كربلاء ثورة الثورات

واثق الجابري
awathiq@ymail.com

2017 / 10 / 2

يشتت الفكر، وتتلكأ الحروف وسط الكلمات؛ عند ذكر الإمام الحسين عليه السلام، ولا يفكر يصمد أمام فكر عملاق تجسد في ملحمة كربلاء، أية كلمات تصف وما هو المعنى للتألق، وتصوير صراع منهجين متناقضين؛ منهج يعطي وآخر يأخذ، أصحاب يسألون كم مرة نقتل لنعود بين يديك نقاتل، ومنهج يزيد يسألوا يزيدأ كم تعطي كي نقاتل؛الإمام الحسين يعني: الشموخ والتضحية والبطولة، وتجسيد الفضائل والأخلاق, أنه قمة القمم ورمز الشموخ ومدرسة البطولة والصبر.
يقف التاريخ اليوم إجلالاً أمام قمة الإباء وتُستلهمُ منه التضحية، وتنحني الإنسانية بخشوع أمام قمة البطولة العطاء، هوالسبيل الوحيد للإنتصار وبه تقطف ثمار الحرية والمجد.
عاشوراء ماضٍ وحاضر ومستقبل، ومشروع تجاوز الزمان والمكان، مشروع عنوانه التضحية الحتمية، وإنتصار يُقاس بنوعية العطاء، الذي يؤخذ منه العزم والقوة والإرادة، وقواعد الإصلاح ومحاربة الفساد والإنحراف، فوصل الى قمة الخلود والسمو والرفعة، بقائد تفرد بتمثيل الحياة الكريمة والإنسانية، فكان بطل بشجاعته وخالد بتصديه وثورته، ومشعل ينير مسيرة الأحرار والثوار، ومن روحه منح الإنسانية معناها.
قدم الإمام الحسين عليه السلام الدماء؛ كي تبقى الرسالة حية مؤثرة، ورسخ مباديء العقيدة بحمل راية الإسلام المحمدي الأصيل، وأنارت إشارقة منهجه دروب الإنسانية، وكسر قيود الإنغلاق الفكري، وأطلق للأرواح سمو المجد، وكرس عمق الدور والمشروع الإلهي في الأرض، وبتضحيته الكبيرة مقومات إستمرار المنهج وبقاء قيمه، ونظف عن وجه الحياة الزيف والتزوير، وفتح الأبواب مشرعة الى مشاريع يتعامل بها محبوه مع نكبات العصور.
إن الحسين لا يُقاس بالثوار، وثورته إختزلت الثورات على مر العصور، وحملت آهات كل الثائرين، وقاتل بقوة المنطق مقابل قوة السلاح، وأن كسبوا جولة في المعركة، فأنهم إنهاروا أمام الحق ونصر الحسين أبدياً، وخلف مشروع ليس للبكاء، ولا نتذكره كقائد فحسب، وإنما يوهج الحماس والإندفاع للمباديء، ويستنهض المشروع والقضية والكرامة الضائعة على أيدي الطغاة والمنحرفين، وتُستعاد به بعزة وكرامة وقدرة عالية للصمود، بعيداً عن الذل والهوان.
اصحاب الإمام الحسين فئة قليلة بعطاء عظيم، وأعدائهم فئة كثيرة يبحثون عن عطاء مادي كثير؛ لكن العطاء إنتصر مخلداً، وإنكسر الأخذ منحدراً.
الحسين لم يثورعلى الأجانب والليبراليين واليساريين، ويزيد كان يرتدي العمامة ويصلي كما هو الإرهاب يجاهر بالفسق والذبح، وها هم المسلمون يعانون من التهميش والتجاوز، والتاريخ ناقصاُ دون إستيعاب الحسين ومشروعه، وهم يمرون بالذكرى مرور العابر لا المعتبر، ومستقبل المسلمين دول وشعوب مرتبط بفهمهم لعطاء الحسين وثورته ونهجه، وتصديه للزيف والإنحراف المهين، الذي وقف عائقاً أمام تطور الشعوب الإسلامية، وإذا ما أراد المسلمون الإنطلاق الى العالمية والإنسانية؛ عليهم إزالة التناقضات التاريخية، والتعرف على الأبطال الحقيقين، ومتى ما عرف المسلمون الحسين وتضحياته وإحترموا منهجه؛ عند ذاك سيقف العالم بإحترام للمسلمين، وسيعرف العالم ثورة الأحرار التي إختزلت الثورات، أنها ثورة الثورة ومعنى العطاء.




https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن