سجدت تشتهي الصعود

حسن العاصي
salamdk99@gmail.com

2017 / 10 / 26

1
قد يكون دربك ثقباً حافياً
وقد يكون الثقب درباً يرتق ظهرك
لا تقلق
اجعل من الدرب نهراً
ومن الثقب شراعاً
تبحر الموانئ إليك


2
المدى الكئيب خلف الوعود المغلقة
يجثم في استكانة الأحلام
كان الوتر مسافة غيم
والخطى قوافل مترهلة
أضنى السفر التعب
وشارف المطر على حزنه


3
حين انسدل الشوق جرعات محترقة
بعد رحيلها
اشتد به الوجد قرب عنق العزلة
الدرب اصابه الهرم
وأخدود قلبه خدوش حاسرة
صارت أنفاسه تولي شطرها خاصرة النشيج
صرخ: قد تعبت يا صاح
تشققت عيناه ونبت فيهما لون الاحتضار
يقول الراوي
أن الغيوم الخضراء على بعد رحمين
من بذرة الماء
سجدت تشتهي الصعود


4
لم يكن من داع للسفر
رحل يبحث عنها في غابة الصنوبر
كانوا هناك حين شاخ وجه القمر
يلملمون الرماد وينثرون الزبد القادم
من ساعات الاحتضار
ارتبك إيقاع النهر
أضاع سراج الخطى
فأمسى حزنه مسفوحاً عارياً
لا حول له ولا قبر
كأنّ الدروب تأبى الخلاص
أسند عينيه على حجر
بكى فأبكى الشجر


5
كل صباح تستيقظ الشجرة الحدباء
بوجه حاف منطفئ كالعصافير العابرة
تقطف ريشها وتعفر التراب
وتجمع الفراشات من عين الساقية
تتربص بذئاب الماء
هكذا حالها
منذ أن داست صلصال الصبّار
حوافر الفصول
خلف البساتين النائية
ورتقت الغابة ظهر الشوك


6
في الجبل الأسود العريض
جثى النبي الكفيف وسط المريدين
قال: هنا يحتجب الماء خلف نبع الأفاعي
وتتحجّر طيور الأرض
هو يوم الوعيد
من أول طعنة
في خاصرة الخليفة
ذات شهيد
إلى أن يُشرخ وجه الشمس
ويسيل من أكمام الأرض صديد


7
خلف فراغ السواد
بحر تائه
تعوم فيه أعين القتلى
حين تتعرّى الغابة القريبة
وتسمع العواء الأزرق
تهرب العيون
سوى قدم محمومة
لعلّها آخرهم
تخبر أطراف الرمل ما تيسّر
كيف جبّ الموت
وكيف يتواثب فيه الخلق


8
حفّار القبور غراب أعرج
يلوي أخاديد التراب مصيدة للطيور
كلّما ينتهي المساء
وينقسم السكون على شفتيه
يمدّ خيوط الرمس كالألواح
فوق الأكفان
يضرب الرماد بالرماد
وينثر النعيق على بكاء الحدّاد


9
بينما يذوي الغرباء
دون قصائد
تتسربل الحقائب الباردة
بأوراق الريح الذابلة
يفك السواد قيد الوطن
يفقد الجياع ضوءهم
ليثمر التعب خبزاً


10
عربات نقل الموتى
التي تسكن فوق حشائش العتمة
بعد نهار متعب
تتسامر داخلها طحالب الموت
تحتدم الصور الباهتة
وتفور الأسماء
تصرخ الصناديق الخشبية
نريد اعتزال الحياة
هذا الكون الضرير
مثقل بالبؤس



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن