المجتمع الاسرائيلي في الافلام والمسلسلات العربية .

صادق العلي
sadikalali@yahoo.com

2017 / 11 / 23

المجتمع الاسرائيلي في الافلام والمسلسلات العربية .
,,,
طالما تناول التلفزيون والسينما العربية المجتمع الاسرائيلي بأعمال فنية , وسواءً كانت هذه الاعمال ذات طابع مخابراتي جاسوسي او حتى اعمال ذات مواضيع اجتماعية اخرى , فأن التفوق يكون للعرب طبعا ً بكل المجالات فقط لانهم يهود اسرائيليين .
لا احد يُنكر بأن المخرج العربي على قدر كبير من الثقافة ويحمل شهادة اكاديمية ومع ذلك يتصرف بقلة وعي عندما يقدم المجتمع الاسرائيلي في اعماله على انهم مجموعة من العاهرات وسماسرة البغاء والاغبياء مع انحلال اخلاقي تام للمجتمع وكأنه مجتمع بدون قيم او تقاليد او اعراف , وهذا يدخل في اطار الجهل بما يدور ايضاً يدخل في اطار قلة المعرفة بالمجتمعات الاخرى , ما جعل المواطن العربي يصدق كل ما يراه على الشاشة بل ويتأكد من صحته لدرجة ان هذه الاعمال اصبحت من المسلمات الثابتة عنده , هذا المسلمات في عقل المواطن العربي تصطدم بالواقع مع اول تعامل عملي مع شخص او عائلة يهودية اسرائيلية خارج الوطن العربي لعدم وجود اتصال مباشر .
مثال معروف متداول بكثيرة :
طالب عربي مسلم يدرس في احدى الدول الغربية , ينظر بتركيز الى زميله الطالب اليهودي إذ تعرف عليه من خلال الكيبا او القلنسوة ( غطاء الرأس عند اليهود) , سأل الاستاذ الطالب العربي المسلم لماذا تنظر الى زميلك بهذا الشكل ولا تركز على المحاضرة ؟, تردد الطالب العربي المسلم بالاجابة الصريحة خوفاً من المسائلة القانونية فيما لو شعر الطالب اليهودي بالاساءة , وبعد اصرار الاستاذ وتطمينات زميله الطالب اليهودي , قال الطالب العربي لقد تربيت على فكرة ان اليهود ابناء القردة والخنازير !, ولهم قرون في رؤوسهم مثل الحيوانات !, وانهم تجسيد فعلي للنجاسة وفي اجسامهم رائحة كريهة لا تُطاق , وانا ابحث عن القرون التي في رأسه !, كذلك احاول ربط بين شلكه ان كان ابن القرد او ابن الخنزير ثم انني استشعر رائحته الكريهة .
ما قاله وما قام به هذا الطالب بشكل خاص والحالة العرب بشكل عام تجعلنا اغبياء ليس بعيون الاخرين فقط وانما بعيون اجيالنا المتعاقبة ايضاً , على الرغم من وصول هذا الطالب الى مرحلة الجامعة وفي احدى الدول الغربية المتقدمة , الا انه لم يستطع ادراك الحقائق ولو عليماً كونه طالب وبين يديه كتب علمية اكاديمية وغيرها من البحوث والدراسات التي يستفيد منها الطلاب , فماذا نقول على للبسطاء الذي ينامون ويفيقون على خطاب الجهل والتجهيل ؟!.
معرفة الانسان لرغباته ولقدراته وامكانياته اهم ادوات نجاحه , فالانسان الناجح هو الذي يخلق حالة من التوازن بين رغباته وقدراته وامكانياته , اما على مستوى الدول والمجتمعات يجب ان يكون التعامل مع الاخر سواءً مع العدو او مع الحلفاء خاضع لحسابات علمية دقيقة تأخذ بنظر الاعتبار قدرات الدولة وتطلعاتها والامكانيات المتاحة , ضروري جداً ان تعرف الحكومات مشاريعها المستقبلية وامكانياتها الاقتصادية والسياسية والبشرية , ايضاً عليها ان تعرف قدرات وامكانيات الاخر ( الصديق او العدو ) كي تتعاطى معه وفق اساليب تخدم المجتمع , وليس على طريقة اننا دائما على حق والاخر على باطل .
مثال اخر متداول بكثيرة :
عانى الشعب العراقي من ظلم الطاغية صدام حسين وحزب البعث , لم يأتي صدام او البعث من الفضاء الخارجي وانما هم ابناء العراق ( وافق البعض على هذا ام لا ) , الذي حدث ان الشعب العراقي شعر بالانهزام للقسوة التي تعامل بها صدام والبعث منذ البداية اولاً, وتسليم امرهم الى اناس شرفاء (معارضة ) ولكنهم ليسوا سياسيين بل بسطاء جداً ثانياً , وتضخيم حجم الطاغية صدام بشكل مريع لدرجة ان العراقي اصبح متأكد بأن صدام يمتلك اذرع الاخطبوط ويستطيع ان يلقي القبض عليه في كل زمان ومكان ثالثاً , واخيراً التسليم بأن الرب فقط يستطيع ان يطيح بصدام والبعث وكذلك امريكا تستطيع ان تفعل ذات الشيء لو ارادت ذلك طبعاً , هذا يعني انها اقصى حالات الانهزام امام العدو وهذا ما ابقى صدام والبعث في الحكم لعقود , فالعراقي لا يعرف اي شيء عن صدام سوى انه لقيط وابن زانية وغبي وابن حرام ولا يتوانا بالتعذيب وبالقتل وبمجرد ذكر اسم صدام الجميع يلعنه كنوع من تفريغ شحنات الحقد والضعف .
بالرجوع الى الافلام والمسلسلات العربية التي تتناول المجتمع الاسرائيلي بهذا الشكل , صحيح اننا نجد التفوق على العدو في السينما العالمية كحالة واقعية , بل واصبحت حالة متداولة كنوع من تعبئة الجماهير او رفع الروح المعنوية للشعب وغيرها من الاسباب التي تقدم العدو مهزوماً مكسورا, ولكنني اجد هذه الحالة في المجتمعات العربية قد اصبحت مشكلة كبيرة لعدة اسباب :
1-العقل العربي عقل انطباعي ( صعوبة تغيير نظرتنا للاشخاص او للمجتمعات ).
2-الانتصار في الافلام والمسلسلات مع الهزائم المتكررة على ارض الواقع .
3-المكانيات الهائلة الاقتصادية والبشرية للعرب اصبحت اهم ادوات تخلفهم وتراجعهم .
4- التخبط بين قدرات وامكانيات وتطلعات العرب مجتمعين او فراداً مقارنة بالاخر المنظم المتحضر بشكل ملفت .
5-تمسك العرب بنظرية المؤامرة كونها طوق النجاة لاخفاقهم .
هناك حكمة قديمة تقول ((( عدو عاقل خير من صديق جاهل ))) , هذا ما يحتاج العرب معرفته , ايضاً على العرب معرفة الكيفية التي تسير بها الحياة مع الاصدقاء ومع الاعداء , والاهم معرفة ان كانوا هؤلاء اعداء بالفعل ام انها مجموعة اكاذيب متراكمة انتجتها الاحزاب القومية وثورات العسكر القتلة واصبحت حقائق بالتقادم على اعتبار ان المجتمع العربي لا يبحث ولا يتسائل ولا يريد معرفة الاحداث والكيفية التي تم صياغتها وتقديمها له , لذلك تجده يبرر الهزيمة ويبرر التخلف الذي يعاني منه , انا هنا لا اقول ان الاخرين ملائكة ويتصرفون بنزاهة او اخلاق لا طبعا ولكني اقول انه صراع واذا ما قررت دخوله عليك ان تعرف امكانياتك وقدراتك ايضاً تعرف امكانيات وقدرات الاخر بعيداً عن الافلام والمسلسلات .
صادق العلي - ديترويت



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن