البرامج الانتخابية واهميتها

سعد السعيدي
s.alsaidy@yahoo.com

2018 / 1 / 17

يجري الكثير من النشاط هذه الايام لاقامة التحالفات الانتخابية. وهي قضايا لا يمكن ان تترك للمزاج الشخصي ، لأن ما يحركها هو المصالح. ويكون السؤال هنا مصالح من ستكون هذه ومن سيحددها ؟

في مقالتنا السابقة حول التثقيف الانتخابي (انظر اسفل المقالة) اوردنا جملة من النقاط مما رأينا اهميتها في توضيح اسس التدقيق في ما يتعلق بالمرشحين واحزابهم للناخب العراقي. من هذه النقاط كانت البرنامج الانتخابي والتاريخ الشخصي للمرشح وشروط تسجيل المرشح او الحزب. على الرغم من نشرنا لتلك المقالة نرى تكرار لما جرى في المرات السابقة من فتح باب التسجيل من قبل المفوضية لكل من هب ودب من الاحزاب الجديدة. لن نسأل فيما إذا كانت قد قامت المفوضية الجديدة التي انشئت قبل بضعة شهور من نفس قالب المفوضية الفاسدة الاصلية ، بالتدقيق في هذه الاحزاب الجديدة التي قامت بتسجيلها. لن نسأل لاننا قد تركنا امر هذا التدقيق لجمهور الناخبين العراقي الذي نتمنى ان يكون يقظا ومتابعا لتطبيق قوانين المفوضية. والتاريخ الشخصي للمرشح هو ما نرى انه قد استرعى اهتمام الناخب العراقي من خلال التوتر والتقافز السريع الذي نراه بين وجوه الامس الناتجان عن تقلص مساحة نفوذها على هذا الناخب. وهو تطور جيد في ما يتعلق بالناخب. لكن ما نريد التركيز عليه هنا هو البرنامج الانتخابي ووفق اية وعود او برامج انتخابية تجري اقامة التحالفات. إذ يبدو لنا إن ما زال ثمة عدم وضوح باهمية الموضوع من جهة المواطن الناخب في هذا الجانب.

ما نراه يجري في الساحة الآن وعلى الرغم من هذا التقدم النسبي في الوعي السياسي لدى العراقيين اصحاب المصلحة الاولى والاخيرة في بلدهم ، فما زلنا نرى غيابا للبرنامج الانتخابي لدى وجوه الامس وتلك الجديدة. وصمت السياسيين عن برامجهم الانتخابية بمعونة حلفائهم في الاعلام المرتزق والمأجور لا يحصل إلا بفضل تقاعس المواطن والناخب عن المطالبة بالاعلان عن هذه البرامج وسبل التوصل الى اهدافها والضمانات حول تحقيقها. يجب ان يكون واضحا هنا باننا نتكلم هنا عن الهدف النهائي وهو سلطة ادارة البلد واتخاذ القرارات فيه ولصالح من يجب ان تعمل. فالانتخابات لا تقام لكي تُقاطع. فهذا لن يعني واقعا إلا اعادة تفريخ دورة جديدة من المحاصصة والخصخصة ورهن مستقبل البلد وإثراء الفاسدين.

وكالمرات السابقة صرنا نرى تكرارا لنفس المهازل من لدن الاحزاب السياسية. فهي تسعى للدخول في تحالفات انتخابية اولا دون الاعلان عن ايا من برامجها او لتؤجل الاعلان عنها لاحقا بعد الانتهاء من اقامة التحالفات !! ولا نفهم في هذه الحالة لماذا لم يجر العكس اي الاعلان عن البرنامج والاتفاق بشأنه مع جمهور الناخبين اولا كي يتبين هذا مصلحته من عدمها مع هذه الاحزاب ؟

فاقامة الاحزاب للتحالفات السياسية دون طرح برامجها الانتخابية اولا معناه إن هذه الاحزاب لا تعير ادنى اهتمام للمواطن الناخب. وقد لا يدري هذا الناخب بان بمقدوره التأثير اكثر على هذا النشاط وان يفرض نفسه وبقوة وان يضع نفسه في وسط دائرة الاهتمام. واحدى اهم طرق التأثير هو التدقيق بالبرامج الانتخابية السابقة لهذه الاحزاب بالاضافة الى التدقيق بالتاريخ الشخصي للمرشح وحزبه. ولما انه ليس بوارد هذه الاحزاب الافصاح بنفسها عن برامجها الانتخابية السابقة او الحالية كما سيرى ، فلا يبقى إلا الاعتماد على النفس في التدقيق بامر تلك البرامج والبحث عنها في ثنايا الانترنت او مطالبة تلك الاحزاب باعادة نشر برامجها السابقة تلك. إذ ان مصلحة الناخب تستدعي رؤية الطريق الذي سيسلكه في تحديد خياراته الانتخابية.

هدف التدقيق بالبرامج هو لتجديد المعرفة اولا في ما كانت هذه الاحزاب قد قدمت من وعود للمواطن في السابق وما انجز منها وما جرى اهماله ، ليستطيع الناخب بالتالي من محاسبة هذه الاحزاب عن ما لم تفِ له به وتقاعست عنه. الفائدة الثانية من التدقيق بالبرامج الانتخابية السابقة هو لوضع اسس البرامج الجديدة التي سيقوم الحزب المعني بتطبيقها والاتفاق عليها وضمان تحقيقها دون الانقلاب عليها والتملص منها إن وصل لمجلس النواب او للحكم. والفائدة الاخيرة من عملية التدقيق والتي لا تقل اهمية عن سابقاتها هو للتأكد من ان التحالفات المقامة مع احزاب اخرى (باعتبار انها ذوات برامج مختلفة لا متشابهة او مكررة) تندرج ضمن طرق تحقيق اهداف الحزب المعني وقاعدته في برنامجه. فهذه لا يمكن ان تقام وفقا للمزاج الشخصي مثلما ذكرنا في بداية المقالة. ويكون الامر مختلفا طبعا إن لم يتوفر للحزب المعني القناعة والدعم الشعبي الساند للقيام بالتحالفات المرجوة او بالمشاركة في الانتخابات.

مطالبة الناخب للاحزاب لأن تضع مطالبه المتفق عليها في وثيقة منشورة اسمها البرنامج الانتخابي ستجبر هذه الاحزاب على القيام بواحد من اثنين : إما الاستجابة لتلك المطالب ، او اهمال الموضوع تماما. يبقى بعدها للمواطن الناخب ان يقرر في ما إذا كانت ثمة احزاب تستحق ثقته فعلا ام لا في سبيل توفير احتياجاته. وتوفر الضمانات في الالتزام بالبرامج دون النكوص عنها يوفرها التاريخ الشخصي للمرشح وحزبه.

كما يرى فإن القيام بمثل هذا النشاط سيؤدي الى زيادة الوعي الانتخابي لدى الجمهور. والبرنامج الانتخابي هو الذي يؤسس القاعدة الشعبية لأي حزب ، لا تهويمات رؤوساء الاحزاب.

امر مهم نريد التطرق اليه. مما يراه الجميع فهناك من يصر على التمسك بموقعه العسكري بموازاة ممارسته للعمل السياسي في خرق واضح للقانون. وهو مثال واضح على التصرف المزاجي والطريقة التي سيقوم بها اصحاب هذا التصرف بالتعامل مع كل القوانين لاحقا. وبالتالي فلا ضمان لدينا من التوصل مع مثل هؤلاء الى دولة قانون حقيقية يكون فيها القانون هو السلطة العليا في البلد. ويعرف الجميع الامثلة الكثيرة عن الاستهتار بالقانون من قبل هؤلاء. فالانخراط في العمل العسكري ليس خدمة للمواطن وليس منة من اية جهة عليه. بل هو واجب لمن اختار هذا الطريق كمهنة. والتعكز على هذا الواجب لاغراض انتخابية لا يكون إلا غشا للمواطن وانتهازية واحتيال. وهو لا يعني في النهاية إلا الإفلاس السياسي لهؤلاء. وبالتوازي فإن كان كل هذا الرهط السياسي متفق فيما بينه على إهمال هذا التفصيل والدخول في التحالفات بمنتهى السهولة بينهم ، فمعنى هذا انهم متشابهون فيما بينهم ولا يختلفون عن بعضهم باي شيء. وان برامجهم واهدافهم هذه التي نتكلم عنها (على الرغم من عناوينهم الرنانة) في هذا التفصيل ستكون ايضا متشابهة من دون اي فرق يذكر... مع النقطة المشتركة والوحيدة الواضحة وهي الاستخفاف التام بالناخب ومطالبه والاستهتار بالقانون. وسيستمر هذا الاستخفاف والاستهتار مع استمرار الناخب بالصمت وعدم المطالبة بحقه ببرامج حقيقية في انتخابات حقيقية.

من الامثلة على الامور التي تشغل بال الناس هذه الايام هي ضمان حق العمل وتوفيره... ضمان الحصول على الخدمات باسعار مقبولة... النازحين... الفساد... القضاء... امن المواطن... الديمقراطية... التعديلات الدستورية... الاستقلال الوطني...

ننتظر الآن رؤية نتائج توضح الرؤية لدى المواطن الناخب...

مقالة التثقيف الانتخابي
https://www.al-nnas.com/ARTICLE/SalSaedi/15u0.htm



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن