قبلة الموت .

محمد السعدي
beider.media@hotmail.com

2017 / 10 / 12

قبلة الموت .
أنشغل لفيف من المثقفين والمتابعين عبر وسائل الاتصال الاجتماعي والصحافة بنتائج جائزة نوبل للاداب لهذا العام والتي تمنح من الاكاديمية السويدية . وتداولت قائمة من الترشيحات ضمت أدباء ومبدعين عرب في صدارة القائمة , والذي تكرر أسمه لسنوات مضت الكاتب والشاعر العربي أدونيس , لكنه لم يحالفه الحظ رغم قوة التكهنات الظفر بها . أيضا تداول هذا العام ناشطون أسمي نوال السعداوي الاديبة المصرية والشاعر العراقي سعدي يوسف .
وجائزة نوبل تمنح كل عام لعدد من الشخصيات أبدعوا في مجالات العلوم والفكر والادب , بناءأ على وصية مخترع الديناميت عام 1867 المهندس والمخترع السويدي فرد نوبل .. وقد أوصى كل ما جني من هذا الاختراع يمنح لمبدعي العالم الانساني . وهناك من يشكك في معايير منح هذه الجائزة والجهات التي تتحكم في أختيار مبدعيها , لكنها تبقى حدث عالمي يجذب له كل أنظار العالم في وقوعه ونتائجه . تعتبر من أضخم الجوائز التي تمنح عالميا في عدة مجالات علمية وأكاديمية وأدبية وأنسانية . وبقيت وما زالت قبلة المبدعيين للظفر بها ليس فقط لمكانتها المعنوية بل لقيمتها المادية بمليون دولار . لكن هناك أدباء ومبدعيين رفضوها لاسباب مختلفة .

جورج برناردشو .. الاديب الايرلندي الساخر , منحت له عام 1925 , لكنه رفضها يومها وقال مقولته الشهيرة (( هذه الجائزة أشبه بطوق نجاة يلقى به الى شخص وصل فعلا بر الأمان ولم يعد في خطر))
ونظام منح الجائزة المعمول به وفق لائحة الاكاديمية ينص على الاحتفاظ بالجائزة لمن فاز بها للعالم التالي . وفي علم 1926 قبل برناردشو الجائزة بعد أن أقنعته زوجته أنها شرف لايرلندا , لكنه ظل مصمما على رفض الحصول على قيمة الجائزة المادية . وطلب أن تستخدم في ترجمة أعمال زميله الكاتب المسرحي أوغست ستريندبرغ من السويدية الى الانكليزية .

بوريس باسترناك .. الشاعر والروائي الروسي يعد الكاتب الثاني الذي رفض جائزة نوبل , بعد أن حقق شهرة واسعة في عموم أوربا عبر روايته الملحمية الشهيرة ( دكتور زيفاغو ) . التي ترصد السنوات الدكتاتورية في الاتحاد السوفيتي . ولسطوة الرقابة على المعارضين والمبدعيين لم يحقق هدفه بنشرها أو يجد ناشرا يوافق على نشر الرواية , مما دفعته الظروف بتهريب المسودة الى أيطاليا . وفي عام 1957 صدرت هناك الطبعة الاولى ولقيت ترحيبأ كبيرأ وأيجابية في الغرب وسلبية ورفض في بلاده , وعلت الاصوات بأتخاذ أجراءات رادعه ضده وطرده من البلاد . وظلت الروايه ممنوعة في الاتحاد السوفيتي حتى وصول الرئيس السوفيتي كورباتشوف للسلطة عام 1987 فسمح بنشرها وتداولها .
في عام 1958 منح باسترناك جائزة نوبل للاداب , لكنه رفضها تماما بعد الظروف الذي تعرض لها في بلاده , ومطالبة السلطات بعدم عودته الى البلاد في حالة سافر وقبل بها . فبعث برسالة الى خروتشوف يعلن بها رفض الجائزة وقال ( ترك الوطن يساوي الموت بالنسبة لي ) . بعد عامين توفى باسترناك ولم يمشي خلف جنازته الا عدد قليل من معارفه . وتحولت الروايه عام 1965 الى فيلم سينمائي .

جان بول سارتر .. فيلسوف وكاتب فرنسي , زعيم الفلسفة الوجودية في الفلسفة , صاحب أصعب المؤلفات ( الوجود والعدم ) . ( الوجودية ) . وسلسة من الروايات والمقالات والمسرحيات .
في 22 أكتوبر من عام 1964 . كان سارتر يتناول غداءه في مطعم قريب من منزل حبيبته الفيلسوفة سيمون دي بوفوار , حين زف له أحد الصحفيين خبر فوزه بجائزة نوبل للادب . رفضها حالا وهو على مائدة الغداء وأعتبرها ( قبلة الموت ) . خوفأ على أبداعه الفكري والفلسفي ممن يحاول عبر مؤسسات تجيير نتاجاته . وقال .. ( أكتب لمن يقرأ .. لا لأنال جائزة ) .

في أحدى سنوات منح الجائزة , تداول كتاب وأدباء سويديين بمنح الجائزة الى الروائي الروسي تولستوي صاحب أشهر الروايات العالمية ( الحرب والسلام ) . مما أجبر تولستوي على أن يرد برسالة جوابية مختصرة الى الكتاب الاوربيين مفادها … أيها الاعزاء .. سررت كثيرأ , لان جائزة نوبل لم تمنح لي وهو برأي مثل أي مال لا يجلب الا الشر , وثانيهما .. تشرفت وسررت بتلقي عبارات التعاطف من كثير من الناس .
بعد ذلك أصدر كتاب ( الخطيئة الكبرى ) . رشحته الاكاديمية الروسية لنيل الجائزة , لكن كتب رسالة عاجلة الى صديق كانت له علاقة بالاكاديمية السويدية ويقول فيها ….
( أرجوا منك رجاءا حارأ , أذا كان لديك علاقة في السويد حسب ما أظن , أن تبذل كل جهد ممكن وتسعى الى عدم منح الجائزة لي )) .
محمد السعدي



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن