الكاريكاتير العراقي .. رداً على الكاريكاتير الدنمركي !!

فخر الدين فياض
fakheraldeen333@gmail.com

2006 / 2 / 28


كثيرون اعتبروا أن (غضبة) المسلمين في العالم على الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول الكريم هي بداية صحوة إسلامية شاملة وعودة الروح إلى الإسلام السياسي الذي يجتاح اليوم عالمنا العربي.. كالنار في الهشيم !!
وكثيرون من (الدعاة) اعتبروا أن تلك الرسوم (فرصة) أيديولوجية للنهوض بالإسلام العقائدي.. وعبر العالم أجمع.. مثلما اعتبرها كثيرون من الأنظمة فرصة أيضاً لتصفية حسابات عالمية وشعبية.. واستثمار هذه القضية لتوجيه الرسائل الخارجية والداخلية معاً.. وهي فرصة لا تتكرر!!
لذلك .. فرح الكثيرون بهذه الرسوم!!
مثلما غضب الكثيرون أيضاً واستفزت مشاعرهم بشكل حقيقي..
قبل (غضبتنا) الباسلة وإحراق آلاف الأعلام الأوروبية.. ومقتل العشرات في الصدامات مع الأنظمة (دفاعاً) عن رسول الله... لم يكن قد شاهد تلك الرسوم بضعة آلاف من الدانمركيين وبلغة لا يقرأها أحد خارج الدنمرك !!.. أما بعد (غضبتنا) فقد طبعت تلك الكاريكاتيرات مئات الملايين و شاهدها بضعة مليارات من البشر!! خصوصاً في عالمنا العربي والإسلامي..
وبذلك نكون قد (دافعنا) عن رسول الله ومنعنا انتشار رسوم تسخر من قداسة رسالته.. وروحية تسامحه وقيمه!!
لا أدري عن هذه الغضبة التي أنزلت الرسول العظيم من هيبة الأنبياء وترفعهم... إلى موضوع للتندر والأخذ والرد والتقييم في شوارع العالم أجمع!!
وأي صورة نقلها هؤلاء (الغاضبون) عن أممية وإنسانية الرسالة المحمدية التي حملها النبي إلى البشرية جمعاء!!
ولا بد من سؤال بسيط نوجهه لـ(حماة الإسلام): ألا يمكن لنا أن نختلف مع صحيفة أو مع رسام كاريكاتير في الدنمرك دون أن نختلف مع دولة الدنمرك وحكومتها التي كانت أول دولة بادرت إلى قطع علاقاتها مع إسرائيل إبان المجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين عام 2002 في الوقت الذي لم تجرؤ على القيام بهذا الفعل كثير من الحكومات والدول العربية.. والإسلامية..
ألا نتذكر أن الدنمركيين آنذاك قد هبوا من أجلنا.. ومن أجل انتفاضة الأقصى!!
اقترن هذا الغضب الإسلامي (النيّر) مع شعار (الإسلام هو الحل) الذي اكتسح شوارعنا وبرلماناتنا وحكوماتنا... والقادم أخطر.
ودعونا نسأل هؤلاء عن مفارقة بسيطة.. ألا يعني هذا الشعار أن غير المسلمين هم متخلفون ولكي يجدوا حلولاً لتخلفهم ومشاكلهم مع الاستبداد والجهل وضعف وتائر التنمية وتحول الفرد من (ديك) إلى (دودة) كما عبر ياسين الحافظ ذات يوم... عليهم أن يعتنقوا الإسلام إذاً؟!!
أليس في الأمر مفارقة عجيبة؟! أن يتقدم (الكفار) ويتخلف المسلمون؟!!
أن يقدم الكفار للعالم العلم والحاضرة والتقنية والدساتير التي تحفظ كرامة الإنسان وحريته... بينما نقدم نحن عكس ذلك!!.. لا.. بل (نعتاش) على حضارتهم.. الكافرة!!.. وننتظر معوناتهم لكي نطعم شعوبنا المسلمة والمؤمنة.. ونعلمها!!
و السؤال المر الذي يقترب من المستحيل أن هؤلاء الغاضبين يحرقون اليوم بيوت الله في بغداد .. وفي وضح النهار !!
عينة من عشرات الألوف من الجموع الغاضبة أحرقت مئات المصاحف في المساجد وقتلت الأئمة والمصلين ..في تظاهرة تهتف لله والرسول !!
ما الذي نقوله للصحفي الدنمركي الذي (خربش) مجموعة صور أساءت لنبينا العظيم فأحرقنا السفارات والأعلام وخرجنا بمئات الألوف نستنكر ونرفض؟!
ما الذي نقوله لذلك الصحفي ونحن نرى القصاصات المتبقية من كتاب الله بعد أن أحرقها وداسها (المسلمون الأشداء) وهم يغيرون على مساجد أهل السنة؟!
إنه الرد الكاريكاتيري (العراقي)... على الكاريكاتير الدنمركي!!.. للأسف!!..
وما هي رسالتنا اليوم للعالم أجمع ونحن ننحر رقاب أهلنا وأحبتنا بسيف الجاهلية الذي يدعي زوراً وبهتاناً أنه سيف إسلامي؟!
هل يتصور أحد أن يحرق الدنمركيون مسجداً ؟!
سيبدو الأمر لو حدث طرفة صعبة التصديق والفهم ..لسبب بسيط أنه مجتمع يحترم عقائد الآخرين ومقدساتهم فعلاً ،ولا يمكن أن يجتمع على الباطل ..والباطل الذي قد نراه عندهم هو فعل فردي أو فئوي ضيق .. لأن العلمانية ـ التي نتهمها نحن العرب بشتى النعوت الإلحادية ونكفر دعاتها ـ كانت قد علمت الناس والمجتمعات الفكرة العظيمة في إرثنا ((لكم دينكم ولي ديني)) .. و((الدين معاملة)) و(كل شاة معلقة من كرعوبها) !!
أليس حرياً بهؤلاء الغاضبين العودة إلى بعض ما جاء في رسالة النبي: (اطلبوا العلم.. ولو في الصين).. ولو في الدنمرك ـ إذا أردتم ، عوضاً عن ثقافة الحرب والإقصاء والحرق والتدمير... وأن نتدبر (إنا خلقناكم شعوباً وقبائل... لتعارفوا).
وأن الرسول الكريم تعايش مع الجميع.. حتى مع الكفار منهم..
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم...



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن