اليهود من الموحدين فلا يجوز قتالهم: هكذا أفتى الشيوخ وبعض الحكام العرب

ميشيل حنا الحاج
michelhaj18@gmail.com

2017 / 12 / 14

من أروع...لا بل من أفظع ما سمعته في العام الحالي، هو تلك الفتاوي الصادرة عن بعض الشيوخ من المسلمين في السعودية، والمذكر...فجأة....وبعد مائة عام من الصراع الحديث مع الاسرائيليين الصهاينة من اليهود، أن اليهود من الموحدين فلا يجوز قتالهم. وخطى للأسف أحد قادة الدول العربية أيضا، على هذا الدرب في الافتاء، فوجه رسالة الى شعبه يذكر فيها بأن اليهود من الموحدين فلا يجوز قتالهم، ولا ضرر من زيارة اسرائيل حيث باتوا يقيمون.. باعتبارها بلد بني اسرائيل التاريخية.
وبالفعل عجل وفد شعبي يمثل ذاك البلد العربي الذي اكتشف فجأة وبعد قرون من الغيبوبة... أن اليهود من الموحدين، للقيام بزيارة لاسرائيل، حيث رحب بهم الاسرائيليون أي ترحيب، وأعلنوا بأن رعايا تلك البلد مرحب بهم دائما في اسرائيل. وذرا للرماد في العيون، قام هذا الوفد، أو وفد مرادف يمثل ذاك البلد أيضا، بزيارة الى غزة التي تتنطح دائما لمقاتلة صهاينة يهود اسرائيل...
ولم يدر أحد مبرر تلك الزيارة اللاحقة لغزة، الا كونها...ربما زيارة أخرى لبلد أهلها هم أيضا من الموحدين. بل وسارعت حكومة تلك البلد التي تذكرت فجأة، وبعد صراع مع أولئك بدأ منذ عهد الجاهلية ودام قرونا، بأن اليهود من الموحدين، الى التأكيد بأن متحف التاريخ الذي يجري تنفيذه حاليا في بلادهم، سيخصص فيه جناح لليهود الموحدين ولاسرائيل...ترى هل سيكون لقضية "المحرقة" أيضا وجود في ذلك المتحف؟ فالمحرقة شكلت الوعد الهتلري التنفيذي لشق الوعد البلفوري لهم بأرض الميعاد.
وجاء ذاك الهاشتاج الشهير الغريب على موقع تويتر، الذي يذكر رعايا بلد عربي آخر هي السعودية، بأن الرياض أهم من القدس، ليعزز القول بأنه لا داعي لمقاتلة اوائك الموحدين من أجل القدس فالرياض أهم لنا من القدس. ولكن أولئك كانوا قصيري النظر، اذ كان الأجدر بهم التذكير بأن مكة، وليس الرياض، هي أهم من القدس. فمكة هي القبلة التي يتجه اليها المسلمون بصلواتهم، ويأتيها الحجيج بالملايين كل عام، وبالتالي هي أهم كثيرا من الرياض التي هي أهم من القدس كما باتوا فجأة يقولون.
لكن التساءل الأكثر أهمية، ليس مجرد وعي الذاكرة، ويقظة العقل المفاجىء لدى بعض العرب، والقائل بأن اليهود من الموحدين فلا يجوز قتالهم، هو غياب هذا العقل عن التذكير بأن الشيعة أيضا هم من الموحدين، فلماذا تدعون اذن الى وجوب قتالهم...بل وتمهدون لذلك بالتودد الى الموحدين الآخرين، وكأنكم تسعون لسلام مع "موحدين"، لتتفرغوا لمقاتلة موحدين آخرين.
وهناك تسلؤلات عديدة ينبغي طرحها على هامش هذا الادعاء الفذ الجديد. فلماذا قاتلتم الرومان بعد فجر الاسلام، وقاتلتوهم الى أن أبعدتموهم الى روما والقسطنطينية. فالرومان كانوا أيضا من الموحدين، وهم اذن من المرحب بهم على أراضي بلادنا استنادا لهذا المنطق الغريب العجيب..
بل ولماذا قاتلتم الصليبيين عندما جاءوا الى القدس، ولم ترحبوا بهم باعتبارهم...هم أيضا من الموحدين.
ترى ألم تتقاتل الدول الأوروبية المسيحية فيما بينها مرارا وتكرارا قبل ثلاثة قرون، رغم أن شعوبها كانوا من الموحدين؟ ألم يتقاتل الانجليز مع الفرنسيين وأحرقوا لهم ...لنابليون الأسطول الفرنسي في واترلو، رغم أن كلي الدولتين شعوبهما من الموحدين؟
الم يقاتل الانجليز والفرنسيون في جانب، الألمان والايطاليين في الجانب الآخر.. في الحرب العالمية الثانية، مع أن هذه الدول بما فيهم الولايات المتحدة التي انضمت اليهم لاحقا، كانوا جميعا من الموحدين، ومع ذلك تقاتلوا فيما بينهم وحصدوا في قتالهم ذاك تسعين مليون قتيل؟؟
بل ولماذا يفجر بعضكم الكنائس في العراق وفي مصر: ترى اليس المسيحيون هم أيضا من الموحدين؟
ولماذا تقاتلون الآن الدواعش أصحاب الدولة الاسلامية، ذلك أنهم هم أيضا من الموحدين، استنادا لمنطقم الجديد المفاجىء، الذي بات وكأنه بركان نائم تفجر بدون مقدمات، مرسلا لنا "حمائم" السلام..لا "حمم" بركان ملتهب. بل ولماذا تقاتلون الحوثيين في اليمن,,,هل هم غير موحدين؟
استيقظوا يا عرب ...يا مسلمين .. وكفوا عن خداع انفسكم، اضافة الى خداع شعوبكم. فأولئك الموحدين قد تآمروا على المسيح وصلبوه، وسعوا لاحباط دعوة النبي موحد (ص) للاسلام، رغم تواجده فيما بينهم في يثرب..في المدينة المنورة. اذ تآمروا عليه من الباطن مع قريش التي حاربته وحاولت احباط دعوته للتوحيد باله واحد أحد ولا أحد غيره، رغم أن يهود بني قريظة وغيرهم من القبائل اليهودية التي تآمرت مع قريش على النبي (ص)، كانوا أيضا من الموحدين.
ان قضية القدس واعلانها موحدة بشقيها عاصمة لاسرائيل، بكل الآثار المتربة عليها، وبذريعة وجود هيكل سليمان فيها، بل وادعاء وجوده وتحت بناء المسجد الأقصى بالذات... ورغم أنهم قد حفروا وحفروا، بل وحفروا تحت بناء المسجد الأقصى ذاته لسنوات، ومع ذلك، كما أكد لي مرة الدكتور حازم نسيبة وزير الخارجية الأردني الأسبق، وتؤكد الحقائق ونتائج الحفريات اللاحقة، لم يجدوا شيئا يثبت دعواهم أو ادعائهم، رغم أنهم يتخذونه ذريعة لتهويد مدينة القدس الشرقية، عاصمة فلسطين الأبية ... هذا الادعالء الكاذب، ينبغي أن يشكل صفعة لغائب عن الوعي كي يستفيق... لمنتشي بسيجارة ماريجوانا خدرته وأرسلته نحو بعض من أحلام اليقظة الخادعة. فان لم تفعلوا، قد ينتهي الأمر بهم... في بحثهم الوهمي عن هيكل سليمان، الى هدم المسجد الأقصى...او مسجد (الاسكا) كما يلفظه الرئيس ترامب في برنامج "اربت تنحل" على قناة الجديد، وبالتالي يترتب على المسلمين عندئذ، أن يتجهوا فعلا الى "آلاسكا" للصلاة فيها عوضا عن (الأكسا)، كما يلفظه ترامب بلسانه الأعوج وبمنطقه الأكثر اعوجاجا من العوج ذاته.
فهل تسمعون...وهل تقرأون؟؟؟
الكاتب والمفكر ميشيل حنا الحاج.
عضو في مركز الحوار العربي الأميركي - واشنطن.
مستشار في المركز العربي الأوروبي لمكافحة الارهاب – برلين.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن