ثورة اكتوبر الاشتراكية - التاريخ والحاضر (4)

خليل اندراوس
aljabha.org@gmail.com

2017 / 10 / 28


إن ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى لم تكن قد جلبت حسب الحرية للعمال والفلاحين، وحلت المشاكل القومية والمسائل الدمقراطية العامة لروسيا وأخرجت البلاد من الحرب المضنية وأنقذتها من خطر الانقسام والاستعباد الاستعماري، انما هي قضت، وفي ذلك ميزتها الرئيسية في بلاد شاسعة تشغل سدس المعمورة على الظلم القومي والطبقي، الطبقي – والقومي، واستغلال الانسان للانسان وفتحت عهد اقامة المجتمع اللاطبقي ومع ان هذه التجربة فشلت الا انها احدثت تغييرات وتطورات ايجابية في المجتمع الروسي - في المجتمع السوفييتي، وعلى مستوى الانسانية جمعاء.
إن أيا من الثورات السابقة لا يمكن ان تقارن بثورة اكتوبر من حيث قوة تأثيرها على التطور العالمي، وقوة ذلك الصدى الذي احدثته في جميع القارات اطلاقة الطراد "أقرورا" الذي أعلن اشارة البدء بالهجوم على القصر الشتوي.
ان ثورة اكتوبر قد بدأت فترة جديدة في تاريخ حركة التحرر الوطني لشعوب البلدان المستعمرة وشبه المستعمرة. وكما كتب فيما بعد رجل الدولة الهندي اللامع جواهر لال نهرو "فإن الثورة السوفييتية قد قدمت كثيرا إلى الأمام المجتمع البشري وأشعلت نارا ساطعة لا يمكن ان تنطفئ. انها ارست اساس تلك الحضارة الجديدة التي يمكن للعالم ان يتحرك نحوها".
وبرأي كاتب هذه السطور مع فشل التجربة لاحقا فإن نور ثورة اكتوبر لن ينطفئ، ومع تطور وسائل الانتاج وقوى الانتاج، وتركيز رأس المال لا بد وان ترد الطبقة العاملة على جرائم ومثالب الامبريالية العالمية بالنضال الثوري ضد الاحتكارات العابرة للقارات وضد الارهاب الرسمي الذي تمارسه الدول الامبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة والصهيونية العالمية والقاعدة الامامية للامبريالية والصهيونية في منطقة الشرق الاوسط اسرائيل. "ففي النشاط الثوري يجري تبدل الذات نفسها في آن واحد مع تحول الظروف (ماركس "موضوعات عن فورباخ")، لذلك ففي النضال الثوري لكل الشعوب لا بد وان يحدث ارتقاء في الوعي الجماعي للطبقة العاملة ولجماهير الشعب الواسعة. ففي النهاية ضرورة الثورات الاجتماعية تعود إلى فعل القوانين الموضوعية للتطور الاجتماعي.
فثورات المستقبل ضرورة موضوعية سيكون اساسها التناقضات الداخلية والخارجية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للعالم الرأسمالي ذاته، بهذا الصدد كان يقول لينين "ان الثورات لا تتم وفقا لتوصية، ولا تُحضر لهذه المناسبة او تلك، وإنما تنضج في مجرى التطور التاريخي، وتندلع في لحظة مشروطة بجملة كاملة من الاسباب الداخلية والخارجية" (لينين المؤلفات الكاملة (الطبعة الروسية. من هنا وصاعدا - المجلد 36 ص 531). وأضاف بأن "الثورات تنشأ عندما يتوصل عشرات الملايين من الناس إلى الاستنتاج بأنه لم يعد بالامكان العيش على النحو القائم" (المصدر السابق ص 457)، لذلك من المهم جدا نشر وتعميم النظرية الماركسية – اللينينية لكي تمارِس تأثيرا متزايدا على الأحداث التاريخية التي تجري في العالم اليوم، وتشكل نظرية الثورة الاجتماعية جزءا هاما من العلم الماركسي.
ولكن هناك اليوم ظواهر وعمليات اجتماعية، لم تكن موجودة، ولم يكن لها ان توجد في اثناء حياة ماركس ولينين، وتقدم خبرة الحركات والنضالات الطبقية العمالية في كل بلد تُعتبر مادة ثمينة من اجل التطوير الخلاق للنظرية الثورية الماركسية، ولذا فان هذه النظرية أي النظرية الماركسية تتطور مع تطور العالم الموضوعي.
ويبين التاريخ العالمي المعاصر، انه كلما كانت كمية الجماهير التي تتحرك اكثر كانت التحولات الاجتماعية والسياسية في المجتمع أعمق، وبالعكس فمع اتساع نطاق الفعل التاريخي يزداد تعداد الجماهير الشعبية المشاركة في التاريخ، وذلك هو احد أهم قوانين التاريخ، وقد كشف لينين عن جوهر هذا القانون بقوله: "كلما اتسع نطاق الأفعال التاريخية ازداد عدد الناس الذين يشاركون فيها، وبالمقابل كلما كانت التحولات التي ننوي تحقيقها اعمق مدى كان لزاما علينا العمل على نحو اكبر لجذب الاهتمام اليه واشاعة الموقف الواعي منه، كان لزاما علينا اقناع الملايين وعشرات الملايين الجديدة والجديدة بهذه الضرورة".(لينين المؤلفات الكاملة، المجلد 42 ص 140).
وفي عصرنا الحاضر يتعاظم باطراد دور الجماهير الشعبية في التاريخ. الغرب الامبريالي وصحافته واعلامه وكتبه وفلاسفته، غالبا ما تصور ثورة اكتوبر وكأنها عمل من اعمال القمع الدموي قام به الحزب البلشفي الذي كان اسلوبه الأساسي هو الارهاب والذي لم يسبق له مثيل. وفي اثناء ذلك يشير الكثير من مرتزقة البرجوازية العالمية إلى ان البلاد كانت تجتاحها حرب اهلية طوال ثلاث سنوات، صحيح كانت هناك حرب اهلية طوال ثلاث سنوات بعد انتصار ثورة اكتوبر، وكان طابعها ضاريا، ولكن اولا لم تستغن عن الحرب الأهلية أي ثورة من الثورات السابقة ابتداء من ثورة هولندا والثورة البرجوازية الانجليزية التي صُحبت بحرب بين جيش كرومويل الجمهوري وبين انصار ملكية ستيوارت. وثانيا، ان البادئ بالحرب الأهلية في روسيا هو ليس السلطة السوفييتية ولا البلاشفة، بل البرجوازية التي اُسقطت وأصحاب الاراضي واحزاب المناشفة والاشتراكيين الثوريين اليمينيين والكاديت، التي عادت الثورة. كل هؤلاء يساندهم الامبرياليون الاجانب.
فانتصار ثورة اكتوبر عام 1917 بمثل هذه السرعة والحزم والسهولة كان بفضل كونها ثورة شعبية حقا، فقد ساندتها بشكل راسخ وعلني الاغلبية الساحقة من سكان روسيا لأنها قامت من اجل المصالح الجذرية للطبقة العاملة ولجماهير الشعب الواسعة وانقذتهم من ظلم اقتصادي واجتماعي وسياسي لم يُعرف له مثيل في أي بلد آخر في اوروبا. لكنه، وهذا شيء مفهوم، لم يكن للثورة حماة وأنصار وحسب، بل كان لها ايضا اعداء اقوياء خطرون ولدودون، وهؤلاء هم قبل كل شيء اصحاب الاراضي الذين حرمتهم الثورة من الارض التي سلمت إلى عشرات الملايين من الفلاحين، وهم ايضا اصحاب المعامل والمصانع الضخمة التي خضعت للتأميم، وهم عدد كبير من الموظفين الكبار الجشعين والذين فقدوا امتيازاتهم، وأخيرا فهؤلاء هم الضباط الموالون للنظام القيصري.
والى جانب ذلك نالت القوى المضادة لثورة اكتوبر داخل روسيا، مساندة مباشرة من جانب اضخم الدول الامبريالية وأعني بذلك الولايات المتحدة وانجلترا وفرنسا واليابان وغيرها، والتي تدخلت علنا في الامور الداخلية لروسيا السوفييت.
وبقدر تنامي ونجاح ثورة اكتوبر اصبح التدخل الاجنبي اكثر نشاطا وفظاظة، فمثلا ارسلت الولايات المتحدة الناقلة البحرية "توماس" نحو فلاديفوستك، واحتلت القوات الانجليزية القادمة من ايران كلا من باكو وتركمانيا.
وتعتبر الامبريالية العالمية بقيادة الولايات المتحدة أهم وأشرس وأسوأ اعداء ثورة اكتوبر. وكان الهدف الاساسي من خلال استعمال كل الوسائل والضغوطات العسكرية والسياسية والاقتصادية بما فيها الحصار الاقتصادي هو القضاء على ثورة اكتوبر وهي أي الولايات المتحدة والامبريالية العالمية، كانت وراء اشعال الحرب الاهلية بعد ثورة اكتوبر التي ذهب ضحيتها اكثر من 8 ملايين انسان. ولقد كان هتلر افضل "الحوائط" ضد البلشفية، ولذلك احتفلت الامبريالية العالمية حين حصل على مقعد المستشار الالماني وأمدوه حتى عام 1938 بالصلب والنقود والامتيازات اللازمة مثل مؤتمر ميونيخ عام 1938 والسماح له بلعب دور "الحائط ضد البلشفية".
لكن هتلر قام بغزو فرنسا وقصف انجلترا وغزا الاتحاد السوفييتي بثلثي جيشه ولكن في النهاية انتصر الاتحاد السوفييتي، وقد حرر السوفييت اوروبا من ستالنغراد حتى برلين، وقد دفع الشعب السوفييتي في هذه الحرب ضريبة الفداء والتضحية والبطولة اكثر من 26 مليون قتيل. وبعد الحرب العالمية الثانية استمرت الامبريالية العالمية استكمال اغلاق الدائرة وحصار الاتحاد السوفييتي، فمنذ خطاب تشرتشل عام 1946، اُعلنت الحرب الصليبية الامبريالية ضد الاتحاد السوفييتي ولم يسقط الاتحاد السوفييتي بسبب هزيمة عسكرية، ولكن بسبب فشل اقتصادي وسياسي، ثم انه لم يسقط لأنه اتبع عقيدة وفلسفة ونظرية ماركس، ولكن لأنه ابتعد عن هذه النظرية.
ففي النهاية كما قال لينين "لا يمكن ان تنتصر الاشتراكية على الرأسمالية الا اذا اصبحت انتاجية المجتمع الاشتراكي ضعفي انتاجية المجتمع الرأسمالي"، وهنا كل الفشل في هذا الصراع بين الاتحاد السوفييتي والامبريالية العالمية. طبعا بالاضافة إلى العديد من العوامل والممارسات الاقتصادية والسياسية الفاشلة. ولا شك ايضا بأن سباق التسلح والحرب الباردة التي مارستها الامبريالية العالمية ضد الاتحاد السوفييتي، بالاضافة إلى الفشل الاقتصادي وابتعاد الحزب الشيوعي عن الجماهير الشعبية وخاصة الطبقة العاملة وفرض الحزب الشيوعي اساليب دوغماتية وجمود خانق في كل المجالات، وبيروقراطية فاسدة داخل الحزب، مما ادى إلى وصول يلتسين إلى السلطة راكبا "دبابة" امام البرلمان الروسي، وبدون اطلاق رصاصة واحدة من قبل الجيش الأحمر.
ومع كل هذا على كل من يتبنى الفكر الماركسي ان يرى بعولمة رأس المال وتركيز الاحتكار المالي، وتحول الاحتكارات إلى شركات عابرة للقارات هي ذاتها مرحلة الكوسموبوليتية التي تحدث عنها ماركس في بيانه الشيوعي وأن نرى بأن عهد العولمة الكوسموبوليتي سينتهي إلى نظام اشتراكي تفرضه الثورات.
الكوسموبوليتية، (تعني باليونانية الارض والسياسة) وهي كمصطلح سياسي تعني اللاقومية العالمية، وتعبر عن مصطلح استعمله كارل ماركس وفريدريك إنجلز لوصف حالة الشركات الاحتكارية.. التي ولدت من رحم المنافسة الرأسمالية.. وقصد ماركس وإنجلز استعمال هذا التعبير ليكون وصفا اكثر دقة.. لحالة الاندماج بين شركات من عدة جنسيات.. تبحث عن ايد عاملة رخيصة ومواد اولية وفيرة.. بحيث تفقد الشركات صبغتها القومية.. ويصبح منتجها مُصنّعا في اكثر من بلد". اما اعداء الشيوعية في الماضي والآن فيرون عولمة رأسم المال هي نهاية التاريخ.
"فكرة نهاية التاريخ في نظرية كارل ماركس – المادية التاريخية -، والتي اعتبر فيها ان نهاية تاريخ الاضطهاد الانساني سينتهي عندما تزول الفروق بين الطبقات عندما تصل الانسانية إلى مجتمع المستقبل مجتمع العدالة الاجتماعية وحرية الانسان. اما فوكوياما وأمثاله من فلاسفة طبقة رأس المال الذي تأثر في بناء نظريته من خلال تشويه آراء الفيلسوف الشهير هيغل، وتحت تأثير استاذه الفيلسوف ألن بلوم.. حيث ربط كلاهما بين نهاية تاريخ الاضطهاد الانساني واستقرار نظام السوق الحرة في الدمقراطيات الغربية.. وقد أسس (أي فوكوياما) وآخرون في عام 1993 مركزا للبحوث عرف آنذاك بمشروع القرن الامريكي.. وقد دعا هو ورفاقه الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون إلى ضرورة التخلص من نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين.. ثم وقع على خطاب مماثل وجهه إلى الرئيس بوش في اعقاب هجمات 11 سبتمبر، وكان فوكوياما خلال تلك الفترة مؤمنا بضرورة التخلص من الانظمة الاستبدادية بالقوة وخاصة في حالة الشرق الاوسط "وبرأي كاتب هذه السطور، فرض الهيمنة الامبريالية الصهيونية على منطقة الشرق الاوسط من اجل الهيمنة والسيطرة على المواد الخام في المنطقة كالغاز والنفط من اجل الحفاظ على استقرار النظام الرأسمالي العالمي والشركات العابرة للقارات على حساب حرية ودم شعوب المنطقة).
ولكن بعد ذلك طرأت تحولات على مواقف وقناعات فوكوياما في نهاية عام 2003.. حين تراجع عن دعمه لغزو العراق.. ودعا إلى استقالة وزير الدفاع الامريكي في ذلك الوقت دونالد رامسفيلد.. وأضاف ان معركة كسب عقول وقلوب المسلمين حول العالم هي المعركة الحقيقية".
احد الأخطاء الكبيرة في الاتحاد السوفييتي، الخلط بين الاشتراكية وملكية الدولة. لقد تهكم ماركس على الذين عرفوا الاشتراكية بالتأميمات، "بيسمارك – يقول ماركس – سيكون اكبر اشتراكي في اوروبا لتأميمه البريد". وعندما زعم ستالين في الثلاثينيات من القرن الماضي اعادة هيكلة الزراعة في اشهر قليلة بطريقة اوتوقراطية، سقطت تلك الزراعة، أي الزراعة الروسية، والى الآن لم تنهض.
قادت "اشتراكية" الاتحاد السوفييتي وسائل الانتاج في بلد ذي رأسمالية متأخرة لتحقيق تصنيع، ليس عن طريق تعاونيات تُدار ذاتيا ولكن من اعلى، أي عبر قرارات الحكومة والدولة المركزية، "فالخطة" مثلا بدلا من ان تكون وسيلة لجعل الاقتصاد انسانيا بتوجيه الاقتصاد حسب الحاجات الانسانية وليس فقط للكسب او التفوق المادي البحت (وهذا ايضا لم يحصل بل فشل وخاصة في سنوات السبعين والثمانين من القرن الماضي) اصبحت مؤسسة مسلسلة بطريقة شبه عسكرية، بدون اشتراك القاعدة، ويتحكم فيها التكنوقراط والبيروقراطيون وأعضاء جهاز الحزب، الذين يملكون كل القوى باسم العمال، الذين لم يستشاروا اصلا او بطريقة أخرى كانت مشاركتهم شكلية دون التأثير على القيادات المركزية متخذي القرارات الاصليين، هذا عدا عن تقديم القرارات الكاذبة حول النجاحات الاقتصادية الوهمية، ما مات اذا مع الاتحاد السوفييتي، لم تكن الماركسية ولكن صورتها الكاريكاتيرية المأساوية. واليوم زيادة ارباح وتطور الرأس المال العالمي والاحتكارات يكلف الانسانية ملايين من الفقراء والعاطلين عن العمل وفاقدي الأمل واليائسين، ولذلك نستطيع ان نقول ما ميز القرن العشرين هو سقوط الليبرالية الاقتصادية سقوط آدم سميث، اما الماركسية والاشتراكية ستبقى امل الانسانية في القرن الواحد والعشرين. شكل جديد من الاشتراكية تتلاءم مع تطور وسائل الانتاج وقوى الانتاج وتتلاءم مع البناء الفوقي السياسي والثقافي لمجتمع المستقبل، ينقذ الانسانية من عالم الغابة الذي فيه الانسان ذئب لأخيه الانسان.
وستتوجه الاشتراكية هذه، أي اشتراكية المستقبل لخلق وحدة سيمفونية للعالم، من خلال التخصيب المتبادل لكل الثقافات، ولا يمكن ان تولد من الحضارة الغربية وحدها، واليوم من المهم لا بل من الضروري محاكمة ثقافة وحضارة الغرب، على اساس دورها الهدام للثقافات الاخرى، طبقا للفكرة الملعونة "الشعب المختار" التي تتم عبر رفض الآخر وانكاره حتى ابادته كما يحدث على ارض فلسطين.
الغرب يرفض ويدين المختلفين وخاصة اذا كان هذا المختلف مسلما او عربيا، وهو بهذا الرفض للأشكال الانسانية الاخرى يحمل اسباب انهياره النهائي، ويضع مستقبل الانسانية في خطر حقيقي، فقد تخطى الزمن تلك الأحادية للثقافة الغربية وهيمنتها المهددة بالانشطار.
ولكن المشكلات المطروحة في اطار كوكبي انساني عالمي تتطلب اجابة في اطار كوكبي. لن تحل تلك المشكلات الا اذا توجهنا وتوصلنا إلى اعادة تكوين النسيج الانساني المخرب والمدمر بأربعة قرون من الاستعمار والهيمنة الغربية، ولن نحلها الا اذا توجهنا لتطوير حوار حقيقي للحضارات بين كل ثقافات العالم، الهدف الرئيسي من حوار الحضارات هو مساعدة الآخرين، ليس فقط عبر متخصصين او بعض الفلاسفة ولكن بالجموع الشعبية العريضة.. من هنا فإن المشكلات العالمية المطروحة اليوم، وإن كان أهمها وقد ولد بسبب هيمنة خاصة وطويلة للغرب، لا يمكن حلها الا عن طريق حوار مع الحضارات غير الغربية من اجل اقامة علاقات تعايش تستند على تقبل الآخر والتفاعل الجدلي بين مختلف الانتماءات والحضارات. هكذا يمكن فقط ان نفتح آفاق اقامة ثقافة انسانية كوكبية، مرسخة عبر تفاعل واتحاد حقيقي للانسانية لا عن طريق الهيمنة والاستغلال ونفي الآخر وهيمنة طبقة رأس المال، ولكن مبنية على مفهوم مغاير لأفكار وممارسات وسياسات الهيمنة، بحيث تكون رسالة أممية توحد شعوب العالم وتعزف سيمفونية مركبة من كل الثقافات المختلفة وهذا لا يمكن ان يحدث الا بعد الإطاحة من خلال ثورة اجتماعية عالمية تقضي على هيمنة وسيطرة رأس المال، والاحتكارات العابرة للقارات، وتقضي على كل المفاهيم العنصرية وخاصة الايديولوجية الصهيونية وبناء مجتمعات العدالة والمساواة، بناء مجتمع المستقبل، مملكة الحرية على الأرض، وبهذه الطريقة وحدها يمكن استكمال الملحمة الانسانية على ظهر هذا الكوكب. ولقد كتب رائد فضاء حط قدميه على سطح القمر، عند عودته: "بدت الأرض من هنا رائعة الجمال، مضيئة، وبدت موحدة يسودها السلام".
فهل سنصل إلى ادراك هذه الصورة ونتمسك بها في المستقبل؟؟ وهذا ممكن اذا حمل الانسان الفكر والفلسفة الماركسية ومارسها على ارض الواقع من اجل تغيير واقعنا والارتقاء الثوري به، إلى مجتمع يخلو من الصراع الطبقي ويصبح الانسان أخا لأخيه الانسان – المجتمع الشيوعي.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن