حاولوا أن يكسروا الخوف

مهند بنّانه
capt.bennana@yahoo.com

2017 / 12 / 6

المثقف الليبي يكاد يكون شخصية أسطورية ليس في أنها خيالية ولكن تراجيدية، فهو مثل بروميثيوس يسرق النار من جبل ألإلهه يهبها للبشر ليحاربوا البرد والليالي المظلمة وفي النهاية لا ينال في المقابل إلا اللعنة وينتهي مقيداً يعاني العذاب وحيداً، الكاتب الليبي مثل سيزيف يحمل على عاتقه المتاعب ولكن عند وصوله إلى القمة يجد نفسه مضطراً على تكرار حمل الأحجار من الواد إلى الأعلى بصورة عبثية، فالمفكر الليبي يقهر الخوف ذلك الذي يجعلنا نختبيء و نهرب بعيداً أو نتجمد خوفاً! ولكن تدور الأيام ليعود الخوف أقوى مما كان ليقهر الجميع.
تاريخ الخوف ومن صارعوه في ليبيا طويل فهو مليء بأسماء أولئك الذين تحدوا ثقافة الخوف داخل المجتمع وتصدوا لكل أدواته البوليسية والقانونية و الإعلامية! إنهم شخصيات تتجرأ على قول الحقيقة في وجه من ينكرها معتقدين أن الإنسان سيفرح عندما يعلم! ولكن التاريخ يثبت لنا بأن الإنسان في سبيل الحفاظ على حرمة خرافات مستعد أن يفعل اي شيء.
2011 عام الثورة وتاريخ "انكسار الخوف" كم اعتقد الكثيرون حيث النور يطرد الضلال وخفافيشه والأمطار تغسل وجه الأرض من المستنقعات وبعوضها ولكن مع الأسف قد اكتشفنا مؤخراً بأن النور يمكن تغطيته بالغربال وبأن الأمطار لا تقدر على الأراضيي القاحلة التي تملئها الأفخاخ والأشواك، وهكذا عاد الخوف في شكل بدلة عسكرية اعتقدنا بأننا لن نراها تتدخل في السياسة مرة اخرى في شكل لحية تدعوا لولي الأمر والحاكم! عاد ذاك الإحساس تحت مسميات القبيلة والمدينة والمجتمع الدولي والميليشيات، عاد يضرب ببشاعة لم تشهدها ليبيا حتى في سنوات النظام السابق.
بدأت الثورة تتحول إلى نقيضها عندما ظهرت الجماعات الدينية ومنها أنصار الشريعة وجماعة الإخوان المسلمين والمداخلة وغيرها! وكانت لردة الفعل لا تقل تخلفاً أو إرهاباً حيث خرجت علينا الميلشييات التي تسمي نفسها "الجيش الليبي" تارة و "الجيش العربي" تارة اخرى وهي في الحقيقة ليست إلا لعبة تسميات تخفي تحالفات قبلية لا ترى في الوطن إلا الشعارات، كان الخوف ينموا منذ نهاية عام 2013 يهدم في طريقه الكثير من المكاسب فأصبحت حرية التعبير ذاك الطفل مهدداً بأن لا يتعلم المشي!
كان اصحاب الرأي يسيرون وحيدين حيث المجتمع عاد إلى منطقه "من خاف سلم" وبدأت السلبية مثل السرطان تتسرب عبر ثنايا الوطن مكبلة الجميع، كان الخوف لا يجد رادعاً حقيقياً،، ولهذا منعت الكتب وقد كُفر العلمانيين والليبراليين والإباضيين والطرق الصوفية ومنع سفر المرأة دون محرم واعتقل مجموعة من محبي الكومكيس (مجلات قصص مصورة) ولم يحدث شيء! قد تم إغتيال النشطاء السياسيين والحقوقيين ورجال الدين أمثال عبدالسلام المسماري، سلوى بوقعيقيص، مفتاح بوزيد، فريحة البركاوي، نبيل ساطي، إنتصار الحصائري، ونادر العمراني ولم يحدث شيء! قد تم اختطاف جابر زين، صلاح نقاب، عبدالوهاب العالم، عبد السلام الشحومي، وعبد المعز بانون ولم يحدث شيء! قد تم تهديد وتهجير وإعتقال مجدولين عبيدة، خليل الحاسي، أحمد البخاري، وجابر العبيدي ولم يحدث شيء! وقد تم تهديد الكثير من مؤسسات المجتمع المدني مثل تاناروت، اصدقاء حسن الفقيه، حراك ات ويلول، ومع الأسف لم يحدث شيء!! ولهذا السؤال هو متى ينكسر الخوف دون أن يعود؟ لأننا مللنا عودة الوحوش لإخافتنا نحن والأجيال القادمة، فكما يقول افلاطون فليست التراجيديا الخوف من الظلام ولكن خوف "الكبار" من النور



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن