قال الرب سيف حدد وصقل ليذبح ذبحا !

درويش أبو عجره
plmnbvcf117@gmail.com

2017 / 11 / 9


قَالَ الرَّبُّ :
سَيْفٌ حُدِّدَ وَصُقِلَ لِيَذْبَحَ ذَبْحًا !

الكتاب المقدس - العهد القديم
سفر حزقيال
الإصحاح الحادي والعشرون

1 وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلاً:
2 «يَا ابْنَ آدَمَ، اجْعَلْ وَجْهَكَ نَحْوَ أُورُشَلِيمَ، وَتَكَلَّمْ عَلَى الْمَقَادِسِ، وَتَنَبَّأْ عَلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ،
3 وَقُلْ لأَرْضِ إِسْرَائِيلَ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا عَلَيْكِ، وَأَسْتَلُّ سَيْفِي مِنْ غِمْدِهِ فَأَقْطَعُ مِنْكِ الصِّدِّيقَ وَالشِّرِّيرَ.
4 مِنْ حَيْثُ أَنِّي أَقْطَعُ مِنْكِ الصِّدِّيقَ وَالشِّرِّيرَ، فَلِذلِكَ يَخْرُجُ سَيْفِي مِنْ غِمْدِهِ عَلَى كُلِّ بَشَرٍ مِنَ الْجَنُوبِ إِلَى الشِّمَالِ.
5 فَيَعْلَمُ كُلُّ بَشَرٍ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، سَلَلْتُ سَيْفِي مِنْ غِمْدِهِ. لاَ يَرْجعُ أَيْضًا.
6 أَمَّا أَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَتَنَهَّدْ بِانْكِسَارِ الْحَقَوَيْنِ، وَبِمَرَارَةٍ تَنَهَّدْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ.
7 وَيَكُونُ إِذَا قَالُوا لَكَ: عَلَى مَ تَتَنَهَّدُ؟ أَنَّكَ تَقُولُ: عَلَى الْخَبَرِ، لأَنَّهُ جَاءٍ فَيَذُوبُ كُلُّ قَلْبٍ، وَتَرْتَخِي كُلُّ الأَيْدِي، وَتَيْأَسُ كُلُّ رُوحٍ، وَكُلُّ الرُّكَبِ تَصِيرُ كَالْمَاءِ، هَا هِيَ آتِيَةٌ وَتَكُونُ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ».
8 وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلاً:
9 «يَا ابْنَ آدَمَ، تَنَبَّأْ وَقُلْ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: قُلْ: سَيْفٌ سَيْفٌ حُدِّدَ وَصُقِلَ أَيْضًا.
10 قَدْ حُدِّدَ لِيَذْبَحَ ذَبْحًا. قَدْ صُقِلَ لِكَيْ يَبْرُقَ. فَهَلْ نَبْتَهِجُ؟ عَصَا ابْنِي تَزْدَرِي بِكُلِّ عُودٍ.
11 وَقَدْ أَعْطَاهُ لِيُصْقَلَ لِكَيْ يُمْسَكَ بِالْكَفِّ. هذَا السَّيْفُ قَدْ حُدِّدَ وَهُوَ مَصْقُولٌ لِكَيْ يُسَلَّمَ لِيَدِ الْقَاتِلِ.
12 اصْرُخْ وَوَلْوِلْ يَا ابْنَ آدَمَ، لأَنَّهُ يَكُونُ عَلَى شَعْبِي وَعَلَى كُلِّ رُؤَسَاءِ إِسْرَائِيلَ. أَهْوَالٌ بِسَبَبِ السَّيْفِ تَكُونُ عَلَى شَعْبِي. لِذلِكَ اصْفِقْ عَلَى فَخْذِكَ.
13 لأَنَّهُ امْتِحَانٌ. وَمَاذَا إِنْ لَمْ تَكُنْ أَيْضًا الْعَصَا الْمُزْدَرِيَةُ؟ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.
14 فَتَنَبَّأْ أَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ وَاصْفِقْ كَفًّا عَلَى كَفّ، وَلْيُعَدِ السَّيْفُ ثَالِثَةً. هُوَ سَيْفُ الْقَتْلَى، سَيْفُ الْقَتْلِ الْعَظِيمِ الْمُحِيقُ بِهِمْ.
15 لِذَوَبَانِ الْقَلْبِ وَتَكْثِيرِ الْمَهَالِكِ، لِذلِكَ جَعَلْتُ عَلَى كُلِّ الأَبْوَابِ سَيْفًا مُتَقَلِّبًا. آهِ! قَدْ جُعِلَ بَرَّاقًا. هُوَ مَصْقُولٌ لِلذَّبْحِ.
16 انْضَمَّ يَمِّنِ، انْتَصِبْ شَمِّلْ، حَيْثُمَا تَوَجَّهَ حَدُّكَ.
17 وَأَنَا أَيْضًا أُصَفِّقُ كَفِّي عَلَى كَفِّي وَأُسَكِّنُ غَضَبِي. أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ».
18 وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلاً:
19 «وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، عَيِّنْ لِنَفْسِكَ طَرِيقَيْنِ لِمَجِيءِ سَيْفِ مَلِكِ بَابِلَ. مِنْ أَرْضٍ وَاحِدَةٍ تَخْرُجُ الاثْنَتَانِ. وَاصْنَعْ صُوَّةً، عَلَى رَأْسِ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ اصْنَعْهَا.
20 عَيِّنْ طَرِيقًا لِيَأْتِيَ السَّيْفُ عَلَى رَبَّةِ بَنِي عَمُّونَ، وَعَلَى يَهُوذَا فِي أُورُشَلِيمَ الْمَنِيعَةِ.
21 لأَنَّ مَلِكَ بَابِلَ قَدْ وَقَفَ عَلَى أُمِّ الطَّرِيقِ، عَلَى رَأْسِ الطَّرِيقَيْنِ لِيَعْرِفَ عِرَافَةً. صَقَلَ السِّهَامَ، سَأَلَ بِالتَّرَافِيمِ، نَظَرَ إِلَى الْكَبِدِ.
22 عَنْ يَمِينِهِ كَانَتِ الْعِرَافَةُ عَلَى أُورُشَلِيمَ لِوَضْعِ الْمَجَانِقِ، لِفَتْحِ الْفَمِ فِي الْقَتْلِ، وَلِرَفْعِ الصَّوْتِ بِالْهُتَافِ، لِوَضْعِ الْمَجَانِقِ عَلَى الأَبْوَابِ، لإِقَامَةِ مِتْرَسَةٍ لِبِنَاءِ بُرْجٍ.
23 وَتَكُونُ لَهُمْ مِثْلَ عِرَافَةٍ كَاذِبَةٍ فِي عُيُونِهِمِ الْحَالِفِينَ لَهُمْ حَلْفًا. لكِنَّهُ يَذْكُرُ الإِثْمَ حَتَّى يُؤْخَذُوا.
24 لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ ذَكَّرْتُمْ بِإِثْمِكُمْ عِنْدَ انْكِشَافِ مَعَاصِيكُمْ لإِظْهَارِ خَطَايَاكُمْ فِي جَمِيعِ أَعْمَالِكُمْ، فَمِنْ تَذْكِيرِكُمْ تُؤْخَذُونَ بِالْيَدِ.
25 «وَأَنْتَ أَيُّهَا النَّجِسُ الشِّرِّيرُ، رَئِيسُ إِسْرَائِيلَ، الَّذِي قَدْ جَاءَ يَوْمُهُ فِي زَمَانِ إِثْمِ النِّهَايَةِ،
26 هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: انْزِعِ الْعَمَامَةَ. ارْفَعِ التَّاجَ. هذِهِ لاَ تِلْكَ. ارْفَعِ الْوَضِيعَ، وَضَعِ الرَّفِيعَ.
27 مُنْقَلِبًا، مُنْقَلِبًا، مُنْقَلِبًا أَجْعَلُهُ! هذَا أَيْضًا لاَ يَكُونُ حَتَّى يَأْتِيَ الَّذِي لَهُ الْحُكْمُ فَأُعْطِيَهُ إِيَّاهُ.
28 «وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَتَنَبَّأْ وَقُلْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ، فِي بَنِي عَمُّونَ وَفِي تَعْيِيرِهِمْ، فَقُلْ: سَيْفٌ، سَيْفٌ مَسْلُولٌ لِلذَّبْحِ! مَصْقُولٌ لِلْغَايَةِ لِلْبَرِيقِ.
29 إِذْ يَرَوْنَ لَكَ بَاطِلاً، إِذْ يَعْرِفُونَ لَكَ كَذِبًا، لِيَجْعَلُوكَ عَلَى أَعْنَاقِ الْقَتْلَى الأَشْرَارِ الَّذِينَ جَاءَ يَوْمُهُمْ فِي زَمَانِ إِثْمِ النِّهَايَةِ.
30 فَهَلْ أُعِيدُهُ إِلَى غِمْدِهِ؟ أَلاَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي خُلِقْتِ فِيهِ فِي مَوْلِدِكِ أُحَاكِمُكِ!
31 وَأَسْكُبُ عَلَيْكِ غَضَبِي، وَأَنْفُخُ عَلَيْكِ بِنَارِ غَيْظِي، وَأُسَلِّمُكِ لِيَدِ رِجَال مُتَحَرِّقِينَ مَاهِرِينَ لِلإِهْلاَكِ.
32 تَكُونِينَ أُكْلَةً لِلنَّارِ. دَمُكِ يَكُونُ فِي وَسْطِ الأَرْضِ. لاَ تُذْكَرِينَ، لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ».

تفسير أصحاح 21 من سفر حزقيال للقمص تادرس يعقوب

أنشودة السيف المدمر!

إذا أعلن الرب عن تخليه عن حماية المدينة بل وأكد إشعالها بالنار، أجاب اليهود قائلين: "أما يُمثِّل هو أمثالا؟!" (20: 49)، لهذا تحدث الرب بصراحة في هذا الأصحاح عن هذه النار، أو السيف الناري المؤدب:
1. نبوته ضد أورشليم:

طلب منه أن يوجه نظره نحو أورشليم [1] ويتنبأ صراحة ضد الأرض المقدسة والمدينة المقدسة والهيكل المقدس.

الذي سبق فوقف يشفع فيهم ويتضرع لأجلهم في أكثر من موضع (9: 8) يُدعي الآن لكي يُعلن أحكام دينونة الله التي تحل على إسرائيل التي أعلنت رفضها للوصية وعنادها المتعمد. إنه ينطق بكلمات الرب، قائلًا: "هأنذا علىكِ وأستلُّ سيفي من غمده، فأقطع منك الصدِّيق والشرير" [3]. إذ لم تعد هذه المواضيع في عيني الرب يرسل عليها سيفه ويقف ضدها، ويقطع منها الصديق والشرير. لا يعني هنا أن يقتل الاثنين بلا تمييز بينهما، إنما ينزع الصدّيق عنها لينقله إلي أرض الكلدانيين كالتين الجيد (إر 24)، وينزع الشرير بقتله في يهوذا فتخسر الأرض الاثنين خلال السبي والسيف. وقد أوضح الرب موقفه من التين الجيد في سفر إرميا هكذا: "كهذا التين الجيد هكذا أنظر إلي سبي يهوذا الذي أرسلته من هذا الموضع إلي أرض الكلدانيين للخير، وأجعل عيني عليهم للخير وأُرجعهم إلي هذه الأرض وأنبتهم ولا أهدمهم، وأغرسهم ولا أقطعهم، وأعطيهم قلبًا ليعرفوني أني أنا الرب فيكونوا لي شعبًا وأنا أكون لهم إلهًا لأنهم يرجعون إليّ بكل قلبهم" (إر 24: 5-7) هكذا يقطع التين الجيد والرديء عن أورشليم، لكن يفرز هذا عن ذاك.

لقد طلب منه أن يتهند بمرارة علانية ليسألوه عن سبب تنهده فيُجيب صراحة "على الخبر، لأنه جاء فيذوب كل قلب وترتخي كل الأيدي، وتيأس كل روح، وكل الركب تصير كالماء، ها هي آتية وتكون" [7]. إن الله لا يُعطي مثلًا بل خبرًا حقيقيًا وأمرًا واقعًا يرتجف له الكل!

2. سيف حاد مصقول:

هذا السيف المرهب في الحقيقة ليس سيف نبوخذنصَّر بل هو سيف الله نفسه الذي يستخدم هذا الملك للتأديب. إنه يقوم بدوره حسنًا، فهو مصقول وحاد، يذبح رؤساء يهوذا والشعب، سيف قاتل عظيم، يُلوِّح مرة فثانية فثالثة. يأتي في المرة الأولي بعد التحذير الشفوي، والمرة الثانية بعد أن يصفق النبي على فخذه [12] والمرة الثالثة بعد أن يصفق كفًا على كف [14]، وكأن انطلاق السيف ليس غاية في ذاته، إنما ينطلق حينما يرفض المسئولون والشعب إنذارات الله.

يلاحظ أنه سيف حاد قاتل للأشرار، لكنه بالنسبة لأولاد الله هو"عصا التأديب يذبح فيهم العود الأخضر (العبادة الوثنية) لا نفوسهم، إذ يقول عنه: "عصا ابني تزدري بكل عود [10]، وليس بكل نفس. إنه قادم لإبادة الشر والخطيئة لا الخطاة. هو سيف امتحان [13] أو عصا اختبار إن ازدري أحد بها تعرضه للهلاك، لكن إن رجع أحد عن شره خلص.

كما يلاحظ أنه موجه على الشعب كما على كل رؤساء إسرائيل الذين رفضوا نبوته... إنه لا يُحابي مسئولًا على حساب أفراد الشعب، إنما الكل متساوون أمامه.

أخيرًا فإنه يقف عند كل باب، متقلبًا، يضرب يمنةً ويسارًا، فلا يفلت أحد منه [15-16].

3. طريقا ملك بابل:

يبدو أن ملك بابل جاء إلى ملتقى طريقين، أحدهما يؤدي إلى أورشليم والآخر إلى ربة عاصمة بني عمون، وهنا بدأ يفكر أيهما يحاربها أولًا: أورشليم أم ربة. لقد استخدم كل وسيلة وثنية من صقل السهام لكي يصوبها في الطريقين ويلقي قرعة، ومن سؤال بالترافيم ؛ والتطلع إلي كبد الذبيحة التي يقدمها لإلهه... فجاءت الإجابة أن يبدأ بأورشليم. حسب الظاهر جاءت الإجابة بطرقه الشريرة الوثنية، لكن الواقع أن الله هو الذي خطط خفية للتأديب. إن العرافة كاذبة، لكن الله ضابط الكل حول شر الملك وعرافته لتأديب الشعب.

يلاحظ أن الرب يقول: "عَيّنْ طريقا ليأتي السيف على... يهوذا في أورشليم إذ يبدو أن شعب يهوذا قد تجمهر غالبيته في العاصمة أورشليم ظنًا أنه حتى إن سقطت كل مدن يهوذا فإن الله يُدافع عن أورشليم بكونها "مدينة الملك العظيم". لكن الله يؤكد أنها ستأخذ الضربة الأولى القوية ليس قبل كل مدن يهوذا فحسب بل وقبل مدن بني عمون. أورشليم التي عرفت كثيرًا عن الله استحقت أن تضرب أكثر، لأنها لا تخطئ عن جهل أو عدم معرفة بل في تمرد وعصيان.

4. حديث ضد صدقيا الملك:

يوجه الله حديثه ضد صدقيا الملك مباشرة، الذي يحطم شعبه بشرِّه، قائلًا: "وأنت أيها النجس الشرير" [25]، لقد جاء يوم نزع العمامة ورفع تاج الملك عنه [26].
لقد ظن في نفسه أنه عظيم فحطم شعبه، لهذا ينقلب الحال، ويفقد الملك تاجه إلي الأبد "منقلبًا منقلبًا أجعله" [27]. ويُنزل بهذا الملك المتعجرف إلي الحضيض "حتى يأتي الذي له الحكم فأعطيه إياه" [27]. يأتي السيد المسيح باتضاعه فيملك إلى الأبد.

إن كان شعب صدقيا قد هلك بمشورة ملكه، فسيملك رب المجد ويقيم شعبه ويخلصهم ليملكوا معه إلي الأبد.

5. نبوة ضد بني عمون:

لقد أفلت بنو عمون من سيف الدينونة بسبب انشغال نبوخذنصَّر بأورشليم، وقد وقفوا شامتين.

لقد عيَّر بنو عمون الشعب لهلاكه وأورشليم لحرقها، لكن تأديب أورشليم إلي حين حيث يقوم الملك الروحي ويخلص المؤمنين به، أما السيف الذي يُحطم بني عمون، وهو ذات السيف الذي حطم يهوذا، فيضرب لكن لا للتأديب بل للإهلاك، فلا يعود يذكر بعد.

لم يدخل بنو عمون في عهد مع الله كما دخلت إسرائيل، ومع ذلك فسقطوا في التأديب الإلهي، لأن الله لا يطيق الخطية لا في حياة شعبه أو في حياة غيرهم.

بنو عمون يشيرون إلي الشر لا الأشرار، يهلك بيدٍ قوية ولا يقوم بعد (ضُربت عمون بعد أورشليم بخمس سنوات).

تفسير أصحاح 21 من سفر حزقيال للقس أنطونيوس فكري

رأينا في الإصحاح السابق أن الشعب ادعى أنهم لم يفهموا، وقالوا "هذا مثل" لذلك تكلم هنا صراحة عن سيف يأتي الله به ضد أورشليم وشعبها وملكها بعد أن رفضوا إنذاراته.

الآيات 1-7:- و كان إلى كلام الرب قائلا. يا ابن ادم اجعل وجهك نحو أورشليم وتكلم على المقادس وتنبا على ارض إسرائيل. وقل لأرض إسرائيل هكذا قال الرب هانذا عليك واستل سيفي من غمده فاقطع منك الصديق و الشرير. من حيث اني اقطع منك الصديق والشرير فلذلك يخرج سيفي من غمده على كل بشر من الجنوب إلى الشمال. فيعلم كل بشر اني أنا الرب سللت سيفي من غمده لا يرجع أيضًا. أما أنت يا ابن ادم فتنهد بانكسار الحقوين وبمرارة تنهد امام عيونهم. ويكون إذا قالوا لك على م. تتنهد أنك تقول على الخبر لانه جاء فيذوب كل قلب وترتخي كل الايدي وتيئس كل روح وكل الركب تصير كالماء ها هي اتية وتكون يقول السيد الرب.

يشتهى الله أن يسكب بركاته على شعبه إذا قدم توبة. وما كانت كل التهديدات السابقة سوى محاولة لحثهم على التوبة. ولما تقست قلوبهم تكلم النبي بوضوح بالتهديد نحو أورشليم = وجِه وجهك نحو أورشليم وأيضًا الهيكل = وتكلم عن المقادس = لاحظ أنها كانت مقدسة ولكنهم نجسوها فاستحقت الحريق. بل ما أفظع ما قيل = ها أنا عليك وأستل سيفى فليس المهاجم إذن نبوخذ نصر بل هو أداة أو سيف في يد الله. وهكذا نحن حين يريد الله أن يؤدبنا، فقد يسمح بأحد الأشرار أن يؤذينا. والعكس إن كانت طرقنا ترضى الرب نقول مع داود "إن قام عليَّ جيش ففي هذا أنا مطمئن" لأن الله يحميني. فأقطع منك الصديق والشرير = الشرير سيقطع بالقتل أما الصديق فسيقطع من الأرض بذهابه إلى بابل للسبي، وسبق الله وسمَّى هؤلاء التين الجيد، والله سيرسلهم إلى بابل للخير (ليتنقوا ويتطهروا ثم يعودوا) أر 24: 5- 7. ولكن في الحالتين سواء قتلوا أو ذهبوا للسبي فإن يهوذا ستخسر الاثنين أما أنت يا ابن آدم فتنهد = الله يظهر لأنبيائه ما سيكون ويصوره لهم فيتفاعلوا معه. وهنا يتركه الله يفعل الشيء الطبيعي أي أن ينوح ويتنهد على ما سيحدث لشعبه. وحينما يسألونه يجيب بما يعلمه فتزداد الصورة وضوحًا. وحين يسمح الله بحزن النبي فهذا يعنى قطعًا أن الله نفسه حزين على ما سيحدث. قارن مع بكاء المسيح على أورشليم. وأما الأوصاف الموجودة هنا مثل يذوب كل قلب فهي تظهر بشاعة ما سيحدث.

الآيات 8-17:- و كان إلى كلام الرب قائلا. يا ابن ادم تنبا و قل هكذا قال الرب قل سيف سيف حدد وصقل أيضًا. قد حدد ليذبح ذبحا قد صقل لكي يبرق فهل نبتهج عصا ابني تزدري بكل عود. وقد أعطاه ليصقل لكي يمسك بالكف هذا السيف قد حدد وهو مصقول لكي يسلم ليد القاتل. اصرخ وولول يا ابن ادم لانه يكون على شعبي وعلى كل رؤساء إسرائيل اهوال بسبب السيف تكون على شعبي لذلك اصفق على فخذك. لانه امتحان وماذا أن لم تكن أيضًا العصا المزدرية يقول السيد الرب. فتنبا أنت يا ابن ادم واصفق كفا على كف وليعد السيف ثالثة هو سيف القتلى سيف القتل العظيم المحيق بهم. لذوبان القلب وتكثير المهالك لذلك جعلت على كل الابواب سيفا متقلبا اه قد جعل براقا هو مصقول للذبح. انضم يمن انتصب شمل حيثما توجه حدك. وأنا أيضًا اصفق كفي على كفي و اسكن غضبي أنا الرب تكلمت.

الكلام هنا واضح جدًا، أن السيف القادم حُدِدَ وصُقِلَ جيدًا حتى يكون الذبح شديد = والمعنى أن جيش بابل قد استعد وتسلح جيدًا وهو قادر على ضرب أورشليم. ولكن هناك سؤال موجه لهم وهو فهل نبتهج = وهذا السؤال معناه أن القلب البشرى يميل أن يقلل من شأن أحكام الدينونة الإلهية ليعطى لنفسه اطمئنانًا كاذبًا، لذلك فالله يكرر الكلام هنا حتى يثوب الناس إلى رشدهم بدلًا في الانغماس في خطاياهم وهم في أحساس الأمان الكاذب هذا. ومازال كثيرون للآن يفعلون نفس الشيء، بل يقولوا لن يكون هناك نهاية للأرض ولا مجيء ثان 2بط 3: 4. عصا ابني تزدرى بكل عود = الله مازال يسمى إسرائيل إبنى، وهو أتى بهذه العصا لتأديب ابنه إسرائيل، وأما العود فهو حكام وملوك يهوذا (القضبان في 19: 11). ولكن عصا الله (بابل) تزدرى بهم. بل هذا السيف هو سيف القتل العظيم وسيلحق بهم وراء كل الأبواب التي ظنوا أنهم يحتمون ورائها. وسيضرب هذا السيف يمينًا ويسارًا وفي كل اتجاه. أما الآية 13 فلقد ترجمت في لغات أخرى هكذا لإنه امتحان. وماذا لو إزدرت العصا بالصولجان، لن يكون هناك صولجان = أي أن العصا وهي جيش بابل هي لمجرد تأديب شعب الله، ولكن الله لن يسمح لها أن تحتقر من فوضها وهو الله (إش 10 : 15)،ولا أن تتحول إلى قوة إبادة، أو تضرب من نفسها. لكن الضربات ستكون في حدود ما يسمح به الله. كما كانت ضربات إبليس في حدود ما يسمح به الله ضد أيوب (أي 1: 12 + 2: 6). إذًا فجيش بابل أو الشيطان ليسوا في حرية مطلقة ضد شعب الله، فهم لا يستطيعوا أن يزدروا بسلطان الله (يو 19: 11). والله سبق وشرح هذا في أش 10: 15. إذا تصورت العصا المؤدبة أن لها سلطان من نفسها أن تفعل فتبدأ في الانتفاخ على الله (أش 36: 18) هنا يوقفها الله عند حدها. أنه امتحان = ما يصنعه الله ليس أكثر من امتحان، أي تنقية شعبه وليس أنه رفض شعبه تمامًا. لذلك هو يضع رُبُطًا كثيرة على هذه العصا حتى لا تخرج عما حدده لها الله، أو تخرج عن خطة الله.

الآيات 18-24:- و كان إلى كلام الرب قائلا. وانت يا ابن ادم عين لنفسك طريقين لمجيء سيف ملك بابل من ارض واحدة تخرج الاثنتان واصنع صوة على راس طريق المدينة اصنعها. عين طريقا لياتي السيف على ربة بني عمون وعلى يهوذا في أورشليم المنيعة. لأن ملك بابل قد وقف على ام الطريق على راس الطريقين ليعرف عرافة صقل السهام سال بالترافيم نظر إلى الكبد. عن يمينه كانت العرافة على أورشليم لوضع المجانق لفتح الفم في القتل ولرفع الصوت بالهتاف لوضع المجانق على الابواب لاقامة مترسة لبناء برج. وتكون لهم مثل عرافة كاذبة في عيونهم الحالفين لهم حلفا لكنه يذكر الاثم حتى يؤخذوا. لذلك هكذا قال السيد الرب من أجل انكم ذكرتم باثمكم عند انكشاف معاصيكم لاظهار خطاياكم في جميع أعمالكم فمن تذكيركم تؤخذون باليد.

يبدو أن ملك بابل قد جاء إلى ملتقى طرق وكان أمامه أن يهاجم إما بنى عمون أو أورشليم، وليحدد أيهما يبدأ بها، ألقى قرعة بالطريقة الوثنية وكان على النبي أن يمثل ما يحدث تمثيلًا، فعليه أن يصنع صوة = علامة ثم يرسم منها طريقين، أحدهما يتجه لأورشليم والآخر إلى بنى عمون، ويعمل ذلك أمام الشعب ليشرح لهم ما سيحدث لملك بابل وأنه سيختار بالقرعة أن يبدأ بأورشليم.
صقل السهام والكبد والترافيم = هذه العادات الوثنية في القرعة تعنى:-

صقل السهام = كانوا يكتبون اسم أورشليم على سهم واسم بنى عمون على سهم آخر والذي يسحبه من الجعبة أولًا يهاجمونه أولًا.

الكبد = كان العرافين يعطون ملاحظات على أحشاء الذبيحة، بحسب لون الكبد. ويقولون هل الاختيار يبشر بالفأل الحسن أو الفأل السيئ.

الترافيم = كانت عبارة عن تماثيل آلهة تستشار في المقترحات. والله استخدم كل هذا ليشير على نبوخذ نصر بأن يهاجم أورشليم أولًا. قطعًا الله لا يوافق على هذه العادات الوثنية لكنه يكلم كل واحد بحسب ما يفهمه (كما كلم المجوس بالنجم). والله يكلمهم بطريقتهم حتى ينفذوا خطة الله في تأديب شعبه. وما صنعه النبي أمامهم تم فعلًا فلقد بدأ نبوخذ نصر بأورشليم أولًا ثم هاجم بنى عمون بعد ذلك بحوالي خمس سنوات. وهنا يسمى أورشليم المنيعة = فهم كانوا يتصورون هذا. لكن هذا الشعب إذ سمع نبوات حزقيال اعتبروها عرافة كاذبة وربما كانوا يقصدون أن العرافة التي سيلجأ لها نبوخذ نصر هي عرافة كاذبة، ولكن سواء هذا أو ذاك فهم رفضوا تصديق النبي بأن ملك بابل سيبدأ بأورشليم. وما شجعهم على رفض فكرة خراب أورشليم تصورهم أن مصر التي عقدوا معها حلفًا ومعاهدات سوف تحمى أورشليم = الحالفين لهم حلفًا. أو يكون المعنى أنهم حلفوا حلفًا لملك بابل فلماذا يهاجمهم. هنا خطاياهم قادتهم للعمى، فلم يعودوا يعرفوا أين الصالح لهم. وكان القصد من كل ما يفعله النبي أن يقدموا توبة، ولكنهم مع كل هذه الأنذارات لم يفعلوا. وبذلك استدعوا لذهن الله خطاياهم السابقة = لكنه يذكر الإثم حتى يؤخذوا وفي جميع أعمالكم تنكشف معاصيكم = ففي كل تصرفاتهم تكون خطاياهم شاهد عليهم.
وأيضًا ذَكَّرت الله بخطايا أبائهم وحيث لا توبة فسيؤخذون باليد أي سيأتي المخرب وستقعون في يده ولن يمكنكم الهرب. ولنلاحظ أن احتقارهم للتحذيرات الإلهية كانت خطية جعلت الله يذكر لهم باقي خطاياهم.

الآيات 25-27:- و أنت ايها النجس الشرير رئيس إسرائيل الذي قد جاء يومه في زمان اثم النهاية. هكذا قال السيد الرب انزع العمامة ارفع التاج هذه لا تلك ارفع الوضيع وضع الرفيع. منقلبا منقلبا منقلبا اجعله هذا أيضًا لا يكون حتى يأتي الذي له الحكم فاعطيه اياه.

الرئيس هنا هو صدقيا والله يصفه بأنه نجس وشرير = فهو دنس كل شيء طاهر وشجع الخطية فهو أخطأ وجعل شعبه يخطئ. الذي قد جاء يومه في زمان إثم النهاية = أي أن إثمه كان لا بُد ويكون له نهاية حين يمتلئ مكياله. وأخيرًا امتلأ وجاء يومه يوم عقاب الله، والعقاب هو أنه سيخسر تاجه = وإنزع العمامة. أما من ترضى الله أعماله هنا فسيلبس إكليلًا هناك. هذه لاتلك = في ترجمة أخرى هذه لن تكون "أي لن يستمر ملكه أو تاجه. وسيأتي ملك بابل ويصنع هذا وسيقلب كل شيء رأسًا على عقب. فيرفع الوضيع ويضع الرفيع = فهو أسقط الملك وعين واحدًا من الشعب رئيسًا. وهذا الملك الشرير يصدر الحكم ضده ثلاثيًا منقلبًا منقلبًا منقلبًا = فالحكم النهائي صدر ضد عائلة داود. وبسقوط صدقيا لم تقم لعائلة داود قائمة ثانية حتى جاء المسيح الذي من نسل داود ليحكم حتى يأتي الذي له الحكم فأعطيه إياه. فيثبت عرش داود أبديًا في المسيح.

هذه الآيات حقيقة ليست موجهة بالدرجة الأولى إلى صدقيا الملك، بل هي موجهة إلى الشيطان الذي أطلق الوحى عليه هنا النجس الشرير. وحينما يقول عنه رئيس إسرائيل (آية 25) فهذا يعنى أنه هو المسئول الأول عن قيادة شعب إسرائيل في طريقهم الشرير. وهكذا قيل عن الشيطان " رئيس فارس ورئيس اليونان " (دا10: 20). وبهذا نفهم قول الكتاب منقلبا منقلبا منقلبا. أجعله = أنه موجه للشيطان الذي أنزله الله وجعله تحت الأقدام (لو10: 19)، وحرر المسيح الإنسان من عبوديته للشيطان ففقد الشيطان سلطانه على البشر = إنزع العمامة. إرفع التاج .... لكن هذا لمن يؤمن بالمسيح ولمن يريد من البشر إن ظلوا ثابتين في المسيح. وكما قالت أمنا السيدة العذراء مريم في تسبحتها " أنزل الأعزاء عن الكراسى ورفع المتضعين " (لو1: 52) = أرفع الوضيع وضع الرفيع . فالشيطان سقط ورفع الله الإنسان وجعله إبنا لله. وهذا يتضح من قول الكتاب هذا أيضا لا يكون حتى يأتي الذي له الحكم فأعطيه إياه . وفعلاً لم يسقط الشيطان إلا حينما جاء المسيح الذي له الحكم، أما صدقيا فقد إنقلب وذهب عنه ملكه بعد النبوة بشهور أو أيام. لذلك نفهم أن الوحى هنا يتخذ صدقيا الملك كرمز للشيطان كما عمل هذا من قبل مع ملك بابل (إش14) ومع ملك صور (حز28)، فنجد أن الوحى يبدأ الكلام عن هؤلاء الملوك ثم ينتقل ليتكلم مباشرة عن الشيطان.

الذي قد جاء يومه في زمان إثم النهاية = جاء يوم سقوط الشيطان حينما إرتكب اليهود إثم صلب المسيح وبهذا الإثم إنتهت علاقة الله بهم كشعب خاص له.

الآيات 28-32:- و أنت يا ابن ادم فتنبا وقل هكذا قال السيد الرب في بني عمون وفي تعييرهم فقل سيف سيف مسلول للذبح مصقول للغاية للبريق. إذ يرون لك باطلا إذ يعرفون لك كذبا ليجعلوك على اعناق القتلى الأشرار الذين جاء يومهم في زمان اثم النهاية. فهل اعيده إلى غمده إلا في الموضع الذي خلقت فيه في مولدك احاكمك. واسكب عليك غضبي وانفخ عليك بنار غيظي واسلمك ليد رجال متحرقين ماهرين للاهلاك. تكونين اكلة للنار دمك يكون في وسط الأرض لا تذكرين لاني أنا الرب تكلمت

سبق وقلنا أن نبوخذ نصر فضل أن يبدأ بأورشليم قبل بنى عمون، فلما فعل هذا، عَيَّر بنى عمون شعب إسرائيل بخرابهم شاعرين كأنهم هم الذين انتصروا على أورشليم. وهنا يعلن لهم النبي أن تأجيل الحكم ليس معناه العفو وأن الدور آتى عليهم. وآية (29) تشير أنه كان بينهم هم أيضًا أنبياء كذبة يخدعونهم بسلام زائف دائم. وهؤلاء الأنبياء الكذبة جعلوهم يزدادون في كبريائهم حتى أنهم قاموا على أعناق القتلى من يهوذا. لاحظ أن التعيير الذي يقع على الكنيسة من هؤلاء الذين لهم إحساس مؤقت بالانتصار عليها، هؤلاء تنقلب الآية ضدهم. فالله يستاء من الإهانات الموجهة لشعبه. فتكون أكلة للنار = فالأشرار يجعلون أنفسهم وقودًا لنار غضب الله. وهم سيخربون في أرضهم التي يشعرون فيها بالاطمئنان وذلك بواسطة سيف بابل.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن