين بهذا الطعام الذي يحمل نكهة السلام والحب، يحمل بين مكوناته اسم الحسين، فالحسين ياسادة فاصل لأي حقد، وجامع بين العقول برابطة الحرية التي تحتضن أيادي جميع الأحرار في العالم.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن