أول عملية لزراعة رأس لإنسان!؟

سليم نصر الرقعي
elragihe2007@yahoo.co.uk

2018 / 1 / 16

قريبًا - خلال هذا العام - اجراء أول عملية زرع رأس لإنسان!!، فهل أنتم مستعدون!!؟؟؟؟؟
******************************************************
منذ أن قرأتُ عن عملية زرع الأعضاء المنقولة من شخصٍ متبرعٍ ميّت إلى شخصٍ حي كزراعة القلب مثلًا وأنا أفكر وأتساءل في نفسي عن امكانية زرع رأس او دماغ شخص في جسم شخص آخر!!!، هل يمكن أن تنجح!؟ وماذا ستكون النتيجة!؟، فلقد أثارني في الثمانيات لقاء اجرته (مجلة العربي) مع شخص (كويتي) يعاني من قصور خطير في القلب حيث تم زراعة قلب شخص (هولندي أو اسكوتلندي) - لم اعد أذكر على وجه الدقة!! - ليحل محل قلبه المعطوب ونجحت العملية!!، وكان مدير اللقاء يسأل هذا الكويتي (بو قلب هولندي!) عن عواطفه هل تغيرت جذريًا!؟ باعتبار أن الرائج والدارج أن (القلب) ليس مجرد مضخة لضخ الدم بل هو محل الإيمان ومسكن الحب ومركز العواطف الشخصية!؟.. كان يسأله عن إيمانه الديني كمسلمٍ هل تأثر بإيمان هذا المتبرع المسيحي صاحب القلب المزروع!؟، وهل عواطفه الشخصية من محبة وكراهية التي كان يكنها لبعض الاشخاص الذين يعرفهم تأثرتْ باستبدالِ قلبه (الكويتي العربي المسلم) بقلب هذا الرجل (الهولندي الأوروبي المسيحي)!؟؟، وكانت الاجابة هي أنه لا يوجد أي تغيير في إيمانه ولا في عواطفه الشخصية على الاطلاق!!، فهو لا يزال هو!، والذي تغيّر لديه فقط هو مضخة الدم بتركيب مضخة أخرى مستعملة (second hand) (نصف عمر) ولكنها تعمل بشكل جيد! ، لقد أثارتْ هذه العملية أفكاري وفضولي المعرفي كثيرًا كمُحبٍّ للمعرفة والتقنية وكعاشق للعلم بغير تقديس!، وقلت يومها متسائلًا: ((إذن فمركز الإيمان ومحل العواطف هو الدماغ - أي (لُب وقلب الرأس) وليس القلب (مضخة الدم) كما هو شائع عند كافة الأمم!، فالمرجح بل وشبه المؤكد اليوم لدى العلماء أن (الدماغ) هو محل العواطف والايمان بل وهو مربط وموطن الشخصية الفردية كما أنه مركز الذكريات وحفظ المعلومات والذكاء والتفكير والتقدير ومركز الفهم والحكم والمُخيلة والحاسبة!!))، وهكذا أصبح (الدماغ) - والذي هو لُب وقلب الرأس! - هو الأساس في تصوري وتقديري وهو المخزن الذي يحتفظ بكل مكونات الشخصية والهوية لدى الانسان!!، ولكنني كنتُ منذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا أتساءل في نفسي ووسط الاصدقاء والاقرباء الذين يشاركونني المجادلات الفلسفية التي كنا نجريها في ذلك الزمن البعيد : (( تُرى - يا قوم ! - ماذا يحدث للمرء اذا تم استبدال رأسه برأس انسان آخر!؟، هل سيستيقظ صاحب الجسم بعد العملية ليجد نفسه يحمل شخصية وهوية وإيمان ومعتقدات وذكريات وعواطف ذلك الشخص الميت المتبرع صاحب الرأس!!؟))، لو حدث هذا فيكون هذا شيئًا غريبًا وعجيبًا يشبه المعجزات!، شيئًا مذهلًا يلهب المشاعر ويثير الخيال!، ولكنني كنتُ أيضًا - في ذات الوقت - أضع - في الإعتبار - ذلك السؤال الكبير والخطير الذي يمكن أن يقلب كل مفاهيمنا العلمية والفلسفية رأسًا على عقب!، ويقلب الطاولة التي تربض فوقها أجهزتنا ومعاملنا الطبية المتقدمة!! ، اقصد السؤال الذي يقول : (( ماذا لو استيقظ هذا الشخص صاحب الجسم بعد عملية زرع رأس شخص آخر له ليقول لنا كما قال لنا ذلك "الكويتي" الذي يعيش بقلب رجل "هولندي" : "يا قوم أنا مازلت هو أنا"!!!، بل سيقول لنا صاحب هذا الجسم: "أنا صاحب هذا الجسم ولكن ماهذا الرأس الذي وضعتموه فوقي!؟ وماهذا الوجه!!؟؟ إنه ليس وجهي!!!؟؟، وربما يقول العكس : " أنا صاحب هذا الرأس ولكن ما هذا الجسم الذي يقبع فوقه رأسي ؟؟ إنه ليس جسمي قطعاً؟؟؟، أو ربما نتفاجأ أن الناتج لعملية جمع هذا الرأس بهذا الجسم شخصية جديدة مركبة من مزيج من شخصية صاحب الرأس وصاحب الجسم!!!؟)) ، ماذا لو حدث هذا بالرغم من أنه - حسب معارفنا العلمية والطبية الحالية - أمر مستبعد جدًا !؟؟؟، اذ أن الراجح - حسب معارفنا الحالية – وعلى افتراض نجاح هذه العملية/التجربة - أن يصبح صاحب هذا (الرأس/ الدماغ)(المتطوع) هو الشخص الناتج والحاضر لدينا لا صاحب الجسم (المتبرع)!!، لكن ماذا لو حصل هذا الاحتمال البعيد؟ أي أن يكون الناتج الحاضر هو شخصية صاحب الجسم أو مزيج من هذا وذاك!!؟ واذا بنا نصحو من هول الصدمة لنكتشف أن الدماغ مجرد آلة حيوية (كهروكيميائية) ذكية تؤدي وظائف بيولوجية وسيكولوجية وذهنية تستعملها (روح الانسان) الموجودة في مكان مجهول!، روح الإنسان التي ترتدي هذا الدماغ كما لو انه مجرد (قفاز) أو (حاسوب آلي ذكي) وتستقل الجسم وتقوده كما لو أنه (سيارة) لتدير به ومن خلاله أعمالها في الواقع المادي والحسي!!؟، لا شك عندي أنه اذا حصل هذا (الاحتمال المستبعد) فإن كل معلوماتنا ونظريتنا العلمية ومعارفنا الطبية السابقة عن الدماغ وعلاقته بالشخصية ستنهار وسيُحدث هذا الأمر زلزالًا هائلًا بدرجة (9 رختر) في أرض العلم والمعرفة، وستقوم الدنيا ولن تقعد، وسيجد العالمُ نفسه عالقًا في حيص بيص!!، أليس كذلك!!؟؟.

مجرد سؤال اطرحه اليوم بعد أن خطونا الخطوة الأولى منذ أيام قلائل نحو (بطن حوت) هذا العام 2018 المفعم بالمفاجآت السارة وغير السارة!، هذا العام الذي من المتوقع أن يتم خلاله اجراء أول عملية من هذا النوع في الصين!!، حيث من المرتقب أن تجري العملية من خلال قطع رأس شخص (متطوع) بدماغ سليم ولكن بجسمٍ مشلول شللا تامًا وسحب النخاع الشوكي لهذا الشخص المشلول الراغب في إجراء العملية، ونقل هذا الدماغ بحبله الشوكي إلى جسم شخص ( متبرع) تُوفي حديثًا كان قد تبرع سلفًا بجسمه لوجه الله أو لوجه العلم ووجه الإنسانية! ، ثم يتم تحفيز هذا الدماغ عن طريق النبضات الكهربائية بعد شهر من الغيبوبة لينظر العلماء والأطباء - ومن خلفهم العالم - ماذا ستكون نتيجة هذه التجربة؟؟!!.

ومن هنا إلى هناك ستظل قلوبنا تنبض في وجف وترقب!، وتظل ادمغتنا ترنو بفضول كبير لنتائج هذه التجربة العجيبة والجريئة العظمى غير المسبوقة!!، وسبحان الذي خلق هذا المخلوق الأعجوبة والمعجزة، هذا المخلوق الضعيف جدًا والقوي جدًا في الوقت ذاته!!، هذا المخلوق الذي خلقه خالقه من طين!، طين دبت فيه الحياة بطريقة لازالت غامضة ومجهولة برغم معرفتنا اليوم بكل المركبات والمواد الأساسية لتلك الخلية الحية الأولى (الأمبيبا) دون أن نكتشف سر الحياة!؟. هذا الانسان المعجزة الذي خلقه وصنعه صانعه العبقري البديع الحكيم وعلمه البيان، ونفخ فيه من روحه وأسجد له الملائكة، وأعطاه مفاتيح لفتح أبواب الأسرار ولغزو المجاهيل!، فعلّمه ما لم يكن يعلم، وأقدره على ما لم يكن يقْدِر، أخرجه من بطن الكهوف ليغزو الأرض ويستعمرها واستخلفه فيها ليقوم بعمارتها وتحسينها إلى أن يتمكن البلوغ بها الى درجة الجمال القريب من الكمال، ودرجة الزينة العامة والزخرفة التامة لهذه الأرض (الأم) فتكون في زينتها وزخرفها ووفرة الخير فيها كأنها (الفردوس الأرضي) المنشود!، فعندئذ - وعندئذ فقط - يأتي أمر الله إيذانًا بإنتهاء هذه التجربة الكونية الكبرى وليكون يوم الحساب!، نجح من نجح ورسب من رسب!!، قال تعالى: {حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأمْسِ، كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} . صدق الله العظيم.
♡♡♡♡♡♡♡♡♡
سليم الرقعي
2018



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن