هل ستصدق رؤية بيكو في اندماج الهويات داخل هوية إنسانية واحدة عالميا؟

علجية عيش
aljaiches@yahoo.fr

2017 / 11 / 10

مازال مشكل "الهُوِيَّة" يطرح بشدة في النقاشات، التي تكاد أن تكون عقيمة، و لم يخرج المواطن الجزائري بصفة خاصة من هذه الحرب الدائرة منذ بداية تأسيس الدولة الجزائري، و من هو مؤسسها الأول؟ ، أي قبل ظهور الحركة الوطنية، و لا أتحدث هنا عن الصراع العربي الأمازيغي حتى لا يفهم قولي انني أدعوا إلى الجهوية و الانقسامية، لأن التزاوج العربي الأمازيغي وحد بين الجزائريين، و جعلهم صفا واحدا في محاربة الاستعمار الفرنسي ( رغم.. و رغم ..) ، في ظل التعددية الثقافية و اختلاف الثقافات في المجتمع الواحد، المسألة تتمثل في تشكيل تصور عام للجماعات في الوطن الواحد و كيف تمتاز عن الآخر..
يقول علماء الإنتروبولوجيا أن الصور تلعب دورا خطيرا في تأليف و تحديد هوية مجتمع ما، فلو نظرنا على سبيل المثال صورة القبائلي في زيّه ( لباسه) و صورة الشاوي، و صورة التارقي، أو الميزابي، فكيف نحدد هويتهم كجزائريين؟ طالما هوية المجتمع تخضع لتغيرات عديدة لها علاقة بالزمان و المكان، ثم أنه بالإضافة إلى تعدد اللهجات ( القبائلية، الشاوي، الميزابية، و التارقية) فالتعدية اللغوية في الجزائر ( الفرنسية و العربية) تطرح إشكالات كبيرة حول الهوية، و هنا نتحدث عن الصراع العربي الفرانكفوني، الذي يتجدد طرحه في كل نقاش، و هنا يجدر الحديث عن أصل اللغة الأمّ للمجتمع الجزائري؟ و لماذا تُرْفَضُ الأمازيغية و هي في عقر دارها؟ و هذا ليتسنى تحديد هوية المجتمع الجزائري و تاريخ تأسيس الدولة الجزائرية؟ ، فمهما كانت درجة الاختلاف بينهم، يمكن القول ان المجتمع المنسجم فكرا و ثقافة ، و الذي يؤمن بالتعايش ، نجده يبحث عن حلول للمشاكل و وضع حد للخلافات، التي قد تكون مصدرا للخراب و الإنشقاق، فالإنتماء و الرموز العاطفية وحدههما يخلقان القوة داخل الجماعة، كالنشيد الوطني و العَلَم ( الراية) ، كذلك الإحتفالات الشعبية و الطقوس الدينية و الآثار الخالدة للأبطال السابقين.
في ظل العولمة يرى علماء الإنتروبولوجيا أن الصور تقدم أوصافا مكثفة و أحيانا مثالية لما يرى فيه المجتمع قيمه و مبادئه المقدسة، كما أنها تقدم أيضا هويته و إسهامه المميز، يقدم الإنتروبولوجيين عدة أبعاد للصور، منها ما تعلق بالأصالة، لأنها غير مزيفة في طبيعتها، فالبريطانيون يميلون إلى رؤية مجتمعهم مجتمعا متماسكا، محتشما، معتدلا و متحضرا و ملتزما، و هي رؤية قد تكون صحيحة و قد تكون خاطئة، طالما هناك سمات يحبها البريطانيون في أنفسهم و يرغبون في المحافظة عليها، كما أن صلة الفرد بمجتمعه و مشاركته في مختلف النشاطات اليومية، حيث يشعر الأفراد داخل المجتمع و كأنهم إخوة و ليسوا دخلاء أو أعداء ، يقول أصحاب النظرية السياسية و منهم بيكو باريك الهوية ليس عقارا أو شيكا نمتلكه، بل ارتباط وثيق بين أفراد المجتمع، و يرى أنه بالإمكان إعادة تشكل الهويات في عصرنا المُعَوْلَمِ الذي نحيا فيه، و يفهم من نظريته أن الهويات لابد و أن تندمج داخل هوية إنسانية عالمية.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن